بروفايل| شادية.. غاب القمر

بابتسامة تظهر ملامح وجهًا طفوليًا، كانت إجابتها قاطعة عندما سُئلت ذات يوم عن التشاؤم.. "لا دايما مش بتشائم حتى في عز أزمتي ببقى متفائلة".. تلك كانت النظرية التي عاشت بها الفنانة شادية، تختار أدوارها بعناية، وفي الوقت المناسب تقترب من الميكرفون لتلقي على مسامع الحاضرين أغنية يحفظ الجميع كلماتها.
بخطوات بطئية بدأت الطفلة فاطمة أحمد كمال شاكر، تخطوا نحو الشاشة الصغيرة، كان عليها أن تواجه رفض والدها، الذي لا زال يتذكر تجربة شقيقتها "عفاف" غير الموفقة في الفن، تزداد إصرارًا ويزداد موقف والدها الرافض لتمثيلها، ليقرر مقاطعتها عامًا كاملًا، وصلت في نهايته إلى بداية الطريق، عندما اكتشفها المخرج أحمد خان.
انطلاقة "شادية" المولودة في الحلمية فبراير عام 1931، كانت بسرعة الصاروخ، بدأت بدور صغير في فيلم "أزهار وأشواك"، لتحقق نجاحًا كبيرًا، لتجسد دورًا أكبر في فيلم "العقل في إجازة"، وتتقاضى أول أجر في حياتها وقدره 150 جنيهًا.
الحب في حياة "دلوعة السينما"، كان حاضرًا بقوة، فتزوجت 3 مرات، الأولى من المهندس عزيز فتحي، ثم من الفنان عماد حمدي لمدة ثلاثة سنوات، ثم تزوجت من الفنان صلاح ذو الفقار، وانفصلت عنه عام 1969.
إلى جانب الأغاني الوطنية لشادية، فإن مواقفها التي تؤكد حبها لوطنها كانت حاضرة أيضًا، فبعد رحيل الرئيس جمال عبدالناصر، دخلت "دلوعة السينما"، في نوبة اكتئاب وعزلة عن الآخرين، قبل أن يعرض عليها بطولة فيلم "لمسة حنان"، والذي صور في بيروت، وكان له الفضل في تحسن حالتها النفسية.
لم تبتعد الفنانة شادية كثيرًا عن السينما، فمثلت مسرحية واحدة، وهي "ريا وسكينة"، فيما لم تشارك سوى في 4 مسلسلات إذاعية، لاقوا نجاحًا مدويًا، وهي "صابرين" و"سنة أولى حب" و"نحن لا نزرع الشوك" و"الشك يا حبيبي" و"سقطت في بحر العسل" و"جفت الدموع"، إلى جانب نحو 500 أغنية، و112 فيلمًا.
في عام 1986، اعتزلت الفنانة شادية، تاركة خلفها إرثًا هائلًا من الفن، وكان آخر أعمالها الفنية مسرحية "ريا وسكينة"، وهي المسرحية الوحيدة التي قدمتها طوال مشوارها الفني الطويل.
وبينما يقترب خريف عام 2017، تدهورت الحالة الصحية للفنانة شادية، لتستقر في المستشفى على فراش المرض، بعد إصابتها بجلطة دماغية، يزورها الرئيس وحرمه فترتفع روحها المعنوية، وفي النهاية استسلمت لقدرها، وتوفيت مساء اليوم، بعد صراع طويل مع المرض.
"أقوى من الزمان" و"غاب القمر".. أغنيتان أدتهما شادية، جسدتا بدقة ما حدث، فبالرغم من الرحيل الذي لا مفر منه، تظل شادية بأغانيها وبعطائها الفني "أقوى من الزمان"، وفي قلوب محبيها وعشاقها في مصر الوطن العربي.