بروفايل| "السندريلا".. الغائبة الحاضرة

سعاد حسني
مر 13 عامًا على رحيل صاحبة الابتسامة الشقية والبراءة الناعمة، الجاذبة أينما اتجهت.. اليوم هو الذكرى السنوية لرحيل "سندريلا" الشاشة العربية، سعاد حسني، التي تغنى في جمالها الجميع وحاول التقرب منها الكل، ولكنها أبت أن تفضل أي شيء على عملها ومسيرتها الفنية، فتألقت في أداورًا عدة وبرعت في أداء شخصيات مختلفة، ووضعت بصمتها المميزة في قلوب المصريين والعرب، من خلال أدائها البسيط المتقن وأغانيها المبهجة، ورغم كل ما سبق إلا أن شمس الضحكة الشقية غابت في حادث آليم مبهم لم تُكشف حقيقته حتى الآن.
قبل وفاة السندريلا بأيام كتبت رسالة تناجي فيها ربها بخط يدها، "يا رب اعف عني.. يا رب ارض عني، يا رب سامحني إن كنت أخطأت وإن كنت أذنبت وإن كنت نسيت، وإن كنت طمعت وإن كنت أحببت نفسي أكثر من غيري أو محوت الآخرين من ذاكرتي أو أخذتني لذة الحياة وجمال الدنيا وعزة النفس ونشوة الفؤاد.. سامحني يا رب وكن معي دائمًا".
ولدت سعاد محمد كمال حسني، في 26 يناير 1943، في حي بولاق بالقاهرة، لأب سوري الجنسية، وعلمًا بارزًا من أعلام كتاب الخط العربي، وكان لها 16 أخًا وأختًا، وتأتي في ترتيبها العاشر بين أخواتها، ومن أشهر أخواتها من الأب المغنية نجاة الصغيرة، وقد انفصلت والدتها عن والدها عندما كانت في الخامسة من عمرها، ولم تدخل سعاد مدارس نظامية واقتصر تعليمها على البيت.
ظهرت بوادر الموهبة، على الفنانة سعاد حسني وهي لا تزال ابنة 3 سنوات حينما غنت في البرنامج الإذاعي "بابا شارو" في أغنيتها المشهورة "أخت القمر"، ومن ثم بدأت بداياتها الفعلية وهي في 16 عامًا فكانت تبحث عن مكان لها في الوسط الفني الذي كان مزدحمًا بالنجمات، وساعدتها المتغيرات السياسية والاجتماعية الجديدة بعد ثورة يوليو 1952، التي جاءت بمفاهيم مختلفة عن الفن ودوره في المجتمع، وكان من هؤلاء الأدباء عبد الرحمن الخميسي الذي انطلقت مواهبة مع انطلاق الثورة فأسس فرقته المسرحية، وأشركها في مسرحيته هاملت لشكسبير في دور أوفيليا، ثم ضمها المخرج هنري بركات عام 1958 لطاقم فيلمه حسن ونعيمة في دور نعيمة، وتوالت بعدها تقديم الكثير من الأفلام والمسلسلات الإذاعية.
وتألقت سعاد حسني في أعمالها الفنية، فكان لها دورًا مميزًا مع نجوم بارزين، ما جعل المتلقين يتمتعون بأدائها المتنوع، فقدمت حوالي 82 فيلمًا، ومسلسلاً تلفزيونيًا واحدًا "هو وهي"، بالإضافة لثماني مسلسلات إذاعية، وتعتبر أفلام "حسن ونعيمة"، و"صغيرة على الحب"، و"غروب وشروق"، و"الزوجة الثانية"، و"خلي بالك من زوزو"، و"أين عقلي"، و"أميرة حبي أنا" من أشهر أفلامها، وكانت آخر أعمالها فيلم "الراعي والنساء" مع أحمد زكي، ويذكر أنها نافست الفنانة فاتن حمامة على أن تكون نجمة القرن العشرين.
النجمة الراحلة أثير حولها الكثير من الجدل عن حياتها الشخصية، وأنها تزوجت 5 مرات، من عبدالحليم حافظ، والمصور والمخرج صلاح كريم، ثم من علي بدرخان لمدة 11عامًا انتهت في 1980، وتزوجت فيما بعد من زكي فطين عبد الوهاب لعدة أشهر فقط، أما آخر زيجاتها فكانت من كاتب السيناريو ماهر عواد الذي توفيت وهي على ذمته..
ونالت سعاد حسني، العديد من الجوائز الفنية خلال مسيرتها الفنية، من بينها جائزة أفضل ممثلة من المهرجان القومي الأول للأفلام الروائية عام 1971 عن دورها في فيلم غروب وشروق، وجائزة من وزارة الثقافة المصرية خمس مرات عن أفلام الزوجة الثانية، وجائزة أفضل ممثلة من جمعية الفيلم المصري 5 مرات، وجائزة من مهرجان الإسكندرية عن فيلم الراعي والنساء، بالإضافة إلى أفضل ممثلة من جمعية فن السينما عن نفس الفيلم، وأفضل ممثلة من وزارة الإعلام المصرية عام 1987 في عيد التلفزيون، عن دورها في مسلسل هو وهي، وشهادة تقدير من الرئيس الأسبق لمصر أنور السادات في عيد الفن عام 1979 لعطائها الفني.
وجاء 21 يونيو 2001، لتغادر السندريلا في حادث دون سابق إنذار، مخلفة نتيجتها حزن عميق فيا لوسط الفني ومحبيها من المصريين والعرب، فإذا بها تسقط من شرفة منزلها بلندن، دون سبب، وهو ما أثار جدلًا واسعًا وقتها لم يهدأ حتى الآن، وبعد ثورة 25 يناير والقبض على صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى الأسبق، أعادت شقيقتها فتح القضية واتهامه بقتلها.. ففي مثل هذا اليوم رحلت الضحة والابتسامة الشقية.