مدخل
من يبحث عن الإخوان المسلمين يجدهم في كل مكان في العالم متوغلين، باحثين عن أي ثغرة تمكين، ويتغيرون ويتلونون بل ويتكيفون حسب المكان المحيط بهم، وتتغير اسم حركتهم بل ومرتكزاتهم الفكرية، وأساليبهم حسب ذلك المكان، وجماعة الإخوان في تونس من الموضوعات الشائكة المهمة بمكان، ولها تأثير كبير في المنطقة، خاصة في ظل ثورات الربيع العربي التي أثرت على جماعة الإخوان المسلمين في مصر بانهيارها وإدراجها على قائمة الجماعات الإرهابية المحظورة، ليس في مصر فقط بل وفي بلدان أخرى، مما انعكس على تونس التي تأثرت أيضا بتلك الموجة من الثورات، ويتضح ذلك جليا بعد عرض لجماعة الإخوان في تونس بنشأتها وتاريخها ومرتكزاتها الفكرية.. على النحو التالي:
النشأة والتاريخ
مناضلو حركة الاتجاه الإسلامي في السجن بعد إلقاء القبض عليه في صيف 1981
حركة الاتجاه الإسلامي
في يونيه 1981 أعلنت "حركة الاتجاه الإسلامي" تأسيسها رسميًا؛ من أجل بعث الشخصية الإسلامية لتونس، حتى تستعيد مهمتها كقاعدة كبرى للحضارة الإسلامية بإفريقيا، ووضع حد لحالة التبعية والاغتراب والضلال، وتجديد الفكر الإسلامي على ضوء أصول الإسلام الثابتة ومقتضيات الحياة المتطورة، وتنقيته من رواسب عصور الانحطاط وآثار التغريب، وكذلك كي تستعيد الجماهير حقها المشروع في تقرير مصيرها، بعيدًا عن كل وصاية داخلية أو هيمنة خارجية، وإعادة بناء الحياة الاقتصادية على أسس إنسانية وتوزيع الثروة بالبلاد توزيعًا عادلًا على ضوء المبدأ الإسلامي "الرجل وحاجته"، أي من حق كل فرد أن يتمتع بثمار جهده في حدود مصلحة الجماعة، وأن يحصل على حاجته في كل الأحوال، حتى تتمكن الجماهير من حقها الشرعي المسلوب في العيش الكريم، بعيدًا عن كل ضروب الاستغلال والدوران في فلك القوى الاقتصادية الدولية.
وعبر الاتجاه الإسلامي من خلال نشاطه ومواقفه العديدة عن التحامه بذات أمته وتجسيده آمال شعبه وتطلعاته، فالتفت حوله قطاعات عريضة من المحرومين والشباب والمثقفين، وكان نموه السريع مجلبةً لاهتمام الملاحظين وترصد القوى والأنظمة السياسية في الداخل والخارج، ورغم سعيه الرصين المتعقل لتلمّس أنجع سبل التطوّر والتغيير فقد تعرّض هذا الاتجاه إلى سلسلة من التهم الباطلة والحملات الدعائيّة المغرضة نظمتها ضدّه السلطة الحاكمة ووسائل الإعلام الرسميّة وشبه الرسمية، بلغت هذه الحملات حد الاعتداء تعسفا على وسائل إعلامه قصد منعه من إبلاغ صوته وتطورت بعد ذلك إلى أشكال أشد قهرًا، فقدمت عناصره إلى المحاكمات وتكثفت ضد أفراده التتبعات والتحقيقات وفتحت أمام شبابه السجون والمعتقلات حيث الضرب والتعذيب والإهانة.
وأكدت الحركة أن "حركة الاتجاه الإسلامي" لا تقدم نفسها ناطقًا رسميًا باسم الإسلام في تونس، ولا تطمع يومًا في أن ينسب هذا اللقب إليها، فهي مع إقرارها حق جميع التونسيين في التعامل الصادق المسئول مع الدين، ترى من حقها تبني تصور للإسلام يكون من الشمول، بحيث يشكل الأرضية العقائدية التي منها تنبثق مختلف الرؤى الفكرية والاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تحدد هوية هذه الحركة وتضبط توجهاتها الاستراتيجية ومواقفها الظرفية.
حزب النهضة
استطاعت الحركة التواجد في المجتمع من خلال التجمع بالمساجد ومنها "الزيتونة"، لقراءة القرآن والحديث النبوي وتذاكر السيرة، ولم يعارض الحزب الدستوري الحاكم هذا النشاط، بل حاول استغلال حركة الاتجاه الإسلامي في الجامعة ضد التيارات اليسارية وفي القلب منها التيار الماركسى، وفي عام 1981 غيرت الحركة اسمها إلى "حزب النهضة"، استعدادًا للترخيص لها كحزب شرعي، واعترفت الحركة في بيانها التأسيسي بموقفها المؤيد للديمقراطية وتداول السلطة، وسمح لهم ببعض النشاط وإصدار مجلة "المعرفة" كمنبر لأفكار الحركة، ولكن لم يُسمح لهم بالتحول إلى حزب شرعي، وتمت الإطاحة بهم والقبض على قيادات الحركة، وعلى رأسهم مؤسسها الغنوشي وذلك بعد عقدهم مؤتمرهم الثاني بشكل سري في شهر أغسطس 1979 في سوسة، واتهام الحركة بالتحضير لانقلاب عسكري على السلطة.
في يونيه 1981 أعلنت "حركة الاتجاه الإسلامي" تأسيسها رسميًا؛ من أجل بعث الشخصية الإسلامية لتونس، حتى تستعيد مهمتها كقاعدة كبرى للحضارة الإسلامية بإفريقيا، ووضع حد لحالة التبعية والاغتراب والضلال، وتجديد الفكر الإسلامي على ضوء أصول الإسلام الثابتة ومقتضيات الحياة المتطورة، وتنقيته من رواسب عصور الانحطاط وآثار التغريب، وكذلك كي تستعيد الجماهير حقها المشروع في تقرير مصيرها، بعيدًا عن كل وصاية داخلية أو هيمنة خارجية، وإعادة بناء الحياة الاقتصادية على أسس إنسانية وتوزيع الثروة بالبلاد توزيعًا عادلًا على ضوء المبدأ الإسلامي "الرجل وحاجته"، أي من حق كل فرد أن يتمتع بثمار جهده في حدود مصلحة الجماعة، وأن يحصل على حاجته في كل الأحوال، حتى تتمكن الجماهير من حقها الشرعي المسلوب في العيش الكريم، بعيدًا عن كل ضروب الاستغلال والدوران في فلك القوى الاقتصادية الدولية.
وعبر الاتجاه الإسلامي من خلال نشاطه ومواقفه العديدة عن التحامه بذات أمته وتجسيده آمال شعبه وتطلعاته، فالتفت حوله قطاعات عريضة من المحرومين والشباب والمثقفين، وكان نموه السريع مجلبةً لاهتمام الملاحظين وترصد القوى والأنظمة السياسية في الداخل والخارج، ورغم سعيه الرصين المتعقل لتلمّس أنجع سبل التطوّر والتغيير فقد تعرّض هذا الاتجاه إلى سلسلة من التهم الباطلة والحملات الدعائيّة المغرضة نظمتها ضدّه السلطة الحاكمة ووسائل الإعلام الرسميّة وشبه الرسمية، بلغت هذه الحملات حد الاعتداء تعسفا على وسائل إعلامه قصد منعه من إبلاغ صوته وتطورت بعد ذلك إلى أشكال أشد قهرًا، فقدمت عناصره إلى المحاكمات وتكثفت ضد أفراده التتبعات والتحقيقات وفتحت أمام شبابه السجون والمعتقلات حيث الضرب والتعذيب والإهانة.
وأكدت الحركة أن "حركة الاتجاه الإسلامي" لا تقدم نفسها ناطقًا رسميًا باسم الإسلام في تونس، ولا تطمع يومًا في أن ينسب هذا اللقب إليها، فهي مع إقرارها حق جميع التونسيين في التعامل الصادق المسئول مع الدين، ترى من حقها تبني تصور للإسلام يكون من الشمول، بحيث يشكل الأرضية العقائدية التي منها تنبثق مختلف الرؤى الفكرية والاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تحدد هوية هذه الحركة وتضبط توجهاتها الاستراتيجية ومواقفها الظرفية.
حزب النهضة
استطاعت الحركة التواجد في المجتمع من خلال التجمع بالمساجد ومنها "الزيتونة"، لقراءة القرآن والحديث النبوي وتذاكر السيرة، ولم يعارض الحزب الدستوري الحاكم هذا النشاط، بل حاول استغلال حركة الاتجاه الإسلامي في الجامعة ضد التيارات اليسارية وفي القلب منها التيار الماركسى، وفي عام 1981 غيرت الحركة اسمها إلى "حزب النهضة"، استعدادًا للترخيص لها كحزب شرعي، واعترفت الحركة في بيانها التأسيسي بموقفها المؤيد للديمقراطية وتداول السلطة، وسمح لهم ببعض النشاط وإصدار مجلة "المعرفة" كمنبر لأفكار الحركة، ولكن لم يُسمح لهم بالتحول إلى حزب شرعي، وتمت الإطاحة بهم والقبض على قيادات الحركة، وعلى رأسهم مؤسسها الغنوشي وذلك بعد عقدهم مؤتمرهم الثاني بشكل سري في شهر أغسطس 1979 في سوسة، واتهام الحركة بالتحضير لانقلاب عسكري على السلطة.
راشد الغنوشي- بن علي
"بن علي" والنهضة
بعد وصول "بن علي" إلى السلطة وإفراجه عن معظم قيادات الحركة بمن فيهم الشيخ راشد الغنوشي قامت الحركة بتأييد النظام الجديد والتوقيع على وثيقة الميثاق الوطني التي وضعها بن على، وبعد رفض النظام السماح بإعلان الحركة كحزب علني غادر الغنوشي البلاد الى ليبيا فالسودان وبعد ذلك إلى لندن، في رحلة نفي اضطراري طالت حوالي 22 سنة.
وبداية من 1990 اصطدمت الحركة بعنف مع السلطة، وبلغت المواجهة أوجها أثناء أزمة حرب الخليج، ففي مايو1991 أعلنت الحكومة إبطال مؤامرة لقلب نظام الحكم واغتيال الرئيس بن علي، وشنت الأجهزة الأمنية حملة شديدة على أعضاء الحركة ومؤيديها وبلغ عدد الموقوفين حسب بعض المصادر 8000 شخص.
بعد وصول "بن علي" إلى السلطة وإفراجه عن معظم قيادات الحركة بمن فيهم الشيخ راشد الغنوشي قامت الحركة بتأييد النظام الجديد والتوقيع على وثيقة الميثاق الوطني التي وضعها بن على، وبعد رفض النظام السماح بإعلان الحركة كحزب علني غادر الغنوشي البلاد الى ليبيا فالسودان وبعد ذلك إلى لندن، في رحلة نفي اضطراري طالت حوالي 22 سنة.
وبداية من 1990 اصطدمت الحركة بعنف مع السلطة، وبلغت المواجهة أوجها أثناء أزمة حرب الخليج، ففي مايو1991 أعلنت الحكومة إبطال مؤامرة لقلب نظام الحكم واغتيال الرئيس بن علي، وشنت الأجهزة الأمنية حملة شديدة على أعضاء الحركة ومؤيديها وبلغ عدد الموقوفين حسب بعض المصادر 8000 شخص.
الحبيب اللور
وأعلنت الحركة عام 1985 عن مكتبها التنفيذي الثالث برئاسة راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو أميناً عاماً، وعضوية السادة حمادي الجبالي والحبيب اللور والحبيب السويسي، واعتُرف بالحركة رسمياً عندما استقبلهم الوزير الأول محمد المزالي في قصر الحكومة، واعترفت كل الأطراف بالوجود السياسي الفعلي لحركة الاتجاه الإسلامي واضطرت للتعامل معها.
وكانت جريدة الرأي وسيلة النشر لمؤلفات بعض مفكري الحركة، مثل الدكتور عبد المجيد النجار ومحسن الميلي، وعندما تولى "ابن علي" السلطة، أفرج عن رموز الحركة في البداية واضطر قادتها في 8 فبراير 1989، أن يتقدموا بطلب تأشيرة للسماح للحركة بمزاولة نشاطها تحت اسم جديد هو "حزب النهضة" تمشياً مع قانون الأحزاب، لكن سرعان ما غيرت السلطة موقفها، وسارعت إلى القبض على الكثير من شباب الحزب وأودعتهم السجون، واضطُر الكثيرون من رموز الحركة إلى الفرار بدينهم إلى خارج البلاد بعد مصادرة نشاطها.
وكانت جريدة الرأي وسيلة النشر لمؤلفات بعض مفكري الحركة، مثل الدكتور عبد المجيد النجار ومحسن الميلي، وعندما تولى "ابن علي" السلطة، أفرج عن رموز الحركة في البداية واضطر قادتها في 8 فبراير 1989، أن يتقدموا بطلب تأشيرة للسماح للحركة بمزاولة نشاطها تحت اسم جديد هو "حزب النهضة" تمشياً مع قانون الأحزاب، لكن سرعان ما غيرت السلطة موقفها، وسارعت إلى القبض على الكثير من شباب الحزب وأودعتهم السجون، واضطُر الكثيرون من رموز الحركة إلى الفرار بدينهم إلى خارج البلاد بعد مصادرة نشاطها.
صلاح الجورشي
يقول الدكتور صلاح الجورشي أحد أعضاء الحركة بتونس، وهو يؤرخ لنشأة الجماعة الإسلامية في تونس في بداية السبعينيات الميلادية التي كان الغنُّوشي أميراً لها:
لم يكن خطاب "الجماعة" في البداية إخوانياً صرفاً، بل كان خليطاً من السلفية والتصوف، وشيئاً مما كتبه مالك بن نبي الذي التقت به عناصر من النواة الأولى للجماعة في مطلع السبعينيات، وتحاورت معه في بيته قبل أن يوافيه الأجل بحوالي سنة، وهذا التمازج بين مصادر متعددة للفكر الإسلامي، يفسر إلى حد ما المرونة التي ميزت العمل في الجانب التنظيمي، حيث سعت المجموعة في البداية إلى افتكاك موقع داخل جمعية المحافظة على القرآن الكريم لتتخذ منه غطاء قانونياً، ثم لما فشلت المحاولة، تبنت الجماعة طريقة " جماعة التبليغ " التي تتمحور حول الوعظ بالمساجد، وتحريض المتعاطفين إلى الخروج إلى الناس ودعوتهم إلى الإيمان والصلاة، غير أن هذا التنوع في عناصر الخطاب سرعان ما تراجع لصالح أدبيات حركة " الإخوان المسلمون "، التي كان يطلق عليها كبرى الحركات الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.
لم يكن خطاب "الجماعة" في البداية إخوانياً صرفاً، بل كان خليطاً من السلفية والتصوف، وشيئاً مما كتبه مالك بن نبي الذي التقت به عناصر من النواة الأولى للجماعة في مطلع السبعينيات، وتحاورت معه في بيته قبل أن يوافيه الأجل بحوالي سنة، وهذا التمازج بين مصادر متعددة للفكر الإسلامي، يفسر إلى حد ما المرونة التي ميزت العمل في الجانب التنظيمي، حيث سعت المجموعة في البداية إلى افتكاك موقع داخل جمعية المحافظة على القرآن الكريم لتتخذ منه غطاء قانونياً، ثم لما فشلت المحاولة، تبنت الجماعة طريقة " جماعة التبليغ " التي تتمحور حول الوعظ بالمساجد، وتحريض المتعاطفين إلى الخروج إلى الناس ودعوتهم إلى الإيمان والصلاة، غير أن هذا التنوع في عناصر الخطاب سرعان ما تراجع لصالح أدبيات حركة " الإخوان المسلمون "، التي كان يطلق عليها كبرى الحركات الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.
سيد قطب
أما فكر سيد قطب فيحتل المكان الأعلى في نظر أبناء الحركة الإسلامية في تونس خلال سنوات التكوين الأولى، يقول الدكتور صلاح عن هذا الفكر بأنه كان المصدر الرئيسي لثقافة الجماعة، بل إن الغنُّوشي نفسه يعترف بهذا الارتباط بجماعة الإخوان المسلمين من البداية بقوله" كنا ننظر لسيد قطب، البنا، المودودي .. هؤلاء شيوخنا، لأنهم حملوا اللواء لواء الإصلاح الإسلامي، ولكن ما الذي يجعلنا نحترم رموز الموروث الديني الموجودين في بلادنا؟ أنا أقرأ الظلال، ولكن ما الذي يجعلني أقرأ التحرير والتنوير؟ لم أكن أبحث عن العلم كعلم.. المكتبات مملوءة بالعلوم الدينية، كنت أبحث عن رمز، عن أداة نضالية، عن شخص أقتدي به كمُصلح يخوض المعركة ضد العلمنة وضد الفساد.. ويضيف " كنت أقرأ وأكاد أحفظ عن ظهر قلب الظلال لأنه عندما أقرؤه كان يملؤني حماساً، كنت أشعر بأنه يعطيني نظارات أنظر بها إلى هذا العالم، وأحلل به الواقع العالمي، ولكن ماذا يعطيني التحرير والتنوير غير ما يعطيني إياه الرازي وابن كثير؟ يعطيني مادة لغوية، يعطيني رؤية عن إسلام ليس هو الذي أعيشه.. هذا قرآن معلق وليس قرآناً يمشي على الأرض.
النهضة والإخوان المسلمون
لم تولد "الجماعة الإسلامية بتونس" في السرية، كما حصل مع حزب التحرير الإسلامي فيما بعد، بدأت الخطوات الأولى علنية، تحت أنظار الجميع، من خلال خطب وحلقات في المساجد، مقالات في الصحافة، محاضرات في المدارس ونوادي الشباب، كما أن المؤسسين كانوا يتحركون دون تخف، يدعون لأفكارهم دون تقية، ويثيرون اهتمام الرأي العام المسجدي والشبابي بخطابهم الثقافي الجديد وأحياناً الغريب، خاصة عندما اختلط بمضمون وأشكال جماعة التبليغ، مشيرًا إلى أن هذا الخطاب في بدايته مزيجاً من العناصر الفكرية المتنوعة بتنوع تكوين العناصر المؤسسة، لكنه في عمومه كان يجنح إلى التفسير الأخلاقي للقضايا، أي تفسير الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بعناصر ثلاثة هي: فساد أخلاق الأفراد والأمة، ابتعاد التونسيين عن مرجعية الإسلام وقيمه وقوانينه، نقد الغرب والتصدي لتقليده والتشبه به.
ويري باحثون أن الغريب أنه بقدر ما كان ذلك الخطاب سطحيًا في بعض أطروحاته وضعيفاً في بنائه الداخلي، فإن تأثيره في تلك المرحلة كان سريعاً وواسعاً، إن دل هذا على شيء فإنه يدل من جهة على تآكل الخطاب الرسمي وانعزاله عن الشباب والعامة، ومن جهة أخرى كشف عن عزلة النخبة و"الطبقة السياسية" عن الرأي المستبطن في الأعماق، فالخطاب الحركي لتلك الفترة كان يستمد " قوته " وتأثيره من تآكل شرعية الدولة، وتعاظم شعور الأفراد بأزمة نمط ما بعد الاستقلال، وفشل الخطاب المقابل في الوفاء بوعوده في الحرية والعدالة، سواء على المستوى الرسمي أو النخبوي، فلم يكن هناك سوى خطاب وحيد يملك بعض مقومات المواجهة، خاصة داخل الفضاء الجامعي، إنه الخطاب اليساري الماركسي، وهو يفسر حدة الصراع الذي انفجر منذ ظهور الإسلاميين في أروقة البيوت الجامعية والكليات والمعاهد العليا، التي كان يعتبرها اليساريون في مطلع السبعينات بمثابة معاقلهم المحررة.
غير أن هذا التنوع في عناصر الخطاب، سرعان ما تراجع لصالح أدبيات حركة "الإخوان المسلمين"، التي كان يطلق عليها كبرى الحركات الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، ويعود ذلك إلى اعتبارات متعددة، فإضافة إلى التأثير الشخصي لأدبيات الإخوان على بعض المؤسسين، كانت هناك جوانب أخرى أبرزها كما يرى سليمان الخراشي الكاتب السعودي في عدة ملاحظات منها:
ويري باحثون أن الغريب أنه بقدر ما كان ذلك الخطاب سطحيًا في بعض أطروحاته وضعيفاً في بنائه الداخلي، فإن تأثيره في تلك المرحلة كان سريعاً وواسعاً، إن دل هذا على شيء فإنه يدل من جهة على تآكل الخطاب الرسمي وانعزاله عن الشباب والعامة، ومن جهة أخرى كشف عن عزلة النخبة و"الطبقة السياسية" عن الرأي المستبطن في الأعماق، فالخطاب الحركي لتلك الفترة كان يستمد " قوته " وتأثيره من تآكل شرعية الدولة، وتعاظم شعور الأفراد بأزمة نمط ما بعد الاستقلال، وفشل الخطاب المقابل في الوفاء بوعوده في الحرية والعدالة، سواء على المستوى الرسمي أو النخبوي، فلم يكن هناك سوى خطاب وحيد يملك بعض مقومات المواجهة، خاصة داخل الفضاء الجامعي، إنه الخطاب اليساري الماركسي، وهو يفسر حدة الصراع الذي انفجر منذ ظهور الإسلاميين في أروقة البيوت الجامعية والكليات والمعاهد العليا، التي كان يعتبرها اليساريون في مطلع السبعينات بمثابة معاقلهم المحررة.
غير أن هذا التنوع في عناصر الخطاب، سرعان ما تراجع لصالح أدبيات حركة "الإخوان المسلمين"، التي كان يطلق عليها كبرى الحركات الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، ويعود ذلك إلى اعتبارات متعددة، فإضافة إلى التأثير الشخصي لأدبيات الإخوان على بعض المؤسسين، كانت هناك جوانب أخرى أبرزها كما يرى سليمان الخراشي الكاتب السعودي في عدة ملاحظات منها:
• كان التدين في تونس عند مطلع السبعينيات متقلصًا ومتقوقعًا، فالمساجد مقفرة أو تكاد، والنشاط الديني منعدم أو محدود، وكان التدين يومها أنواعاً، منها الدين الرسمي المنحصر في شخص المفتي ونشاطه البروتوكولي والشكلي، إضافة إلى إدارة تابعة للوزارة الأولى تُعنى بشئون المساجد، ومن جهةٍ تديّن شعبي أغلبه طُرقي وخُرافي، وهناك تدين زيتوني أزيح من الحياة الثقافية، واعتزل مشايخه الحياة العامة بعد إحالتهم إلى المعاش، من هذين الوسطين انحدر أغلب العناصر المكونة للجماعة، الذين تكونوا في معاهد تعليم عصرية، أريد منها أن يكون خريجوها "علمانيين"، فإذا بهم يشتبكون مع الأوساط العلمانية والزيتونية والطرقية، ويبحثون عن زاد معرفي من خارج الدوائر التونسية
• شكَل "الإخوان المسلمون" تجربة اكتسبت إلى حد ما أهمية تاريخية، من حيث بنائها التنظيمي والأيديولوجي، وكانت في مرحلة سابقة تعتبر في مقدمة الحركات الإسلامية السنية التي رفعت شعار "شمولية الإسلام" وحاولت تجسيده في صيغة تنظيمية شمولية، خلافاً لدعوات أخرى ركزت جهودها على جانب دون آخر.
• كان الإخوان أيضاً أكثر الحركات التي ألحّت على القول بأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يجب أن يتم ضمن جماعة تجعل من الإسلام منهج حياة، وهو ما يقتضي تجاوز العمل الفردي المحكوم عليه بالفشل، أو الانحصار داخل دائرة التأثير المحدود، وخلق آليات العمل الجماعي، بما في ذلك من إعادة صياغة الأفراد وتربيتهم حسب متطلبات الحياة الجماعية الجديدة.
• زاد ذلك في دعم حضور الحركة بوجدان النواة الأولى المؤسسة، صورة البطولة والصمود والشهادة سواء في المعارك التي خاضتها كتائبهم عام 1948 ضد الصهيونية، أو كانت تحيط بالإخوان داخل سجونهم وفي مختلف محنهم وصراعاتهم، وهي صور كانت تنقل إلينا من خلال الشهادات التي ترويها بتفصيل مثير وفي مناسبات عديدة مجلة " الدعوة "، أوفي بعض الكتابات الذاتية التي طُبعت في هذا الشأن.
وهكذا اكتملت مقومات التأثير والاستقطاب الثلاثة، العامل الأيديولوجي في مرحلة صعود الأيديولوجيات الشمولية، والعامل التنظيمي ممثلًا في الانخراط في تجربة جاهزة وخبرة ترجع إلى أواخر العشرينيات، وعامل القدوة المحرضة على الالتزام الأخلاقي والشجاعة الأدبية والتضحية في سبيل فكرة والصمود عند المحنة.
• شكَل "الإخوان المسلمون" تجربة اكتسبت إلى حد ما أهمية تاريخية، من حيث بنائها التنظيمي والأيديولوجي، وكانت في مرحلة سابقة تعتبر في مقدمة الحركات الإسلامية السنية التي رفعت شعار "شمولية الإسلام" وحاولت تجسيده في صيغة تنظيمية شمولية، خلافاً لدعوات أخرى ركزت جهودها على جانب دون آخر.
• كان الإخوان أيضاً أكثر الحركات التي ألحّت على القول بأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يجب أن يتم ضمن جماعة تجعل من الإسلام منهج حياة، وهو ما يقتضي تجاوز العمل الفردي المحكوم عليه بالفشل، أو الانحصار داخل دائرة التأثير المحدود، وخلق آليات العمل الجماعي، بما في ذلك من إعادة صياغة الأفراد وتربيتهم حسب متطلبات الحياة الجماعية الجديدة.
• زاد ذلك في دعم حضور الحركة بوجدان النواة الأولى المؤسسة، صورة البطولة والصمود والشهادة سواء في المعارك التي خاضتها كتائبهم عام 1948 ضد الصهيونية، أو كانت تحيط بالإخوان داخل سجونهم وفي مختلف محنهم وصراعاتهم، وهي صور كانت تنقل إلينا من خلال الشهادات التي ترويها بتفصيل مثير وفي مناسبات عديدة مجلة " الدعوة "، أوفي بعض الكتابات الذاتية التي طُبعت في هذا الشأن.
وهكذا اكتملت مقومات التأثير والاستقطاب الثلاثة، العامل الأيديولوجي في مرحلة صعود الأيديولوجيات الشمولية، والعامل التنظيمي ممثلًا في الانخراط في تجربة جاهزة وخبرة ترجع إلى أواخر العشرينيات، وعامل القدوة المحرضة على الالتزام الأخلاقي والشجاعة الأدبية والتضحية في سبيل فكرة والصمود عند المحنة.
الحبيب بورقيبة
هذا الانتماء غير المدروس والمتعجل أسهم بشكل قوي في وقوع الجماعة في نوع من الاغتراب المحلي، فالعناصر الأولى لم تتلق ثقافة أولية تربطها بالواقع الثقافي التونسي، وتحدد لها علاقتها بتاريخ تونس الحديث، بدءاً من الحركة الإصلاحية وصولاً إلى العهد البورقيبي، مما كان له التأثير السيئ على علاقة الأفراد المنتمين ببيئتهم الثقافية والسياسية، ومما دفع إلى ظهور عوامل الاختلاف والافتراق.
أما الجانب الآخر الذي لا يقل أهمية أن النواة الأولى التي تولت استقطاب وتكوين العناصر الموالية لم تكن متسلحة بعقلية نقدية تمكنها من التعامل مع تراث الإخوان بموضوعية وحذر، كان الانبهار والاستهلاك السريعان غالبين في عملية استيعاب الأدب الإخواني وترويجه.
أما الجانب الآخر الذي لا يقل أهمية أن النواة الأولى التي تولت استقطاب وتكوين العناصر الموالية لم تكن متسلحة بعقلية نقدية تمكنها من التعامل مع تراث الإخوان بموضوعية وحذر، كان الانبهار والاستهلاك السريعان غالبين في عملية استيعاب الأدب الإخواني وترويجه.
حسن البنا
وكان حسن البنا بمثابة الشخصية التاريخية في نظر سليمان الخراشي، التي استشهدت لأنها حاولت أن تعيد إحياء الإسلام، ونجحت في بناء نموذج جديد من العمل الإسلامي، في ظل رهانات وموازنات محلية ودولية لها خصائصها التاريخية المدهشة، كانت إلى جانب ذلك كتابات سيد قطب وشقيقه الأصغر محمد الأكثر تأثيراً على المجموعة الأولى التي شكلت قاعدة التنظيم في المستقبل، لم يكن الأمر من باب الصدفة، وإنما لارتباط ذلك بالصراع الأيديولوجي الذي بدأت تشهده الجماعة، خاصة الأساتذة والطلبة منهم، بالخصم الشرس ممثلاً في اليسار الماركسي، فالأيديولوجيا لا تواجه إلا بأيديولوجيا منافسة وقادرة على الرد "الحاسم"، وإذا كانت كتابات محمد قطب قد تناولت " الرد " على الشبهات المهددة للفكر الديني التي يروجها خصوم الحركة، مع محاولة بلورة ما اعتبر " بدائل إسلامية" .
وبعد انفصال الإسلاميين التقدميين عن جماعة الإخوان، استمرت الجماعة في خط سيرها دون أن تتأثر تنظيمياً بذلك الانفصال، وقام أميرها الشيخ راشد الغنُّوشي بقيادتها إلى بر الأمان – كما يقال - إلا أن ذلك الانفصال لم يمر دون أن يحدث هزة فكرية في بعض رموز حركة الاتجاه الإسلامي، وعلى رأسهم الغنُّوشي.
وفي هذا يقول الدكتور صلاح: "كانت قيادة الجماعة الإسلامية تخشى أن يؤدي انسحاب التيار النقدي من صفوفها أواخر السبعينيات، إلى تصدع التنظيم برمته، وأن يتمكن المفارقون لخط "الجماعة " من التأثير على عدد كبير من الأعضاء، ولكنها عندما تأكدت من أن عدد المنسحبين لم يتجاوز العشرات أغلبيتهم من أبناء العاصمة، اطمأنت قليلاً، واكتفت في البداية باتخاذ سلسلة من الإجراءات التنظيمية الاحتياطية حتى تحول دون تسرب الأفكار التمردية داخل بقية الجسم، لكن رغم أن عملية الانشقاق حسم أمرها دون أن تحدث ارتباكاً يذكر على المستوى التنظيمي، إلا أن آثارها بقيت محل سجال ومناقشة، وبرغم الجهود التي بذلت يومها للتقليل من أهمية مجموعة "الإسلاميين التقدميين" وإحاطة أفكارهم وتوجهاتهم بالكثير من الغموض والشكوك والطعون في الأشخاص والمفاهيم إلا أن عملية الانشقاق المبكر مثلت استفزازاً هائلاً للصف الداخلي ولمستنداته الفكرية والأيديولوجية، ومنذ اللحظة ولد إحساس داخل "حركة الاتجاه الإسلامي" بأن أشياء كثيرة في حاجة إلى المراجعة، وأن الجسم لم يعد طيعاً كما كان الشأن من قبل، مما مهد السبيل لتكرر محاولات الإصلاح من الداخل، ومعظمها خلّف وراءه ضحايا وتوترات، إذ لم تمض سوى فترة وجيزة عن تنصيب قيادة جديدة في العاصمة حتى حصل تململ جديد انتهى إلى خلافات شديدة حول أسلوب العمل مع القيادة المركزية، إذ حاول الفريق الذي عين بطريقة تعسفية وانقلابية، لإدارة النشاط كبديل عن الهيئة القيادية التي تم عزلها، وأن يعمل بنوع من الحرية في إعادة تشكيل النشاط، فإذا به يواجه بنوع من الوصاية البيروقراطية حالت دون إحداث تطور فعلي في العقلية التنظيمية، ما جعل المسئول الجديد يعلن استقالته ويدرك بعض الأسباب الحقيقية للخلافات السابقة.
وبعد انفصال الإسلاميين التقدميين عن جماعة الإخوان، استمرت الجماعة في خط سيرها دون أن تتأثر تنظيمياً بذلك الانفصال، وقام أميرها الشيخ راشد الغنُّوشي بقيادتها إلى بر الأمان – كما يقال - إلا أن ذلك الانفصال لم يمر دون أن يحدث هزة فكرية في بعض رموز حركة الاتجاه الإسلامي، وعلى رأسهم الغنُّوشي.
وفي هذا يقول الدكتور صلاح: "كانت قيادة الجماعة الإسلامية تخشى أن يؤدي انسحاب التيار النقدي من صفوفها أواخر السبعينيات، إلى تصدع التنظيم برمته، وأن يتمكن المفارقون لخط "الجماعة " من التأثير على عدد كبير من الأعضاء، ولكنها عندما تأكدت من أن عدد المنسحبين لم يتجاوز العشرات أغلبيتهم من أبناء العاصمة، اطمأنت قليلاً، واكتفت في البداية باتخاذ سلسلة من الإجراءات التنظيمية الاحتياطية حتى تحول دون تسرب الأفكار التمردية داخل بقية الجسم، لكن رغم أن عملية الانشقاق حسم أمرها دون أن تحدث ارتباكاً يذكر على المستوى التنظيمي، إلا أن آثارها بقيت محل سجال ومناقشة، وبرغم الجهود التي بذلت يومها للتقليل من أهمية مجموعة "الإسلاميين التقدميين" وإحاطة أفكارهم وتوجهاتهم بالكثير من الغموض والشكوك والطعون في الأشخاص والمفاهيم إلا أن عملية الانشقاق المبكر مثلت استفزازاً هائلاً للصف الداخلي ولمستنداته الفكرية والأيديولوجية، ومنذ اللحظة ولد إحساس داخل "حركة الاتجاه الإسلامي" بأن أشياء كثيرة في حاجة إلى المراجعة، وأن الجسم لم يعد طيعاً كما كان الشأن من قبل، مما مهد السبيل لتكرر محاولات الإصلاح من الداخل، ومعظمها خلّف وراءه ضحايا وتوترات، إذ لم تمض سوى فترة وجيزة عن تنصيب قيادة جديدة في العاصمة حتى حصل تململ جديد انتهى إلى خلافات شديدة حول أسلوب العمل مع القيادة المركزية، إذ حاول الفريق الذي عين بطريقة تعسفية وانقلابية، لإدارة النشاط كبديل عن الهيئة القيادية التي تم عزلها، وأن يعمل بنوع من الحرية في إعادة تشكيل النشاط، فإذا به يواجه بنوع من الوصاية البيروقراطية حالت دون إحداث تطور فعلي في العقلية التنظيمية، ما جعل المسئول الجديد يعلن استقالته ويدرك بعض الأسباب الحقيقية للخلافات السابقة.
بعد ذلك تولت مجموعات طلابية ممارسة الضغط في مناسبتين على الأقل، الأولى كانت في عام 1981 والثانية عام 1983، ورغم النتائج المحدودة التي حققتها المحاولتان، إلا أن ذلك ساهم في تعميق الحيرة الفكرية والسياسية البناءة داخل الجسم العام، وأدى إلى توسع ظاهرة ما يسمى يومها بـ"الإسلاميين المستقلين " الذين انسحبوا بشكل فردي وحافظوا على بقائهم خارج التنظيمات، مشيرًا إلى أنه أمام هذا الغليان الفكري والروح النقدية المتحررة اللذين أخذا يتسعان ويخترقان جسم الحركة الإسلامية بمختلف مستوياتها، وجدت قيادة "حركة الاتجاه الإسلامي" نفسها مدعوة للتفاعل مع هذه الحالة الفكرية الجديدة، وذلك بانتهاج سياستين متعاكستين، من جهة التخلي التدريجي عن جزء هام من المنظومة الفكرية لحركة الإخوان المسلمين، وتم ذلك بنقد اطروحات سيد قطب، أو تبني شعارات المرحلة خاصة على المستوى السياسي مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان ومشاركة المرأة في العمل السياسي ونبذ العنف كوسيلة للتغيير والانفتاح على بقية الأحزاب السياسية بما في ذلك الحزب الشيوعي. لذلك وقعت المطالبة بأن "تستعيد الجماهير حقها المشروع في تقرير مصيرها، بعيداً عن كل وصاية داخلية أو هيمنة خارجية وذلك بإقرار حق كل القوى الشعبية في ممارسة حرية التعبير والتجمع وسائر الحقوق الشرعية "، كما اعتبر رئيس الحركة أن الاستبداد لم يأت عن طريق العملاء الغربيين، إنه عميق في تاريخنا وتفكيرنا وثقافتنا.. إن المسلم كان منسحقاً سياسياً أمام السلطات، وعقائدنا أمام الجبر، وإرادياً أمام رجال الصوفية، وفكرياً أمام رجال المذاهب.
حركة النهضة - التنظيم
النظام الأساسي للحركة ينص على أن حركة النهضة حزب سياسي وطني ذو مرجعية إسلامية، يعمل وفقا لأحكام المرسوم 87 لسنة 2011، وفي إطار النظام الجمهوري على الإسهام في بناء تونس الحديثة، لترسيخ قيم المواطنة والحرية والمسئولية والعدالة الاجتماعية والنضال من أجل تحقيق وحدة المغرب العربي .
يعتمد الحزب التداول على المسئولية والديمقراطية في اتخاذ القرارات والتكليف بالمسئوليات ووضع الرؤى والبرامج.
تعمل حركة النهضة على حماية الاستقلال الوطني، واستكمال أبعاده وتنمية مكتسباته وصيانة الوحدة الوطنية وتفعيل وحدة المغرب العربي ودعم التوجهات الوحدوية بين الشعوب العربية والإسلامية، والإسهام في ترسيخ ثقافة الوسطية والاعتدال وتجذير الهوية العربية الإسلامية، كذلك تكريس مبدأ سيادة الشعب عبر بناء الدولة الديمقراطية، المدنية، العادلة والعمل على تحقيق المساواة بين المواطنين وتطوير بنى المجتمع المدني وتحرير آلياته لأداء دوره الكامل في الإسهام في التنمية الشاملة.
تحقيق الحريات العامة والفردية والعدالة باعتبارها قيما محورية في تجسيد معنى تكريم الله للخلق وتحقيق انسانية الإنسان وتكريس حقوقه وتأكيد التعددية السياسية وحرية الإعلام والصحافة وإطلاق حرية الإبداع، كذلك النهوض بواقع المرأة وتفعيل دورها والعمل على حفظ كيان الأسرة ودعمه، وتوفير الظروف الملائمة لرعاية الطفولة والشباب تنمية وإعدادا للمستقبل.
المؤتمر العام هو أعلى سلطة في الحزب، ويتكون من نواب عن المنخرطين حسب نسب وتمثيلية يحددها مجلس الشورى يضاف إليهم رئيس الحزب ورئيس مجلس الشورى.
يعتمد الحزب التداول على المسئولية والديمقراطية في اتخاذ القرارات والتكليف بالمسئوليات ووضع الرؤى والبرامج.
تعمل حركة النهضة على حماية الاستقلال الوطني، واستكمال أبعاده وتنمية مكتسباته وصيانة الوحدة الوطنية وتفعيل وحدة المغرب العربي ودعم التوجهات الوحدوية بين الشعوب العربية والإسلامية، والإسهام في ترسيخ ثقافة الوسطية والاعتدال وتجذير الهوية العربية الإسلامية، كذلك تكريس مبدأ سيادة الشعب عبر بناء الدولة الديمقراطية، المدنية، العادلة والعمل على تحقيق المساواة بين المواطنين وتطوير بنى المجتمع المدني وتحرير آلياته لأداء دوره الكامل في الإسهام في التنمية الشاملة.
تحقيق الحريات العامة والفردية والعدالة باعتبارها قيما محورية في تجسيد معنى تكريم الله للخلق وتحقيق انسانية الإنسان وتكريس حقوقه وتأكيد التعددية السياسية وحرية الإعلام والصحافة وإطلاق حرية الإبداع، كذلك النهوض بواقع المرأة وتفعيل دورها والعمل على حفظ كيان الأسرة ودعمه، وتوفير الظروف الملائمة لرعاية الطفولة والشباب تنمية وإعدادا للمستقبل.
المؤتمر العام هو أعلى سلطة في الحزب، ويتكون من نواب عن المنخرطين حسب نسب وتمثيلية يحددها مجلس الشورى يضاف إليهم رئيس الحزب ورئيس مجلس الشورى.
"النهضة" والتنظيم الدولي
مصطفى مشهور
العلاقات التنظيمية والفكرية بين حركة "النهضة" التونسية وجماعة الإخوان في مصر تعود إلى سنوات التأسيس الأولى، حين كانت تسمى الجماعة الإسلامية، ففي موسم الحج سنة 1973 توجه أحد قادة الجماعة، وبايع المرشد العام لجماعة الإخوان وكان حسن الهضيبي آنذاك.
ومع تأسيس التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين رسمياً سنة 1982 على يد المرشد الخامس للجماعة مصطفي مشهور، انخرطت حركة الاتجاه الإسلامي عضواً ناشطاً في التنظيم يمثلها أميرها الشيخ راشد الغنوشي.
واضطلع الغنوشي بدور محوري في أوروبا والمغرب العربي لصالح التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، والذي بدا بشكل مبكر ومنذ بدايات نشأة الحركة الإسلامية في تونس، وفي شهادة قدمها الشيخ عبدالكريم مطيع الحمداوي، مؤسس الحركة الإسلامية بالمغرب الأقصى ونشرت في مارس الماضي، اتهم فيها الغنوشي "بالعمل على اختراق الحركة الإسلامية في المغرب بتكليف من جماعة الإخوان المسلمين نهاية السبعينيات، من القرن الماضي والتجسس لفائدة التنظيم العالمي للجماعة"، على حد قوله.
ومع تأسيس التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين رسمياً سنة 1982 على يد المرشد الخامس للجماعة مصطفي مشهور، انخرطت حركة الاتجاه الإسلامي عضواً ناشطاً في التنظيم يمثلها أميرها الشيخ راشد الغنوشي.
واضطلع الغنوشي بدور محوري في أوروبا والمغرب العربي لصالح التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، والذي بدا بشكل مبكر ومنذ بدايات نشأة الحركة الإسلامية في تونس، وفي شهادة قدمها الشيخ عبدالكريم مطيع الحمداوي، مؤسس الحركة الإسلامية بالمغرب الأقصى ونشرت في مارس الماضي، اتهم فيها الغنوشي "بالعمل على اختراق الحركة الإسلامية في المغرب بتكليف من جماعة الإخوان المسلمين نهاية السبعينيات، من القرن الماضي والتجسس لفائدة التنظيم العالمي للجماعة"، على حد قوله.
الشيخ عبدالكريم مطيع الحمداوي
وقال الشيخ عبدالكريم مطيع الحمداوي في مقال له، نشرته يومية "هسبرس" المغربية ضمن سلسلة حول تاريخ الحركة الإسلامية بالمغرب الأقصى: "إن جماعة الإخوان المسلمين كانت ترسل الغنوشي في رحلات تفقدية من أجل استجلاء الأوضاع بكل من الجزائر والمغرب، واقتراح الحلول والخطط الخاصة بالتعرف على الفصائل الإسلامية القائمة بها ومحاولة استقطابها، وفي هذا الاتجاه أرسل راشد الغنوشي إلى الجزائر عقب اعتقال محفوظ النحناح، فأجرى عدداً من الاتصالات بالمجموعات الإسلامية على اختلاف مشاربها، ثم قدم للتنظيم تقريراً مكتوباً ومفصلاً لرحلته في أكثر من خمسين صفحة اقترح عليه فيه أسماء تخلف النحناح أثناء اعتقاله.
ويري باحثون أن العلاقات التنظيمية بين التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين وحركة "النهضة" التونسية، هي "علاقة فرع بالأصل وقد سبقتها علاقات فكرية ومنهجية متينة، حيث لم تقلد النهضة في تونس الأدبيات النظرية الدينية للتنظيم الدولي للإخوان فحسب ولم تعتمد فحسب على أساليب مخطط تكوين الفرد والجماعة ونظام الأسرة المعتمد، ولكنها اعتمدت كذلك كل وسائل التنظيم الدولي في التمكين والوصولية والاندساس في أجهزة الدولة ومكونات المجتمع المدني والجامعات، فقد كان نفس الأسلوب متبعاً تقريباً في الجامعات المصرية والتونسية وفي أجهزة الدولة والإدارات، كانت كلمة السر في كل من تونس والقاهرة وعواصم عربية أخرى ينتشر فيها الإخوان هي الاندساس في شرايين الدولة".
وتعلم التنظيم الإخواني التونسي أساليب اختراق الأجهزة الأمنية من جماعته الأم في القاهرة، وساعد قادة التنظيم العالمي توابعهم في تونس على المضي قدماً في خطة اختراق المؤسسة الأمنية والعسكرية في منتصف الثمانينيات، والتي انتهت بفشل ذريع عقب أحداث انقلاب 8 نوفمبر 1987 الفاشل".
ويري باحثون أن العلاقات التنظيمية بين التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين وحركة "النهضة" التونسية، هي "علاقة فرع بالأصل وقد سبقتها علاقات فكرية ومنهجية متينة، حيث لم تقلد النهضة في تونس الأدبيات النظرية الدينية للتنظيم الدولي للإخوان فحسب ولم تعتمد فحسب على أساليب مخطط تكوين الفرد والجماعة ونظام الأسرة المعتمد، ولكنها اعتمدت كذلك كل وسائل التنظيم الدولي في التمكين والوصولية والاندساس في أجهزة الدولة ومكونات المجتمع المدني والجامعات، فقد كان نفس الأسلوب متبعاً تقريباً في الجامعات المصرية والتونسية وفي أجهزة الدولة والإدارات، كانت كلمة السر في كل من تونس والقاهرة وعواصم عربية أخرى ينتشر فيها الإخوان هي الاندساس في شرايين الدولة".
وتعلم التنظيم الإخواني التونسي أساليب اختراق الأجهزة الأمنية من جماعته الأم في القاهرة، وساعد قادة التنظيم العالمي توابعهم في تونس على المضي قدماً في خطة اختراق المؤسسة الأمنية والعسكرية في منتصف الثمانينيات، والتي انتهت بفشل ذريع عقب أحداث انقلاب 8 نوفمبر 1987 الفاشل".