تسلط أحد الذئاب على إحدى القرى الكبيرة وبدأ بمهاجمة حظائرها لاقتناص الأغنام واصطياد الدجاج وقتل الحمام ، وكان لدى أحد الرعاة في هذه الضيعة قطيع كبير من الأغنام ، وكان يخاف عليه بشكل كبير ولهذا كان يلازمه بنفسه أثناء تجواله في الصباح بينما يترك لكلبه المخلص القوي مسؤولية حماية القطيع من هجوم الحيوانات المفترسة في الليل .
استطاع الذئب خلال أيام قليلة من أن يروع أفراد القرية ويبعث القلق لديهم خوفاً على حيواناتهم ، لقد تمكن هذا الحيوان القوي خلال وقت قصير من قتل العشرات من الحيوانات الأليفة والطيور المختلفة ، إلا أنه بالرغم من ذلك لم يكن سعيداً فقد كان يهاجم المزارع ليلاً مستغلاً نوم أصحابها ، أما حظيرة هذا الراعي فقد كانت عصيةً عليه نعم لقد كانت سداً منيعاً فهو يهاب الكلب القوي الحارس الدائم للقطيع . وهكذا كان الكلب المخلص يمضي ليله في الحراسة وكان يخلد للنوم نهاراً بعد أن يصطحب الراعي ماشيته ويشرف عليها بنفسه .
ذات صباح خرج الراعي مع القطيع كعادته وهو يحمل بيده عصا غليظة ليدافع عن القطيع في حال تعرضه لأي أذى ، فتسلل الذئب بهدوء واقترب من منزل الراعي وشاهد الكلب الضخم وهو مستغرق في النوم فشعر بالغضب الشديد لأن هذا الكلب حرمه من اصطياد الخراف . كان الذئب ضخماً ويماثل في حجمه الكلب إلا أنه لم يكن يملك القوة والجرأة الكافية لمواجهة الكلب ، وفيما كان الذئب يراقب المكان والشرر يتطاير من عينيه غضباً شاهد أحد الخراف الصغيرة التي يبدو أنها ضلت طريقها ولم ترافق القطيع ، أحس الذئب بأن الفرصة مواتية للانتقام من الكلب ، وتردد الذئب في البداية خوفاً من أن يشعر الكلب بوجوده إلا أنه في النهاية هجم على الخروف وقتله وأكل نصفه ، ووضع النصف الثاني أمام رأس الكلب النائم ثم انطلق مسرعاً إلى الغابة للبحث عن الراعي صاحب الكلب الذي شعر بالقلق في البداية عندما شاهد الذئب قريباً منه فرفع عصاه مهدداً . إلا أن الذئب تقدم منه وقال له إنك قد وضعت ثقتك في كلبك واعتقدت أنه مخلص لك ، في حين يستغل غيابك يومياً ويسرق أحد خرافك ويأكلها . لقد شاءت محاسن الصدف أنني كنت أقوم بالتجول في الضيعة وقد مررت بالقرب من منزلك وشاهدت كلبك الضخم يلتهم إحدى الغنمات الصغيرات التي سرقها يوم أمس وأخفاها عنك في الصباح الباكر .
شعر الراعي بالغضب الشديد عندما سمع كلام الذئب ، وقد كان إنساناً جاهلاً ساذجاً ولهذا فقد صدق كذب الذئب وأسرع برفع عصاه ملوحاً بها بغضب كبير وقاد خرافه إلى الحظيرة . في هذه الأثناء كان الكلب قد صحا من نومه وعندما نظر حوله شاهد نصف خروف مرمي بالقرب منه . وبشكل اعتيادي بدأ الكلب يشم رائحة الخروف ليعرف متى قتل ، وعندها وصل الراعي إلى المنزل وشاهد الكلب وقد اصطبغت شفتاه بالدم نتيجة شمه للخروف فصدق كلام الذئب وركض وراء الكلب وهو يضربه بالعصا الغليظة والكلب يهرب من أمامه وهو ينبح معبراً عن احتجاجه من وراء تصرف سيده الغريب ، فهل أمانته ورعايته وحراسته المشددة للقطيع تستحق الضرب . وعندما وجد الكلب أن الراعي ماض في ضربه بوحشية ساده الحزن ونظر إلى سيده مودعاً وأسرع بالفرار والعصا تلاحقه من كل صوب وناحية حتى ابتعد عن المنزل .
فرح الذئب عندما شاهد بعينيه ما حدث بين الرجل وكلبه الأمين فقد تحقق هدفه وأصبحت الفرصة مواتية أمامه ليحقق رغبته بالانتقام وذلك بقتل الخراف . اقترب الذئب من الراعي ملوحاً بذيله وكأنه يتودد إليه فقال الراعي لنفسه إن هذا الذئب قد خدمني وكشف لي خداع الكلب الذي كنت أعامله معاملة حسنة ، وأظنه مخلصاً لي . ومن سذاجته فوض الذئب بتولي المسؤولية ليلاً في حراسة الأغنام وفي نفس اليوم اضطر الراعي للسفر إلى المدينة لمدة أسبوع وعندما عاد إلى قريته شعر بالحزن الكبير فعندما اقترب من حظيرة منزله وجد الأغنام جميعها ميتة . لقد حقق الذئب هدفه وقتل جميع أغنام الراعي وطرد عدوه اللدود الكلب . أما الراعي الساذج فقد أحس بفداحة الخطأ الذي ارتكبه بطرد كلبه الوفي ، وعرف في نهاية المطاف أنه كان عرضة للخديعة من قبل الذئب .
توضح لنا هذه القصة أيها الأحباء بأنه يتوجب على أحدنا أن يكون حكيماً في قراره ، وأن لا يتسرع بإدانة أحد قبل أن يتأكد بالفعل من المعطيات التي بين يديه . فالراعي الساذج كان ضحية للخديعة وصدق أن كلبه الأمين قد خانه متناسياً الخدمات الكبيرة التي قدمها الكلب له طوال السنين التي عمل فيها بخدمته . ولهذا فقد جنى الراعي حصيلة تسرعه وكان من الأولى به أن يكون حكيماً ليتبين الحقيقة من عدمها .