قال مختار نوح، القيادى السابق بجماعة
الإخوان المسلمين، إن مصر ابتليت بـ«طاغية»، هو الرئيس محمد مرسي، ولن
تتخلص منه ومن حكم جماعة الإخوان المسلمين، إلا بثورة جديدة.
وأضاف «نوح»، في حواره لـ«المصري اليوم»، إن «مرسي»، ارتكب ما سماه «جميع
السفالات بهدوء وراحة بال وضمير»، وحوله مجموعة وزراء «فاشلين»، لن
يقودونه والبلاد إلا إلى الهاوية، موضحا أن «مرسى» خالف الشريعة الإسلامية
فى كل قراراته، ومنذ توليه حكم البلاد، لم يصدر قراراً واحداً ليس فيه
مخالفة للشريعة الإسلامية.
وتابع:« لا يزال البعض يحصل على عمولات، من الاتجار بديون مصر، بنفس النحو
الذى كان يسلكه جمال مبارك، وحين يعترض أحد يصطدم بطائفة المبررين وهي
جماعة الإخوان المسلمين، التي لا تعرف الحلال والحرام، وإنما تعرف عبادة
الأشخاص».. وإلى نص الحوار:
■ في البداية.. كيف تقرأ «حسنات وخطايا» الرئيس؟
-الدكتور محمد مرسى ارتكب عدة أخطاء وخطايا، أدت بنا إلى هذا المشهد
المرتبك الملتبس، إلا أنه لا يريد أن يعترف بذلك لا هو ولا أصحابه، بل
بالعكس يستحلون الأخطاء ويلومون على المسحول أنه اتجه لقصر الاتحادية، ولا
يتحدثون عن السحل كجريمة، وكذلك يلومون على المقتول لأنه خرج فى مظاهرة،
ولا يرون أن القتل جريمة، ثم يلومون على الفتاة التى اغتصبت لأنها خاضت فى
الزحام ولا يهتزون لجريمة الاغتصاب ذاتها.
وبالتالى أصبحت الحقائق مقلوبة، لكن الحقيقة السياسية واضحة ودائما رئيس
الجمهورية تترتب عليه مسؤولية جنائية وسياسية، لما لديه من صلاحيات،
و«مرسى» منذ أن تولى إدارة البلاد يعرض المجتمع للانقسام ويحصن نفسه
بديكتاتورية جديدة ليست فيها نظرة صائبة للواقع، ولا وعى جيداً بمتطلباته،
ويحيط نفسه بمجموعة وزراء فاشلين، منهم من يخطيء فيتحمل «مرسى» خطأه، وكلهم
يقودونه للدمار.
إذن البداية من صنع الدكتور مرسى وهى خطأ، والاستمرار فى الخطأ عند حد
التجميد وانتظار الانتخابات للخروج من الأزمة خطأ، وبالتالى سلسلة الأخطاء
تقود إلى الهاوية.
■كيف تقيم دور جبهة الإنقاذ ضمن المشهد السياسى؟
-هذه مسألة ليست مهمة، فالموضوع هو عدم الاطمئنان إلى إدارة الرئيس مرسى
للانتخابات المقبلة، وعدم الاطمئنان إلى النائب العام فى أن يحقق بجدية،
وعدم الاطمئنان إلى الانتخابات قياساً على ما تم فى استفتاء تمرير الدستور.
ومن العار والكارثة أن يفقد الإنسان شعوره بالطمأنينة بعد الثورة، أى أن
يتهم الذين جاءوا بعد الثورة بالتزوير، وأنا أعطيكِ دليلاً دامغا على
التزوير، لا يحتاج إثبات، فرئيس اللجنة القضائية المشرفة على الاستفتاء،
استبعد الصناديق التى تم فرزها فى الساعة السابعة، بينما رئيس اللجنة
الفرعية لم يستبعدها «رئيس اللجنة قرر استبعادها بينما اللجنة نفسها لم
تستبعدها وتم اعتمادها فى النتائج النهائية».
ولننظر إلى ذلك التشاحن والتباغض الذى يدل على غياب الشفافية والحيادية،
فمقاطعة جبهة الإنقاذ للانتخابات تكمن أهميتها فى الرسالة التى تحملها من
أن الثمرة التى زرعها الرئيس مرسى هى بذرة الشك وعدم الاطمئنان إلى أول
رئيس منتخب جاء بعد الثورة، وهذا لا يعنى أن الثورة فشلت فقط بل جاءت
بنتائج عكسية.
وأمام كل ما سبق يتساءل الدكتور مرسى قائلاً لماذا نغير الوزارة؟ والوزارة
الجديدة ستشكل بعد شهرين أى بعد الانتخابات، لكنه يدرك جيداً أن مطالب
«الإنقاذ» ليست فى تغيير الوزارة، بل تغيير اليد التى تزور.
وهذه الوزارة فاشلة بشهادة الجميع والقادمة أفشل طالما أن «مرسى» يصر على
اعتماد مبدأ الأقرب وليس الأفضل، والقضية ليست قضية مقاطعة، إنما القضية
هى أن الوزارة ستزور الانتخابات قطعاً وبالضرورة، والجميع يتفق على عدم
الاطمئنان لأسلوب الدكتور مرسى وإدارته للبلاد.
■المقاطعة أم المشاركة فى الانتخابات.. أيهما يمكن أن تكون وسيلة الإنقاذ الأخيرة؟
- الثورة هى الوسيلة الوحيدة للإنقاذ مع أى طاغية، فمصر ابتلاها الله
بطاغية والمطالبة برحيل مرسى ضرورة، فقد قامت الثورة لتحقيق أهداف وكانت
بلا عقل أو قيادة فلم تدرك أن نظام مبارك باق وقوى، والمجلس العسكرى السابق
نجح فى التلاعب بعواطف هذه الثورة واتفق مع آخرين على تدميرها، بما فى ذلك
أمريكا، عندما أتى المجلس العسكرى بـ«مرسي»، وشفيق فى مرحلة الإعادة، وهذه
هى بداية الثورة، وأى ثورة فى التاريخ لا تنتهى بين يوم وليلة، بل تمر
بمراحل عديدة ربما نكون فى مصر لم نبدأها بعد، ومبارك باق لم يرحل، فقد
تجسد فى طريقة تعامل الدكتور مرسى مع القوانين التى يشرعها المستشار مكى.
■البعض يقول إن أى رئيس سيأتى فى الحالة الثورية العامة التى يعج بها المجتمع لن يلقى رضا.. ما العمل؟
- كان علينا من الأصل أن نأتى برئيس يتوجب عليه أولا أن يضع مفاهيم
للعدالة الاجتماعية، ويصوغ رؤية واضحة للحرية ولحقوق ودور الإعلام ورأس
المال وما إلى ذلك، ثم بعد ذلك يأتى الرئيس وفقاً لما أرسته الثورة من قيم.
لكن المجلس العسكرى أدخل الشعب فى دوامة الاستفتاء، ثم فى دوامة البرلمان
إلى أن استغرق سنة ونصف، فوجد المتحمسون للثورة أنفسهم يتزلجون قصراً على
«زحليقة الثورة» إن صح التشبيه، ومن كان من الثوار فى القمة وجد نفسه فى
القاع، ومبادئ نظام مبارك لا تزال تحكم وتدير قواعد اللعبة السياسية فلا
نزال نعانى فساد الشراكة الديكتاتورية فى التعامل مع رؤوس الأموال
والعمولات.
وتحت العمولات 100 خط لأنى أعلم عمولات لاتزال تقبض وتجارة بديون مصر
بنفس النحو الذى كان يسلكه جمال مبارك، وعندما نحتج كنا فى السابق نجد من
يقف معنا لكن الآن نصطدم بطائفة المبررين وهم جماعة الإخوان التي لا تعرف
الحلال والحرام وإنما يعرفون عبادة الأشخاص والتبعيات.
وأنا أقول إن «مرسى» يخالف الشريعة الإسلامية فى كل قراراته ومنذ توليه
حكم البلاد لم يصدر قراراً واحداً ليس فيه مخالفة للشريعة الإسلامية، ففى
القروض خالف الشريعة، وفى تعيين نجله خالف الشريعة، وفى تعيين الأقارب
والأصحاب، وعدم احترام جماعية القرار، والاستبداد، والسماح بإهدار الدم
خالف الشريعة الإسلامية وخالف الدستور، والثورة لابد أن تظل مستمرة فى
مواجهة مرسى لأنها تعتد بالمبادئ لا بالأرقام.
■كان لك وصف لنصوص الدستور الذى تم تبريره بأنه «إرهابى».. كيف ترى لجنة التعديلات الدستورية التى يتم الاتفاق عليها الآن؟
- أنا لا أعترف بشىء اسمه التعديلات الدستورية، ولا أحترم فكرة التعديلات
من أساسها، فالدستور ولد باطلاً ومخالفاً للمبادئ العامة وميثاق الثورة،
ولابد أن يتم تغيير مواد الدستور تماماً، فالخلاف فى الدستور ليس حول مادة
أو مادتين بل حول التكوين الفلسفى له، فهو ليس دستور الفقراء، أو العدالة
الاجتماعية والحريات، بل هو دستور قمعى استبدادى، وهم يستترون خلف نص
الشريعة الإسلامية، كما فعل أنور السادات من قبل.
وعندما رفضت الدستور كنت أوافق على الشريعة الإسلامية، لكنهم قدموا فهماً
ساذجاً وقاصراً للشريعة، وبعد أن أقروا الدستور بدأوا فى مخالفته بقبول
قروض الربا، وهم يضحكون على الناس كما كان يفعل مبارك ومن قبله السادات،
وما أعرفه أنك إذا كنت مقتنعاً بنص الشريعة الإسلامية الذى أردت أن تضعه
لتقول إن الخلاف بينك وبين من يرفضون الشريعة الإسلامية لاحترمت هذا النص،
إنما جاء النص شكلياً، وبعد أن أقروه مباشرة وافق مجلس الشعب على ثلاثة
قروض بربا عال، وقال لهم العلماء إن نظرية الصكوك الإسلامية مخالفة
للشريعة، ثم بدأوا اعتقال الناس وإخفائهم قصرياً عن ذويهم، وتعذيب الخصوم
وقتلهم، وقولى لى شيئاً من السفالات التى كانت ترتكب منذ زمن النبى نوح أو
فى أى مجتمع أو حتى فى عهد مبارك ولم يرتكبها مرسى براحة بال وضمير.
■برأيك هل تجب محاكمة الرئيس بتهمة قتل المتظاهرين وإراقة الدماء أسوة بـ«مبارك»؟
- بالطبع، تجب محاكمة مرسى لكن ليس أسوة بـ«مبارك»، وإنما أسوة بقواعد
العدالة التى ينص عليها القانون الجنائى، فالرئيس إما أنه يعلم فيعاقب أو
أنه يأمر فيعاقب عقابا آخر، أو أنه يشترك فلابد من التحقيق الجنائي، وأى
تحقيق لا يشمل مرسى فهو عبث.
■قلت إنك لن تتحدث عن الإخوان لكن لدى سؤال عن «الانفلات اللفظى» الذى يعانى منه عدد من قيادات حزب الحرية والعدالة ؟
- «الانفلات اللفظى» على غرار «الانفلات الأمنى»، هو تعبير عن الشعور
بالاستعلاء والمناعة والتمكن، وهو مردود نفسى طبيعى للشعور بالاستعلاء
والكبر، فى الحقيقة يبدو أن الكثير من الأمور التى كانت تدرس لنا زمان لم
تكن راسخة فى نفوسنا تماماً فكنا نجرم سب الشاويش فى السجن أو الكلام معه
بتعال أو صوت مرتفع، أما بعد أن تمكنت الإدارة الإخوانية من حكم البلاد
فأعتقد أنهم غضوا الطرف عن الكثير من المسائل الأخلاقية والقيمية
والسلوكية.
وأصبحت الدعوة فى انتظار مجدد يحيى الدعوة وينقذ هذه الأمة ويعلم الناس
من جديد ما هو التواضع الإسلامى وما هو الجمال الإسلامى فى المخاطبة، فقد
تحولنا إلى خصوم للمجتمع نحتاج إلى مجدد يقول للناس «نحن لكم لا لغيركم
أيها الأحباب»، كما كان يقول دائما حسن البنا.
■كيف تعلق على سلسلة البراءات الأخيرة التى تنبأت بها من قبل.. عندما رفضت الاستمرار فى قضية محاكمة مبارك ؟
- أنا لا أستطيع التحدث عن قضايا لم أطلع عليها، لكن المحاكمات بدت مسرحية
عبثية من اللحظة الأولى، لكن البراءات كلها منطقية لأن القضايا جميعها لا
يمكن بحال من الأحوال أن تنتج لنا أحكاما عادلة، فالنائب العام كان
متلاعباً والعدالة ليست تحت الطلب وليست دواء «عندما أحتاجه آخد قرص»، ولا
العدالة منظومة قيمية متكاملة فكل ما فى الأمر أن ذهب نائب عام مبارك وجاء
نائب عام يتبع مرسى لا يتمتع بالحيادية، وطريقة تعيينه باطلة ومن عينه
يستطيع إقالته، فالعدالة مناخ وليست نصوصاً.
■توقعت أن يكون مرسي أول وآخر رئيس إخواني يحكم مصر.. فهل كنت تقصد ذلك يقيناً؟
- نعم، فالإخوان لا يجيدون سوى التبريرات، والتبريرات لا تصنع عدلاً ولا
تسعف جائعاً ولا ترضى نفسية، وهى فقط تصنع شرنقة تحيط بالرئيس ليختنق بها
وحده فى النهاية، وما ينفع مرسى الآن هو النصيحة، وأنا أقول له «انقذ نفسك
يا أخى، والذين يقتلونك هم من يحيطون بك فأنت عقلية غير قادرة على إدارة
دولة وليس لديك مستشارون ناصحون».
■كان بيد الرئيس مرسى فرصة ذهبية ليلتف حوله المصريون ويكون رئيساً لكل المصريين.. هل ترى أنه أضاعها؟
- تركبية الدكتور مرسى النفسية لا تسمح، فهى تركيبة ديكتاتور، وأداؤه يؤكد
أنه لا يقبل النصح ولا التفاوض إلا مضطراً، فالدكتور مرسى منذ أن دخل صراع
مع القضاء، توافرت فيه الصفات النفسية العشر للديكتاتور، فيجب ألا يحكم
أحد بينه وبين الآخرين ولا يحب اللجوء للقضاء أو الاحتكام إليه، واعتبر
نفسه صاحب فكر دون أن ينظر إلى المحتوى، ودائما عندما يسأله أحد يتحدث عن
مشروع حتى لو لم يكن له وجود، ودائما يرفض أن يستمع إلى من يقول له إنه
ديكتاتور، ويتراجع عن القرارات التى يتخذها إذا شعر أن فيها هلاكه، وهو
الآن وإن كان يشعر بأنه فى مأمن لكنه عرض نفسه للهلاك أكثر من 4 مرات.
والديكتاتور يلجأ إلى فكرة الدعوة للحوار كلما يجد نفسه فى مأزق وهو لا
يكون جاداً فى دعوته، ولا يحب العلماء ولا يعتذر عن خطأ ارتكبه ويتخذ
نواباً ووزراء ضعفاء ويبعد عن جنباته العلماء والناجين ويحب ألا يرى إعجاب
الناس بغيره.. وكل تلك الصفات لم تخطئ الرئيس مرسي.
■بصراحة من أين تدار البلاد.. من مكتب الإرشاد فى المقطم أم الاتحادية؟
- أياً كان من يدير البلاد أو من أين فالمسؤولية تقع كاملة على الرئيس،
«يستعين بالمقطم يستعين بمستشاريه أو أصدقائه هو حر»، لكن المسؤولية
الجنائية والسياسية تقع عليه كاملة.
■كيف تقيم وثيقة الأزهر الأخيرة.. وما دور الأزهر الشريف كملاذ أخير لإصلاح ما شوهه تيار الإسلام السياسى عندما خلط الدين بالسياسة؟
- الأزهر هو آخر مؤسسة يمكن أن تعقد عليها الآمال وترد الطمأنينة للناس
وانسحاب الأزهر والكنيسة من الجمعية التأسيسية رفع عنها الستار، وبالرغم من
ذلك لم يخجل أحد من هذا العرى ولا من هذه العورات، وأنا أعتبر الأزهر
والكنيسة جزءا من الصراع الانتمائى فى مصر، وليس صراعا سياسيا خاصا بهوية
مصر والدفاع عن حقوق الشعب بالمعنى الاجتماعى فالأزهر والكنيسة ومؤسسات
المجتمع المدنى هى الأمل فى إنقاذ البلاد الآن أكثر من الأحزاب.
■ألا ترى أن الفصيل الذى كان مؤهلاً ليلعب السياسة هو الإخوان بسبب خبرتهم مع نظام مبارك.. أم أن تلك الخبرة كانت سلبية؟
- الحقيقة أن التواضع تدين، واحترام الآخر، والتفاهم مع شركاء الوطن تدين
وليس سياسة، وحزب النور يفعل ذلك من منطلق الدين وليس من مدخل السياسة
وأتمنى أن يسير فى هذا الطريق، لأنه مادام واجبا أن يكون التيار السياسى
الإسلامى جزءا من النسيج الوطني، فليكن تياراً عاقلاً رشيداً يفهم السياسة
والدين.
■على ذكر حزب النور.. كيف تقيم مبادرته الأخيرة.. ألا ترى أنها تنقذ الرئيس والإخوان فى المقام الأول؟
- أنا سعيد بأن حزب النور تخلى عن وظيفة الببغاء، أو وظيفة شريك الإثم
التى كان يلعبها مع الإخوان فى بداية البرلمان السابق، فاستعان الإخوان
بعدد أعضاء حزب النور لكى يكونوا قوة تضع الشخص غير المناسب فى المكان غير
المناسب، وللأسف النور انخدع بذلك ووافق على أشياء من باب ضرورة «التوحد»
لكن الوحدة لا تكون على حساب الإسلام، فالرسول عليه الصلاة والسلام أشاد
بحلف كان ينصر المظلوم وكان قبل الإسلام فالعبرة فى الأمور بغايتها وليس فى
ذاتها فإذا توحد الناس على باطل فهو باطل والوحدة هنا لا تعتبر عملا
شرعياً لذلك فالنور بدأ يشعر بذلك، واكتشف الخديعة فبدأ يشعر بأن النظام
يضع وزراء فاشلين وبدأ يتأكد أنه يضحى بمصلحة مصر ومصلحة الفقراء.
ويكفى أن أقول إننا أمام رئيس وزراء وأنا أتحداه أن يناظر أحد
الاقتصاديين وهو لن يقبل لأنه يعرف أنه لا يملك بعداً اقتصادياً، فهو رجل
يعرف قدر نفسه لكنه لا يستطيع أن يتخلى عن المسؤولية التى ألقوها على
عاتقه، فهو كمن ألقى إلى البحر وطلب منه أن يقود سفينة لا يعرف كيف يدير
محركها، فلم يملك إلا أن يجرب حظه. لكن حزب «النور» عاد عن الوحدة مع
الإخوان، محاولاً التكفير عن خطئه، ويستطيع الآن أن يقود الأمة إلى تحالف
قوى ضد مخالفة الشريعة الإسلامية بحكم أنه يتمتع بالأكثرية الثانية.
■لماذا لا يكون حزب مصر القوية الذى تنتمي إليه هو من يقود الأمة لذلك التحالف؟
- العبرة بالتواجد فى الشارع وأنا أقول إن النور ينعقد عليه أمل وأرجو أن
تعتبرى هذا مبادرتى لحزب النور فى هذا الحوار فعليه أن يقود الأمة لعدم
مخالفة الشريعة الإسلامية، فلا قروض يوافق عليها ولا تعيين لأشخاص على أساس
من النسب والقرابة، وأن يدرس الدراسات التنموية فى النموذج الإسلامى
ليطبقها لا ليهدرها وألا يهتم بإرضاء الناس.
والمؤكد أن كل القواعد السياسية العادلة موجودة فى النموذج الإسلامى مثل
المساواة بين الناس، لكن الدكتور مرسى يعين محافظين من أقل الناس كفاءة
لمجرد أنهم ينتمون إليه فكرياً، وأنا أريد منه الوقوف أمام الجماهير ليقول
إن الله يؤيد التفرقة بين الناس ويوافق على أن يعين المحافظ من جماعة معينة
ولا يعين الأكفأ من عموم المصريين، وأتمنى أن نواجه الدكتور مرسى لأنه
يخالف الشريعة الإسلامية والذى سيواجهه هو حزب النور ليقدم لنا البديل
المقبول، لأننى كمسلم غيور على دينى وأرى أن مرسى وقف ضد عقيدتى.
■لكن حزب النور كان موقفه متخاذلا فى سلسلة جرائم السحل وهتك عرض الأطفال والخطف والإخفاء القسري ؟
- فليكن متخاذلا فى موقف وقويا فى موقف آخر، ونوافق على ذلك لأن النضج لا
يأتى فجأة بل خطوة خطوة، وطالما أنه يمتلك آلية تقويم أخطائه فلا خوف منه
ولايزال الأمل معقودا عليه.
■كيف تقيم أداء الدكتور محمد البرادعى السياسى؟
-البرادعى أنا شخصياً لا أنتخبه ولن أنتخبه، لكنى أحفظ له حقه وأقول إنه
أحد صناع هذه الثورة وأضيف إليه أحمد نبيل الهلالى ومحمد فهيم أمين وفريد
عبدالكريم وشمس الشناوى وعبدالله رشوان من الزعماء الذين قادوا المعارضة
وأيضا لا أنسى البرادعى الكبير والده فهو صاحب فضل على البلاد.
والبرادعى ينضج مثل الآخرين فى المشهد السياسى وهو الآن مؤهل أن يكون
زعيما بحق فقط عليه أن يعمل على توحيد المعارضة ولا يشترط أن يكون هو رئيسا
للمعارضة.
■كيف يمكننا وصف التطور الخطير فى فكر الثوار الشباب الذى ظهر فى صورة المقاومة العنيفة «بلاك بلوك»؟
- أستطيع أن أقول إن «بلاك بلوك» تطور طبيعى لطرق مقاومة الاستبداد وكونهم
مخالفين للقانون ينبع من نشأتهم فى واقع كله مخالف للقانون، فإذا كان
الواقع أن تحاصر المحكمة الدستورية والرئيس يوافق إذن لا مانع أن يظهر
«بلاك بلوك».
والنائب العام يريد أن يحقق مع «بلاك بلوك» لا مانع لكن هل هو نائب عام
يمثل الأمة أم يمثل الرئيس؟ وإذا كان سيقول إنه يمثل الشعب فعليه أن يحاكم
الذين حاصروا الدستورية لأن الجريمة لم تسقط وكلهم مصورون ولا يضرك أنها
حدثت قبل أن تأتى، لكنك لا تريد أن تحاكم من حاصروا الدستورية وتريد أن
تحاكم بلاك بلوك ثم تقول إنك نائب عام.
ولن يصدقك أحد ولن يؤيدك، فالنائب العام عليه أن يحدد هل هو نائب عام أم
نائب ملاكى خاص عن مرسى؟ فإذا أراد أن يقنعنا أنه نائب عام عليه ان يفتح
التحقيقات فى كل الجرائم على حد المساواة وأهم جريمة هى جريمة حصار المحكمة
الدستورية وإدانة رئيس الجمهورية لهذا الحصار، وانا أطالب بمحاكمة الرئيس
مرسى ليس عن جرائم القتل وإنما عن جريمة محاصرة المحكمة الدستورية.
■هل إلى هذه الدرجة جريمة حصار المحكمة الدستورية أقوى من جرائم القتل؟
- نعم لأن جريمة حصار الدستورية هى التى أدت بنا إلى هذه الفوضى القانونية
والخلل القانونى الذى جاء بعد ذلك نختلف أو نتفق لكن هناك فرقاً بين هدم
أفراد وهدم مؤسسة قضائية، والذى حدث أن القضاء أقصى وأبعد عن عمد وهدمت
هيبته ومن ثم ثارت بورسعيد على حكم قضائى ومن حقها لأن الدكتور مرسى اتهم
القضاء بالانخراط فى العمل السياسى، وهو فى مأزق تاريخى فهو الرئيس الوحيد
الذى سيكتب عنه التاريخ أنه هدم كل المؤسسات بجرة قلم.
■هل من الممكن أن ترسل تلغرافات مقتضبة لـ«الشاطر وأبو الفتوح والبرادعي
وبلاك بلوك ومحمد بديع وحاكم قطر والفريق شفيق وحزب النور وأبو إسماعيل
ووزير الداخلية والعريان»؟
- أقول للشاطر «أنت الوحيد الذى لن أرسل له رسالة»، وأبو الفتوح«الأمل
معقود على فكرك الناضج»،والبرادعى «أنت أحد صناع الثورة وأنا أحترمك ومع
ذلك أختلف معك»، والفريق شفيق «من رحمة الله بمصر أن أبعدك حتى نكتشف زيف
الشعارات»، وبلاك بلوك «لا أعرفهم فلن أخاطبهم»، ومحمد بديع «قم بواجبك فى
الدفاع عن الإسلام ضد ممارسات مرسى»، وحزب النور «أنا فى غاية الإعجاب
والاندهاش من هذا التطور والنضج السريع فى بضعة شهور»، وحاكم قطر «بوصفك
رئيس القاعدة العسكرية الأمريكية أرجو ألا تنقل التبعية الأمريكية إلى
مصر»،ومحمد سليم العوا «رسالة فارغة بها ابتسامتان»، وشيخ الأزهر «أنت
الأمل والأمان»، وحازم أبوإسماعيل «أرجو أن تطور نفسك أكثر كما طور النور
نفسه»،والعريان «دائما ما أشاهد لقاءاتنا المصورة القديمة ثم أتوقف عند عام
2010»،ووزير الداخلية «احذر ستدفع الثمن عندما يمر الصلح على جثتك».
الإخوان المسلمين، إن مصر ابتليت بـ«طاغية»، هو الرئيس محمد مرسي، ولن
تتخلص منه ومن حكم جماعة الإخوان المسلمين، إلا بثورة جديدة.
وأضاف «نوح»، في حواره لـ«المصري اليوم»، إن «مرسي»، ارتكب ما سماه «جميع
السفالات بهدوء وراحة بال وضمير»، وحوله مجموعة وزراء «فاشلين»، لن
يقودونه والبلاد إلا إلى الهاوية، موضحا أن «مرسى» خالف الشريعة الإسلامية
فى كل قراراته، ومنذ توليه حكم البلاد، لم يصدر قراراً واحداً ليس فيه
مخالفة للشريعة الإسلامية.
وتابع:« لا يزال البعض يحصل على عمولات، من الاتجار بديون مصر، بنفس النحو
الذى كان يسلكه جمال مبارك، وحين يعترض أحد يصطدم بطائفة المبررين وهي
جماعة الإخوان المسلمين، التي لا تعرف الحلال والحرام، وإنما تعرف عبادة
الأشخاص».. وإلى نص الحوار:
■ في البداية.. كيف تقرأ «حسنات وخطايا» الرئيس؟
-الدكتور محمد مرسى ارتكب عدة أخطاء وخطايا، أدت بنا إلى هذا المشهد
المرتبك الملتبس، إلا أنه لا يريد أن يعترف بذلك لا هو ولا أصحابه، بل
بالعكس يستحلون الأخطاء ويلومون على المسحول أنه اتجه لقصر الاتحادية، ولا
يتحدثون عن السحل كجريمة، وكذلك يلومون على المقتول لأنه خرج فى مظاهرة،
ولا يرون أن القتل جريمة، ثم يلومون على الفتاة التى اغتصبت لأنها خاضت فى
الزحام ولا يهتزون لجريمة الاغتصاب ذاتها.
وبالتالى أصبحت الحقائق مقلوبة، لكن الحقيقة السياسية واضحة ودائما رئيس
الجمهورية تترتب عليه مسؤولية جنائية وسياسية، لما لديه من صلاحيات،
و«مرسى» منذ أن تولى إدارة البلاد يعرض المجتمع للانقسام ويحصن نفسه
بديكتاتورية جديدة ليست فيها نظرة صائبة للواقع، ولا وعى جيداً بمتطلباته،
ويحيط نفسه بمجموعة وزراء فاشلين، منهم من يخطيء فيتحمل «مرسى» خطأه، وكلهم
يقودونه للدمار.
إذن البداية من صنع الدكتور مرسى وهى خطأ، والاستمرار فى الخطأ عند حد
التجميد وانتظار الانتخابات للخروج من الأزمة خطأ، وبالتالى سلسلة الأخطاء
تقود إلى الهاوية.
■كيف تقيم دور جبهة الإنقاذ ضمن المشهد السياسى؟
-هذه مسألة ليست مهمة، فالموضوع هو عدم الاطمئنان إلى إدارة الرئيس مرسى
للانتخابات المقبلة، وعدم الاطمئنان إلى النائب العام فى أن يحقق بجدية،
وعدم الاطمئنان إلى الانتخابات قياساً على ما تم فى استفتاء تمرير الدستور.
ومن العار والكارثة أن يفقد الإنسان شعوره بالطمأنينة بعد الثورة، أى أن
يتهم الذين جاءوا بعد الثورة بالتزوير، وأنا أعطيكِ دليلاً دامغا على
التزوير، لا يحتاج إثبات، فرئيس اللجنة القضائية المشرفة على الاستفتاء،
استبعد الصناديق التى تم فرزها فى الساعة السابعة، بينما رئيس اللجنة
الفرعية لم يستبعدها «رئيس اللجنة قرر استبعادها بينما اللجنة نفسها لم
تستبعدها وتم اعتمادها فى النتائج النهائية».
ولننظر إلى ذلك التشاحن والتباغض الذى يدل على غياب الشفافية والحيادية،
فمقاطعة جبهة الإنقاذ للانتخابات تكمن أهميتها فى الرسالة التى تحملها من
أن الثمرة التى زرعها الرئيس مرسى هى بذرة الشك وعدم الاطمئنان إلى أول
رئيس منتخب جاء بعد الثورة، وهذا لا يعنى أن الثورة فشلت فقط بل جاءت
بنتائج عكسية.
وأمام كل ما سبق يتساءل الدكتور مرسى قائلاً لماذا نغير الوزارة؟ والوزارة
الجديدة ستشكل بعد شهرين أى بعد الانتخابات، لكنه يدرك جيداً أن مطالب
«الإنقاذ» ليست فى تغيير الوزارة، بل تغيير اليد التى تزور.
وهذه الوزارة فاشلة بشهادة الجميع والقادمة أفشل طالما أن «مرسى» يصر على
اعتماد مبدأ الأقرب وليس الأفضل، والقضية ليست قضية مقاطعة، إنما القضية
هى أن الوزارة ستزور الانتخابات قطعاً وبالضرورة، والجميع يتفق على عدم
الاطمئنان لأسلوب الدكتور مرسى وإدارته للبلاد.
■المقاطعة أم المشاركة فى الانتخابات.. أيهما يمكن أن تكون وسيلة الإنقاذ الأخيرة؟
- الثورة هى الوسيلة الوحيدة للإنقاذ مع أى طاغية، فمصر ابتلاها الله
بطاغية والمطالبة برحيل مرسى ضرورة، فقد قامت الثورة لتحقيق أهداف وكانت
بلا عقل أو قيادة فلم تدرك أن نظام مبارك باق وقوى، والمجلس العسكرى السابق
نجح فى التلاعب بعواطف هذه الثورة واتفق مع آخرين على تدميرها، بما فى ذلك
أمريكا، عندما أتى المجلس العسكرى بـ«مرسي»، وشفيق فى مرحلة الإعادة، وهذه
هى بداية الثورة، وأى ثورة فى التاريخ لا تنتهى بين يوم وليلة، بل تمر
بمراحل عديدة ربما نكون فى مصر لم نبدأها بعد، ومبارك باق لم يرحل، فقد
تجسد فى طريقة تعامل الدكتور مرسى مع القوانين التى يشرعها المستشار مكى.
■البعض يقول إن أى رئيس سيأتى فى الحالة الثورية العامة التى يعج بها المجتمع لن يلقى رضا.. ما العمل؟
- كان علينا من الأصل أن نأتى برئيس يتوجب عليه أولا أن يضع مفاهيم
للعدالة الاجتماعية، ويصوغ رؤية واضحة للحرية ولحقوق ودور الإعلام ورأس
المال وما إلى ذلك، ثم بعد ذلك يأتى الرئيس وفقاً لما أرسته الثورة من قيم.
لكن المجلس العسكرى أدخل الشعب فى دوامة الاستفتاء، ثم فى دوامة البرلمان
إلى أن استغرق سنة ونصف، فوجد المتحمسون للثورة أنفسهم يتزلجون قصراً على
«زحليقة الثورة» إن صح التشبيه، ومن كان من الثوار فى القمة وجد نفسه فى
القاع، ومبادئ نظام مبارك لا تزال تحكم وتدير قواعد اللعبة السياسية فلا
نزال نعانى فساد الشراكة الديكتاتورية فى التعامل مع رؤوس الأموال
والعمولات.
وتحت العمولات 100 خط لأنى أعلم عمولات لاتزال تقبض وتجارة بديون مصر
بنفس النحو الذى كان يسلكه جمال مبارك، وعندما نحتج كنا فى السابق نجد من
يقف معنا لكن الآن نصطدم بطائفة المبررين وهم جماعة الإخوان التي لا تعرف
الحلال والحرام وإنما يعرفون عبادة الأشخاص والتبعيات.
وأنا أقول إن «مرسى» يخالف الشريعة الإسلامية فى كل قراراته ومنذ توليه
حكم البلاد لم يصدر قراراً واحداً ليس فيه مخالفة للشريعة الإسلامية، ففى
القروض خالف الشريعة، وفى تعيين نجله خالف الشريعة، وفى تعيين الأقارب
والأصحاب، وعدم احترام جماعية القرار، والاستبداد، والسماح بإهدار الدم
خالف الشريعة الإسلامية وخالف الدستور، والثورة لابد أن تظل مستمرة فى
مواجهة مرسى لأنها تعتد بالمبادئ لا بالأرقام.
■كان لك وصف لنصوص الدستور الذى تم تبريره بأنه «إرهابى».. كيف ترى لجنة التعديلات الدستورية التى يتم الاتفاق عليها الآن؟
- أنا لا أعترف بشىء اسمه التعديلات الدستورية، ولا أحترم فكرة التعديلات
من أساسها، فالدستور ولد باطلاً ومخالفاً للمبادئ العامة وميثاق الثورة،
ولابد أن يتم تغيير مواد الدستور تماماً، فالخلاف فى الدستور ليس حول مادة
أو مادتين بل حول التكوين الفلسفى له، فهو ليس دستور الفقراء، أو العدالة
الاجتماعية والحريات، بل هو دستور قمعى استبدادى، وهم يستترون خلف نص
الشريعة الإسلامية، كما فعل أنور السادات من قبل.
وعندما رفضت الدستور كنت أوافق على الشريعة الإسلامية، لكنهم قدموا فهماً
ساذجاً وقاصراً للشريعة، وبعد أن أقروا الدستور بدأوا فى مخالفته بقبول
قروض الربا، وهم يضحكون على الناس كما كان يفعل مبارك ومن قبله السادات،
وما أعرفه أنك إذا كنت مقتنعاً بنص الشريعة الإسلامية الذى أردت أن تضعه
لتقول إن الخلاف بينك وبين من يرفضون الشريعة الإسلامية لاحترمت هذا النص،
إنما جاء النص شكلياً، وبعد أن أقروه مباشرة وافق مجلس الشعب على ثلاثة
قروض بربا عال، وقال لهم العلماء إن نظرية الصكوك الإسلامية مخالفة
للشريعة، ثم بدأوا اعتقال الناس وإخفائهم قصرياً عن ذويهم، وتعذيب الخصوم
وقتلهم، وقولى لى شيئاً من السفالات التى كانت ترتكب منذ زمن النبى نوح أو
فى أى مجتمع أو حتى فى عهد مبارك ولم يرتكبها مرسى براحة بال وضمير.
■برأيك هل تجب محاكمة الرئيس بتهمة قتل المتظاهرين وإراقة الدماء أسوة بـ«مبارك»؟
- بالطبع، تجب محاكمة مرسى لكن ليس أسوة بـ«مبارك»، وإنما أسوة بقواعد
العدالة التى ينص عليها القانون الجنائى، فالرئيس إما أنه يعلم فيعاقب أو
أنه يأمر فيعاقب عقابا آخر، أو أنه يشترك فلابد من التحقيق الجنائي، وأى
تحقيق لا يشمل مرسى فهو عبث.
■قلت إنك لن تتحدث عن الإخوان لكن لدى سؤال عن «الانفلات اللفظى» الذى يعانى منه عدد من قيادات حزب الحرية والعدالة ؟
- «الانفلات اللفظى» على غرار «الانفلات الأمنى»، هو تعبير عن الشعور
بالاستعلاء والمناعة والتمكن، وهو مردود نفسى طبيعى للشعور بالاستعلاء
والكبر، فى الحقيقة يبدو أن الكثير من الأمور التى كانت تدرس لنا زمان لم
تكن راسخة فى نفوسنا تماماً فكنا نجرم سب الشاويش فى السجن أو الكلام معه
بتعال أو صوت مرتفع، أما بعد أن تمكنت الإدارة الإخوانية من حكم البلاد
فأعتقد أنهم غضوا الطرف عن الكثير من المسائل الأخلاقية والقيمية
والسلوكية.
وأصبحت الدعوة فى انتظار مجدد يحيى الدعوة وينقذ هذه الأمة ويعلم الناس
من جديد ما هو التواضع الإسلامى وما هو الجمال الإسلامى فى المخاطبة، فقد
تحولنا إلى خصوم للمجتمع نحتاج إلى مجدد يقول للناس «نحن لكم لا لغيركم
أيها الأحباب»، كما كان يقول دائما حسن البنا.
■كيف تعلق على سلسلة البراءات الأخيرة التى تنبأت بها من قبل.. عندما رفضت الاستمرار فى قضية محاكمة مبارك ؟
- أنا لا أستطيع التحدث عن قضايا لم أطلع عليها، لكن المحاكمات بدت مسرحية
عبثية من اللحظة الأولى، لكن البراءات كلها منطقية لأن القضايا جميعها لا
يمكن بحال من الأحوال أن تنتج لنا أحكاما عادلة، فالنائب العام كان
متلاعباً والعدالة ليست تحت الطلب وليست دواء «عندما أحتاجه آخد قرص»، ولا
العدالة منظومة قيمية متكاملة فكل ما فى الأمر أن ذهب نائب عام مبارك وجاء
نائب عام يتبع مرسى لا يتمتع بالحيادية، وطريقة تعيينه باطلة ومن عينه
يستطيع إقالته، فالعدالة مناخ وليست نصوصاً.
■توقعت أن يكون مرسي أول وآخر رئيس إخواني يحكم مصر.. فهل كنت تقصد ذلك يقيناً؟
- نعم، فالإخوان لا يجيدون سوى التبريرات، والتبريرات لا تصنع عدلاً ولا
تسعف جائعاً ولا ترضى نفسية، وهى فقط تصنع شرنقة تحيط بالرئيس ليختنق بها
وحده فى النهاية، وما ينفع مرسى الآن هو النصيحة، وأنا أقول له «انقذ نفسك
يا أخى، والذين يقتلونك هم من يحيطون بك فأنت عقلية غير قادرة على إدارة
دولة وليس لديك مستشارون ناصحون».
■كان بيد الرئيس مرسى فرصة ذهبية ليلتف حوله المصريون ويكون رئيساً لكل المصريين.. هل ترى أنه أضاعها؟
- تركبية الدكتور مرسى النفسية لا تسمح، فهى تركيبة ديكتاتور، وأداؤه يؤكد
أنه لا يقبل النصح ولا التفاوض إلا مضطراً، فالدكتور مرسى منذ أن دخل صراع
مع القضاء، توافرت فيه الصفات النفسية العشر للديكتاتور، فيجب ألا يحكم
أحد بينه وبين الآخرين ولا يحب اللجوء للقضاء أو الاحتكام إليه، واعتبر
نفسه صاحب فكر دون أن ينظر إلى المحتوى، ودائما عندما يسأله أحد يتحدث عن
مشروع حتى لو لم يكن له وجود، ودائما يرفض أن يستمع إلى من يقول له إنه
ديكتاتور، ويتراجع عن القرارات التى يتخذها إذا شعر أن فيها هلاكه، وهو
الآن وإن كان يشعر بأنه فى مأمن لكنه عرض نفسه للهلاك أكثر من 4 مرات.
والديكتاتور يلجأ إلى فكرة الدعوة للحوار كلما يجد نفسه فى مأزق وهو لا
يكون جاداً فى دعوته، ولا يحب العلماء ولا يعتذر عن خطأ ارتكبه ويتخذ
نواباً ووزراء ضعفاء ويبعد عن جنباته العلماء والناجين ويحب ألا يرى إعجاب
الناس بغيره.. وكل تلك الصفات لم تخطئ الرئيس مرسي.
■بصراحة من أين تدار البلاد.. من مكتب الإرشاد فى المقطم أم الاتحادية؟
- أياً كان من يدير البلاد أو من أين فالمسؤولية تقع كاملة على الرئيس،
«يستعين بالمقطم يستعين بمستشاريه أو أصدقائه هو حر»، لكن المسؤولية
الجنائية والسياسية تقع عليه كاملة.
■كيف تقيم وثيقة الأزهر الأخيرة.. وما دور الأزهر الشريف كملاذ أخير لإصلاح ما شوهه تيار الإسلام السياسى عندما خلط الدين بالسياسة؟
- الأزهر هو آخر مؤسسة يمكن أن تعقد عليها الآمال وترد الطمأنينة للناس
وانسحاب الأزهر والكنيسة من الجمعية التأسيسية رفع عنها الستار، وبالرغم من
ذلك لم يخجل أحد من هذا العرى ولا من هذه العورات، وأنا أعتبر الأزهر
والكنيسة جزءا من الصراع الانتمائى فى مصر، وليس صراعا سياسيا خاصا بهوية
مصر والدفاع عن حقوق الشعب بالمعنى الاجتماعى فالأزهر والكنيسة ومؤسسات
المجتمع المدنى هى الأمل فى إنقاذ البلاد الآن أكثر من الأحزاب.
■ألا ترى أن الفصيل الذى كان مؤهلاً ليلعب السياسة هو الإخوان بسبب خبرتهم مع نظام مبارك.. أم أن تلك الخبرة كانت سلبية؟
- الحقيقة أن التواضع تدين، واحترام الآخر، والتفاهم مع شركاء الوطن تدين
وليس سياسة، وحزب النور يفعل ذلك من منطلق الدين وليس من مدخل السياسة
وأتمنى أن يسير فى هذا الطريق، لأنه مادام واجبا أن يكون التيار السياسى
الإسلامى جزءا من النسيج الوطني، فليكن تياراً عاقلاً رشيداً يفهم السياسة
والدين.
■على ذكر حزب النور.. كيف تقيم مبادرته الأخيرة.. ألا ترى أنها تنقذ الرئيس والإخوان فى المقام الأول؟
- أنا سعيد بأن حزب النور تخلى عن وظيفة الببغاء، أو وظيفة شريك الإثم
التى كان يلعبها مع الإخوان فى بداية البرلمان السابق، فاستعان الإخوان
بعدد أعضاء حزب النور لكى يكونوا قوة تضع الشخص غير المناسب فى المكان غير
المناسب، وللأسف النور انخدع بذلك ووافق على أشياء من باب ضرورة «التوحد»
لكن الوحدة لا تكون على حساب الإسلام، فالرسول عليه الصلاة والسلام أشاد
بحلف كان ينصر المظلوم وكان قبل الإسلام فالعبرة فى الأمور بغايتها وليس فى
ذاتها فإذا توحد الناس على باطل فهو باطل والوحدة هنا لا تعتبر عملا
شرعياً لذلك فالنور بدأ يشعر بذلك، واكتشف الخديعة فبدأ يشعر بأن النظام
يضع وزراء فاشلين وبدأ يتأكد أنه يضحى بمصلحة مصر ومصلحة الفقراء.
ويكفى أن أقول إننا أمام رئيس وزراء وأنا أتحداه أن يناظر أحد
الاقتصاديين وهو لن يقبل لأنه يعرف أنه لا يملك بعداً اقتصادياً، فهو رجل
يعرف قدر نفسه لكنه لا يستطيع أن يتخلى عن المسؤولية التى ألقوها على
عاتقه، فهو كمن ألقى إلى البحر وطلب منه أن يقود سفينة لا يعرف كيف يدير
محركها، فلم يملك إلا أن يجرب حظه. لكن حزب «النور» عاد عن الوحدة مع
الإخوان، محاولاً التكفير عن خطئه، ويستطيع الآن أن يقود الأمة إلى تحالف
قوى ضد مخالفة الشريعة الإسلامية بحكم أنه يتمتع بالأكثرية الثانية.
■لماذا لا يكون حزب مصر القوية الذى تنتمي إليه هو من يقود الأمة لذلك التحالف؟
- العبرة بالتواجد فى الشارع وأنا أقول إن النور ينعقد عليه أمل وأرجو أن
تعتبرى هذا مبادرتى لحزب النور فى هذا الحوار فعليه أن يقود الأمة لعدم
مخالفة الشريعة الإسلامية، فلا قروض يوافق عليها ولا تعيين لأشخاص على أساس
من النسب والقرابة، وأن يدرس الدراسات التنموية فى النموذج الإسلامى
ليطبقها لا ليهدرها وألا يهتم بإرضاء الناس.
والمؤكد أن كل القواعد السياسية العادلة موجودة فى النموذج الإسلامى مثل
المساواة بين الناس، لكن الدكتور مرسى يعين محافظين من أقل الناس كفاءة
لمجرد أنهم ينتمون إليه فكرياً، وأنا أريد منه الوقوف أمام الجماهير ليقول
إن الله يؤيد التفرقة بين الناس ويوافق على أن يعين المحافظ من جماعة معينة
ولا يعين الأكفأ من عموم المصريين، وأتمنى أن نواجه الدكتور مرسى لأنه
يخالف الشريعة الإسلامية والذى سيواجهه هو حزب النور ليقدم لنا البديل
المقبول، لأننى كمسلم غيور على دينى وأرى أن مرسى وقف ضد عقيدتى.
■لكن حزب النور كان موقفه متخاذلا فى سلسلة جرائم السحل وهتك عرض الأطفال والخطف والإخفاء القسري ؟
- فليكن متخاذلا فى موقف وقويا فى موقف آخر، ونوافق على ذلك لأن النضج لا
يأتى فجأة بل خطوة خطوة، وطالما أنه يمتلك آلية تقويم أخطائه فلا خوف منه
ولايزال الأمل معقودا عليه.
■كيف تقيم أداء الدكتور محمد البرادعى السياسى؟
-البرادعى أنا شخصياً لا أنتخبه ولن أنتخبه، لكنى أحفظ له حقه وأقول إنه
أحد صناع هذه الثورة وأضيف إليه أحمد نبيل الهلالى ومحمد فهيم أمين وفريد
عبدالكريم وشمس الشناوى وعبدالله رشوان من الزعماء الذين قادوا المعارضة
وأيضا لا أنسى البرادعى الكبير والده فهو صاحب فضل على البلاد.
والبرادعى ينضج مثل الآخرين فى المشهد السياسى وهو الآن مؤهل أن يكون
زعيما بحق فقط عليه أن يعمل على توحيد المعارضة ولا يشترط أن يكون هو رئيسا
للمعارضة.
■كيف يمكننا وصف التطور الخطير فى فكر الثوار الشباب الذى ظهر فى صورة المقاومة العنيفة «بلاك بلوك»؟
- أستطيع أن أقول إن «بلاك بلوك» تطور طبيعى لطرق مقاومة الاستبداد وكونهم
مخالفين للقانون ينبع من نشأتهم فى واقع كله مخالف للقانون، فإذا كان
الواقع أن تحاصر المحكمة الدستورية والرئيس يوافق إذن لا مانع أن يظهر
«بلاك بلوك».
والنائب العام يريد أن يحقق مع «بلاك بلوك» لا مانع لكن هل هو نائب عام
يمثل الأمة أم يمثل الرئيس؟ وإذا كان سيقول إنه يمثل الشعب فعليه أن يحاكم
الذين حاصروا الدستورية لأن الجريمة لم تسقط وكلهم مصورون ولا يضرك أنها
حدثت قبل أن تأتى، لكنك لا تريد أن تحاكم من حاصروا الدستورية وتريد أن
تحاكم بلاك بلوك ثم تقول إنك نائب عام.
ولن يصدقك أحد ولن يؤيدك، فالنائب العام عليه أن يحدد هل هو نائب عام أم
نائب ملاكى خاص عن مرسى؟ فإذا أراد أن يقنعنا أنه نائب عام عليه ان يفتح
التحقيقات فى كل الجرائم على حد المساواة وأهم جريمة هى جريمة حصار المحكمة
الدستورية وإدانة رئيس الجمهورية لهذا الحصار، وانا أطالب بمحاكمة الرئيس
مرسى ليس عن جرائم القتل وإنما عن جريمة محاصرة المحكمة الدستورية.
■هل إلى هذه الدرجة جريمة حصار المحكمة الدستورية أقوى من جرائم القتل؟
- نعم لأن جريمة حصار الدستورية هى التى أدت بنا إلى هذه الفوضى القانونية
والخلل القانونى الذى جاء بعد ذلك نختلف أو نتفق لكن هناك فرقاً بين هدم
أفراد وهدم مؤسسة قضائية، والذى حدث أن القضاء أقصى وأبعد عن عمد وهدمت
هيبته ومن ثم ثارت بورسعيد على حكم قضائى ومن حقها لأن الدكتور مرسى اتهم
القضاء بالانخراط فى العمل السياسى، وهو فى مأزق تاريخى فهو الرئيس الوحيد
الذى سيكتب عنه التاريخ أنه هدم كل المؤسسات بجرة قلم.
■هل من الممكن أن ترسل تلغرافات مقتضبة لـ«الشاطر وأبو الفتوح والبرادعي
وبلاك بلوك ومحمد بديع وحاكم قطر والفريق شفيق وحزب النور وأبو إسماعيل
ووزير الداخلية والعريان»؟
- أقول للشاطر «أنت الوحيد الذى لن أرسل له رسالة»، وأبو الفتوح«الأمل
معقود على فكرك الناضج»،والبرادعى «أنت أحد صناع الثورة وأنا أحترمك ومع
ذلك أختلف معك»، والفريق شفيق «من رحمة الله بمصر أن أبعدك حتى نكتشف زيف
الشعارات»، وبلاك بلوك «لا أعرفهم فلن أخاطبهم»، ومحمد بديع «قم بواجبك فى
الدفاع عن الإسلام ضد ممارسات مرسى»، وحزب النور «أنا فى غاية الإعجاب
والاندهاش من هذا التطور والنضج السريع فى بضعة شهور»، وحاكم قطر «بوصفك
رئيس القاعدة العسكرية الأمريكية أرجو ألا تنقل التبعية الأمريكية إلى
مصر»،ومحمد سليم العوا «رسالة فارغة بها ابتسامتان»، وشيخ الأزهر «أنت
الأمل والأمان»، وحازم أبوإسماعيل «أرجو أن تطور نفسك أكثر كما طور النور
نفسه»،والعريان «دائما ما أشاهد لقاءاتنا المصورة القديمة ثم أتوقف عند عام
2010»،ووزير الداخلية «احذر ستدفع الثمن عندما يمر الصلح على جثتك».