الرئيسية
[size=70]عبدالله حلمي عازف الكولة الأول في مصر: «ابن الأُسطى صار درويشًا في حضرة منير والحجار»[/size]
قبل أن تعرفه «الكولة»، كانت محض آلة إقليميّة، قلّما تُقابِلها إلا في بعض الأفراح الشعبيّة في حُضن القرية المصريّة، بينما احتل الناي، أخو الكولة الأحظى بالشُهرة، مكانة محفوظة كراعي الشجن في التخوت الشرقية، حتى جاء عبدالله حلمي، ورافقها في رحلة وهب أحدهما الآخر فيها وطوّرا بعضهما، فأصبحت بفضله آلة تُعزَف على أهم مسارح العالم فتُرهف لها الأسماع، وأصبح بفضلها «عازف الكَوَلَة والناي الأول في مصر والوطن العربي»، ويُنسب إليها وتُنسب إليه ليصبح من تاريخ معرفته بها «عبدالله كَوّلة».المصري لايت التقى «عبدالله كَوَلة»، وتحدّث عن رحلة غرامه بمعشوقته، بينما تتصاعد أنغامها لتُناجي عنان السماء.
بدايات
ولد من أب أخذ منه العزف أكثر مما أعطى، «أُسطى من أسطوات العزف» عزف بمُصاحبة شادية، ومحمد الكحلاوي، وسيد درويش طنطاوي، وخضرة محمد خِضر، وجمالات شيحة، وآخرين من رُواد الفن الشعبي. كان يتمنى أن يُغني ابنه بدلاً من أن يرِث العزف عنه؛ فالمُطربين أوفَر حظًا من العازفين، قائلا: «يا ابني ماتغنّي احسنلك..».
وفي إحدى بيوت كفر الشيخ المُطلة على دِلتا النيل والمُشرِفة على أوركسترا كاملة من ممتلكات الوالد الذي يعزف الناي والعود والكولة والأرغول والكمان، وُلِد عبدالله حِلمي، وتربى وعاش، حتى ضبطه ذات مرّة مُنفردًا بكَوَلتِه، ليكتشف أن فتاه يملك «نَفَس»، فيُحِل عليه ما حرّم، ويسمح له من ساعتها بالعزف، بل ويتتلمذ على يده.
«اشمعنا الكَولة»
اصطفى عبدالله حِلمي الكَوَلة من بين أبناء الغاب من آلات النفخ جميعها، بل من بين جميع الآلات، هذه الآلة ذات العُقَل الخمس، والمليئة بالـ«عفقات» كما هو معروف لدى معشَر الموسيقيين، أو تقسيم النغمات إلى أبسط مكوناتها كأن تُصبح نصف نغمة، أو رُبع نغمة، كما قد يفهم «السميعة»، أو لا يفهموا ويكتفوا بالطرب. اختار حِلمي «الكولة»، وبدأ في توظيفها لتحِل ضيفًا مُرحّبًا به على فِرق المُطربين الشعبيين، محمد أبو دراع، وجمالات شيحة، وفاطمة سرحان، ويوسف شِتا، وتُرافق أغانيهم في الأفراح الشعبية، وهي ما تزال في رحلة تطوُرها بواسطة الفتى الواعِد ذي الاثنا عشرة عامًا، لينقلها لمُصاحبة أنغام محمد الموجي، وبليغ حمدي، وعمّار الشريعي، وحسن أبو السعود (مع الاحتفاظ لهم بلقب «الموسيقار» عن جدارة واستحقاق)، وعُضو أساسي في فِرق المُطربيْن علي الحجّار، ومحمد منير، بانتماءهما إلى مدرستين من الموسيقى مُختلفتين تمامًا، تجمعهُما «الكولة» وعزف صديقها الوفيّ.
الدُفعة الزكيّة
كان مسرح «السامر» بحلول موعد التجنيد الإجباريّ لحلمي في أواخر السبعينات على موعد مع مأزق؛ فالشاب الصغير كان مسؤول كافة شؤون الموسيقى في مسرحية غنائية كُبرى باسم «عاشق المدّاحين»، يُشارك فيها أشهر المطربين الشعبيين آنذاك، لينضم عبدالله حلمي إلى «موسيقات الجيش» ويجِد أن بانتظاره هُنالك كوكبة من الموسيقيين من بينهم جمال سلامة وحسن شرارة وهاني شاكر ومحمد منير وعلي الحجار، لتتشارك هذه «الدُفعة الزكيّة» في جعل فترة التجنيد تلك نعيمًا على زملائهم في الدُفعة، وفترة «تلاحُم» بين زُملاء الموسيقى أولئك، وخطوة أولى في علاقة حِلمي بعلي الحجار إذ غنّى «على قد ما حبينا» في الجيش بمُصاحبته، وعلاقته بمُنير الذي اعتاد أن يُبكي «الدُفعة» على ألحان «يامّه».
لم تتوقف علاقة عبدالله حِلمي بمُنير عند هذه النُقطة، فبالرغم من رحلةٍ مُستقطعة إلى باريس مُدتها سبع سنوات قضاها «العازف الدرويش» في مدينة الجن والملائكة، اختبر فيها ولع الجمهور الفرنسيّ بالفن الذي يُقدِمه، وغلبه الشوق بعدها للعودِ والاستقرار بمصر والزواج وإنجاب «خالد وعِصام»، إلا أن حِلمي جاب مع منير العالم ولا زال يفعل في رحلات لعُشاق فنه على مستوى العالم، والمهاويس بموسيقاه.
يصنع الـ«كَولَة» بنفسه
حِلمي، الذي أصبحت الكولة جزءًا من روتينه اليوميّ، حتى أنك لتلاحظه وهو يتحدث يُحرك أصابع يديه وكأنما يُداعب ثقوب كَوَلته حتى في غير وقت العزف، لم يتوقف فقط عند حدود العزف، بل قرر أن يدقق في اختيار عُقلاتها، ويصطفيها من بين عشرات العُقل، في طقسٍ يليق بعازف الكوَلة الأول في مصر والوطن العربي.
ففي بيت صانع نايات بسيط بالمنوفيّة، على حصيرٍ أمام الدار، يجلس الاثنين، عبدالله وعم جميل، يقومان بانتقاء العُقل، من المساء حتى الفجر، لصُنع كوَلة واحدة تصلُح لحمل «عفقات» عبدالله وإحساسه.
أستاذًا ومُعلمًا
بغرض تعليم عزف «الكولة» لأجيال جديدة، فإن عبدالله ضمن مسيرة مُطوّلة لرد جمايل الكولة، يُشارك صديق العُمر، علي الحجار، في مشروع لتعليم فنون الموسيقى والعزف والغناء وتلاوة القرآن، وفيها يقوم عبدالله حلمي على تدريب صف «الكولة» لكُل الراغبين في «شُرب» صنعتها وفهم تقنياتها وسرّها، حد تعبير حلمي.
غير أن أول الناهلين من نبع «الكولة» عند عبدالله هما أولاده «خالد» و«عصام»، الذيْن يدرسان كليهما الموسيقى، وينتويان احتراف العزف، ويعلمهما هو بالطريقة المُثلى كما يراها، أن يُلقي لهما من الحين للآخر بتقنية، أو جملة موسيقية، ثم يعود لهما بعد فترة فيرى إذا ما كانا قد استوعباها تمامًا، وشرِبا ما بها من تفصيلاتٍ تمامًا.
الألبوم الجديد
لغرض ريّ تعطش «السميعة» لموسيقى الكولة، فإن ألبومًا يحمل إمضاء حلمي، بالتعاون مع أحمد الحجار موزعًا موسيقيًا، متوفّر بالأسواق حاليًا، بعنوان «حوار»، يظهر على غُلافه وكأنما نُقش بمصاحبة الكولة على أحد جُدران المعابد الفرعونيّة.
محمد منير _ الليله يا سمرا _ (ناى عبد الله حلمى) من برنامج كوك ستوديو
https://soundcloud.com/ahmed-zidan-10/n0xsviul1drj
عبدالله حلمى - ساعة حظ | Abdalla Helmy - sa3et 7azz
https://soundcloud.com/rababa-online/abdalla-helmy-sa3et-7azz
الجمعة فبراير 16, 2024 4:12 am من طرف