[size=35][rtl]وأفضل الأنبياء وءاخرهم هو محُمّد صلى الله عليه وسلم والدليل على أنه أفضل الأنبياء قوله تعالى : ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس﴾ .....الآية وإذا كانت أمته خير الأمم فيكون هو خيرَ الأنبياءِ.[/rtl][/size]
[size=35][rtl]وليعلم أن الأنبياء أفضل من الأولياء وأفضل من الملائكة قال الله تعالى بعد ذكر جملةٍ من الأنبياء :﴿وكلاً فضلنا على العالمين﴾ والعالَـمون يشمل الجن والإنس والملائكة. وقد جاء كلُ الأنبياء بدين واحدٍ هو الإسلام قال تعالى : ﴿إن الدين عند الله الإسلام﴾ وقال تعالى : ﴿ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين﴾ وقال تعالى : ﴿هو سماكم المسلمين من قبل﴾ وقال تعالى : ﴿ما كان إبراهيمُ يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين﴾ وقال تعالى : ﴿فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريونَ نحنُ أنصارُ الله ءامنا بالله واشهد بأنا مسلمون﴾. وروى البخاري أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "الأنبياء إخوة لعلات دينهم واحدٌ وأمهاتهم شتى" معناه دينهم هو الإسلام فكلُ الأنبياء جاءوا بعقيدةٍ واحدةٍ في حق الله وهي عقيدة لا إله إلا الله قال عليه الصلاة والسلام : أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له. والإخوة في اللغة إخوة أشقاء أو إخوة أخياف أو إخوة لعلات ومعنى إخوة لعلات : الذين أبوهم واحد لكن أمهاتهم مختلفة، وهذا التشبيه الذي ذكره الرسول معناه أن كل الأنبياء كالأخوة الذين أبوهم واحد وذلك لأن دينهم واحد وهو الإسلام وإنما الفرق بينهم في الشريعة التي هي الفروع العملية كالزكاة والصلاة ونحو ذلك ، ففي شريعة ءادم كان يجوز للأخ أن يتزوج أخته من البطن الآخر وكان الزنى في شريعته إذا نكح الأخ أخته التي هي من نفس البطن ثم حُرم زواج الأخِ أختهُ من البطن الآخر في شريعة شيث، وكان في شريعة ءادم فرضية صلاة واحدة ثم في شريعة أنبياء بني إسرائيل فرضية صلاتين ثم في شريعة سيدنا محمد التي هي أحسن الشرائع وأيسرها فرضية خمس صلوات في اليوم والليلة، وهذا التغير في الشريعة على حسب ما تقتضيه الحكمةُ والله أعلم بمصالح الناس من أنفسهم. ومن هذا يتبين الغلط الشنيع في قول بعض الناس الأديان السماوية الثلاث فإنه لا دينَ صحيح إلا الإسلام وهو الدين السماوي الوحيد. وأما النصارى الذين ذكروا في القرءان على سبيل المدح في ءاية : ﴿إن الذين هادوا والنصارى والصابئين من ءامن بالله واليوم الآخر﴾....الآية فهم المسلمون الذين نصروا عيسى واتبعوه على دين الإسلام وأما اليهود المذكورون فهم المسلمون الذين كانوا هادوا أي تابوا ورجعوا عما حصل منهم بعد مخالفتهم موسى وهارون قالوا هُدنا أي تبنا ورجعنا. وسببُ تسميةِ الذين كفروا بعد ذلك من اليهود و النصارى بأهل الكتاب لأنهم ينتسبون للتوراة والإنجيل انتساباً ولا يؤمنون بالتوراة والإنجيل الأصليين فلا يجوزُ تسميتهم مؤمنين والدليل على ذلك قوله تعالى : ﴿قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ماتعملون﴾ وقوله تعالى : ﴿ولو ءامن أهل الكتاب لكان خيراً لهم﴾ وقوله تعالى : ﴿ولو أن أهل الكتاب ءامنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم﴾ معناه أنهم ليسوا مؤمنين وأما قول الله تعالى : ﴿إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية﴾ فـ "من" هنا ليست للتبعيض إنما هي بيانية معناهُ : كلهم كفروا.[/rtl][/size]
[size=35][rtl]ويجِبُ اعْتَقادُ أنَّ كُلَ نَبيٍّ مِن أنْبِياءِ اللهِ يَجِبُ أنْ يَكونَ مُتَّصَفِاً بالصِّدْقِ والأمانة والفَطانَةِ فَيَسْتِحيلُ علَيْهم الكَذِبُ والخِيانَةُ والرّذالَةُ والسّفاهَةُ والبَلادَةُ والجُبْنُ وكُلُّ ما يُنَفِّرُ عَن قَبولِ الدَّعْوَةِ مِنْهُم.[/rtl][/size]
[size=35][rtl]الأنبياء يَجِبُ لِكُلٍّ مِنْهُم أنْ يَكونَ بِهَذِه الأخْلاق وَهِيَ الصِّدْقُ فَيَسْتَحيلُ عَلَيْهِمُ الكَذَب لأنَّ ذَلِكَ نَقْصٌ يُنافِي مَنْصِبَ النُّبُوَّة.[/rtl][/size]
[size=35][rtl]الكَذِب : الكَلامُ بِخِلافِ الواقِع مَعَ العِلْمِ. الكَذِب لا يَحْصُل مِنَ الأنْبِياء لا في شَيْءٍ حَقير ولا جَليل، لا يَحْصُل مِنْهُم أي نَوْع مِن أنْواعِ الكَذِب، حَتّى الكَذِبُ الذي يَجوزُ لَنا أنْ نَكْذِبَهُ لا يَحْصُلُ مِنْهُم.[/rtl][/size]
[size=35][rtl]الكَذَب حَرام في حُكْمِ الشَّرْعِ لَكِن يوجَد أحْوال يَجوزُ الكَذِبُ فيها، كالكَذِبِ للخَلاصِ مِنَ الظُّلْمِ، كانْ يأتي شَخْصٌ ظالِم لِعِنْدكَ ويسألَكَ أنْتَ فُلان فَتَقول "لا لَسْتُ فُلاناً" وأنْتَ تَعْلَم أنَّهُ قادِم لِيَظْلِمَكَ، فَهذا اسْمُهُ كَذِب لَكِن هُنا جائِز لِدَفَعِ الظُّلْمِ. الأنْبِياء يَسْتَحيلُ عَلَيْهِم كُل أنْواع الكَذِب، لأنَّهُ إذا وَقَعَ النَّبِيُّ في كَذِبٍ يَكونُ ذَلِكَ عائِقاً في سَبيلِ الدَّعْوَة، وهذا مُسْتَحيل على الأنْبِياء، فَقَد يَقولُ لَهُ بَعْضُ النّاسِ سَبَقَ وجَرَّبْنا عَلَيْكَ الكَذِب فَكَيْفَ نُصَدِّقُكَ الآن فيما تَدَّعي، لِذَلِكَ عُصِمَ وحُفِظَ الأنْبِياء مِنَ الكَذِب قَبْلَ النُّبَوَّة وبَعْدها.[/rtl][/size]
[size=35][rtl]وأمّا قَوْلُ إبْراهيمَ عَلَيْهِ السّلام عَنْ زَوْجِتِهِ سَارَة "إنَّها أخْتي" وَهِيَ لَيْسَت أخْتَهُ فِي النَّسَبِ فَكان لأنَّها أُخْتُهُ في الدّين فَهُوَ لَيْسَ كَذِباً مِن حَيْثُ الباطِنُ والحَقِيقَةُ إنَّما هُوَ صِدْقٌ. سَيِّدُنا إبْراهيم ما حَصَلَ مِنهُ كَذَب بالـمَرَّة كَسائِر الأنْبِياء. كانَ يوجَد مَلِك إذا عَرَفَ أنَّ إنْساناً مُتَزَوِّجاً يُؤذيهِ ويَظْلِمُهُ في ذَلِكَ، فَرأى ذَلِكَ الـمَلِكُ الجَبّار سارَة زَوجَة إبراهيم عَلَيْهِ السَّلام، فَقالَ لَهُ مِن هَذِهِ، فقالَ هَذِهِ أخْتي، قالَ اللهُ تَعالى ﴿إنَّما الـمُؤْمِنُونَ إخْوَة﴾مَعناهُ الـمُسْلِم أخو الـمُسْلِم والـمُؤِمن أخو الـمُؤِمن، فَسَيِّدنا إبْراهيم أرادَ بِقَوْلِهِ "إنَّها أخْتي" أي أخْتي في الإسْلام، وذاكَ الـمَلِك الظَّالِم فَهِمَ أخْتي في النَّسَب، وهَذِهِ تُسَمّى تَوْرِيَةً صَحيحَة.[/rtl][/size]
[size=35][rtl]فائِدَة : توجَد تَوْريَة فاسِدَة وتَوْرِيَة صَحيحَة. التَّوْرِيَة الصَّحيحَة أنْ يَقولَ الشَّخْصُ لَفْظاً لَهُ أكْثَرُ مِن مَعْنىً يَقْصِدُ هُوَ مَعْنى وغَيْرُهُ قَد يَفْهَم مَعْنى غَيْرَهُ، عادَةً هُوَ يَقْصِدُ الـمَعْنى البَعيد والسَّامِعُ يَفْهَمُ الـمَعْنى القَريب. الـمَعْنى القَريب في كَلِمَة "أخْتي" النَّسَب وأمّا الـمَعْنى البَعيد الذي أرادَهُ إبْراهِيم عَلَيْهِ السَلام هُوَ أنَّها أخْتي في الإسْلام.[/rtl][/size]
[size=35][rtl]وَكَذَلِكَ وَرَدَ فِي أمْرِ إبْراهِيمَ فِي القُرْءانِ الكَريمِ أنَّهُ قال ﴿بَلْ فَعَلَها كَبِيرُهُمْ هَذَا فَسْئَلُوهُمْ إن كَانُوا يَنْطِقُون﴾ سورَة الأنْبِياء. وَلَيْسَ هَذا كَذِبًا حَقِيقِيًّا بَلْ هَذا صِدْقٌ مِنْ حَيْثُ البَاطِنُ والحَقِيقَةُ لأنَّ كَبِيرَ الأصْنامِ هُوَ الّذي حَمَلَهُ عَلى الفَتْكِ بِهِم أي الأصْنامِ الأخْرى مِن شِدَّةِ اغْتياظِهِ مِنْهُ لِمُبالَغَتِهِم فِي تَعْظِيمِهِ بِتَجْميلِ هَيْئَتِهِ وَصُورَتِهِ فَحَمَلَهُ ذَلِكَ عَلى أنْ يُكَسِّرَ الصِّغارَ وَيُهينَ الكَبيرَ فَيَكونُ إسنادُ الفِعْلِ إلى الكَبيرِ إسْناداً مَجازِيًا فَلا كَذِبَ في ذَلِكَ أيْ هُوَ فِي الحَقِيقَةِ لَيْسَ كَذِبًا.[/rtl][/size]
[size=35][rtl]سَيِّدنا إبْراهِيم حِينَ حَطَّمَ الأصْنامَ الصِّغار وأهانَ الصَّنَم الكَبير جاءَ قَوْمُهُ يَسْألون مَن فَعَلَ هذا، فَجاءَ في القُرْءان الكَريم حِكايَةً عَنْهُ "فَعَلَهُ كَبيرُهُم هذا"، وهَذِهِ لَها عِدَّة وُجُوه في التَّفْسير مِنها أنَّه بِسَبَبِ عِبادَتِكُم لِهَذِهِ الأصْنام وتَعْظيمِكُم لِهذا الكَبير دَفَعْني ذَلِكَ إلى تَحْطيمِ الصِّغار وإهانَة هَذا الصَّنَم الكَبير. وقالَ بَعْضُهُم ﴿بَل فَعَلَها كَبيرُهُم هذا فَسْئَلُوهُمْ إن كَانُوا يَنْطِقُون﴾ مَعْناهُ إن كانوا يَنْطِقون فَعَلَهُ الكَبير ولَكِن هُم لا يَنْطِقون فإذاً لَم يَفْعَلْهُ الكَبير. وفي جَميع الأحْوال إبْراهيم عَلَيْهِ السَلام كانَ صادِقاً فيما أرادَهُ وفي العِبارةِ الّتي قالَها على الـمَعْنى الذي أراد. فَهَذِهِ تَوْرِيَة صَحيحَة لأنَّهُ سَيَتَبادَر إلى ذِهْنِ السَّامِعين الذينَ لا يَعْلَمون أنَّهُ يَنْسُب هذا الفِعْل إلى الكَبير ظاهِراً. وأمّا حَديثُ "كَذَبَ إبْراهيمُ ثَلاثَ كَذَباتٍ" فَقَد اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بَعْضُ العُلَماءِ وَأَوَّلَهُ بَعْضُهُم. هذا الحَديث اعْتَرَضَ عَلَيْهِ العُلَماء فَلَيْسَ كُل ما وَرَدَ في صَحيحِ البُخاري لَم يَعْتَرِض عَلَيْهِ الحُفَّاظ. وهذا الحَديث فيهِ أنَّ إبْراهيمَ كَذَبَ ثلاث كَذبات، والعُلَماء الذينَ أوَّلوه قالوا على مَعْنى التَّوْرِيَة، أي في ظَنِّ من يَسْمَع وهُوَ لا يَعَلَم الحَقيقَة قَد يَظُنُّ أنَّ ذَلِكَ كَذِب، وبَعْض العُلَماء اعْتَرضوا على ظاهِر لَفْظ هذا الحَديث. كالرّازِيُّ في تَفْسيرِه، أي مِنَ الذينَ اعْتَرَضوا على الحَديث. قالَ في الفَتْحِ (أي الحافِظ بنَ حَجَر فَتْحِ الباري في شَرْحِ صَحيح البُخاري) فِي شَرْح بابِ قَوْلِ اللهِ تعالى "وَاتَّخَذَ اللهُ إبْراهِيمَ خَلِيلاً" وَأمّا إطْلاقُهُ الكَذِبَ عَلى الأمور الثَّلاثَةِ فَلِكَوْنِهِ قالَ قَوْلاً يَعْتَقِدُهُ السَّامِعُ (أي الجاهِلَ بالحَقيقَة) كَذِبًا لَكِنَّهُ إذا حَقَّقَ لَم يَكُن كَذِبًا لأنَّهُ مْن بابِ الـمَعاريضِ الـمُحْتَمِلَةِ لِلأمْرَيْن ا.هـ (أي الألْفاظ التي تَحْتَمِل أكْثَر مِن مَعْنى). قالَ الرّازِيُّ في عِصْمَةِ الأنْبِياءِ فإنْ قُلْتَ رُوِيَ عَنْ رَسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أنَّهُ قال "ما كَذَبَ إبْراهِيمُ إلّا ثَلاثَ كَذَباتٍ قَوْلُهُ إنّي سَقِيم وَقَوْلُهُ بَل فَعَلَهُ كَبيرُهُم هَذا وَقَوْلُهُ لِسارَّة إنَّها أخْتي" قُلْتُ هذا مِن أخْبارِ الآحادِ فَلا يُعارِضُ الدَّليلَ القَطْعِيَّ الّذِي ذَكَرْناهُ ثُمَّ إنْ صَحَّ حُمِلَ على ما يَكونُ ظاهِرُهُ الكَذِب ا.هـ قَوْل سَيِدِنا إبْراهِيم "إنّي سَقيم" فَهُوَ قَوْلٌ كان َيَقولُهُ عِنْدَما يَظْهَر نَجْمٌ يَعْبُدُهُ بَعْضُ قَوْمِه. قَالَ بَعْضُ العُلَماء قَوله "إنّي سَقيم" مَعْناهُ قَلْبي مَريضٌ مِن عِبادَتِكُم لِهذا النَّجْم، فَهَذِهِ تَوْرِيَةٌ صَحيحَة. وقالَ بَعْضُ العُلَماء قَولُهُ "إنّي سَقيم" صَحيح لأنّهُ كانَ إذا ظَهَرَ هذا النَجْمُ الذي يَعْبُدُهُ قَوْمُه يَعْتَريهِ مَرَض حُمّى، فكانَ قَوْله على ظاهِرِهِ. وكِلا التَّفْسيرين صَحيح وكِلاهُما يَدُل على أنَّهُ لا يَقَع مِنهُ كَذِب. مَثَلاً إذا ذَهَبَ شّخْصٌ إلى رَجُلٍ لا يَحْتاطُ للَّحْمِ وقَدَّمَ إلَيْهِ لَحْماً شَكَّ في أمْرِهِ هَل ذُبِحَ أمْ لا، فقالَ لَهُ كُل، فأجاب أنا مَريض، فَهَذِهِ تَوْرِيَة صَحيحَة، لأنَّ مَعْنى "أنا مَريض" أي قَلبي مَريضٌ مِن أكْلِ هذا اللّحْمِ لِشَكِّي فيه. فَبِهذا يَكون خَلَصَ بِلَفْظٍ صَحيح الـمَعْنى وما فيهِ كَذِب.[/rtl][/size]
[size=35][rtl]فائِدِة : اللَّحْم الذي شُكَّ فيه هَل هُوَ مَذْبوح أم لا هُوَ لَحْمٌ فاسِد باطِل، في كِتابِ الفُروق للقَرافي ذَكَر أنَّ هذا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. تَحْريم أكْل لَحْم شُكَّ فيه مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، أمّا الجِلْد العُلَماء قالوا لَيْسَ مُشَدَّد فيه، فإذا أرَادَ الشَّخْصُ أنْ يَشْتَري مَلْبوسات من جِلْد لَيْسَ فَرْضاً عَلَيْهِ أن يَسْأل عَنْها، أمَّا ما يَصِلُ إلى جَوْفِهِ مِن نَحْوِ اللّحْمِ فَهذا مُشَدَّدٌ فيهِ. لَيْسَ شَرْطاً أنْ يُذْكَر اسمُ الله عِنْدَ الذَبْح، وَرَدَ في حَديث أنَّ عائِشَة قالَت "يا رَسولَ الله إنَّ أُناساً حَديثي عَهْدٍ بِكُفْرٍ"، أي حَديثي عَهْدٍ بالإسْلام أي تركوا الكفر من زمن قريب، "يأتونَنا بِلُحمانٍ لا نَدْري أذُكِرَ اسمُ الله عَلَيْها أم لا"، أي أناس أسْلَموا مِن جَديد وهُم يَذْبَحونَ ذَبْحاً ولا تَدْري هَل ذْكُروا اسْمَ الله عَلَيها أم لا عِنْدَ الذَبْحِ، فَقالَ رَسولُ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم "سَمّوا اللهَ وكُلوا"، أي قولوا بِسْمِ الله وكُلوا لأنّهُ لَيْسَ هُناكَ شَك في الذَبْحِ. اغْلَب النّاس مِن شِدَّةِ الجَهْلِ يَقولون "قُل بِسمِ الله وكُل" بِما فيهِم بَعْض الذينَ يَدَّعونَ الـمَشْيَخَة يَسْتَدِلّونَ بِهذا الحَديث على أنَّهُ إذا شَكَكْتَ باللَّحْمِ قُل بِسْمِ الله وكُل.[/rtl][/size]
[size=35][rtl]وَالأمانَة، فَيَسْتَحيلُ عَلَيْهِمُ الخِيانَة فَلا يَكْذِبونَ عَلى النّاسِ إن طَلَبوا مِنْهُم النَّصِيحة ولا يَأكُلونَ أمْوالَ النّاسِ بالباطِلِ الأنْبياء لا يَخونونَ في القَوْلِ والفِعْلِ ولا بالحال، وإذا وُضِعَت عِنْدَهُم أمانَات فَهَذِهِ الأمانات تَكون مَحْفوظَة، وإذا كانَ لِناسٍ عَلَيهِم مال يَرُدُّونَ هذا المال لَهُم.[/rtl][/size]
[size=35][rtl]وَالفَطانَة، فَكُلُّ الأنْبياءِ أذْكياءُ يَسْتَحيلُ عَلَيْهِمُ الغَبَاوَةُ أيْ أنْ يكونوا ضُعفاءَ الأفْهام لأنَّ الغَباوَةَ تُنافِي مَنْصِبَهُم لأنَّهُم لَو كانُوا أغْبياءَ لَنَفَرَ مِنْهُم النّاس لِغَباوَتِهِم واللُه حَكيمٌ لا يَجْعَلُ النُّبُوَّةَ والرِّسالَةَ في الأغْبِياءِ فإنَّهُم أُرْسِلوا لِيُبَلِّغوا النّاسَ مَصالِحَ ءاخِرَتِهِم وَدُنْياهُم والبَلادَةُ تُنافِي هَذا الـمَطْلوبَ مِنْهم. مِن شأنْ الغَبِيّ أنْ النّاس تَنْفِرُ مِنْهُ والأنْبِياء وَظيفَتُهُم إرْشاد وتَعْليم النَّاس مَصالِح الدّين والدُّنْيا لِذَلِكَ ما أرْسِلَ نَبِيّ يَتَّصِّف بالغَباوَة، كَذَلِكَ ما أرْسَلَ الله نَبِيّاً إلَا ويَكونُ هَذا النَّبِيّ مِن عِلِّيَةِ قَوْمِه لِيَكونَ ذَلِكَ أدْعى للقَبولِ مِنْهُ.َ[/rtl][/size]