الرئيسية
12-28-2017 07:44 AM
ربما شعر الرئيس السوداني ببعض الحرج وضيفه الزائر يرفع يده اليمنى أمام عدسات الكاميرات.. فعلها أردوغان غير مرة خلال زيارته الخرطوم حيث لوّح بشعار رابعة العدوية الذي يشير إلى المجزرة الدامية التي حدثت عقب انقلاب السيسي في مصر.. لكن التلويحة تُشير إلى حلف جديد بدأ يتشكل، وكُنا قد أشرنا من قبل لذلك.. أردوغان أشار بصراحة إلى أنهم طلبوا تخصيص جزيرة سواكن لبعض الوقت وأن البشير قد وافق على ذلك، ثم مضى أردوغان بذات الصراحة قائلاً "هنالك ملحق لن أتحدث عنه الآن".ما لم يتحدث عنه أردوغان كانت قد أشارت إليه وكالة الأناضول التركية.. قمة عسكرية تشمل رؤساء أركان السودان وتركيا وقطر.. ما يعضد الرواية أن رئيس الأركان القطري غانم الغانم زار السودان في ذات أيام انشغال الخرطوم بتفاصيل زيارة أردوغان.. بالطبع لم تصدر الخرطوم أي تأكيد أو نفي لقمة تحالف الآستانة الجديد.. لكن من المعروف أن أنقرة كانت قد قلبت المعادلات السياسية في الخليج حينما أرسلت عدداً كبيراً من جنودها لحراسة قطر التي أطبق عليها حصار ظالم من السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
قبل أسابيع كانت الحكومة السودانية تعرض على روسيا إقامة قواعد عسكرية في البحر الأحمر.. يبدو أن المكرمة السودانية لم تجد من يتحمس لها في موسكو.. الرئيس بوتين زار سوريا ومصر واقترب من الأجواء السودانية دون أن يلقي بتحية المجاملة.. قبل سنوات كانت ذات حكومتنا وفي غفلة من البرلمان ترسل جيوشنا للقتال في اليمن الذي كان سعيداً قبل أن تفتك به الفتن وتمزقه مصالح الدول الخارجية من طهران للرياض وحتى أبوظبي.
واحدة من مشكلات السودان اهتمامه بالأمن على ما سواه.. الميزانية الاتحادية المقترحة تخصص ثلاثة وعشرين مليار جنيه للأمن والدفاع ونحو خمسة مليارات جنيه فقط لقطاع التعليم.. ونصف ما يناله التعليم كان من نصيب الصحة .. لهذا كانت اتفاقيات التعاون العسكري الأكثر حضوراً خلال زيارة الرئيس التركي للخرطوم وذلك ما أشار اليه الرئيس التركي شخصياً وأكده وزير خارجيتنا إبراهيم الغندور.. لم تشر كل الاتفاقيات إلى إعفاء الدين التركي أو منح مالية أو حتى قروض إسعافية.. تفاصيل المشروعات تركت للقطاع الخاص في البلدين.
في تقديري يخطئ السودان إن تعجل الانخراط في حلف جديد في هذا التوقيت.. تركيا تملك حماساً للعب دور سياسي كبير في المنطقة.. أردوغان يقدم نفسه لإمامة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.. أحلام تركيا يسندها اقتصاد قوي ومكانة دبلوماسية راسخة .. كل التصرفات التركية محسوبة برشد وعقلانية.. تتدهور العلاقات مع إسرائيل ولكنها لا تصل مرحلة قطع شعرة معاوية.. يتم انتقاد السياسة الأمريكية بعنف ولكن تركيا عضو فاعل في حلف الناتو.. الخرطوم ليست أنقرة.. الشعب يكابد من أجل لقمة العيش.. تعقيدات كثيرة على المشهد السوداني تجعلنا نمد أرجلنا على قدر لحافنا البائس.
بصراحة.. الوقت ليس مناسباً للقفز من المحور الخليجي المحافظ .. هذا المحور الآن الأقرب لقلب أمريكا.. معركتنا الكبيرة تكمن في الخروج من القوائم الأمريكية التي تنعت بلدنا بالإرهاب وتفرض عليه العزلة.. أي استفزاز للدول الشقيقة مثل السعودية أو مصر سيعيدنا لمربع المواجهة.
الظافر (الصيحة )
الإثنين مايو 27, 2024 10:25 pm من طرف