[rtl][size=36]وقفة مع المكان والمكانة والمسمى [/size][/rtl] | ||
| ||
[rtl]تحتل القدس مكانة مرموقة عند كل أصحاب الديانات، فهي عند المسلمين أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي عليه الصلاة والسلام، وهي عند النصارى مهد المسيح ومكان مولده، وهي عند اليهود المكان الذي عاش فيه ملكهم وبني فيه هيكلهم، وإليها سيعود المسيح حتى يقودهم إلى سيادة العالم– على حد زعمهم – وهي في نفس الوقت ذات طبيعة تجعل كل من يريد ملكا ومالاً يطمع فيها. وهذه إطلالة على مكان ومكانة ومسمى المدينة المقدسة.[/rtl] [rtl]أولا : الموقع والمساحة [/rtl] [rtl]تقع القدس على خط عرض 31.52 درجة شمالاً، وعلى خط طول 35.13 درجة شرق غرينتش، وتقع على هضبة ممتدة جنوب السلسلة الجبلية الفلسطينية على ارتفاع 750 مترًا فوق سطح البحر المتوسط وتبعد عنه 33 ميلاً، وعلى ارتفاع 1150 مترًا فوق سطح البحر الميت وتبعد عنه 15 ميلاً، وتنحصر المدينة بين تلين مستطيلين يسيران متوازيين من الشمال إلى الجنوب وسط هضبة اليهودية الوسطى، ولها أربع قمم أولها في الشمال الغربي وتسمة قمة أكرا وارتفاعها 790م، والغربية صهيون 777م، وفي الشرق قمة سوريا 744م أما في الشمال الشرقي فتقع صخرة بزيتا، وهي استمرار للتل الشرقي نحول الشمال.[/rtl] [rtl]وأثر هذا الموقع على مناخ مدينة القدس حيث يكثر المطر في أكتوبر وحتى مايو، ويندر بين سبتمبر ويونيو، ومتوسطه السنوي 25.5 بوصة، وبالقدس 18 مرصدًا لتسجيل الأمطار، وكثيرًا ما يتساقط الجليد من ديسمبر حتى مارس، ويندر في أبريل، ويتكون بكثرة في يناير ليلاً، لكنه يذوب نهارًا، والمدى الحراري من 25 ـ 102ف، ومتوسط درجة الحرارة في يوليو (الصيف) 77 ف وفي يناير 43 ف، ومدى الرطوبة الجوية كبير وفي الربيع والخريف تهب رياح السيردكو، التي تنفذ للمدينة المقدسة من الفتحة الجنوبية الشرقية آتية من صحراء موآب في الجنوب، وتسود الرياح الشمالية الغربية الجافة. لكن نسيم البحر يجلب معه الرطوبة إليها.[/rtl] [rtl]وقدرت مساحة المدينة سنة 1945 بحوالي 19 كيلو مترًا مربعًا.[/rtl] [rtl]وكان العرب يمتلكون منها قبل ـ 1948م ـ 88.5% من المساحة الكلية للمدينة، واليهود 11.5% فقط من القدس القديمة، وفي المدينة الجديدة كان للعرب 53.8% من المساحة ولليهود 26.1% وللحكومة الإنجليزية 2.9% ونسبة 17.1% طرق وميادين عامة وسكك حديدية.[/rtl] [rtl]ثانيًا : مكانة القدس[/rtl] [rtl]لم تحظ مدينة من المدن ولا مصر من الأمصار في العالم كله بما حظيت به مدينة القدس من المكانة العالية في نفوس كل أجناس البشر، فهي مدينة جمعت آثارًا مقدسة منذ أربعة آلاف سنة، وهذه الآثار كان لكل جنس من الأجناس حكاية مع أثر أو أكثر منها.[/rtl] [rtl]وتتناول في عجالة مكانة القدس عند كل من المسيحيين واليهود ثم عند المسلمين.[/rtl] [rtl]أولاً ـ عند المسيحيين:[/rtl] [rtl]للقدس مكانة مرموقة عند المسيحيين، فهي المكان الذي يحجون إليه، وبها ولد السيد المسيح، ولهم بها ارتباط روحي عال جدًا فقد عاش المسيحيون فيها منذ قرون عديدة تعود إلى زمن السيد المسيح فعندهم ما يسمى بدرب الآلام وهو مقدس عند كل الطوائف المسيحية لاعتقادهم أن السيد المسيح قد صار فيه حاملا صليبه عندما اقتاده الجنود الرومان لصلبه تنفيذًا لأوامر الوالي الروماني بيلاطس.[/rtl] [rtl]ويقودل د. ميخائيل مكسي إسكندر في كتابه (القدس وبيت لحم) .. دراسة جغرافية وتاريخية وأثرية يقول : (وقد تعرضوا ـ أي المسيحيين للمتاعب الكثيرة هناك ولا سيما من اليهود ومن غيرهم، وقد اغتصب الصليبيون – في الغزو الأوروبي لبيت المقدس – أملاك المسيحين العرب وكنائسهم، إلى أن أرجعها لهم القائد العربي صلاح الدين الأيوبي، الذي وثق في أمانتهم وأعطاهم دير السلطان، وكانت شئونهم الروحية تدار بمعرفة المطرانية السريانية، إلى أن تم رسامة أول مطران قبطي للقدس وتخومها سنة 1236م).[/rtl] [rtl]ومن ممتلكات الأقباط بالقدس :[/rtl] [rtl]1 ـ دير السلطان وبه كنيستا الملاك، والأربعة كائنات الروحية الغير متجسدة.[/rtl] [rtl]2 ـ دير أنبا أنطونيوس، شمال شرقي كنيسة القيامة، وبه كنيستان باسم القديسين أنطونيوس وهيلانة.[/rtl] [rtl]3 ـ دير مارجرجس بحارة الموارنة قرب باب الخليل.[/rtl] [rtl]4 ـ خان الأقباط للحج منذ عام 1829 في حارة النصارى.[/rtl] [rtl]5 ـ كنيسة العذراء بالجثيمانية (بجبل الزيتون).[/rtl] [rtl]6 ـ هيكل على جبل الزيتون.[/rtl] [rtl]7 ـ كنيسة باسم ماريوحنا، خارج كنيسة القيامة.[/rtl] [rtl]8 ـ هيكل باسم الملاك ميخائيل ملاصق للقبر المقدس من الغرب.[/rtl] [rtl]هذه الأملاك في مدينة القدس فقط وتوجد لهم أملاك أخرى خارج المدينة ليس هنا مكان ذكرها لالتزامنا بمنهج الدراسة.[/rtl] [rtl]ثانيا : عند اليهود :[/rtl] [rtl]ينقسم اليهود في مشاعرهم تجاه القدس إلى قسمين: الأول منهما يرى أنها مدينة عادية، بل ويمكن الاستغناء عنها بأخرى ومن هؤلاء زعيم الصهيونية نفسه تيودر هرتزل، حيث من الثابت أنه قبل اقتراح السياسي البريطاني الكبير (تشمبولين) في إعطاء اليهود وطنا قوميا في أوغنده بوسط إفريقيا، لولا أن غلاة الصهيونية ثاروا عليه، بل واعتدوا على مساعده (ماكس نوارداو) بالرصاص، واتهموا هرتزل نفسه بالخيانة لولا أنه تراجع تماما عن موقفه فتراجعوا هم أيضا.[/rtl] [rtl]الفريق الآخر هم الغلاة منهم وهم يرفعون دائمًا أصواتهم ويترنمون بنص من المزامير (مزمور 137/605) والذي يقول : (إن نسيتك يا أورشليم فلتشل يميني، وليلتصق لساني بحنكي إن لم أذكرك، إن لم أرفع أورشليم على قمة ابتهاجي).[/rtl] [rtl]ولكن ومع ذلك فإن الجانبين لا مانع لديهم نهائيا أن يعتدوا على المدينة المقدسة بل يعتبرون القتل والذبح والتدمير فيها قربة إلى الله.[/rtl] [rtl]وأما أهم مقدسات اليهود في القدس :[/rtl] [rtl]فمن الثابت أنه ليس لليهود بالقدس سوى بعض الكُنس (مفردها كنيس) وهي حديثة البناء نسبيًا، وكذلك بعض القبور.[/rtl] [rtl]ويرجع تاريخ بناء أول كنيس إلى القرن الثامن عشر الميلادي، وجميعها يقع في الحي اليهودي بالقدس القديمة، وهو الحي المعروف بحارة اليهود، ومنها، قدس الأقداس، طبرت إسرائيل، توماتوراة، بيت إيل، مدراش، طابية، مزغاب لاوخ)).[/rtl] [rtl]ولليهود مقبرة خاصة بهم فيها أربعة قبور مميزة وهي : قبر النبي زكريا، وقبر يعقوب، وقبر أبشالوم، وقبر يهوشافاط.[/rtl] [rtl]أما بالنسبة لحائط المبكى الذي يقدسه اليهود، فالاعتقاد السائد الخارجي عندهم أنه البقية الباقية من سور أورشليم القديم، وأنه الحائط الخارجي للمعبد الذي رجمه هيردوس (18ق.م)، ودمر جانبًا منه تيطس (70م)، وأتى على ما تبقى منه هدرياتوس (135م)، ويقوم اليهود بزيارته وتقبيله وقراءة بعض النصوص التوراتية والتلمودية إلى جواره، وكذلك البكاء على مجدهم الضائع.[/rtl] [rtl]ثالثًا: عند المسلمين[/rtl] [rtl]ارتبط المسلمون بالقدس ارتباطًا وثيقًا وعقائديًا ظاهرًا، وذلك لما لها من المكانة في دينهم، ولحث النبي (صلى الله عليه وسلم) على الرباط فيها وتذكيره (صلى الله عليه وسلم) بفضائلها ومما جعل للقدس هذه المكانة في نفوس المسلمين عدة أمور منها:[/rtl] [rtl]1 ـ أنها مدينة الإسراء والمعراج، وهذه الذكرى لها حب وارتباط عاطفي شديد في قلوب المسلمين، حيث كانت تسرية عن نبيهم (صلى الله عليه وسلم)، والثانية أنها فرض فيها عليهم ركن من أركان دينهم وهو الصلاة، ولذا فهي تمثل جزءًا من عقيدة المسلمين.[/rtl] [rtl]2 ـ أنها أرض الأنبياء، والمسلمون يعتبرون أن ميراث كل الأنبياء هو ميراث لهم؛ لأن نبيهم هو النبي الخاتم، والإسلام حث المسلمين على أن يؤمنوا بهؤلاء الأنبياء السابقين لنبيهم، ولذا فكل مقدس عند أي ديانة أخرى أي خاص بنبي من الأنبياء هو مقدس كذلك عند المسلمين.[/rtl] [rtl]3 ـ القدس كانت قبلة المسلمين الأولى، والتي يتوجهون إليها وهم يعبدون ربهم.[/rtl] [rtl]4 ـ تبشير النبي (صلى الله عليه وسلم) بأن أرض القدس هي أرض الرباط إلى يوم القيامة فعن معاذ بن جبل (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (يا معاذ إن الله عز وجل سيفتح عليكم الشام من بعدي من العريش إلى الفرات. رجالهم ونساؤهم وإماؤهم مرابطون إلى يوم القيامة، فمن اختار منكم ساحلاً من سواحل الشام أو بيت المقدس فهو في جهاد إلى يوم القيامة).[/rtl] [rtl]وعن أبي إمامة الباهلي (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم، حتى يأتيهم أمر الله عز وجل وهم كذلك، قالوا يا رسول الله: وأين هم ؟ قال بيت المقدس وأكناف بيت المقدس).[/rtl] [rtl]5 ـ أن بيت المقدس هو أرض المحشر والمنشر، ففي حديث ميمونة بنت سعد مولاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قالت يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس؟ قال أرض المحشر والمنشر.[/rtl] [rtl]6 ـ القدس عاصمة الخلافة الإسلامية القادمة:[/rtl] [rtl]عن ابن عساكر عن يونس بن ميسرة بن حابس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( هذا الأمر (يعني الخلافة) كائن بعدي بالمدينة، ثم بالشام، ثم بالعراق ، ثم بالمدينة ثم ببت المقدس فإذا كان بيت المقدس فثمة عقر دارها، ولن يخرجها قوم فتعود إليهم أبدًا).[/rtl] [rtl]ولهذه الأمور فقد ارتبط المسلمون بالمدينة المقدسة أيما ارتباط.[/rtl] [rtl]وعن آثار المسلمين هناك :[/rtl] [rtl]1 ـ المسجد الأقصى.[/rtl] [rtl]2 ـ مسجد قبة الصخرة.[/rtl] [rtl]3 ـ حائط البراق[/rtl] [rtl]4 ـ فضلا عن أن كل أرض القدس هي مقدسة عن المسلمين.[/rtl] [rtl]5 ـ وبالإضافة إلى أن كل آثار الأنبياء قبل النبي صلى الله عليه وسلم هي مقدسة عند المسلمين كما سبق ذكره.[/rtl] [rtl]رابعًا: الأسماء القديمة للقدس:[/rtl] [rtl]تذكر معاجم الكتاب المقدس أقدم اسم للمدينة في (نصوص الطهارة) المصرية في القرن التاسع عشر قبل المسيح بصورة (يورشاليم) أو (أورشاليم) وقد يظن البعض أن (أورشاليم) اسم عبري، أو اسم اختاره العبريون لمدينة القدس، لكن الحقيقة المؤكدة على خلاف هذا تماما، فـ أورشاليم اسم كنعاني : من لغة كنعانية، واختاره لها الكنعانيون، ودخل عليه بعض التحريف على لسان العبرانيين، فهو في الأصل (أورسالم)، أي مدينة سالم، أو مدينة إله السلام، ولكن تحول السين إلى شين على لسان العبريين.[/rtl] [rtl]وقد أوردت آثار الأمم القديمة المكتشفة هذا الاسم بصور مختلفة، فالأواني المكتشفة من عهد سنوسرت الثالث (القرن 19 ق.م) تسميها (أورشاليموم)، ورسائل تل العمارنة (القرن 14 ق.م) تنطقها (يوروساليم) وأما مخطوطات سنحاريب الآشورية فقد أوردت اسم القدس هكذا : (يوروسليمو).[/rtl] [rtl]وقد سبق اسم (يبوس) إلى الوجود كل الأسماء التي حملتها المدينة، حيث نسبها البناة الأوائل إلى أنفسهم.[/rtl] [rtl]ومن الأسماء القديمة أيضا (القدس)، وقد ورد لدى المؤرخ والرحالة اليوناني الشهير هيرودوت (484 ـ 425 ق.م) هكذا : (قديتس).[/rtl] [rtl]وللقدس أسماء عديدة فهي : صهيون ، ومدينة داود ، وأريئيل، وموريا، وإيلياء وتنطق إيليا، ونادرا إليا، أو بيت المقدس، ولكل اسم من أسماء قصة وحكاية قلكثرة الغزاة على المدينة كثرت أسماؤها وتعددت فكل غاز كان يسميها باسم والجامع أو العامل المشترك بينهما هذه الأسماء أنها كلها مقدسة كل اسم كان مقدسا عند من أطلقوها وذلك دليل على مكانتها.[/rtl] |
[rtl][size=36]القدس… نبذة تاريخية(*) [/size][/rtl] | ||
[rtl] تعتبر مدينة القدس من أقدم المدن التاريخية في العالم، حيث يزيد عمرها عن (45) قرنًا، وهي مهد الديانات السماوية الثلاثة، اليهودية والنصرانية والإسلام. [/rtl] [rtl]وقد عرفت القدس بأسماء عديدة على مر العصور كان أهمها، يبوس، أورشاليم، إيليا كابتولينا، إيلياء، بيت المقدس، القدس، القدس الشريف . [/rtl] [rtl]يبوس هو الاسم الأقدم الذي عرفت به القدس قبل حوالي (4500) سنة، وذلك نسبة لليبوسيين الذين ينحدرون من بطون العرب الأوائل في الجزيرة العربية، ويعتبر اليبوسيون السكان الأصليون للقدس، فهم أول من سكنها حينما نزحوا إليها مع من نزح من القبائل العربية الكنعانية حوالي سنة (2500 ق.م)، حيث استولوا على التلال المشرفة على المدينة القديمة وبنوا قلعة حصينة على الرابية الجنوبية الشرقية من يبوس عرفت بحصن يبوس الذي يعرف بأقدم بناء في القدس، وذلك للدفاع عن المدينة وحمايتها من هجمات وغارات العبرانيين والمصريين (الفراعنة).[/rtl] [rtl]وكما اهتم اليبوسيون بتأمين حصنهم ومدينتهم بالمياه، فقد احتفروا قناة تحت الأرض لينقلوا بواسطتها مياه نبع جيحون (نبع العذراء) الواقع في وادي قدرون (المعروفة اليوم بعين سلوان) إلى داخل الحصن والمدينة . [/rtl] [rtl]كما عرفات القدس بأورشالم نسبة إلى الإله (شالم) إله السلام لدى الكنعانيين، حيث ورد ذكرها في الكتابات المصرية المعروفة بألواح تل العمارنة، والتي يعود تاريخها إلى القرنين التاسع عشر والثامن عشر قبل الميلاد. [/rtl] [rtl]وظلت يبوس بأيدي اليبوسيين والكنعانيين حتى احتلها النبي داود عليه السلام (1409ق.م)، فأطلق عليها اسم (مدينة داود)، واتخذها عاصمة له، ثم آلت من بعده لابنه الملك سليمان، وازدهرت في عهده ازدهارًا معماريًا كبيرًا، وفي هذه الحقبة سادت الديانة اليهودية في المدينة . [/rtl] [rtl]وفي سنة 586 ق.م دخلت القدس تحت الحكم الفارسي عندما احتلها نبوخذ نصر وقام بتدميرها ونقل السكان اليهود إلى بابل . [/rtl] [rtl]وبقيت القدس تحت الحكم الفارسي حتى احتلها الإسكندر المقدوني في سنة 332 ق.م. وقد امتازت القدس في العهد اليوناني بعدم الاستقرار خاصة بعد وفاة الإسكندر المقدوني حيث تتابعت الأزمات والخلافات بين البطالمة (نسبة إلى القائد بطليموس الذي أخذ مصر وأسس فيها دولة البطالمة) والسلوقيين (نسبة إلى القائد سلوقس الذي أخذ سورية، وأسس فيها دولة السلوقيين)، الذي حاول كل منهما السيطرة على المدينة وحكمها . [/rtl] [rtl]وفي سنة 63ق.م استطاع الرومان أن يحتلوا القدس على يدي قائدهم بومبي، وفي سنة 135 ميلادية قام الإمبراطور الروماني هادريانوس بتدمير القدس تدميرًا شاملاً، حيث أقام مكانها مستعمرة رومانية جديدة أسماها (إيليا كابتولينا).[/rtl] [rtl]وظلت تعرف القدس بإيليا أيضًا في العصر البيزنطي (330-636م)، ذلك العصر الذي اعترف فيه بالديانة المسيحية كديانة رسمية للإمبراطورية البيزنطية، عندما اعتنقها الإمبراطور قسطنطين، وفي عهده قامت أمه الملكة هيلانة ببناء كنيسة القيامة سنة 335 م . [/rtl] [rtl]وفي سنة 614م استولى الفرس للمرة الثانية على القدس وقاموا بتدمير معظم كنائسها وأديرتها، وظلت تحت الحكم الفارسي حتى استردها هرقل منهم سنة 627 م فظلت تحت الحكم البيزنطي حتى الفتح الإسلامي. [/rtl] [rtl]ولما كان الإسلام دينًا عالميًا لا يقتصر على العرب، فقد وقع على كاهل العرب والمسلمين نشره في كافة البلدان، فكانت الفتوحات الإسلامية وكانت فلسطين من أول البلدان التي سارت إليها الجيوش الإسلامية، وبعد هزيمة الروم في معركة اليرموك أصبح الأمر سهلاً بالنسبة للمسلمين للوصول إلى القدس وفتحها، وفي سنة 15 هجرية / 636 ميلادية دخل الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب القدس صلحًا، وأعطى لأهلها الآمان من خلال وثيقته التي عرفت بالعهدة العمرية . [/rtl] [rtl]وبقدوم المسلمين إلى القدس تبدأ حقبة جديدة في تاريخها، حيث توالت سلالات الخلافة الإسلامية على حكمها تباعًا، فحكمها بعد الخلفاء الراشدين: الأمويون، والعباسيون، والطولونيون، والأخشيديون، والفاطميون، والسلاجقة . [/rtl] [rtl]هذا وظلت تعرف القدس باسم إيلياء وبيت المقدس منذ الفتح العمري وحتى سنة 217 هجرية، عندما بدأت تعرف باسم القدس لأول مرة في التاريخ الإسلامي وذلك بعدما زارها الخليفة العباسي المأمون سنة 216 هجرية وأمر بعمل الترميمات اللازمة في قبة الصخرة المشرفة، وفي سنة 217هجرية قام المأمون بسك نقود حملت اسم (القدس) بدلاً من إيليا، ومن المحتمل أنه قام بذلك تأكيدًا لذكرى ترميماته التي أنجزها في قبة الصخرة [/rtl] [rtl]وعليه تكون القدس قد سميت بهذا الاسم منذ بداية القرن الثالث الهجري، وليس كما يعتقد البعض بأن ذلك يعود إلى نهاية الفترة المملوكية (القرن التاسع الهجري)، وتبلور فيما بعد حتى صار يعرف في الفترة العثمانية باسم (القدس الشريف). [/rtl] [rtl]وفي سنة 492هجرية / 1099 ميلادية احتل الصليبيون القدس وعاثوا فيها فسادًا وخرابًا دونما اكتراث لقدسيتها ومكانتها الدينية، فارتكبوا المجازر البشعة في ساحات الحرم الشريف، وقاموا بأعمال السلب والنهب وحولوا المسجد الأقصى إلى كنيسة ومكان لسكن فرسانهم ودنسوا الحرم الشريف بدوابهم وخيولهم حينما استخدموا الأروقة الموجودة تحت المسجد الأقصى والتي عرفت بعدهم بإسطبل سليمان، الأمر الذي يتناقض تناقضًا تامًا مع تسامح الإسلام الذي أكده وترجمه عمر بن الخطاب عندما دخل مدينة القدس .وما أن ظهر الحق وزال الباطل، حتى فتح الله على السلطان صلاح الدين الأيوبي بنصره على الصليبيين في معركة حطين سنة 583هجرية/ 1187 ميلادية، فحرر فلسطين وطهر القدس وخلصها من الصليبيين وردها إلى دار الإسلام والمسلمين . [/rtl] [rtl]وظلت القدس بأيدي المسلمين، تحكم وتدار من قبل السلالات الإسلامية التي جاءت بعد الأيوبيين، فكان المماليك والعثمانيون حتى سقطت بأيدي البريطانيين سنة 1917[/rtl] |
[rtl][size=36]القدس في عهد الكنعانيين و العبرانيين (966 ق.م) [/size][/rtl] | ||
| ||
[rtl]حديث الوثائق القديمة:[/rtl] [rtl]أقدم وثيقة محفوظة أوردت اسم “القدس” (أورسالم – أورشاليم) هي وثيقة مصرية ترجع إلى القرن التاسع عشر قبل الميلاد، حيث كان سنوسرت الثالث (1878 – 1843ق.م) يعد ملك “روشاليموم” أو “أوشاميم” عدوا له يستحق اللعنة في الطقوس الدينية.[/rtl] [rtl]وهناك وثائق أخرى ذات أهمية أكبر في هذا السياق، وهي رسائل تل العمارنة المصرية المكتوبة بالخط المسماري على ألواح عتيقة، وترجع في تاريخها إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد؛ أي إلى عصر أخناتون (1372 – 1354 ق.م). وقد اكتُشفت هذه الألواح سنة 1887م على يد فلاحة مصرية لم تعرف قيمتها، ونُقل ما نجا منها (حوالي 370 لوحا) إلى متاحف العالم في القاهرة وبرلين ولندن وبلجيكا وروسيا وإستانبول وباريس وغيرها!![/rtl] [rtl]وتكشف هذه الألواح عمومًا عن اضطراب الأجواء السياسية حينئذ في الإقليم الذي تتبعه القدس، فقد كثرت الشكاوى إلى الفرعون أخناتون من ظلم بعض أمرائه، وتعددت الثورات على هؤلاء الأمراء، كما اشتدت غارات قبائل البدو الساميين المسماة “خبيري” على الأملاك التابعة لفرعون مصر، وكثرت رسائل الأمراء في هذا الإقليم يطلبون النجدة من الفرعون أخناتون، فبعث إليهم بحملة أعادت الهدوء، وأدّبت الخارجين..[/rtl] [rtl]لكن العواصف السياسية اشتدت من جديد عقب عودة الحملة، فخرج بعض الأمراء على الفرعون، وتوغلت قبائل “خبيري” من جديد في الأماكن المأهولة والمدن المعمورة، حتى فرضوا الضرائب على مدن عديدة كـ “غزة” و”عسقلان”..[/rtl] [rtl]كان أمير أورشليم (القدس) حينئذ يُدعى “عبدي خيبا”، وقد تحالف مع بعض الأمراء المجاورين له لرد الغارات البدوية عن مناطق نفوذهم، لكنهم اختلفوا فيما بينهم، وهُزم “عبدي خيبا” أمام حلفائه السابقين وأمام البدو، وتقلصت المساحة التي يحكمها، حتى حوصر في “أورشليم”، وبعث إلى أخناتون برسائل الاستنجاد الحارة، حتى قال في إحداها: “إنهم الآن يحاولون الاستيلاء على يوروساليم، وإذا كانت هذه الأرض ملكا للملك، هل تترك يوروساليم تسقط؟!”. لكن سوء الأحوال في مصر ذاتها حال دون إنقاذ شرق البحر المتوسط من الخروج عن السيطرة المصرية.[/rtl] [rtl]كانت هذه بعض حلقات من تاريخ مدينة القدس العتيقة، لكنها ليست أقدم ما في هذا التاريخ، فالزمن التقريبي لنشأة القدس يرجع إلى حوالي ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد.[/rtl] [rtl] هجرات عربية إلى الأرض المباركة[/rtl] [rtl]اتفقت جميع الأمم والكتب القديمة والحديثة على أن فلسطين كلها كانت تسمى في القديم باسم “أرض كنعان”، واعترفت بذلك أسفار العهد القديم اليهودية، وحين نسأل: ومن كنعان هذا؟ سنجد الإجابة “ببساطة”: هم شعب سامي، نزح من منطقة إلى أخرى أخصبَ منها، وأكثرَ مناسبةً للحياة والمعيشة الإنسانية.. والمنطقة التي هاجر منها هذا الشعب هي شبه الجزيرة العربية، التي خرجت منها موجات متتابعة من المهاجرين منذ أزمان طويلة، بسبب كوارث وسنوات جفاف وقعت هناك..[/rtl] [rtl]والحقيقة التي لا مجال للشك فيها أن ما يُسمَّى الآن باسم “بلاد الشام”، قد عُمِر منذ أزمان بعيدة بسلالات عربية، كالآموريين والكنعانيين والفينيقيين، وطرأت عليهم هجرات أخرى صغيرة في أزمنة متأخرة نسبيا من بلاد ما بين النهرين وجزر البحر المتوسط، واختلطت هذه الأجناس فيما بينها بصورة هائلة في زمن طويل، لكن اكتساب هذه البلاد لاسم مثل: كنعان، وفينيقية (منذ زمن قديم) يؤكد غلبة العنصر الذي تمثله هذه الأسماء.[/rtl] [rtl]ويذكر دارسو الحضارات القديمة أن الفينيقيين هاجروا من شرق الجزيرة العربية إلى أرض كنعان حوالي منتصف الألف الثالثة قبل الميلاد، واستوطنوا شواطئ البحر المتوسط، لترتبط حياتهم في أرض هجرتهم بالبحر المتوسط كما ارتبطت في أرض إقامتهم الأولى بما يسمى الآن “الخليج العربي”..[/rtl] [rtl]لكن إخوانهم الكنعانيين (الذين يشاركونهم في أصول واحدة) كانوا قد سبقوهم إلى سُكنَى هذه الأرض، وثبّتوا أقدامهم فيها، إلا أنهم اختاروا المواطن الداخلية (غير الشاطئية) في عموم سوريا؛ ليقيموا فيها مدنهم ومنازلهم، وهو ما قد يعكس عدم ارتباطهم بالبحر في مواطنهم الأولى..[/rtl] [rtl]والتاريخ يسجّل للشعوب العربية التي سكنت شرق البحر المتوسط أنهم علّموا العالم الكتابة القائمة على الألفبائية، كما أثبت الباحثون – من خلال دراسة المصطلحات الرياضية والفلكية وفنون العمارة والري والزراعة والعادات الدينية للأمم القديمة – أن هناك تشابها كبيرا بين حضارة الفينيقيين وبين الحضارات القديمة التي قامت في أمريكا، مما يرجّح بقوة معرفة الفينيقيين بالأمريكتين منذ زمن طويل.[/rtl] [rtl]والكنعانيون هؤلاء هم بناة القدس الأوائل، وعلى وجه الدقة نقول: إن اليبوسيين – وهم فرع كنعاني – قد أقاموا البناء الأول للقدس قبل الميلاد بثلاثة آلاف عام تقريبا. وقد وجدهم بنو إسرائيل مستقرين في فلسطين منذ زمن طويل حين دخلوا أورشاليم في القرن العاشر قبل الميلاد تقريبا.[/rtl] [rtl]ومن المعلومات المذكورة عن اليبوسيين أن لغتهم الأصلية كانت سامية كنعانية، وحين سيطر البابليون (القادمون من بلاد ما بين النهرين) على القدس، أخذ اليبوسيون عنهم لغتهم.[/rtl] [rtl]وعن عموم الكنعانيين ذكر المؤرخون أنهم ظلوا “خلال ألفي سنة جسرا بين مدن الحضارة على الفرات والنيل، ومنهم أخذ اليونان الحروف، ونقلوها إلى العالم. وتأثر الإسرائيليون بحضارة الكنعانيين، فأخذوا حروفهم التي كُتب بها العهد القديم، وتأثروا بأسلوبهم الشعري وبموسيقاهم وبدينهم”.[/rtl] |