يا اهل العرب والطرب
-[welcoOome]--
مرحبا بك ايها الزائر الكريم
مرحبًا بك ما خطّته الأقلام من حروف
مرحبًا عدد ما أزهر بالأرض زهور
مرحبا ممزوجة .. بعطر الورد .. ورائحة البخور
مرحبا بك بين إخوانك وأخواتك
منورين المنتدى بوجودكم ايها اعضاء وزوارنا الكرام
تحيات الادارة/يا اهل العرب

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

يا اهل العرب والطرب
-[welcoOome]--
مرحبا بك ايها الزائر الكريم
مرحبًا بك ما خطّته الأقلام من حروف
مرحبًا عدد ما أزهر بالأرض زهور
مرحبا ممزوجة .. بعطر الورد .. ورائحة البخور
مرحبا بك بين إخوانك وأخواتك
منورين المنتدى بوجودكم ايها اعضاء وزوارنا الكرام
تحيات الادارة/يا اهل العرب
يا اهل العرب والطرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اسلامي ثقافي رياضي فن افلام صور اغاني


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

مراحل تطور الأغنية الفلسطينية

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

1متميز مراحل تطور الأغنية الفلسطينية الأحد نوفمبر 12, 2017 12:40 pm

Admin

Admin
مدير الموقع

د. معتصم خضر عديلة

مقدمة :
 أن ما يميز الأجواء الموسيقية الغنائية في فلسطين هو جذورها الضاربة في عمق المكان، وشهادتها على العلاقة الوثيقة بين الشعب الفلسطيني والمكان، وخصوصياته التاريخية والديموغرافية منذ أن استوطنت فلسطين. فكثافة التعبير الغنائي المصاحب بالرقص والموسيقى في كثير من تفاصيل الحياة الإجتماعية لدى الشعب الفلسطيني إحدى دلالات دراسات فلسفة (الأنثروبولوجي) المقارن على تأصيل هذه الأجواء الثقافية من خلال عدة قرون من الوجود الحضاري.
 لذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال دراسة الأغنية الفلسطينية دون الرجوع إلى مراحل نموها وتطورها التاريخي، ذلك أن الأغنية الفلسطينية تشكل عنصراً هاماً في ماضي ووجدان وفكر الإنسان الفلسطيني. فالظروف التاريخية التي مر بها الشعب الفلسطيني والتي فُرضت عليه قهراً من حروب واحتلال وتشتت منذ أوائل القرن العشرين حتى بداية القرن الواحد والعشرين، خيمت بظلالها على ثقافته وبالتالي على أغنية كونها جزءاً من هذه الثقافة. حيث كان لهذه الظروف المليئة بالأحداث والمتغيرات الأثر الكبير على الأغنية الفلسطينية، فأضفت عليها خصائص واضحة وطابعاً مميزاً، وبالتالي ساهمت في صياغة شخصية الأغنية الفلسطينية وتأصيلها في أعماق الشعب الفلسطيني.
 وبذلك أصبحت الأغنية الفلسطينية أداة تجسيد وتصوير لحياة الإنسان الفلسطيني وآماله وتطلعاته، الآنية والمستقبلية على حد سواء، بالإضافة إلى رصدها المراحل النضالية والأحداث التاريخية التي واجهت الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها.
 بالرغم من الدور الكبير الذي لعبته الأغنية التراثية الشعبية في فلسطين في تحديد سمات وخصائص الأغنية الفلسطينية المعاصرة، إلا أن هذا الدور ومراحل نموه التاريخية لم يأخذ حقه من الدراسات التحليلية والبحثية العلمية الجادة.ومن هذا المنطلق فإن من الضروري بمكان إجراء المزيد من الدراسات الموسيقية للتعرف على سمات وخصائص الأغنية الفلسطينية، ومراحل نموها التاريخية، والتي نرى أنها قد مرت بالمراحل التالية:
أولاً – المرحلة الأولى: من أوائل القرن العشرين وحتى نهاية الأربعينات.
 لقد استطاع الشعب الفلسطيني أن يوظف أغنياته في كافة نشاطاته الحياتية ومناسباته الاجتماعية (كالأعياد والاحتفالات والميلاد والأعراس والعمل والحروب والمآتم والتعازي ...الخ). فهناك الكثير من الأغنيات التي لازمت هذه المناسبات، فعبرت عن وجدان الشعب الفلسطيني وفكره، وكذلك عن فلسفته تجاه الحياة من خلال هذه الأغاني بمرافقة الآلات الموسيقية الشعبية (كالربابة والشبابة والمجوز واليرغول والطبول).
 ومن أهم القوالب الغنائية التراثية في فلسطين (الدلعونا، والجفرا، وزريف الطول، والميجانا والعتابا، والمثمن، والطلعة، والحدادي، والكـرادي، والمحوربة، والقصيد، والسامر، والهجيني، والشروقي)، منذ سنة (1917م) حيث وقعت فلسطين تحت الاستعمار البريطاني بصدور وعد بلفور –الذي جعل فلسطين وطن قومياً لليهود ونظر للعرب على أنهم جماعات غير يهودية مقيمة في فلسطين– بدأت تظهر ملامح أغنيات جديدة عرفت فيما بعد بأغنيات المقاومة، وهي تحمل نفس ألحان القوالب التراثية السابقة الذكر ولكن مع نصوص مستحدثه، عّبرت عن شعور الشعب الفلسطيني تجاه المرحلة الجديدة، وكانت تغنى في مختلف المناسبات، ومثال ذلك هذه الأغنية:
وَعْد بِلفور هالمشْؤوم جائِـــرْ
على الإسْلام والرْهبان جائِــرْ
تناسى العَدل واضحى الظُلُم جائِرْ
مْلوك الغَرب ما فيها رَجَـــا
 ومنذ ذلك التاريخ بدأت الأغنية الفلسطينية تأخذ منحنىً جديداًٍ يواكب الظروف المعيشية للفلسطينيين الواقعين تحت الاستعمار البريطاني، وتجسد مختلف أشكال معاناتهم، كما في هذه الأغنية المصوغة على نمط غناء الدلعونا، والتي تتحدث عن يوم إعدام كل من فؤاد حجازي ومحمد جمجوم وعطا الزير في (17حزيران عام 1930م)، وهم من الأبطال الذين قاوموا الاستعمار البريطاني آنذاك:

مْحَمد جَمْجُوم وْمَعْ عَطا الزّيرِ  فُؤادِ حْجازِي عِزّ الذّخِيـــرِهْ
أنُظُر المْقَدّر وِالّتقادِيــــرِ        بَأحكام المَوْلى تايِعِدْمُونـــاَ

 


 وقد أصبحت الأغنية بالنسبة للشعب الفلسطيني هي الأداة التي يعبر من خلالها عن بطولاته ومراحل كفاحه. كما في هذه الأغنية التي نظمت في ثورة عام (1936م) وهي تظهر مدى إصرار الفلسطينيين على النضال:

وسجّل يا قرنِ العشريـــنْ  ع اللي جَرى بْفلسطيــــنْ
ثَلْثِ سْنين بِالليالــــــي         ما نِمْنا بِالعَلالِـــــــي
وإحنا بْروس الجبـــــالِ       للحربْ مِستعديـــــــنْ


 عرفت فلسطين في هذه المرحلة الكثير من الفنانين الشعبيين الذين رددوا الأغنية التراثية الشعبية، وقد تميز منهم الكثيرون، أمثال : أبو جاسر أمريني، وأبو حسين العبليني، وأبو الحكم البرقيني، وأبو سعود الأسدي.
 وعلى صعيد آخر، منذ أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين بدأ في فلسطين ظهور الموسيقى والأغنية غير الشعبية (الفنية)، والتي اتسمت في هذه المرحلة التاريخية  بشمولها كل من كان له نشاط موسيقي بارز في فلسطين في ذلك الوقت، سواء كان فلسطينياً أو مصرياً أو سورياً. ومن أشهر الموسيقيين العرب رواد تلك المرحلة: محمد السوسي الذي كان مشهوراً بحفظ الموشحات والأدوار والأغنيات المصرية القديمة. والفنان المصري زكي مراد، وملحن الموشحات الحلبي الشهير عمر البطش الذي يعد مرجعاً في الموشحات والقدود الحلبية، ومحمد علي الأسطه من الشام الذي أشتهر بارتجاله التلحين بطريقة مميزة، وغيرهم الكثيرون. وكذلك فقد أخذ الكثير من المطربين والموسيقيين اليهود وبخاصة الحلبيين منهم دوراً مهما في الحياة الموسيقية في فلسطين، ولاقوا حسن المعاملة والتشجيع من المسلمين والمسيحيين على حد سواء.
 كما أشتهر أيضاً الكثير من المغنيين والموسيقيين الفلسطينيين المحترفين الذين تميزوا بإنشاد الموشحات وأداء الأدوار والقصائد لأشهر المغنيين والملحنين القدماء، وتميزوا كذلك بإجادتهم العزف على الكثير من الآلات الموسيقية كالعود والقانون والآلات الإيقاعية العربية، ومنهم عبد السلام الأقرع، وحسين النشاشيبي، وأمينة المعماري، وجوليا السلطي، وإلياس شهلا، ومتري الزائر، وحنا فاشة، وغيرهم الكثير.
- والجدير بالذكر أن هذه الفترة من المرحلة الأولى اتصفت بثلاثة ظواهر هي :
1. كثرة الفنانين المسيحيين، وبنسبة أعلى من نسبة المسلمين على غير ما هو الحال في نسبتهم إلى مجموع سكان فلسطين، ومرد ذلك يعود إلى ارتفاع مستوى المرونة الاجتماعية لدى العائلات المسيحية في وقت كانت فيه نظرة المجتمع إلى الفن تصنفه ضمن معايير العيب على سلم القيم الشعبية العامة.
2. كثرة عدد الفنانين المحترفين الذين ينتمون إلى عائلات موسرة، وسبب ذلك يعود إلى أن تقاليد الغناء الفني قد ترعرعت أولاً في المدن وفي بيوت العائلات المترفة وقصورها، قبل أن تتسع دائرتها شعبياً.
3. نشأت الأغنية الفلسطينية (الفنية) في هذه المرحلة من خلال تراكم اتصال المدن الفلسطينية بالغناء العربي التقليدي القادم من مصر وحلب، سواء عن طريق الاتصال المباشر بالفنانين الزائرين أو باقتناء الأسطوانات.
 تعتبر فترة الثلاثينات والأربعينات من هذه المرحلة من أهم مراحل تطور الحياة الموسيقية في فلسطين، وذلك لنشوء مراكز موسيقية كانت تشكل مصدر إشعاع فني يتخرج منه موهوبون في التلحين والعزف والغناء ، ومن أهم هذه المراكز: مدرسة تراسنطة، وجمعية الشبان المسيحية (القدس)، والإذاعة الفلسطينية (القدس)، وإذاعة الشرق الأدنى (جنين). 
 والجدول التالي يوضح أبرز الجوانب الفنية للأغنية الفلسطينية التراثية في المرحلة الأولى من مراحل تطورها (أوائل القرن العشرين وحتى الأربعينات):
 

أشكال الأغنية كافة القوالب الغنائية الشعبية: دلعونا، جفرا، زريف الطول، الميجانا، العتابا، المثمن، الحدادي، الكرادي، المحوربة، القصيد، السامر، الهجيني، الشروقي، الطلعة.
الآلات الموسيقية للغناءمختلف الآلات الموسيقية الفلسطينية الشعبية: الربابه، الشبابه، المجوز، اليرغول، الطبول.
رواد الأغنيةمجموعة من الفنانين الشعبيين أمثال : أبو جاسر أمريني، أبو حسين العبليني، أبو سعود الأسدي وآخرون.
مناسبات الغناءمعظم النشاطات والمناسبات الحياتية : كالأعياد والأعراس والاحتفالات العامة والميلاد والعمل والحروب والمآتم والتعازي وغيرها.
مراكز الموسيقى والغناءلم يكن لهذا النوع من الغناء مراكز محددة فقد أنتشر في كافة مناطق القرى والبادية الفلسطينية.
طبيعة الأغنيةأغنية تراثية شعبية مستقاة من طابع الحياة الفلسطينية.
 

 

 وهذا جدول آخر يوضح أبرز الجوانب الفنية للأغنية الفلسطينية (الفنية) في المرحلة الأولى من مراحل تطورها (أوائل القرن العشرين وحتى نهاية الأربعينات):
 

 

أشكال الأغنية الموشحات، الأدوار، الطقاطيق، الأغنيات المصرية القديمة، القصائد
الآلات الموسيقية المرافقة للغناءالآلات الموسيقية العربية التقليدية : العود، القانون، الناي، الآلات الإيقاعية العربية.
رواد الأغنية (فترة أوائل القرن العشرين)-  أهم الرواد العرب: محمد السوسي، زكي مراد، عمر البطش وآخرون.
-  أهم الرواد الفلسطينيين : عبد السلام الأقرع، حسين النشاشيبي، إلياس شهلا، جوليا السلطي وآخرون.
رواد الأغنية (فترة الثلاثينات والأربعينات)-  أهم الرواد العرب: الشيخ علي درويش، يحيى اللبابيدي وآخرون.
-  أهم الرواد الفلسطينيين: رياض البندك، روحي خماش وآخرون.
مناسبات الغناءالاحتفالات العامة والسهرات الخاصة.
مراكز الموسيقى والغناء مدرسة تراسنطة، جمعية الشبان المسيحية (القدس)، الإذاعة الفلسطينية (القدس)، إذاعة الشرق الأدنى (جنين).
طبيعة الأغنيةذات طابع مصري سوري (اعتمدت في شكلها البنائي على القوالب العربية التقليدية).
مستوى الأغنية الفنيوصلت الأغنية الفنية في فلسطين خلال هذه المرحلة درجة عالية من الإتقان والازدهار.
 

 

 ومن جهة أخرى اتسمت الموسيقى العربية والأغنية (الفنية) في المدن الفلسطينية في المرحلة الأولى من مراحل تطورها بميزات الموسيقى والغناء القادم من مصر وسوريا، مثل الموشحات والأدوار والقصائد والطقاطيق، مثلها في ذلك مثل باقي المدن العربية. ومرد ذلك يعود للأسباب التالية :
1. إنجازات مدرسة غناء القرن التاسع عشر، وأشهر روادها عبده الحمولي ومحمد عثمان وكذلك إنجازات مدرسة غناء القرن العشرين وأشهر روادها سيد درويش ومحمد عبد الوهاب.
2. الازدهار الاقتصادي الذي شهدته مدن فلسطين والذي ساعد على إيجاد عادات مجالس الطرب التي كانت مزدهرة في القاهرة وحلب.
3. ظهور صالات مخصصة للحفلات الغنائية مما ساعد على توافد مشاهير الطرب من مصر لإحياء الحفلات في هذه الصالات الفنية أو في بيوت وقصور العائلات الغنية.
4. انتشار أسطوانات التسجيل في المدن الفلسطينية في بداية القرن العشرين والتي حملت أصوات كبار المطربين المصريين.
 لذلك كان لزاماً أن تدور ممارسة الموسيقى الفنية بفلسطين في تلك المرحلة في فلك الطرب المصري أو الغناء الكلاسيكي العربي، حيث أن هذا الشكل من الغناء كان خلاصة لأشكال عربية موروثة ومتداخلة قادمة من المشرق والمغرب كالموشح والغناء الديني إلى أن وصل إلى نقطة الالتقاء المركزية، وهي مصر. فهو جاء تطويراً للأشكال الشعبية الأولى للغناء العربي حتى وصل إلى مرحلة ظهور قوالب ثابتة ومحددة مثل (الموشح، الدور، القصيدة، الموال، الطقطوقة).
ثانياً – المرحلة الثانية : (ما بعد عام 1948 – النكبة):
 إن الأحداث العنيفة التي جرت في نهايات الأربعينات من القرن العشرين – والتي أدت إلى تقسيم فلسطين وقيام دولة إسرائيل عام 1948 – لم تستطع أن تقضي على الثقافة الفلسطينية، وخاصة الموسيقى، فآلاف الفلسطينيين الذين شردوا إلى مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة والأقطار العربية المجاورة أخذوا معهم موسيقاهم وأغنياتهم، وحافظوا عليها باعتبارها جزءاً من هويتهم الفلسطينية. فالوجدان الفلسطيني ظل يرفض فكرة الهزيمة، وبالرغم من الأحزان والأوجاع التي أصابته إلا أنه أصر على التحدي والمقاومة.
 في هذه الأجواء الجديدة المشحونة بالخوف والغضب والاغتراب، بدأت تظهر إلى حيز الوجود أغان تتمركز حول أهمية السلاح وتمجد الأبطال والشهداء والثورة، وأخذت هذه الأغاني تحل محل أغاني العشق والغزل، بحيث أصبحت هي أغاني الأفراح والأعراس والاحتفالات والمناسبات الأخرى. وهذه أغنية من أغاني هذه المرحلة كانت تغنى في الأعراس عند زفة العريس:

هزّ الرُّمح بْعود الزّيــــنْ         وِإنْتُوا يا نَشامىْ منيـــــنْ
وإحناً شَباب فَلَسطيـــــنْ          والنّعمْ والنّعمتيـــــــنْ
في بَلْعا وْوَادي التّفـــــاحْ          صَارَتْ هَجْمهْ وظَربِ سْـلاحْ
يوم وَقْعةً بيتً أمْريـــــنْ         تِسْمع شَلْع المَرَاتِيــــــنْ


 وهكذا أصبحت الأغنية في هذه المرحلة هي الوسيلة التي يعبر بها الإنسان الفلسطيني عما يجيش في نفسه من هموم وأحزان وأمل في التحرير.
 وهذا المطلع الغنائي يوضح مدى التعاطف الفلسطيني مع الرئيس جمال عبد الناصر كزعيم مؤهل لخوض معركة لتحرير فلسطين :

مْكتوبِ على جْبِينِنَــــــا       عَبْدِ النّاصرْ حَبيبِنــــــا
مَكتوبِ على قْلوبِنــــــا        عَبْدِ النّاصِرْ مَحْبُوبِنـــــا


 أما على الجانب الآخر فقد كانت هذه المرحلة بمثابة ضربة قاصمة للحياة الموسيقية الفنية في فلسطين وهي ما تزال في بداياتها، وذلك بتشتت الموسيقيين الفلسطينيين إلى الأقطار العربية المحيطة بفلسطين، فقد انتقال رياض البندك وحليم الرومي إلى إذاعة بيروت، أما يحيى السعودي ويوسف البتروني فانتقلا إلى إذاعة دمشق، في حين انتقل روحي الخماش إلى إذاعة بغداد، بالإضافة إلى انتقال الكثير من الموسيقيين ملحنين وعازفين إلى عدد من إذاعات البلاد العربية.
 وقد استطاع الموسيقيون الفلسطينيون أن يأخذوا مواقع ريادية في المؤسسات العربية التي انتقلوا إليها وأن يكونوا مؤثرين في تطوير الحركة الموسيقية فيها. فبعد سقوط القدس واحتلالها من قبل الصهاينة وتوقف إذاعتها، توجه النظر إلى إذاعة رام الله التي بدأ البث منها في مطلع عام (1949م) على أنها الامتداد الطبيعي لإذاعة القدس، إذ انطلقت إذاعة رام الله بفضل ما تم تهريبه من أجهزة وآلات إذاعة القدس ومن تبقى من المذيعين.
 لقد عملت إذاعة رام الله مع المؤسسـات الفلسطينيـة ذات العلاقـة على تطوير خط بناء النهضة الموسيقية الفلسطينية ما بعد عام (1948م) على أساس التراث الموسيقي الشعبي الفلسطيني، حيث بدأت الأغنية الفنية تأخذ ملامح شخصيتها الفلسطينية المستقاة من الموسيقى والأغنية الشعبية، وذلك عكس المرحلة التي سبقتها.
 وبالرغم من رفض الفلسطينيين للاحتلال بشتى الوسائل والطرق وعقدهم الآمال على الأمة العربية لمساعدتهم، إلا أن الأعوام التي أعقبت هزيمة (1948م) كانت بالنسبة للفلسطينيين أعوام فشل وخيبة أمل انعكست في أغنياتهم. كما في هذه الأغنية المصوغة في قالب القصيد وهي تعبر عن حالة اليأس التي أصابت الفلسطينيين :

هَايْ عِشْرين عام وِإحنا في العَسيرْ           طَالتْ المَرظَهْ ولاْ لقِينـــا دَوا
وْكيّلو اليَهُود بالصّـــاعِ الكَبيــــــرْ          أخَذُوا فَلَسطيِنْ ما رَدّوا على حَدا


*****
عُفْنا السّنة والقُـــرآن         والحِقْنا أعمالِ الشّيطـانْ
كاتِبْ عَلينا نِنْهــــانْ          كُله امْسطّر عِالجَبيــنْ
قَدَّر علينا السّتّــــارْ           سَلّطْ عَلينا الكُفّــــارْ
بالقّلةَ وقيزانِ النّـــارْ          نركُظ وإحْنا فَزْعانيــنْ


ثالثاً – المرحلة الثالثة : (ما بعد عام 1967- النكسة):
 انتهت حرب حزيران وأفاق الإنسان الفلسطيني على حقيقة مرة يصعب على وجدانه أن يستوعبها، فقد أصبحت فلسطين بكاملها وراء أسوار الاحتلال بما في ذلك المسجد الأقصى والصخرة المشرفة. لقد جاءت هذه المرحلة من تاريخ فلسطين لتزيد من حالة الشتات التي يعيشها الفلسطينيون، إلا أنها لم تقض على ثقافتهم، فقد لعبت الأغنية الفلسطينية في هذه المرحلة دوراً كبيراً في تصوير حياة الجماهير وآمالهم وتطلعاتهم للمستقبل، كما سجلت ملاحظات على العديد من الأحداث التي واجهت الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها. ورصدت بعفوية صادقة طابع مرحلة ما بعد عام (1967م) والتي تميزت بظهور الكثير من الأحداث والمتغيرات، وأهم تلك الأحداث الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام (1980م) وما لحقه من تبعات كمذبحة صبرا وشاتيلا عام (1982م)، ثم اندلاع الانتفاضة الأولى عام (1987م)، وقد كان لهذه الأحداث تأثير كبير على الوجدان الفلسطيني، عبر عنها بالعديد من الأغنيات كما في هذه الأغنية التالية المصوغة في قالب دلعونا:

شَاتيلاّ تِبكي وْصَبرا بتْنُوحـــــي       وإحنا نفديكِ بالدمْ والــــــرّوحِ
وْلِبْلاد بْعيدِه مَقْدُورنا نْروحـــــي          أللهْ يجَازِي هَالَشتَّتونــــــــاَ
بْشَاتيّلا وْصَبرا والنّبطيّـــــــهْ           قَتْل وْمَذابحْ في الفِدائِيّـــــــةْ
شُهَدا الجَنُوبِ إلكُم تَحيّـــــــهْ           مْنِ العَالم كُلّهْ وْمنْ فلسطينـــــا


مثال على ذلك، أغنية تدعو وتحرض على الكفاح والنضال أثناء الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام (1978م):

علىَ دلعونا وْعَلى دَلعونـــا         إحْنا إنْتَفظنا وْما بِهدّونــــا
تْرَابكِ فلسطين كُحِل لعْيونَــا           وْظربِ الحْجارَة أحسنْ ما يْكُونا


 وقد ظهر في هذه المرحلة العديد من المؤسسات الثقافية والإعلامية وكذلك الفرق الغنائية والفنانين الفلسطينيين، سواء داخل فلسطين أو في الشتات والذين حملوا على عاتقهم استمرار المقاومة من خلال الأغنية الفلسطينية وتعريف العالم بمعاناة الشعب الفلسطيني وما لحق به من ظلم وقهر على يد الاحتلال الإسرائيلي. ومن أهم المؤسسات الثقافية والإعلامية التي ظهرت في الشتات: إذاعة فلسطين، فرقة العاشقين، فرقة صابرين، وفرقة الحنونة.
 لقد اعتبرت فترة الثمانينات فترة خصبة في تاريخ الأغنية الفلسطينية المقاومة والتي اتفقت مع الإعلان الشعبي الذي يؤكد على أن الانتفاضة لن تتوقف إلا بقيام الدولة الفلسطينية.

رابعاً : المرحلة الرابعة (ما بعد 1994- قيام السلطة الوطنية الفلسطينية):
 في عام (1993م) تم توقيع وثيقة إعلان المبادئ بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية برعاية أمريكية في البيت الأبيض، وعلى ضوئها قامت السلطة الوطنية الفلسطينية عام (1994م) في قطاع غزة وبعض أجزاء من الضفة الغربية برئاسة ياسر عرفات. وكنتيجة حتمية لهدوء الانتفاضة والاضطرابات والأحداث العنيفة، وبداية استقرار الأوضاع، أصبح المناخ العام مهيئاً لعودة الحياة الثقافية والفنية والموسيقية لممارسة نشاطاتها بشكل أكثر استقراراً. هذه الظروف الجديدة كان لها الأثر الكبير على النشاطات الموسيقية سلباً وإيجاباً، فبعض الموسيقيين والمغنيين تضائل عملهم، والبعض الآخر استمر وتطور في العمل والإنتاج الفني كفرقة صابرين والفنان مصطفى الكرد، فهم ما زالوا يؤلفون الأغاني ويغنونها.
 تميزت هذه المرحلة بظهور الكثير من الموسيقيين الأكاديميين المتخصصين سواءً على مستوى التلحين أو الغناء أو العزف أو البحث العلمي في مختلف مجالات العلوم الموسيقية. ولقد كان لهذه المجموعة من الموسيقيين الأثر الكبير في إيجاد حالة موسيقية وغنائية جديدة في فلسطين، ومنهم ريم البنا وهي مغنية وكاتبة أغنية درست الموسيقى في روسيا وركزت في أغنياتها على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلا أن أغانيها بعيدة من حيث الطابع اللحني عن الأغنية الفلسطينية، فهي ذات طابع لحني غربي. والمغنية تانيا ناصر التي عادت من الأردن إلى فلسطين عام (1993م) فقد عبرت من خلال أغانيها عن القضية الفلسطينية، إلا أن ألحانها أيضاً كانت غربية بعيدة عن الطابع الفلسطيني. كما ظهر عازفون مميزون أمثال سمير جبران وهو عازف عود درس في مصر، وعادل سلامة وهو عازف عود أيضاً درس في العراق.
 ومن خلال الدراسة الميدانية التي أجراها الباحث على المؤسسات والمراكز الثقافية الفلسطينية التي نشأت في هذه المرحلة يتضح أن ما ميز هذه الفترة هو ظهور الكثير من المؤسسات والمراكز الثقافية التي ساعدت بشكل أو بأخر على تطوير الأغنية الفلسطينية والحفاظ على ملامحها التراثية الشعبية، ومن أهم هذه المؤسسات:
وزارة الثقافة الفلسطينية، والمحطات الإذاعية والتلفزيونية الحكومية والخاصة، والمعاهد الموسيقية المتخصصة، والمهرجانات الفنية المختلفة.
 إن الازدهار الموسيقى الذي شهدته مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية والذي تجسد أيضاً بإنشاء الصالات والمسارح الموسيقية، وكذلك إقامة المهرجانات المحلية والعربية والدولية مثل: مهرجان فلسطين الدولي ومهرجان بيرزيت ومهرجان أريحا ومهرجان رام الله واستقطاب كبار المطربين والموسيقيين من الوطن العربي والعالم، يذكر بالوضع الموسيقي في مرحلة الثلاثينات والأربعينات مع اختلاف في الشكل لا في المضمون أوجبته تطورات العصر. إلا أن هذه الفترة لم تدم طويلا، ففي (28 سبتمبر عام 2000م) اندلعت الانتفاضة الثانية حيث أفاق الشعب الفلسطيني من حلم الاستقلال والسلام الذي عاشه منذ قدوم السلطة الفلسطينية عام (1994م) علـى واقع مر وأليم يؤكد حقد الاحتلال الإسرائيلي وجبروتـه وتعنته أمام كافة مبادرات السلام الدولية. وبعد ذلك وفي بدايات عام (2001م) قام الاحتلال الإسرائيلي باجتياح كامل لكافة مناطق السلطة الفلسطينية.
 وقد انتهزت إسرائيل الصمت الدولي تجاه ممارساتها التعسفية فعاثت في فلسطين فساداً، حيث دمرت معظم البنية التحتية للمدن والقرى الفلسطينية، حتى المراكز والمؤسسات الثقافية لم تسلم من التدمير والخراب بما في ذلك وزارة الثقافة الفلسطينية، ومحطات الإذاعة والتلفزيون إضافة على صالات العرض. كل ذلك أنعكس على الحياة الثقافية الموسيقية في فلسطين فجمدها وأوقف تطورها. وعادت أغنيات المقاومة تطفو على السطح كسابق عهدها، وعاد الموسيقي الفلسطيني يعبر عن معاناته اليومية وعن المجازر الصهيونية المجرمة بأغنيات ظهر فيها الطابع الفلسطيني الذي عهدوه منذ النكبة عام (1948م) كما في الأغنية التالية :

لبّوا لبّوا الصّــــــــــــوت         والأقْصى كَبّـــــرْ
يا عَربي طابِ المــــــوتْ          كَبّر عَالعِدا كبّـــــر
****
لعيوَنكْ يا شَعبي الصّامـدْ         يا شَعبي الصّامــــــــــــــدْ
مَع بَعض انكافِحْ وانْجاهِدْ        انكافِــــــــــحْ وانْجاهِـــــدْ
خَلّي صــــــوتَكْ عَالِــــي         يا أقْصَــــــــــانا الغّالـــــي
خَـــــــلّي صوتَكْ عَالِــــي         وْقـــــــــول الله الله الله الله
 الله أكْبَرْ الله أكْبَرْ

 

 الخلاصة :
 لقد استطاعت الأغنية الفلسطينية عبر مراحل تطورها المختلفـة - منذ أوائل القرن العشرين وحتى بداية القرن الحادي والعشرين- أن تجسد فلسفة المراحل النضالية التي عاشها الشعب الفلسطيني، كما عكست طرق تفكيره ورؤيته للحياة.
 وقد استوحت الأغنية الفلسطينية سماتها وشخصيتها من الظروف الحياتية التي عاشها الشعب الفلسطيني، واستطاعت هذه الظروف أن تُحدد لها منهجاً وخطاً لحنياً نابعاً من عمق التراث الشعبي الموسيقي في فلسطين، وبذلك أصبحت الأغنية الفلسطينية في مراحلها المختلفة أشبه بمعالجة لمادة موسيقية شعبية متأثرة بروح التراث وخاصة في مجالات المدى الصوتي، والإيقاعات، والمقامات الموسيقية، والجمل اللحنية.
 أن الأغنية الفلسطينية ما زالت أغنية المقاومة التي تصب في خدمة القضية الفلسطينية، فهي نتاج لتراكمات من الظروف الاجتماعية والسياسية، إلا أن متغيرات العصر فرضت عليها تحديث بعض جوانبها دون المساس بخصوصيتها الفلسطينية وأصالتها، كظهور تحديث في توزيع الألحان الغنائية(هارمونياً )، وظهور طرق أداء جديدة تتلاءم وروح العصر، وتنوع الحركة اللحنية والمسافات الموسيقية، واستخدام تعدد الأوزان الإيقاعية، كذلك تنوع النصوص الغنائية وأوزانها الشعرية، وظهور مفردات لغوية جديدة تتلاءم وطبيعة المرحلة.
 لكن ومع كل هذا التحديث والتطور الذي أصاب الأغنية الفلسطينية إلا أنها بقيت محافظة على أصالتها، فهي ما زالت مستقاة من روح الشعب ووجدانه.
 


المراجع :
1. أحمد بيومي، القاموس الموسيقي.
2. رياض البندك، مذكرات رياض البنط.
3. عبد اللطيف البرغوثي، ديوان الدلعونا الفلسطيني.
4. معتصم عديلة : مدخل إلى التربية الموسيقية من خلال الفولكلور الفلسطيني.
5. الموسوعة الفلسطينية: "الموسيقى والغناء في فلسطين".
6. نمر سرحان، موسوعة الفولكلور الفلسطيني.
7. يسرى عرنيطة، الفنون الشعبية الفلسطينية.

https://taamelbyot.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى