بالفيديو| «الوطن» فى موقع أول حادث قطار شهدته مصر قبل 160 عاماً.. «كوبرى الإنجليز» يهدد بكارثة جديدة

فى موقع أول حادث قطار شهدته مصر قبل ١٦٠ عاماً

على بُعد خطوات قليلة من الموقف الرئيسى بالبلدة الواقعة على ضفاف النيل بين القاهرة والإسكندرية، تستقر محطة قطار «كفر الزيات»، مقاعد من الطوب الحجرى، وأكشاك لبيع المأكولات للمسافرين، ورصيف ينتشر على جانبيه الركاب فى انتظار القطار المقبل، يجلسون تحت مظلات حديدية متهالكة، نال الصدأ منها، يستظلون من حرارة شمس الظهيرة، فيدخل القطار الذى تكاد تهتز لصوت صافرته نوافذ المنازل المطلة على جانبيه مسرعاً بعد أن تجاوز «كوبرى حديدى» أعلى نهر النيل فاتحاً أبوابه للركاب إيذاناً لهم بالصعود.
قبل 160 عاماً، وتحديداً عام 1858، شهدت المحطة نفسها أول حادث قطارات فى تاريخ سكك حديد مصر، كان يستقله أحمد رفعت باشا، «وريث العرش»، وبحسب الرواية التاريخية فإن القطار انحرف عن مساره وغرق فى النيل، فور خروجه من المحطة، محدثاً تغييراً سياسياً فى مصر، بتبديل وريث العرش، وهو الأمر الذى اعتبر البعض أنه دليل على كون الحادث مدبراً. الروايات المتداولة بين الأهالى لا تختلف كثيراً عن الرواية التاريخية، يشير «محمود سعيد»، الذى يسكن بالقرب من المحطة، إلى الكوبرى الحديدى الرابط بين المحطة و«البر التانى» ويؤكد أن سبب إنشائه هو أول حادث قطار فى مصر: «كان زمان القطر بيتنقل فى معدية لحد البر التانى من النيل ويكمل طريقه»، لكن الأمر اختلف بعد حادث غرق وريث العرش: «الإنجليز قرروا يبنوا الكوبرى، عشان القطر يعدى من عليه وماتحصلش حوادث تانى، ودلوقتى أهالى البلد بيعدوا عليه عشان يوصلوا للبر التانى».
مواطن: «الكوبرى» كان متنزهاً وتحول إلى ناصية شارع.. وسيدة: «المحطة مابتتطورش أبداً.. لكن العمال مخلينها نضيفة»
علامات الزمن تبدو واضحة على الكوبرى الذى بُطنت أرضيته بعروق خشبية متينة تكسوها قضبان حديدية يأكلها الصدأ، وينقسم إلى 3 حارات، الوسطى مخصصة لمرور القطارات المقبلة والمتجهة إلى الإسكندرية، والحارتان المتبقيتان مخصصتان للمشاة، ولا تتجاوز مساحة الواحدة منهما المتر والنصف، إلا أنها كافية لمرور الدراجات، ويعتبرها الأهالى الطريق المفضل لهم للوصول إلى «البر الثانى»، من القرية، حسبما يؤكد الشاب العشرينى «محمود».
تعمل «رباب» منذ 12 عاماً فى المحطة، تبيع الكتيبات الدينية للركاب المنتظرين، تؤكد أن هناك طريقين إلى «البر الثانى»، أحدهما يحتاج إلى وقت، والآخر الذى يلاصق قضبان السكة الحديد، والأخير هو ما يفضله الأهالى دائماً.. «الكوبرى مافيهوش حاجة خطر، لكن لو حد قلبه خفيف شوية، والقطر عدا جنبه ممكن يتخض من هزة الكوبرى».
لم يطرأ على الكوبرى التاريخى أى تغيير منذ تدشينه فى افتتاح مهيب أيام الاحتلال، ولم يفكر مسئول فى تجديده أو ترميمه، وفق حديث «عبدالعاطى محمود»، أحد أهالى البلدة، مضيفاً: «لولا الإنجليز مصر ماكانتش عرفت السكة الحديد، الكوبرى ده معمول من خامة مابتتأثرش بالميه، شوف بقاله كام سنة وماحصلهوش حاجة وثابت زى ما هو». قديماً كان المكان أسفل الكوبرى، وفق «عزت»، متنزهاً للأهالى، يلجأون إليه فى شم النسيم والأعياد للاحتفال واللعب، كما أنه يمثل «حلقة وصل»، تربط «عزبة الراس» أو كما تُعرف بين الأهالى بـ«البر التانى» ومحطة القطار.
وبجانب أحد أكشاك بيع المأكولات، تجلس «فاطمة» تستقبل بها من يجلس بجانبها، تنتظر قطار الإسكندرية، تتحدث إلى أخرى من نفس عمرها، قائلة: «والله ركوب القطر أسهل بكتير من المواصلات.. القعدة مريحة وأسرع من الزحمة على الطريق»، لترد عليها: «وسيلة مش أمان بس أسرع من غيرها». لم يطرأ على المحطة التى اعتادت الحاجة «فاطمة» التردد عليها منذ فترة بعيدة لزيارة أبنائها المقيمين بالإسكندرية، أى تغيير، «المحطة مابتتطورش أبداً، لكن العمال مخلينها نضيفة دايماً».