احياء ذكرى الراحل ’ احمد منيب ’ والذى تُوفي أحمد منيب عام 1991 عن عمر يناهز خمسة وستين عامًا،

أحمد منيب فنان مصري من أصل نوبي، ولد في 4 يناير عام 1926، ويعد هو رائد الأغنية النوبية في مصر، فهو أول من عزف على العود في النوبة، وقام بمزج الموسيقى النوبية التي لا يفهمها أهل الشمال، بالموسيقى الشرقية المسيطرة شمالاً، و قد استطاع ولأول مرة أن يدخل الثقافة النوبية إلى كل بيت وأسرة مصرية، حيث انتزع اعترافًا متأخرًا بثقافة عانت قرونًا من التغييب.



واستطاع منيب تغير الخميرة الموسيقية النوبية، بعد أن كانت مجرد أغاني تتوارثها الأجيال بتنويعات لحنية ثابتة في الأفراح وحفلات الميلاد وأغنيات العمل، إلي أغاني نوبية تتكون من قالب الأغنية الحديثة "مذهب وكوبليهات" مع الشاعر محيى الدين شريف، وانضم منيب بعد ذلك لفرقة زكريا الحجاوي، واستمرت جولته معها عامين، جابا فيها كافة أنحاء مصر، فاجتمعت له ناصية الثقافة الموسيقية الشرقية وتلوناتها الشعبية، إلى ما يكتنزه أصلاً وتختزنه أذنه وذاكرته الموسيقية من موسيقى النوبة.



منيب وثورة يوليو



وفي محاولة من منيب لنشر اللغة والموسيقي النوبية، طلب من الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" السماح للموسيقى النوبية بمساحة في الإذاعة المصرية، وجاءت هذه الفكرة من رحم اهتمام ثورة يوليو بتوطين العلاقة مع السودان وجنوب مصر، حيث أنشأت الإذاعة المصرية إذاعة وادي النيل، واستجاب له عبد الناصر، وجاء برنامج "من وحي الجنوب" ليسمع المصريين اللغة النوبية بلسان عبد الفتاح والي، وألحان العازف الشاب أحمد منيب، ونجح منيب في إنطاق الإذاعة بلغة النوبة، لكن مع الأسف كان حصار الذوق السمعي في أساطير الغناء في ذلك الوقت محصورًا في الموسيقار محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وبعدهما عبد الحليم حافظ، ما أدى إلي تأجيل مشروعه الكبير.



بداية نجومية أحمد منيب



وجاء تدبير القدر ليقف بجانب منيب وليبرز نجمه في سماء الفن، حيث شهدت نهاية السبعينيات موت عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وتراجع الموسيقار محمد عبد الوهاب للتلحين منذ منتصف السبعينيات، وبدأت ثورة كاملة على الثوابت الموسيقية المستقرة منذ نصف قرن، تتوافق مع مزاج عام لطبقة وسطى خرجت بمزاجها السمعي من مشهد انتظار حفلة "الست" أوائل كل شهر ومع الأعياد الكبرى الوطنية، إلى انفتاح اقتصادي ومزاج مجتمعي كرسته ثورة الكاسيت التي أعطت الحق للجماهير في اختيار سلعها بعيدًا عن التعلق بالإذاعة.



ألحانه وأغانيه



قدم منيب سبع ألبومات غنائية هي: مشتاقين - يا عشرة - كان وكان - بلاد الدهب - راح أغني - قسمة ونصيب - حدوتة مصرية، وقام بتلحين 45 أغنية للمطرب النوبي الاصل أيضًا محمد منير، الذي يعد امتدادًا لموسيقي منيب، وقام أيضًا بتلحين أغاني لمطربين آخرين مثل المطرب الليبى الأصل حميد الشاعري، والمطربين المصريين علاء عبد الخالق وعمرو دياب وإيهاب توفيق ومحمد فؤاد وغيرهم.



وفاته



تُوفي أحمد منيب عام 1991 عن عمر يناهز خمسة وستين عامًا، بعد رحلة حافلة بالعطاء والتجديد الموسيقى، الذي كان ذا سحر خاص ومذاق مميز لا ينسى لدى الشباب، وأحدثت كلمات أغنيته التي تفيض بالحكمة والموعظة أثرًا رائعًا، فسلامًا على الخال منيب، الذي احتوانا فلم ننسه.