الإخوان خوارج العصر ثروت الخرباوي
نشأت الخوارج في نهاية عصر سيدنا عثمان بن عفان وبداية عصر سيدنا علي بن أبي طالب ، وقد أطلقوا على أنفسهم اسم “,”جماعة المؤمنين“,” إذ كانوا لا يرون مؤمنا إلا هم ، وقد رأى الخوارج وفقا لمذهبهم أن معظم الصحابة ارتدوا عن الإسلام ، وأجازوا لأنفسهم قتال وقتل من لا يؤمن بأفكارهم ، إلا أن الغريب أن هؤلاء الخوارج كانوا يقيمون الليل ويقرأون القرآن ويبكون خشوعا في صلاتهم ، ولكن الفهم لم يكن يقترب من رؤوسهم أبدا بل كانوا قوما جبارين سفاكين لا يرعون في مسلم اختلف معهم إلا ولا ذمة . رأيت هذه الأفكار وأنا في جماعة الإخوان ، رأيتها تقترب حثيثا من قادتهم ثم رأيتها تسيطر على جمهورهم فتركتهم وأنا غير آسف على تركهم ، وكانت رحلة الخروج من جماعة الإخوان رحلة شاقة لاشك في ذلك ، ويكتنفها مغبات كثيرة ومحاذير ومع ذلك فإنني واجهت هذه المغبات وتحديت هذه المحاذير ، وخرجت وكتبت وانتقدت وكشفت وصحت بأعلى صوتي كي ينتبه بنو وطني لأفكار الجماعة الخوارجية . وإذا كانت جماعة الإخوان قد بدأت مسيرتها بمنظور دعوي ، والدعوة هي تبشير بالدين ـ وليست الدين نفسه ـ إلا أنها بعد سنوات وسنوات حولتها إلى دين ، فأصبحت الجماعة عندهم عقيدة ، وأصبح الدين لديهم إخوانا ، وتلاعبوا بالفقه فقالوا نحن دين لأن الجماعة تريد أن تستدعي الدين إلى حياتنا وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . ولأنهم ظنوا الجماعة دينا وظنوا أنفسهم جماعة المسلمين دون غيرهم لذلك وقفوا عند رأي واحد وفكر واحد مع أن في الدين تتعدد الأفهام ويتعدد الصواب وتتنوع الأفكار ، فليس الدين لأمة واحدة أو لزمن واحد أو لرجل واحد ، ولكنهم جعلوه كذلك في تنظيمهم ، لذلك لم يتحمل البقاء في الجماعة من دخلها بحسبها جماعة دعوية مستنيرة تقبل تعدد الآراء ، فوجدوا الأمر يختلف عن ذلك ، ولذلك أيضا لم يتحمل كثير من الكفاءات الممارسات الديكتاتورية القمعية ، فأصاب بعضهم الإحباط فقبع في مكانه مصابا بالجمود والشلل الفكري ، وخرج البعض الآخر هربا ونجاة بعقولهم وقلوبهم ، أما عن من بقي في الجماعة فهم إما مجموعة في عمر الشباب من ناحية السن إلا أنهم يعيشون في كهولة فكرية أشربوها من كهول تيبست أفكارهم وتجمدت ، وهؤلاء لا يُنتظر منهم أن يقدموا شيئا للجماعة أوالإسلام أو حتى لبلادهم ، ففاقد الشيئ لا يعطيه . وعلى مدار تاريخ الجماعة نجدها وقد تنكبت كثيرا الطريق الصحيح ، وكان من مشاهد تنكبها تغليب العمل السياسي على حساب العمل الدعوي ، ثم فقدت الجماعة رشدها الدعوي وباتت مجرد حزب سياسي لا علاقة لها بالدعوة أو الوسطية والاعتدال ، ثم أصبحت جماعة ضيقة الفكر والصدر ، تضيق بالمفكرين وتصب نقمتها على المبدعين ، ففي الجماعات ذات المفاهيم العسكرية لا وجود للإبداع ولا ترحيب بالتفكير ، ثم كان أن انخرطت الجماعة في الفكر التكفيري الخوارجي حتى أنها أصبحت تظن أن كل من يعارضها إنما هو كافر يعارض الإسلام ولا يريد الدين ، وهذا هو عين منطق الخوارج ، ثم تشبهوا بعد ذلك بالخوارج في السلوك السياسي الذي أصبح أقرب لفكرة الغزوة ، أو هو غزوة تتارية ، تتمسح بالدين وتمارس القتل والإبادة بلا أدنى صلة بالدين والإنسانية ، لذلك فإنني عندما أطالب الأمة أن تقف كلها صفا واحدا لمواجهة خوارج العصر الحديث ، فإنني أعلم وأعرف ما أحذر منه ، وأتمنى أن يفهم الغافلون حتى لا يضيع الوقت ، وإلا فالبديل سيكون كارثيا .
نشأت الخوارج في نهاية عصر سيدنا عثمان بن عفان وبداية عصر سيدنا علي بن أبي طالب ، وقد أطلقوا على أنفسهم اسم “,”جماعة المؤمنين“,” إذ كانوا لا يرون مؤمنا إلا هم ، وقد رأى الخوارج وفقا لمذهبهم أن معظم الصحابة ارتدوا عن الإسلام ، وأجازوا لأنفسهم قتال وقتل من لا يؤمن بأفكارهم ، إلا أن الغريب أن هؤلاء الخوارج كانوا يقيمون الليل ويقرأون القرآن ويبكون خشوعا في صلاتهم ، ولكن الفهم لم يكن يقترب من رؤوسهم أبدا بل كانوا قوما جبارين سفاكين لا يرعون في مسلم اختلف معهم إلا ولا ذمة . رأيت هذه الأفكار وأنا في جماعة الإخوان ، رأيتها تقترب حثيثا من قادتهم ثم رأيتها تسيطر على جمهورهم فتركتهم وأنا غير آسف على تركهم ، وكانت رحلة الخروج من جماعة الإخوان رحلة شاقة لاشك في ذلك ، ويكتنفها مغبات كثيرة ومحاذير ومع ذلك فإنني واجهت هذه المغبات وتحديت هذه المحاذير ، وخرجت وكتبت وانتقدت وكشفت وصحت بأعلى صوتي كي ينتبه بنو وطني لأفكار الجماعة الخوارجية . وإذا كانت جماعة الإخوان قد بدأت مسيرتها بمنظور دعوي ، والدعوة هي تبشير بالدين ـ وليست الدين نفسه ـ إلا أنها بعد سنوات وسنوات حولتها إلى دين ، فأصبحت الجماعة عندهم عقيدة ، وأصبح الدين لديهم إخوانا ، وتلاعبوا بالفقه فقالوا نحن دين لأن الجماعة تريد أن تستدعي الدين إلى حياتنا وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . ولأنهم ظنوا الجماعة دينا وظنوا أنفسهم جماعة المسلمين دون غيرهم لذلك وقفوا عند رأي واحد وفكر واحد مع أن في الدين تتعدد الأفهام ويتعدد الصواب وتتنوع الأفكار ، فليس الدين لأمة واحدة أو لزمن واحد أو لرجل واحد ، ولكنهم جعلوه كذلك في تنظيمهم ، لذلك لم يتحمل البقاء في الجماعة من دخلها بحسبها جماعة دعوية مستنيرة تقبل تعدد الآراء ، فوجدوا الأمر يختلف عن ذلك ، ولذلك أيضا لم يتحمل كثير من الكفاءات الممارسات الديكتاتورية القمعية ، فأصاب بعضهم الإحباط فقبع في مكانه مصابا بالجمود والشلل الفكري ، وخرج البعض الآخر هربا ونجاة بعقولهم وقلوبهم ، أما عن من بقي في الجماعة فهم إما مجموعة في عمر الشباب من ناحية السن إلا أنهم يعيشون في كهولة فكرية أشربوها من كهول تيبست أفكارهم وتجمدت ، وهؤلاء لا يُنتظر منهم أن يقدموا شيئا للجماعة أوالإسلام أو حتى لبلادهم ، ففاقد الشيئ لا يعطيه . وعلى مدار تاريخ الجماعة نجدها وقد تنكبت كثيرا الطريق الصحيح ، وكان من مشاهد تنكبها تغليب العمل السياسي على حساب العمل الدعوي ، ثم فقدت الجماعة رشدها الدعوي وباتت مجرد حزب سياسي لا علاقة لها بالدعوة أو الوسطية والاعتدال ، ثم أصبحت جماعة ضيقة الفكر والصدر ، تضيق بالمفكرين وتصب نقمتها على المبدعين ، ففي الجماعات ذات المفاهيم العسكرية لا وجود للإبداع ولا ترحيب بالتفكير ، ثم كان أن انخرطت الجماعة في الفكر التكفيري الخوارجي حتى أنها أصبحت تظن أن كل من يعارضها إنما هو كافر يعارض الإسلام ولا يريد الدين ، وهذا هو عين منطق الخوارج ، ثم تشبهوا بعد ذلك بالخوارج في السلوك السياسي الذي أصبح أقرب لفكرة الغزوة ، أو هو غزوة تتارية ، تتمسح بالدين وتمارس القتل والإبادة بلا أدنى صلة بالدين والإنسانية ، لذلك فإنني عندما أطالب الأمة أن تقف كلها صفا واحدا لمواجهة خوارج العصر الحديث ، فإنني أعلم وأعرف ما أحذر منه ، وأتمنى أن يفهم الغافلون حتى لا يضيع الوقت ، وإلا فالبديل سيكون كارثيا .