يا اهل العرب والطرب
-[welcoOome]--
مرحبا بك ايها الزائر الكريم
مرحبًا بك ما خطّته الأقلام من حروف
مرحبًا عدد ما أزهر بالأرض زهور
مرحبا ممزوجة .. بعطر الورد .. ورائحة البخور
مرحبا بك بين إخوانك وأخواتك
منورين المنتدى بوجودكم ايها اعضاء وزوارنا الكرام
تحيات الادارة/يا اهل العرب

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

يا اهل العرب والطرب
-[welcoOome]--
مرحبا بك ايها الزائر الكريم
مرحبًا بك ما خطّته الأقلام من حروف
مرحبًا عدد ما أزهر بالأرض زهور
مرحبا ممزوجة .. بعطر الورد .. ورائحة البخور
مرحبا بك بين إخوانك وأخواتك
منورين المنتدى بوجودكم ايها اعضاء وزوارنا الكرام
تحيات الادارة/يا اهل العرب
يا اهل العرب والطرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اسلامي ثقافي رياضي فن افلام صور اغاني


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

الطريق الى مكة , مساجد عامرة , صيام وصحة , فتاوى الصيام , الخيمة الرمضانية , نغمات رمضانية للجوال

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

Admin

Admin
مدير الموقع

الطريق الى مكة , مساجد عامرة , صيام وصحة , فتاوى الصيام , الخيمة الرمضانية , نغمات رمضانية للجوال

الطريق الى مكة , مساجد عامرة , صيام وصحة , فتاوى الصيام , الخيمة الرمضانية , نغمات رمضانية للجوال

الطريق الى مكة , مساجد عامرة , صيام وصحة , فتاوى الصيام , الخيمة الرمضانية , نغمات رمضانية للجوال

الطريق الى مكة , مساجد عامرة , صيام وصحة , فتاوى الصيام , الخيمة الرمضانية , نغمات رمضانية للجوال

الطريق الى مكة , مساجد عامرة , صيام وصحة , فتاوى الصيام , الخيمة الرمضانية , نغمات رمضانية للجوال

نفحات رمضانية

رمضان والصفوة

1438-6-26


إبراهيم بن عبد الله الدويش




كلما أقبل شهر رمضان أقبلت الخواطر في محاسبة النفس ومراجعتها، والرغبة والأماني في التزود الإيماني وشحن القلب وتزكية النفس وتحليتها، وبالأخص في جانب تقوية العلاقة بالله، وليس هذا بمستغرب؛ فالكل يشهد ومع التصحر الإيماني الذي أصاب ويصيب النفوس بسبب المتغيرات والمستجدات على كل الأصعدة، أصبحت النفس العاقلة تشعر بل وتتألم لجوعتها الإيمانية في وقت مجاعة يكاد يصيب الكثير إن لم يكن الجميع، لكنها لا تدري كيف تكسر حدة هذه الجوعة ولو بجرعة يسيرة رغم أن الزاد بين يديها.

عجيب .. ! نفس تحمل الزاد بكل صنوفه، ولا تستطيع أن تسد رمقها؟ آهٍ وآهٍ من هذا الزمن وبُنياته! فإذا كان الأطباء يشكون الداء فمن سيصف الدواء؟ سبحان الله! هم يعرفون الدواء ويحملونه، بل ويصرفونه، لكن الكثير منهم لا يستطيع تناوله.
 
لست أتحدث عن الصفوة ممن أعجزه الكسل، أو أصابه الخوف والهلع، أو أغرقه الطمع والجشع، بل عمن يسعى وينفع، ويُعطي ويرفع، ينفع الناس بكلماته ويرفع هممهم بعظاته، فأشغلوه وأشغلته همته وحب الخير للناس، أتحدث عن الصفوة ودُلاَّل الخير، والنجوم التي يهتدي بها الناس؛ حيث لا يكاد بال أحدهم يهدأ، أو يستجم، وإن استجم الجسد فالفكر والعقل كالرحى لا يستقر.

فهؤلاء فرحهم برمضان كفرح من قال: (اللهم أنت عبدي وأنا ربك) أخطأ من شدة الفرح؛ فقد وجدوا ضالتهم برمضان حيث لذة العبادة، ولحظات التدبر والترتيل للقرآن، وروحانية الصيام والقيام، وروعة الخلوة والاعتكاف، و .. و .. و، لكن هيهات فهم دُلاَّل للخير ومحركو القلوب، وماذا يفعل الواحد منهم وقلبه يعتلج ويحترق في حب الخير وتوجيه الناس، ويعلم أن رمضان فرصة؛ فهو شهر التوبة والمحاسبة، وشهر إقبال القلوب وصقلها .. لكنه أيضًا يعلم أن نفسه كغيرها من النفوس بل أشد حاجة للتوبة، والمحاسبة، والتزود بالوقود، فإن فاتت هذه المحطة فقد لا يجد غيرها بسهولة، فهو في صحراء مترامية الأطراف شديدة الغليان والذوبان.
 
إنها دوامة يصعب على كل أحد - وإن كان من الصفوة - أن يضبط توازنه في إعصار كهذا، خاصة عندما يشتكي القلب تفرقه وشعثه، وبُعده وقسوته؛ فكلنا يروح ويغدو في أعمال وأشغال، تطول معها الأحلام والآمال.
 
فتنبه أخي، وقف، واحذر! فالنفس تحتاج لوقفات وخلوات، لزيادة رصيد الإيمان وسكب العبرات، خاصة في زمن الفتن والشهوات، الذي ننسى فيه كثيراً حاجة النفس والذات لصفاء القلب، وبقدر ما في القلب من النور سيكون قوة إشعاعه؛ لأن تفاضل الأعمال بتفاضل ما في القلوب من حقيقة الإيمان ولذته، ولذا قال أبو بكر المزني: "ما فاق أبو بكر رضي الله عنه أصحاب رسول الله بصوم ولا صلاة، ولكن بشيء كان في قلبه" [جامع العلوم والحكم (1/225)].
 
ومن تأمل في هذه المرحلة حال الصفوة - وهم ليسوا كغيرهم - وجد ضعفاً وفتوراً وكسلاً في جوانب العبادة والسلوك، ليس إهمالاً بل انشغالاً.
 
وأعلم أن الكثير منهم يشكو ويتألم ويتحسر لمثل هذا، لكنها الشواغل الدعوية والدخول مع الناس وللناس، ونسيان النفس وحاجاتها؛ فإن كان؛ فلا يجب أن يكون في رمضان.
 
إنه صراع المشاعر في نفوس الصفوة الأخيار عند إقبال رمضان، ولذا كان صلى الله عليه وسلم يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره به من الشهور، ويؤثر عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله أنه كان يترك حِلَق التدريس في رمضان، ويتفرغ للعبادة وقراءة القرآن، هكذا هم الصفوة.
 
فتعالوا يا نجوم الزمان! لانتهاز الفرص، واستثمار هذا الموسم؛ لتقوية العلاقة بالله، وتصفية القلب مما علق عليه من الرَّيْن؛ فرمضان جُنة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقربين، يعيد للقلب والجوارح صحتها التي سلبتها أيدي الشواغل والصوارف حتى وإن كانت خيراً؛ فالعاقل يعلم يقيناً أن أول ما عليه النجاة بنفسه، وأنه إن لم يأخذ فلن يعطي، وبحسب كمية الوقود يكون طول المسير وأعلم أن الأمر صعب، وأن التسديد والمقاربة أصعب، لكني أهمس في أذنك همسة محب: إن لم تستطع أن تملأ خزان الوقود أو أن تخفف من تلك الشواغل المباركة كل رمضان، فلا أقل من استثمار عَشره الأخير، وخاصة بالاعتكاف، فلا بد من خلوة للعاقل يخلو فيها بنفسه للذكر والفكر والمحاسبة لتزكية النفس.
يقول عمر رضي الله عنه: "خذوا حظكم من العزلة" [رواه وكيع في الزهد، و ابن المبارك أيضًا في الزهد وغيرهما].
وقال مسروق: "إن المرء لَحقيق أن يكون له مجالس يخلو فيها، فيذكر فيها ذنوبه، فيستغفر منها" [رواه أحمد في الزهد، و ابن أبي شيبة في المصنف وغيرهما].
 
فالخلوة بين الفينة والفينة مع النفس ضرورة جدّاً لكي يتفرغ القلب وليس لها مثيل في سُنَّة الاعتكاف، وقد اعتكف خير الصفوة نبي الله صلى الله عليه وسلم رغم كثرة شغله، واعتكف أصحابه معه وبعده؛ فهم يعلمون أن في القلب شعثاً لا يلمُّهُ إلا الإقبال على الله، وجمع كلِّيته عليه تعالى بحيث يصير ذكره سبحانه وحبه، والإقبال عليه زادَه بل وحلاوتَه.
فتنبه أخي لهذه المعاني! واستعن بالله ولا تعجز، واحذر يا دليل الخير التسويف، ومداخل إبليس! فهو حاذق في مداخله على الصفوة. والله المستعان.

حقق التقوى في رمضان

1438-6-26


أبو حاتم عبد الرحمن الطوخي




‏ليس تقوى الله بالصيام والقيام والتخليط بينهما‬..
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيرًا فهو خير إلى خير".
وذكر معروف الكرخي عن بكر بن خنيس رحمهما الله قال: "كيف يكون متقيًا من لا يدري ما يتقي". 
ثم قال معروف الكرخي: "إذا كنت لا تحسن تتقي أكلت الربا، وإذا كنت لا تحسن تتقي لقيتك امرأة ولم تغض بصرك، وإذا كنت لا تحسن تتقي وضعت سيفك على عاتقك".
قلت:
فإن كنت لا تدرى ما التقوى فاحذر عقاب الله أن يأتيك لأجترائك على حدوده، واحذر التخليط في عملك وأنت صائم من فعل الخنا وقو ل الفحش، ومشاهدة المنكر، فالفرائض لا يعدل بها شيء، واجتناب المحرمات هو الخير الذي من رزقه فهو خيرًا إلى خيرًا.
‫ ‏الفرق بين أنفس الصالحين وأنفسنا:
قال عبد الله بن المبارك: "إن الصالحين كانت أنفسهم تواتيهم على الخير عفوًا، وإن أنفسنا لا تواتينا إلا كرهًا".
‫ ‏قلت: رحم الله ابن المبارك الذي جمع خصال الخير، وقال فيه سفيان بن عيينة: "إني لأشتهي من عمري كله أن أكون سنة واحدة مثل عبد الله بن المبارك، ما أقدر أن أكون ولا ثلاثة أيام"، ومع ذلك يحدث عن نفسه الطاهرة النقية التي تفعل الخير جبلية ويكرهها على فعل الخير.. 
فكيف نفعل بأنفسنا التي أسرفت وأذنبت وعصت وطغت فاللهم عفوًا وغفرانًا..
اللهم أعانا على طاعتك، وارزقنا حلاوة مناجاتك، ولاتحرمنا الخير الذي عندك بمعاصينا.

رمضان شاهد لك او عليك

1438-6-26


سلسلة العلامتين




الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد..

أخي الكريم .. أختي الكريمة
إن موسم الطاعات عند المسلمين تتوالى على مدار العام رحمةً من الله بعباده وتحبباً إليهم ، ومواسم أهل المعصية والفسق والظلام تتوالى عليهم من الله إمهالاً وإبغالاً بهم في وحل المعصية والذنب ، وكلٌّ حريص على  استغلال موسمهِ خير استغلال ..
 
فإما شاهد لكم أو عليكم
 
* قال ابن الجوزي رحمه الله : شهر رمضان ليس مثله في سائر الشهور، ولا فضلت به أمة غير هذه الأمة في سائر الدهور  ، الذنب فيه مغفور والسعي فيه مشكور  ، والمؤمن فيه محبور والشيطان مبعد مثبور ، والوزر والإثم فيه مهجور وقلب المؤمن بذكر الله معمور ، وقد أناخ بفنائكم  هو عن قليل راحل عنكم ، شاهد لكم أو عليكم ، مؤذن بشقاوة أو سعادة أو نقصان أو  زيادة وهو ضعيف مسؤول من عند رب لا يحول ولا يزول يخبر عن المحروم منكم والمقبول فالله الله أكرموا نهاره بتحقيق الصيام واقطعوا ليله بطول البكاء والقيام ، فلعلكم أن تفوزوا بدار الخلد والسلام مع النظر إلى وجه ذي الجلال والإكرام ومرافقة النبي صلى الله عليه وسلم. أهـ
 
فينبغي للمسلم أن لا يفرط في مواسم الطاعات وأن يكون من السابقين إليها ومن المتنافسين فيها.. قال تعالى { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ } المطففين 26
 
فاحرص أخي الكريم..أختي الكريمة 
على استقبال رمضان بالتنافس فيه من خلال الأعمال والأمور التالية :
 
* بعقد العزم الصادق بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى والهمة العالية على تعمير رمضان  بالأعمال الصالحة فمن صَدَقَ الله صدقه وأعانه على الطاعة ويسر له سبل الخير .. قال تعالى { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى }طه 82
 
* باستحضار أن رمضان ما هو إلا أيام معدودات سرعان ما ينقضي ولعله يكون آخر رمضان تدركه ، فاستزد فيه من الخير .. قال صلى الله عليه وسلم : « واجعل الحياة زيادة لي في كل خير» رواه مسلم.
 
* باغتنام هذه الفرصة لتزكية نفسك وتطهيرها وتعويدها على الطاعة وتذكر { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }  سورة الرعد 11
 
* باستشعار رقابة الله جل وعلا والتفكير في معاني أسمائه الحسنى {البصير - الشهيد - المحيط - الرقيب - السميع} في صيامك وقيامك وحفظ لسانك وسمعك وبصرك وجميع جوارحك لما يحب الله ويرضى قال تعالى { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } ق 18
 
* بإكثارك من ذكر الله عز وجل .. قال صلى الله عليه وسلم « لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله » رواه أحمد، وتلاوة كتابه الكريم بتدبر وخشوع  وأنه سيكون لك شفيعا يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم : « اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه » رواه مسلم
قال ابن عباس: لأن أقرأ سورة وأرتلها وأتدبرها أحب إلي من أن اقرأ القرآن كله . أهـ
وكان الإمام مالك أذا دخل رمضان نفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف
 
* بتحري الدعاء في الأوقات الفاضلة : 
1- عند الإفطار .. قال صلى الله عليه وسلم « ثلاث لاترد دعوتهم : الصائم حتى يفطر..» رواه الترمذي وابن ماجه
2- بين الأذان والإقامة .. قال صلى الله عليه وسلم « لايرد الدعاء بين الأذان والإقامة» رواه الترمذي
3- الثلث الأخير من الليل .. قال صلى الله عليه وسلم « ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأعفر له» رواه البخاري ومسلم
 
* بنفقتك على أهلك صدقات تدخر لك.. قال صلى الله عليه وسلم : « الثلث والثلث كثير إن صدقتك من مالك صدقة وإن نفقتك على عيالك صدقة وإن ما تأكل امرأتك من مالك صدقة وإنك أن تدع أهلك بخير خير من أن تدعهم يتكففون الناس» رواه مسلم
 
* باجتهادك في العشر الأواخر من رمضان ففيها الخير العظيم ( ليلة القدر) بقيامها إيمانا واحتسابا مغفرة لما تقدم من ذنوبك ، وحرصك على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم وتأسيا به في سنة الاعتكاف والمحافظة عليها قال صلى الله عليه وسلم « من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه » رواه النسائي عن أبي هريرة
 
* بالمسارعة في تصحيح مسيرك إلى الله تعالى وتحمل الصعاب والمشاق والصبر على ذلك ومن ثم تصحيح سلوكك وخلقك مع الناس ( أهلك وأرحامك وأصحابك وجيرانك وغيرهم ) وسلامة صدرك نحوهم .. قال صلى الله عليه وسلم « أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا» رواه الترمذي
 
* ويل لمن لم يغفر له.. قال صلى الله عليه وسلم : « أتاني جبريل فقال يامحمد من أدرك شهر رمضان فمات ولم يغفر له فأدخل النار فأبعده الله قل أمين فقلت أمين» رواه الطبراني عن جابر بن سمرة
 
* تذكر أن الغاية من حياتك هي عبادتك لله عز وجل ، فاجتهادك في رمضان جزء من اجتهادك في حياتك كلها فَتحفظ بذلك وقتك وأيام عمرك وتنطلق نحو التغيير والإصلاح والمسابقة والمسارعة لكل مايحبه الله ويرضاه قال صلى الله عليه وسلم « اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل مماتك وشبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك» رواه الحاكم
 
* كن معهم قال تعالى {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } آل عمران 133

وقفات مع قدوم شهر العطايا والهبات

1438-6-26


سعود بن سعد السبيعي




بسم الله الرحمن الرحيم

تدور عجلة الزمن بسرعة مذهلة ترتجف منها القلوب الحية ، ذلك أن المسلم يكاد يطيش عقله عندما يقف مع نفسه محاسباً: ماذا قدّم فيما انقضى من أيام عمره ولياليه ؟؟ ويزداد خوفاً وفرقاً عندما يستحضر ما رواه الترمذي وابن ماجة وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك‏ ).‏فيا الله ما أقصر الأعمار .... !!! تبلغ الستين أو السبعين أو الثمانين أو المئة ، ثم تنتهي من الدنيا وتنتقل إلى الآخرة ، وهذا إن لم تتخطفك المنون في سن الشباب أو الكهولة ....!!!!
لكن عزاء المسلمين أن لهم رباً لطيفاً رحيما ، عوضهم بقصر أعمارهم ما يدركون به أعمال المعمرين مئات السنين ، وذلك بمضاعفة الأجور والحسنات بحسب شرف الأزمنة والأمكنة ومواسم الطاعات .ومن ذلك ما أنعم الله به على عباده بفضيلة شهر الصيام ففيه مضاعفة للحسنات، وتكفير للسيئات، وإقالة للعثرات ؛ فلذلك والذي قبله أحببت التذكير مع قدومه بهذه الوقفات :

الوقفة الأولى (وقفة محاسبة) :
يجب على كل مسلم أن يأخذ العبرة من سرعة تصرم الأيام والليالي فيقف مع نفسه محاسباً، حساباً يدفعه إلى العمل الصالح وهجر الذنوب والمعاصي فلو يرجع بذاكرته ويستعرض ما مضى من عمره ، و يتأمل عامه الذي انصرم .بأيامه ولياليه وثوراته ومآسيه ، انصرم وكل لحظة منه تباعدنا عن الدنيا وتقربنا من الآخرة . قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: \"ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل واحدة منها بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل\"أخرجه البخاري.
ولله در القائل:
نسير إلى الآجال في كل لحظة وأعمارنا تطوى وهـن مراحـل 
ترحل من الدنيا بزاد من التقى فعـمـرك أيـــام وهـــن قـلائــل 
ومــا هــذه الأيــام إلا مـراحـل يحث بها حاد إلى الموت قاصد 
وأعجب شيء لـو تأملـت أنهـا منازل تطـوى والمسافـر قاعـد

فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني كمافي حديث شداد بن أوس عند الترمذي وغيره ، وقد أمرنا الله بمحاسبة أنفسنا فقال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ))
قال ابن كثير رحمه الله : ( أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وانظروا ماذا ادخر تم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم ) . فمحاسبة النفس هي ديدن العلماء العاملين والعبّاد الصالحين فهذا الحسن البصري يقول: ( يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يوم ذهب بعضك )
فلله كم يوم من أعمارنا أمضيناه ، ولله كم من صديق فقدناه، وكم من قريب بأيدينا دفناه ، وكم عزيز علينا في اللحد أضجعناه ، كانوا يتشوقون لإدراك هذا الشهر الكريم ؛ ليظفروا بالصيام والقيام ويتعرضوا لنفحات الكريم المنان ، فحضرت آجالهم وقطع الموت حبال آمالهم ، فحسبهم أنهم على نياتهم يؤجرون كما في الصحيحين من خبر الصادق المصدوق : (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ..)

الوقفة الثانية: (التوبة التوبة) 
المسلم ليس معصوماً عن الخطأ ، فهو عرضة للوقوع في الذنوب والآثام وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وبين أنه من طبع البشر وبين علاجه فقال : ((كلُّ بني آدَمَ خطّاء، وخيرُ الخطّائين التوّابون)) كما في حديث أنسٍ رضي الله عنه الذي أخرجه أحمد والترمذي وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((والّذي نفسِي بيَدِه، لو لم تذنِبوا لذَهَب الله بكم، ولجاءَ بقومٍ يذنِبون فيستغفِرون اللهَ فيغفِر لهم)) أخرجه مسلم ، وشهر رمضان هو شهر مغفرة الذنوب وشهر القبول ومضاعفة الحسنات وشهر العتق من النار هو الشهر الذي (تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفد فيه الشياطين ) كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة ، ،هو الشهر الذي( ينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغيَ الشرّ أقصِر، ولله عتقاء من النّار، وذلك كل ليلة) كما في السنن وعند أحمد من حديث أبي هريرة أيضا
فحري بالمؤمن الصادق الذي مد الله في عمره ، حتى أدرك هذا الشهر أن يغتنمه بتوبة صادقة وانطلاقة جادة بعزيمة أكيدة، فيجدد العهد مع الله ،بأن يلتزم بطاعته، وأن يأتمر بأوامره وينتهي عن مناهيه ، ويستقيم على دينه حتى يلقاه، فإن العبرة بالخواتيم .

الوقفة الثالثة : (رمضان فرصة لتطهير القلوب وتصفية النفوس وتزكيتها والسمو بها إلى المعالي )
إن الناظر بعين البصيرة إلى حال الناس اليوم ليرى واقعاً مؤسفاً وحالاً سيئة ...يرى إقبالاً على الدنيا الفانية وتنافساً مخيفاً في جمع حطامها، حتى إنك لترى الرجل تعرفه وعهدك به ذا حياء ولطف وخلق جم.... فما أن يقبل فيها ويدبر إلا ويصبح ذئباً ضارياً ،همه الظفر بالمال ، وعدوه من شاركه في مهنة ، أو نافسه في بيعه ، فسبحان الله وكأن أولئك خلقوا للدنيا أو سيعمرون فيها ... وصدق القائل :
ومـا هـي إلا جيفـة مستحيلـة عليها كلاب همهـن اجتذابهـا 
فإن تجتنبها كنت سلماً لأهلها وإن تجتذبها نازعتـك كلابهـا
وكذلك ترى أمراً آخر لا يقل عن سابقه قبحاً : وهو تقاتل الناس على الرياسة وحب الظهور والشهرة وهذا كله مما يوغر الصدور ويمرض القلوب ، فيتولد الحقد الدفين ، والبغضاء والحسد المشين .
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: ( ما من أحدٍ أحب الرياسة إلا حسد وبغى وتتبع عيوب الناس، وكره أن يذكر أحد بخير ). وصدق رحمه الله فقد رأينا هذا واقعاً مشاهداً .وقد نهانا النبي عما يوغر الصدور ويبعث على الفرقة والشحناء ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً. وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ ) وعندما سُئل النبي أي الناس أفضل؟ قال: { كل مخموم القلب صدوق اللسان } قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: { هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد } [رواه ابن ماجه والطبراني من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص ] فهذا هو رمضان موسم الصفاء والإخاء و الألفة والمحبة كيف لا ؟ وأنت تسمع الضجيج بالتأمين على الدعاء ، وتشاهد النشيج بالبكاء فهل يحصل مع هذا تباغض وجفاء ؟؟ فنسأل الله أن يطهر القلوب ويستر العيوب . 

الوقفة الرابعة : (ذكرياتنا الخالدة في رمضان )
عندما نذكر تأريخنا في رمضان فإننا نذكر تأريخاً مشرفاً وأمجاداً تليدة ، نذكر نصراً وفخراً ، عزة وشموخاً نذكر بطولات حققها الأخيار .
فنفخر بغزوة بدر الكبرى وفتح مكة ، ونعتز بفتح عمورية ونخوة المعتصم ، ونذكر فتح الأندلس ونتشرف بذكر انتصارات صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين فبعد موقعة حطين الشهيرة وتحرير بيت المقدس من قبضتهم، وأثناء تحقيق هذا الانتصار الباهر دخل شهر رمضان الكريم فأشار رجال صلاح الدين عليه أن يستريح خلال هذا الشهر الكريم نظير ما لاقاه من جهد ومشقة، لكنه رفض ذلك وقال \"إن العمر قصير والأجل غير مأمون والسماح للمغتصبين بالبقاء في الأرض الإسلامية يوماً واحداً مع القدرة على استخلاص الأرض منهم، عمل منكر لا أستطيع حمل مسئوليته أمام الله وأمام الناس\"
فهذا شئ من ذكرياتنا في رمضان يهتز لها القلب بهجة وسروراً وترتفع الهام عزة وشموخاً ، ولكن يعصف بذلك كله النظر إلى واقع الأمة اليوم : فهي تعيش مصائب شتى، ونكبات لا تحصى، فالنصيرية تتراقص على جثث أهل السنة في سوريا وتدفنهم وهم أحياء ، وفلسطين ترزح تحت الاحتلال اليهودي ، والحوثي يعبث في اليمن ، في تحالف صفوي يهودي شيوعي صليبي ضد السنة وأهلها!!! 
والأمة تعيش في ذلةٌ وهوان، وضعفٌ وخذلان، فلتعلم علماً يقينياً أنه لا نجاة لها مما هي فيه إلا برجعة صادقة إلى الله ، وبالتزام حقيقي بمنهج رسوله ، فذلك هو أساس النصر والنجاح والتمكين ، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.

https://taamelbyot.yoo7.com

Admin

Admin
مدير الموقع

عبودية القلب في رمضان

1438-6-26


محمد فتحي النادي




يرفع الله أعمال العباد إليه في شهر شعبان من كل عام، فقد سأل أسامة بن زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلًا له: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر يرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» [1].
 
فيأتي رمضان لتكون الصفحة الأولى من السنة الحسابية الجديدة بداية لعلاقة جيدة وجديدة بين العبد وربه؛ فهو شهر عظيم نتنسم فيه روائح القرب من الله.
 
وإن الله سبحانه وتعالى ليتفضّل على عباده في أيامهم بنفحات، قال صلى الله عليه وسلم: «إن لربكم سبحانه وتعالى في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها؛ لعل أحدكم أن تصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبدًا» [2]، فتكون أيام رمضان بنفحاتها دافعًا لهم طوال العام.
 
والصوم عبادة بيّن لنا ربنا جلّ وعلا الحكمة منها، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183]، "وهكذا تبرز الغاية الكبيرة من الصوم.. إنها التقوى.. فالتقوى هي التي تستيقظ فيالقلوب، وهي تؤدي هذه الفريضة؛ طاعة لله، وإيثارًا لرضاه.. والتقوى هي التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية، ولو تلك التي تهجس في البال" [3].
 
والتقوى عمل قلبي تظهر آثاره على الجوارح؛ فإذا كان القلب ممتلئًا بالإيمان انزجرت الجوارح عن العصيان، وإذا وقع فيها نزعَ سريعًا: {إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإذَا هُم مُّبْصِرُونَ} [الأعراف:201]، وإذا كان القلب لاهيًا عبثت الجوارح ورتعت في أودية الضلال والسفه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ... أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ» [4].
 
وقد شبّه أبو هريرة القلب بالملك المتبوع فقال: "القلب ملك وله جنود، فإذا صلح الملك صلحت جنوده، وإذا فسد الملك فسدت جنوده" [5].
 
فلذلك؛ يجب متابعة هذا القلب وتفقّد أحواله؛ لأنه كثير التقلب من حال إلى حال، والشياطين لا تريد لهذا القلب أن يستقر أو يطمئن، لذلك تجدها ترسل سراياها سرية إثر أخرى لاقتحامه والعبث فيه، ونشر الظلام في جنباته، ومحاولة طمس نور الإيمان والهداية.
 
ولذلك اعتبر ابن الجوزي أن القلب كالحصن، وعلى ساكني هذا الحصن ألا يغفلوا لحظة عن تحركات أعدائهم، وإلا سقط الحصن وتخرب، واستبيحت بيضته للأعادي، فقال: "اعلم أن القلب كالحصن، وعلى ذلك الحصن سور، وللسور أبواب، وفيه ثُلَم، وساكنه العقل، والملائكة تتردد إلى ذلك الحصن، وإلى جانبه ربض فيه الهوى والشياطين تختلف إلى ذلك الربض من غير مانع، والحرب قائم بين أهل الحصن وأهل الربض والشياطين لا تزال تدور حول الحصن تطلب غفلة الحارس والعبور من بعض الثُّلَم. فينبغي للحارس أن يعرف جميع أبواب الحصن الذي قد وُكِّل بحفظه، وجميع الثُّلَم، وأن لا يفتر عن الحراسة لحظة؛ فإن العدو ما يفتر" [6].
 
وعدو الإنسان الأول هو الشيطان الذي لم ييأس من غواية بني آدم منذ أبيهم الأول حتى قيام الساعة، وقد هيأ الله في رمضان من الأسباب المعينة على الطاعة ما يجعل الإنسان قادرًا على مواجهة الشياطين طوال العام، بل إن ربنا ليتفضّل على عباده بأنه يقيد الشياطين ليعلم عبده أن الشياطين أضعف مما يتصور، وأنهم ما سُلطوا عليه إلا عندما ترك لهم نفسه فريسة لهم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِى مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ» [7].
 
وبصلاح الباطن ينصلح الظاهر، وما المنافق إلا إنسان أظهر صلاحًا، وأبطن كفرًا بواحًا؛ لذلك كان الصوم لإعادة التوازن بين الظاهر والباطن، فهو عبادة باطنية، وسرٌّ بينك وبين ربك، قد لا يطّلع عليه أقرب الناس إليك؛ لذلك كان الجزاء عليه غير مقدّر، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» [8].
 
فهنا يتجلى إخلاص العبادة لله، وتمحضها له، حيث لا رياء، وما يُضيع الأعمال إلا أن يتوجه بها العبد إلى الناس قبل رب الناس، فعندئذ يتركه ربنا تبارك وتعالى ليأخذ أجره من الناس، وأنّى لهم ذلك؟
 
فالصوم معاملة بين العبد والرب، "وإنما خص الصوم بأنه له -وإن كانت العبادات كلها له-، لأمرين:
أحدهما: أن الصوم يمنع من ملاذِّ النفس وشهواتها ما لا يمنع منه سائر العبادات.
الآخر: أن الصوم سر بين العبد وربه لا يظهر إلا له، فلذلك صار مختصًّا به، وما سواه من العبادات ظاهر، ربما فعله تصنعًا ورياء، فلهذا صار أخص بالصوم من غيره" [9].
 
وإذا كان السر معقودًا بينك وبين ربك فهنا يتجلى اليقين في موعود الله بالمغفرة والثواب الجزيل، ولا يثقل على العبدالصيام، بل يلتذ بترك الشهوات في سبيل الله، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [10].
 
يلتذ لأنه اعتقد بحق فرضية صومه، واحتسب هذا الصيام طلبًا للثواب من الله تعالى، قال الخطابي: "احتسابًا، أي: عزيمة، وهو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه، طيبة نفسه بذلك، غير مستثقل لصيامه، ولا مستطيل لأيامه" [11].
 
وبالصوم يتحرر الإنسان من قبضة الطين التي تجذبه إلى الأرض، وتجعله أسيرًا لشهواته وملذاته، فهو بصيامه كأنه مَلَك يسير على الأرض.
 
وبالصوم يوازن المسلم بين متطلبات الجسد من طعام وشراب وشهوة، ومتطلبات الروح من قرب إلى الخالق بالطاعة والتسليم.
 
وإذا لم يثمر الصيام ثمرته الحقيقية بمجانبة الفواحش والآثام والمعاصي، فما قيمة هذا الصيام؟ ما قيمة أن تمتنع عما أحل الله لك وتواقع ما حرم الله عليك أصلًا؟ لذلك قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» [12].
 
ما أعظم أن يكون المسلم حرًّا، ولا يكون أسيرًا لأي شهوة مهما عظمت، وأن يكون عبدًا خالصًا لله. وما أذل من استعبدته شهوته، فما استطاع الفكاك منها، فكانت شهوته هي المحرك له، ولن تكون هذه الشهوة إلا في طريقٍ غير طريق الهدى والصلاح.
 
وقد حاول حُجَّة الإسلام الغزالي أن يقسم درجات الناس في الصوم فقال: "اعلم أن الصوم ثلاث درجات: صوم العموم، وصوم الخصوص، وصوم خصوص الخصوص. وأما صوم العموم فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة. وأما صوم الخصوص فهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام. وأما صوم خصوص الخصوص فصوم القلب عن الهمم الدنية والأفكار الدنيوية، وكفه عما سوى الله سبحانه وتعالى بالكلية" [13].
 
فهو هنا يترقى بمنازل الصائمين؛ حيث إن بعضهم يرى أن الصوم مجرد ترك الطعام والشراب والنكاح، وقد يطلق لنفسه العنان بالنظر إلى العورات، أو سماع المحرمات، أو ما شابه ذلك.
 
فنبَّه الغزالي إلى أن الصوم أعظم من ذلك، وأن التربية بالصوم يترقى العبد بها ومن خلالها لأن يكون جسده على الأرض، وقلبه معلقًا بالعرش.
 
ونختم بقول ابن الصباغ الجذامي عن رمضان:
هذا هلال الصوم من رمضان * بالأفق بان فلا تكن بالواني
وافاك ضيفًا فالتزم تعظيمه * واجعل قراه قراءة القرآنِ
صمْه وصنْه واغتنم أيامه * واجبر ذما الضعفاء بالإحسان
واغسل به خطّ الخطايا جاهدًا * بهمول وابل دمعك الهتّان
لا غرو أن الدمع يمحو جريه * بالخدّ سكبًا ما جناه الجاني
لله قوم أخلصوا فخلّصوا * من آفة الخسران والخذلان
هجروا مضاجعهم وقاموا ليله * وتوسلوا بالذل والإذعان
قاموا على قدم الوفاء وشمّروا * فيه الذيول لخدمة الديان
ركبوا جياد العزم والتحفوا الضنا * وحدا بهم حادي جوى الأشجان
وثبوا وللزفرات بين ضلوعهم * لهب يشبّ بأدمع الأجفان
راضوا نفوسهم لخدمة ربهم * ولذاك فازوا منه بالرضوان
إن لم تكن منهم فحالفهم عسى * تجني بجاههم رضا المنان
حالفهم والزم فديتك حبهم * واجعله في دنياك فرض عيان
يا لهف نفسي إن تخلفني الهوى * عن حلبة سبقت إلى الرحمن
فلأنزفنّ مدامعي أسفًا على * عمْر تولى في هوى وتوان
--------------------------------------------------------------------
[1] أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، ح(21801)، وقال شعيب الأرناؤوط في تعليقه على "المسند": "إسناده حسن".
[2] أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"، (3/ 180) من حديث محمد بن مسلمة، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"، (10/ 231): "رواه الطبراني في الأوسط والكبير بنحوه، وفيه من لم أعرفهم، ومن عرفتهم وُثِّقوا".
[3] "في ظلال القرآن"، (1/ 140).
[4] أخرجه البخاري في (الإيمان-باب: فَضْلِ مَنِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ)، ح(52) من حديث النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ رضي الله عنه.
[5] "مصنف ابن أبي شيبة"، (11/ 221).
[6] "تلبيس إبليس"، ص (50).
[7] أخرجه الترمذي في (الصوم-باب: مَا جَاءَ فِي فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ)، ح(682)، وقد صححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".
[8] أخرجه البخاري في (الصوم-باب: هَلْ يَقُولُ: إِنِّي صَائِمٌ إِذَا شُتِمَ)، ح(1904) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ.
[9] "تفسير القرطبي"، (2/ 274).
[10] أخرجه البخاري في (الإيمان-باب: صَوْم رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الإِيمَانِ)، ح(38) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
[11] "فتح الباري"، (4/ 115).
[12] أخرجه البخاري في (الصوم-باب: مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فِي الصَّوْمِ)، ح(1903) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ.
[13] "إحياء علوم الدين"، (1/ 234) باختصار.



محطات رمضانية

1438-6-26


أيمن الشعبان




الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، جُعل شهر رمضان موسمًا للطاعات، وأفاض على الصائمين فيه من الخيرات، وشرّف أوقاته على سائر الأوقات، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير البريات، وعلى آله وصحبه أولي الفضل والمكرمات، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم المعاد، وبعد:

هذه وقفات عبارة عن محطات، نستنشق فيها نسائم الرحمات، وننتهل من بستان شهر الخيرات، نقطف الثمار والأزهار، ليتجلى ما فيها من فوائد وعبر وأسرار، علّنا ننال رضا الله العزيز الغفار، ونكون فيه من الفائزين بالجنة والمعتوقين من النار.

المحطة الأولى: رمضان جامع الأركان.
ميز الله سبحانه وتعالى هذا الشهر الفضيل، بخصائص جمة وفوائد عظيمة، تعكس حقيقة وأهمية هذا الشهر، تتجلى من خلالها وتجتمع كثرة الأجور، مع مضاعفة الحسنات وتنوع الطاعات، إذ تجتمع فيه أركان الإسلام الخمسة.

فرمضان شهر التوحيد إذ يظهر فيه التسليم التام لأحكام الله عز وجل، والانقياد الكامل والخضوع، مع ما فيها من مشقة على النفس وتغيير لنظام الحياة اليومي، واجتناب أصناف الحلال المباح في أوقات معينة.

وإخلاص الأعمال لله هو أصل الدين وعليه مداره، وهو التوحيد الذي أرسل الله به الرسل وأنزل من أجله الكتب: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر من الآية:3].

والصوم لا يقع فيه الرياء -بمجرد العمل- الناقض للإخلاص، لأنه لا يطلع عليه إلا الله بخلاف سائر الأعمال، قال ابن الجوزي: "جميع العبادات تظهر بفعلها وقلّ أن يسلم ما يظهر من شوب بخلاف الصوم".

الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، حيث يجتمع المسلمون في صلاة قيام الليل برمضان، لتقوية الصلة بالله عز وجل، لكن لا بد من التصديق بوعد الله وثوابه وتحقيق هذه العبادة، بما فيها من قراءة وخشوع ودعاء وتضرع وحسن التجاء، مع ضرورة إخلاص النية وصدق الطوية، وطلبًا للأجر والثواب بعيدًا عن مدح وثناء الناس، إذ يقول نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» (أخرجه مسلم)..

ورمضان شهر الإنفاق والجود، من حيث الصدقات أو زكاة المال المفروض، إذ اعتاد كثير من المسلمين إخراجها في هذا الشهر المبارك، لتوافق شرف الزمان وتتضاعف الأجور ويحصل التآلف والتكافل بين المسلمين.

«كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه السلام يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة» (متفق عليه)، أما ركن الحج يقول عليه الصلاة والسلام: «فإن عمرة في رمضان تقضي حجة معي» (أخرجه البخاري).

المحطة الثانية: رمضان فرصة ذهبية للتغيير.
يكاد يكون مصطلح التغيير من أكثر المصطلحات ترديدًا وشيوعًا هذه الأيام، والأنظار متجهة نحو القمة للمطالبة بتغييرالظلم والقهر والاستبداد والتسلط من قبل الحكام، وهذا مطلب إذا انضبط بالشرع، لأن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وصلاح الحاكم فيه خير عظيم على المحكومين، لكن ألا نحتاج نحن إلى تغيير؟! فهلا استوقفتنا الأحداث ولو لدقائق لإعادة النظر بعدة قضايا سلوكية ومنهجية وأخلاقية ومعاملاتية وهكذا؟! سيما ونحن في شهر مليء بحوافز التغيير مع انخفاض المثبطات والعوائق.

ففي هذا الشهر فضائل عظيمة تدعوك لتغيير نسق حياتك والروتين اليومي قبل ذلك، فأبواب الجنان تفتح، وأبواب النيران تغلق، وتصفد الشياطين، وللصائم دعوة لا ترد، ومن قام وصام إيمانًا واحتسابًا، وإقبال باغي الخير، وليلة القدر، والإقبال على تلاوة القرآن، والبذل والإنفاق، والصبر على الطاعة وعن المعصية...

أضف لذلك العوامل المساعدة لكبح جماح النفس الأمارة بالسوء، وانعدام وسوسة الشيطان وتضييق مجراه في دم ابن آدم، فإمكانية التغلب على الشيطان والنفس الأمارة بالسوء؛ حافز كبير ودافع هام جدًا لتحقيق التغير، لكن السؤال هنا عن أي تغيير نبحث؟! والجميع يلهث ويصرخ بالتغيير وربنا سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11]، "وكذلك إذا غير العباد ما بأنفسهم من المعصية، فانتقلوا إلى طاعة الله، غير الله عليهم ما كانوا فيه من الشقاء إلى الخير والسرور والغبطة والرحمة" (تفسير السعدي).

فالتغيير لا يكون بالآمال والأماني والأحلام والأوهام والدعاوى، إنما بالنية الصالحة الصادقة الخالصة، والعزيمة القوية والإرادة الحقيقية، والعمل الجاد الدؤوب، لما فيه صلاح النفس والاستقامة على طاعة الله، والارتقاء بالإيمان لأعلى المراتب، لأن حقيقته ما وقر في القلب وصدقته الأعمال.
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تجري على اليبس

المحطة الثالثة: لعلكم تتقون.
من أجلّ وأظهر حِكم الصيام وآثاره العظام وفوائده الجسام؛ تحصيل التقوى وتحقيقها، وتدريب النفس المداومة عليها، فرمضان أقصر طريق للتقوى، التي جماعها (امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه)، وهي: "أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله" (تفسير ابن كثير)، كما قال طلق بن حبيب.

لذلك قال سبحانه في بداية آيات الصيام {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة من الآية:183]، وفي آخرها {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة من الآية:187]، وقد جمع الله سبحانه وتعالى لأصحاب التقوى؛ التوحيد والعقيدة والعبادة والأخلاق، في آية واحدة بقوله سبحانه: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة:177]، ومن قام بها، كان بما سواها أقوم، فهؤلاء هم الأبرار الصادقون المتقون، وقد علم ما رتب الله على هذه الأمور الثلاثة، من الثواب الدنيوي والأخروي" (تفسير السعدي).

ومن أبرز علامات التقوى؛ تحري الحلال واجتناب الحرام، والحرص على مرضاة الله والتسليم لأوامره بكل صغيرة وكبيرة، والإخلاص والورع والزهد، والابتعاد عن مواطن الشبهات، والصبر على البلاء، والرضا بالقضاء، وشكر النعماء.

ومن مأثور السلف عن التقوى:
الحسن البصري: "ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيرًا من الحلال مخافة الحرام".
سفيان الثوري: "إنما سموا المتقين لأنهم اتقوا ما لا يتقى".
عبد الله بن المبارك: "لو أن رجلًا اتقى مائة شيء ولم يتق شيئًا واحدًا، لم يكن من المتقين".
موسى بن أعين: "المتقون تنزَّهوا عن أشياء من الحلال مخافة أنْ يقعوا في الحرام، فسماهم الله متقين" [1].
فمن لم يتق الله في رمضان ويوطن نفسه على ذلك فمتى؟!

المحطة الرابعة: خير الشهور وتجارة لن تبور.
التاجر الرابح الحاذق الذي يستثمر موسم التجارة، بأفضل الأرباح وأعظمها، ولما كان رمضان موسم من مواسم الخيرات، وفعل الطاعات واجتناب المنهيات، كان لزامًا علينا استغلاله أحسن استغلال، والاستفادة منه لتحصيل الأجر والثواب، وعدم تفويت هذه الفرصة، لأنه سريع الانقضاء وشيك الانتهاء.

قيل للأحنف بن قيس: "إنك شيخ كبير، وإن الصيام يضعفك"، فقال: "إني أعده لسفر طويل" [2].
وعن الحسنِ البصري قالَ: "إنَّ اللَّه جعلَ شهرَ رمضانَ مضمارًا لخلقه يَسْتَبِقُون فيهب طاعتهِ إلى مرضَاتهِ، فسبق قومٌ ففازُوا، وتخلَّف آخرونَ فخابُوا، فالعجَب من اللاعِبِ الضَّاحِكِ في اليومِ الذي يفوزُ فيه المحسنونَ ويخسرُ فيه المبطِلُونَ" [3].

فرمضان موسم قد لا يعوض، وشهر للاستزادة من جميع أنواع الخير، لأن النفوس تكون فيه مقبلة، والأجواء إيمانية أكثر من غيرها، قال الإمام الشافعي: "أحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداء برسول الله عليه الصلاة والسلام ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغُل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم" [4].

المحطة الخامسة: رمضان شهر العبادات لا المأكولات.
كثير من المسلمين ينصب اهتمامهم باستقبال شهر البركات والخيرات والعبادات؛ بأصناف المأكولات والمشروبات، حتى تستغرقهم وتصرفهم عن الطاعات والاستزادة من الخيرات، مع أن الحكمة من الصيام ليست مجرد ترك الطعام والشراب في النهار ليعوض ليلًا بشكل مبالغ فيه، بل بعضهم ينتقم بطعام وشراب الليل من صيام النهار، غير مكترثين ما يجره عليهم من أضرار وكسل وسوء عاقبة.

قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: "أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْبِطْنَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَإِنَّهَا مَكْسَلَةٌ عَنِ الصَّلاةِ، مُفْسِدَةٌ لِلْجَسَدِ، مُوَرِّثَةٌ لِلسَّقَمِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُبْغِضُ الْحَبْرَ السَّمِينَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ فِي قُوتِكُمْ، فَإِنَّهُ أَدْنَى مِنَ الإِصْلاحِ، وَأَبْعَدُ مِنَ السَّرَفِ، وَأَقْوَى عَلَى عِبَادَةِ اللَّهِ، وَإِنَّهُ لَنْ يَهْلِكَ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْثَرَ شَهْوَتَهُ عَلَى دِينِهِ" [5].

وقيل: "من كان همّه ما يدخل في بطنه، كانت قيمته ما يخرج منه".
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: "لَا تَأْكُلُوا كَثِيرًا، فَتَشْرَبُوا كَثيِرًا، فَتَرْقُدُوا كَثِيرًا، فَتَخْسَرُوا كَثِيرًا" [6].

وَفِي حِكْمَةِ لُقْمَانَ: "يَا بُنِيَّ إِذَا امْتَلَأَتِ الْمَعِدَةُ نَامَتِ الْفِكْرَةُ، وَخَرِسَتِ الحِكْمَةُ، وَقَعَدَتِ الْأعْضَاءُ عَنِ الْعِبَادَةِ" [7].
يقول الزعيم الإسلامي الهندي (شوكت علي) بعد أن زار مصر في شهر رمضان عام 1931م، ورأى موائدها الحافلة بصنوف الطعام: "إن فتات موائد المصريين كفيل بأن يملأ بلادهم بالمساجد والمدارس والملاجئ والمستشفيات" [8].

وأخيرًا أذكر نفسي والمسلمين جميعًا بكلمات جميلة لابن القيم في المقصود من الصيام ومنافعه وفوائده، يقول: "المقصود من الصيام حبس النفس عن الشهوات، وفطامها عن المألوفات، وتعديل قوتها الشهوانية، لتستعد لطلب ما فيه غاية سعادتها ونعيمها، وقبول ما تزكو به مما فيه حياتها الأبدية، ويكسر الجوع والظمأ من حدتها وسورتها، ويذكرها بحال الأكباد الجائعة من المساكين، وتضيق مجاري الشيطان من العبد بتضييق مجاري الطعام والشراب، وتحبس قوى الأعضاء عن استرسالها لحكم الطبيعة فيما يضرها في معاشها ومعادها، ويسكن كل عضو منها وكل قوة عن جماحه وتلجم بلجامه، فهو لجام المتقين، وجنة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقربين" [9].

اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وسائر أعمالنا، ويسر لنا الطاعات والصالحات في شهر البركات.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] انظر الدر المنثور للسيوطي وجامع العلوم والحكم لابن رجب.
[2] تاريخ دمشق لابن عساكر.
[3] روائع التفسير لابن رجب الحنبلي.
[4] معرفة السنن والآثار للبيهقي.
[5] الجوع لابن أبي الدنيا.
[6] الشفا بأحوال المصطفى للقاضي عياض.
[7] المصدر السابق.
[8] بستان رمضان.
[9] زاد المعاد.


خصائص شهر رمضان الكريم

1438-6-26


صالح بن عبد الله القصير




عن أبي هريرة  -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين" متفق عليه[1].
 
يتلق بهذا الحديث فوائد:
 
الفائدة الأولى: من خصائص هذا الشهر الكريم أنه إذا دخل فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وغلقت أبواب جهنم  فلم يُفتح منها باب، وذلك علامة لدخول هذا الشهر الكريم يدركها أهل السماء، ويستشعرها أهل الأرض المؤمنون بخبر الصادق المصدوق، وفي هذا تعظيم لهذا الشهر، وإشعار بمكانته وحرمته، وفيه إيذان بكثرة الأعمال الصالحة فيه، وترغيب للعاملين بطاعة الله تعالى، وإشعار بقلة المعاصي من أهل الإيمان، ولهذا تكثر الطاعات في هذا الشهر وتقل المنكرات، ويقبل المؤمنون على ربهم وفي علم المؤمنين بذلك تحفيز لهم وتشجيع على فعل الطاعات وترك المنكرات ورفع لهممهم ودعوة لهم إلى تعظيم هذا الشهر الكريم كما عظمه الله تعالى بهذه الخصائص التي لا تكون في غيره.
 
الفائدة الثانية: أن الشياطين جميعا أو مردتهم يصفدون بالسلاسل والأغلال تعظيما لهذا الشهر الكريم، وليمتنعوا من إيذاء المؤمنين وإغوائهم، فلا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه في غير رمضان، ولا يصلون إلى ما يريدون من عباد الله من الإضلال عن الحق، والتثبيط عن الخير، وهذا من معونة الله لعباده المؤمنين أن حبس عنهم عدوهم الذي يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، ولذلك تجد عند الناس من الرغبة في الخير و العزوف عن الشر في هذا الشهر أكثر مما يكون في غيره من الشهور، وفي تصفيد الشياطين في رمضان إشارة إلى رفع عذر المكلف كأنه يقال له: قد كفت عنك الشياطين فلا تعتل بهم في ترك الطاعة ولا  فعل المعصية، فما بقى إلا هواك ونفسك الأمارة بالسوء فلتكن قويا عليها تكبح جماحها، وتأطرها على الحق أطرا، وليعلم المسلم أنه كلما حافظ على صيامه والتزم بآدابه كان تأثير الشياطين عليه أقل وبعدهم عنه أكبر، وإذا كان صيامه مجرد عادة، لم يحافظ عليه عما يجرحه، ولم يلتزم بآدابه كان تأثيرها عليه بحسب بعده عن الصيام الحقيقي.
 
الفائدة الثالثة: شرع الله تعالى صيام شهر رمضان لتحقيق التقوى، وفي الحديث بيان لثلاثة أسباب من أسباب التقوى في رمضان، وهي: فتح أبواب الجنة، وإغلاق أبواب النار، وتصفيد الشياطين، وللتقوى في رمضان أسباب أخرى منها:
 
• أن الصيام يذكر بالزهد في الدنيا، وذلك بما شرع الله فيه من الامتناع عن أعظم شهواتها، وهي شهوتا: البطن والفرج.
 
• أن الصيام يعود النفس على الامتناع عن المحبوبات والشهوات والعوائد طاعة لله تعالى وابتغاء لمرضعاته، وفي هذا تعويد لها على عموم الطاعات التي هي حقيقة التقوى.
 
• أن الصيام يضعف البدن، فيؤدي به ذلك إلى البعد عن فعل الشر وارتكاب المعاصي.
 
• أن الصيام في رمضان عبادة مشتركة لعموم المسلمين، فيحصل به التعاون على الخير والتنشيط على العبادة، فكل الناس يتعبدون معا ويستشعرون التقوى معا، كثير منهم لا يرضي التهاون والتكاسل في هذا الشهر ولا يرضى المعصية ولا جرح صومه، فتشعر أن الطاعة حاصلة من الجميع في البيت والشارع والمسجد مما يزيد الإيمان والتقوى.
 
وفي اجتماع هذه الأسباب الكثيرة لا يكون للمسلم عذر في مجانبة التقوى وترك أسبابها، وهي لا تتهيأ له في غير هذا الشهر كما تهيأت فيه، فلا ينبغي أن يكون المسلم عاجزا عن تحصيل التقوى بعد أن هيأ الله أسبابها الكونية والشرعية، وفي إقبال أكتر الناس على الطاعة في هذا الشهر تحقيق لإعجاز تشريعي عظيم يتجلى لنا بتحقق التقوى في هذا الشهر لكثير من الناس مما لم يكن متحققا في غيره من الشهور.
 


[1] رواه البخاري في كتاب باب الخلق، باب صفة إبليس وجوده 3/ 1194(3103)، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل وشهر رمضان 2/ 758 (1079).

https://taamelbyot.yoo7.com

Admin

Admin
مدير الموقع

فضل صيام رمضان ومنهاج الصائمين

1438-6-26


علي حسين الفيلكاوي




الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:-

ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان ويخبرهم - عليه الصلاة والسلام - أنه شهر تُفتح فيه أبواب الجنة وتُغلق فيه أبواب جهنم، وتُغَلُّ فيه الشياطين، ويقول - صلى الله عليه وسلم - "إذا كانت أول ليلة من رمضان فُتحت أبواب الجنة فلم يُغلق منها باب، وَغُلِّقتْ أبواب جهنم فلم يفتح منها باب، وصُفِّدت الشياطين، ويُنادي منادٍ يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة ويقول - عليه الصلاة والسلام - "جاءكم شهر رمضان، شهر بركة يغشاكم الله فيه فيُنزل الرحمة ويُحط الخطايا ويستجيب الدعاء، ينظر الله إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً فإن الشقي من حُرم فيه رحمة الله" ويقول - عليه الصلاة والسلام - "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" ويقول - عليه الصلاة والسلام -، يقول الله - عز وجل - في الحديث القدسي "كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك". والأحاديث في فضل صيام رمضان كثيرة، والله - سبحانه وتعالى - جعل عمل ابن آدم كله له إلا الصوم فهو لله - جل وعلا -، والله - عز وجل - هو الذي يجزي به وهذا يدل على فضل هذا الشهر الكريم وزيادة الأجر فيه، فينبغي للمؤمن أن يتوب إلى الله من ذنوبه وأن ينتهز هذه الفرصة وهي ما مَنَّ الله به عليه من إدراك شهر رمضان، فيسارع إلى الطاعات، ويحذر السيئات ويجتهد في أداء ما افترض الله عليه ولا سيَّما الصلوات الخمس فإنها عمود الإسلام وهي أعظم الفرائض بعد الشهادتين ولا يتركها إلا كافر خارج عن ملة الإسلام على القول الراجح من أقوال العلماء لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" وللحديث الآخر "بين الإيمان والكفر والشرك ترك الصلاة "، فمن صام رمضان وهو تارك للصلاة فليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، فلا يقبل الله منه صيام ولا زكاة ولا عمل فقد صَحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" فيجب على المؤمن أن يحافظ على الصلاة وأن يكون من عباد الله الصالحين وليس من عُبَّاد رمضان، فيجب على من لا يصلي أن يرجع إلى الله ويتوب إليه ويحافظ عليها في رمضان وغيره وإلا كان كافراً مرتداً عن الإسلام، وفي هذه الحالة يُستتاب فإن تاب وإلا قُتِلَ مرتداً والعياذ بالله، ومن مات وهو تاركاً للصلاة فإنه لا يجوز الصلاة عليه ولا الترحم عليه ولا يُدفن في مقابر المسلمين ولا يورث، ولا يرث إن مات أحد أقاربه ولا تُأكل ذبيحته وينطبق عليه كل ما ينطبق على الكفار، فيجوز أكل ذبيحة أهل الكتاب ولا يجوز أكل ذبيحة تارك الصلاة، كما ينبغي على المسلم أن ينتبه أيضاً إلى موضوع الزكاة، فإن غالب الناس يجعل زكاته في رمضان، وهي واجبة متى بلغت النصاب وحال عليها الحول وليس فقط في رمضان، والزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، التي يجب على المسلم المحافظة عليها فهي تعمل على تثبيت أواصر المودة بين الغني والفقير لأن النفس مجبولة على حب من أحسن إليها، وهي تُطَ‏هِّر النفس وتزكيها وتبعدها عن الشح والبخل وتُعَوِّد النفس على الجود والكرم والعطف على المحتاجين، وقال الله - تعالى -فيمن قصَّر بها ولم يخرجها "والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون" (التوبة : 34).

أما حكم الصيام، فهو واجب بالكتاب والسنة والإجماع، ويلزم الصوم لكل مسلم مكلف قادر مقيم، ونفهم من كلمة مسلم أي أن الكافر لا يصح منه ولا يلزمه إلا إذا دخل بالإسلام، فتارك الصلاة مثلاً يجب عليه أن يتوب إلى الله ويُقيم الصلاة وتكون توبته توبةً نصوحاً حتى يقبل الله صيامه ويقبل أعماله، وأما بالنسبة للحائض والنفساء فلا يلزمهما الصوم ولا يصح منهما ويلزمهما قضاؤه، والحائض والنُّفَساء إذا رأوا الطهر قبل الفجر لزمهما الصيام ولا حرج في أن يكون الغسل بعد طلوع الفجر إلا أنه يجب أن يكون قبل طلوع الشمس لكي تُدرِك الصلاة قبل خروج وقتها، وكذلك الجنب ليس له تأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الشمس، أما النية للصيام وهذا الأمر يقع فيه كثير من العامة الذين يجهلون تعاليم دينهم مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول "فرض على كل مسلم ومسلمة التفقه في الدين" فكثير من العامة يتلفظون بالنية كأن يقول نويت أن أصوم غداً أو غيرها من الألفاظ، والنية محلها القلب ولا محل للسان والجوارح فيها، ومن تلفظ بها كان مبتدعاً في دين الله ما ليس منه، فالتلفظ بالنية بدعة حيث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ويصوم ويزكي ويتوضأ ويعمل ما يعمل من العبادات ولا يتلفظ بالنية لأن الله مُطَّلع على القلوب ويعلم ما في نفس العبد، ولكن يجب أن يُبَيّت الإنسان نية الصيام قبل الفجر ولكن بالقلب دون التلفظ بها لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - "من لم يٌبَيِّت الصيام قبل الفجر فلا صيام له" فتكون النية بأن يعزم بالقلب على الصيام.

ومن الأمور التي يجهلها العامة أنه من أفطر لكبره أو مَرَضْ لا يُرجى برؤه يطعم عن كل يوم مسكيناً ولا قضاء عليه، ومن أفطر لمرض يرجى برؤه أو سفر فعليه القضاء.

ومن الأمور التي تبطل الصوم الأكل والشرب عمداً فإن كان ناسياً فلا يبطل صومه ولا إثم عليه وكذلك إن كان مكرهاً لا يَفْسد صومه ولا إثم عليه، ويُبطل الصوم ما يدخل عن طريق الأنف لأنه يصل إلى المعدة، فقطرة الأنف تُبطل الصيام وذلك لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - "وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً"، وكذلك يُفسد الصيام الحقن التي تؤخذ للتغذية، أما الحقن الأخرى فلا تبطل الصيام، وتَعَمُّد القيء يبطل الصيام، وأما قطرة العين والكحل وغيرها مما يوضع في العين فلا يُفسد الصوم وذلك لأن العين ليست منفذاً للمعدة وكذلك قطرة الأذن لا تبطل الصيام وكذلك الكمَّام الذي يستخدمه مريض الربو لا يُفسد الصوم، وكذلك إذا مرَّ في مكان فيه بخوراً أو دخان أو غبار أو غيره مما له جُرم يصل إلى المعدة إن لم يتعمَّد ذلك لا يفسد صومه ولكن عليه أن يجاهد نفسه على عدم استنشاقها، وذلك أن من الأمور المفطرة أيضاً البخور والغبار إذا تعمَّد استنشاقها، ومن الأمور التي لا تبطل الصيام أيضاً معجون الأسنان إلا أن الإنسان يتحرَّص لكي لا يبلعه، أما طعم المعجون بالحلق فلا يُفسد الصوم وكذلك الحناء لا تفطر، وكذلك يجوز استعمال العطور والطيب في نهار رمضان إلا للمرأة التي تريد الخروج فليس لها مس الطيب سواء في رمضان أو غيره وذلك لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - "أيما امرأة استعطرت فمرَّت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية" أما إن استعطرت في بيتها فلا حرج في ذلك وإن خرجت وهي متعطرة تأثم ولكن صومها صحيح لا يفسد. والاحتلام وخروج القيء -إن لم يتعمد ذلك- وخروج الدم لا يُفسدون الصوم فإذا قام أحد الناس بعمل تحليل دم مثلاً في نهار رمضان فصومه صحيح وأما الدم المفسد للصوم هو دم الحيض والنفاس. وكذلك التقبيل بين الزوج وزوجته لا يفسد الصوم إلا أن تركه أولى لكي لا يحدث فيه إنزال.

أما من جامع امرأته في شهر رمضان فإن كان ليلا فيما بين غروب الشمس وطلوع الفجر فلا بأس بذلك، وإن كان جماعه نهاراً فيما بين طلوع الفجر وغروب الشمس وهو صائم مكلف به فهو آثم عاص لله ورسوله، فيجب عليه التوبة إلى الله - عز وجل - وعليه القضاء والكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يفطر بينهما إلا لعذر مثل مرض مبيح للفطر أو عيد أو سفر مبيح للفطر أو غير ذلك من مبيحات الفطر، ومن فطر بدون عذر في هذين الشهرين فيجب عليه أن يعيد الصيام من أوله، فإن لم يستطع الصيام فإطعام ستين مسكيناً لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد ولكن دون تخيير بينهما، أي يجب على المؤمن أن يجاهد نفسه على القيام بالكفارة على ترتيبها وذلك لأن الله يعلم ما في القلب فيعلم مَن المستطيع ومن لا يستطيع، ولكن إذا أكره الرجل امرأته على الجماع فليس عليها كفارة ولا قضاء لأنها مكرهة وعلى الرجل الكفارة، وأما إذا كان الرجل معذوراً بجهل أو نسيان أو إكراه فلا كفارة عليه ولا قضاء وكذلك المرأة وذلك إذا جهلوا الحكم أو نسوه ولكن من يعلم بالتحريم فيجب عليه الكفارة، ومن جامع وهو صائم في سفره أفطر ولا كفارة عليه وإنما عليه القضاء، وذلك لأن المسافر يجوز له أن يفطر، وهذه الكفارة خاصة بالجماع في رمضان أما في غير رمضان فلا كفارة فيه فلا تجب الكفارة في صيام النفل، ولا تجب في صيام كفارة اليمين، ولا تجب في صيام فدية الأذى، ولا تجب في صيام متعة الحج لمن لم يجد الهدي، ولا تجب في صيام النذر، ولا تجب الكفارة في الإنزال بقبلة أو مباشرة أو غير ذلك لأنه ليس جماع، والكفارة تجب بالجماع مطلقاً في رمضان وإن لم يحصل إنزال.

وبالنسبة للنخامة فإن بلعها حرام سواء كان الإنسان صائماً أو غير صائم وذلك لأنها مستقذرة وربما تحمل أمراضاً خرجت من البدن ولكنها لا تفطر على القول الراجح من أقوال العلماء لأنها لم تخرج من الفم ولا يعتبر بلعها أكلاً ولا شرباً، فلو ابتلعها بعد أن وصلت إلى فمه فإنه لا يفطر بها ولكن ابتلاعها محرم كما قلنا لاستقذارها وضررها.

هذا شرح ميسر وضعته لكي يستعين به كل من أشكل عليه أمرا من أمور وأحكام الصيام.

هذا وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
http://www.islamselect.net/mat/22424

https://taamelbyot.yoo7.com

Admin

Admin
مدير الموقع

فضائل القرآن والتلاوة




رمضان وتدبر القرآن



تلوح للإنسان في حياته لحظات مهمة، يستطيع أن ينجز فيها ما لا يُنجِز في غيرها، وقد تمتد الآمال بالإنسان وهو يسعى لتحقيق آماله فلا يظفر من ذلك بشيء رغم تطاول الزمن.

د. عويض بن حمود العطوي

المزيد




رمضان شهر مدارسة القرآن



ربط الله تعالى في كتابه الكريم بين صوم رمضان , والقرآن الكريم , فقال : (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان).

د. بدر عبد الحميد هميسه

المزيد




كيف تقضي نهارك في رمضان؟ قرآنك



وصف الله تعالى القرآن بأنه نور وبرهان، وموعظة، وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة للمؤمنين، وروح تحيا به النفس.

عصام حسنين

المزيد




لماذا أقرأ القرآن (نيات قراءة القرآن)



من فضائل شهر رمضان أن الله عز وجل أنزل فيه القرآن، كما قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} 

الشيخ ندا أبو أحمد

المزيد




تدبر القرآن .. لماذا وكيف؟



القرآن هادي البشرية ومرشدها ونور الحياة ودستورها، ما من شيء يحتاجه البشر إلا وبيَّنه الله فيه نصاً أو إشارة أو إيماءاً، عَلِمه مَنْ عَلِمه، وجهله من جهله...

إبراهيم التركي

المزيد




رمضانُ..والقرآنُ



قال ابن القيِّم رحمه الله تعالى: "إذا أردتَ الانتفاعَ بالقرآن؛ فاجمعْ قلبَكَ عند تلاوتِهِ وسماعِه، وألْقِ سَمْعَكَ، واحضرْ حضورَ مَن يخاطبه به مَن تكلّم به سبحانه منه إليه؛ فإنه خطابٌ منه لك على لسان رسولِهٍ،

محمد عمر دولة

المزيد




القرآن مشروعك الرباني في رمضان



هذا القرآن يناديك في شهر القرآن، وبقدر إقبالك على القرآن يكون إقبال الله تعالى عليك، وبقدر إعراضك عن القرآن يكون إعراض الله تعالى عنك، فقد قال  صلى الله عليه وسلم: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ، وارق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها».

إسماعيل حامد

المزيد




حال السلف مع القرآن في رمضـان



أيها الأخوة الأحباب: شرف الله عز وجل شهر رمضان المبارك بنزول القرآن الكريم فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، فما أحوجنا إلى أن نعود إلى القرآن فى شهر رمضان..
 

د. أحمد عرفة

المزيد




أقبلوا علي القرآن في هذه الإيام



قد منّ الله علينا بأن بلغنا رمضان، فقد كان السلف رضوان الله عليهم يدّعون الله سته أشهر كاملة بأن يبلغهم الله رمضان.

أبو عبدالملك

المزيد




رمضان والقــــــرآن



أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله أخشى الناس لربه واتقاهم لمولاه صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

إبراهيم بن محمد الحقيل

المزيد

https://taamelbyot.yoo7.com

Admin

Admin
مدير الموقع

أدعية وأذكار




أذكار الركوع والسجود وبين السجدتين



لما كان قيام الليل يغلب عليه الإطالة، كان من الأحرى أن يعرف المسلم شيئا من أذكار الركوع والسجود، وذلك لئلا يسهو أو يمل فتثقل عليه الصلاة.

أسرة تحرير موقع رمضانيات

المزيد




دعاء استفتاح صلاة الليل



اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلـج والبرد

أسرة تحرير موقع رمضانيات

المزيد




ما يقول في سجود التلاوة



كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا مرَّ بآية سجدة، كبَّر وسجد، وربما قال في سجوده: "سجد وجهي للذي خلقه وصوَّره، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته" رواه أحمد وغيره، وربما قال: "اللهم احطط عني بها وزرًا، واكتب لي بها أجرًا، واجعلها لي عندك ذخرًا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود" رواه الترمذي .
 

أسرة تحرير موقع رمضانيات

المزيد




ما يقول الصائم إذا سابه أحد



قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم" متفق عليه.
 

أسرة تحرير موقع رمضانيات

المزيد




الدعاء إذا أفطر عند قوم



كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أفطر عند أهل بيت قال: "أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلَّت عليكم الملائكة" رواه ابن السني.
 

أسرة تحرير موقع رمضانيات

المزيد




الدعاء إذا صادف ليلة القدر



قالت عائشة -رضي الله عنها-: يا رسول الله، أرأيت إن علمت ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" رواه الترمذي.
 

أسرة تحرير موقع رمضانيات

المزيد




الذكر عقب السلام من الوتر



كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سلَّم من وتره قال: "سبحان الملك القدوس" (ثلاث مرات)، والثالثة يجهر بها ويمد بها صوته، يقول: "رب الملائكة والروح" رواه النسائي والدارقطني .
 

أسرة تحرير موقع رمضانيات

المزيد




دعاء القنوت



علَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي –رضي الله عنهما– أن يقول في قنوته: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، لا منجا منك إلا إليك" رواه أهل السنن الأربعة والبيهقي .
 

أسرة تحرير موقع رمضانيات

المزيد




ما يقول إذا أفطر الصائم



كان صلى الله عليه وسلم ، إذا أفطر قال: "ذهب الظمأ ، وابتلّت العروق ،وثبت الأجر إن شاء الله " رواه أبو داود .
 

أسرة تحرير موقع رمضانيات

المزيد




ما يقول إذا رأى الهلال



عن قتادة رضي الله عنه ، أنه بَلَغَه " أن نبي الله صلى الله عليه وسلم ،كان إذا رأى الهلال قال:" هلال خير ورشد ، هلال خير ورشد ، هلال خير ورشد ، آمنت بالله الذي خلقك ،ثلاث مرات ، ثم يقول :الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا وجاء بشهر كذا " رواه أبو داود .
 

أسرة تحرير موقع رمضانيات

المزيد


https://taamelbyot.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى