الطريق الى مكة , مساجد عامرة , صيام وصحة , فتاوى الصيام , الخيمة الرمضانية , نغمات رمضانية للجوال
الطريق الى مكة , مساجد عامرة , صيام وصحة , فتاوى الصيام , الخيمة الرمضانية , نغمات رمضانية للجوال
الطريق الى مكة , مساجد عامرة , صيام وصحة , فتاوى الصيام , الخيمة الرمضانية , نغمات رمضانية للجوال
الطريق الى مكة , مساجد عامرة , صيام وصحة , فتاوى الصيام , الخيمة الرمضانية , نغمات رمضانية للجوال
الطريق الى مكة , مساجد عامرة , صيام وصحة , فتاوى الصيام , الخيمة الرمضانية , نغمات رمضانية للجوال
إبراهيم بن عبد الله الدويش
كلما أقبل شهر رمضان أقبلت الخواطر في محاسبة النفس ومراجعتها، والرغبة والأماني في التزود الإيماني وشحن القلب وتزكية النفس وتحليتها، وبالأخص في جانب تقوية العلاقة بالله، وليس هذا بمستغرب؛ فالكل يشهد ومع التصحر الإيماني الذي أصاب ويصيب النفوس بسبب المتغيرات والمستجدات على كل الأصعدة، أصبحت النفس العاقلة تشعر بل وتتألم لجوعتها الإيمانية في وقت مجاعة يكاد يصيب الكثير إن لم يكن الجميع، لكنها لا تدري كيف تكسر حدة هذه الجوعة ولو بجرعة يسيرة رغم أن الزاد بين يديها.
عجيب .. ! نفس تحمل الزاد بكل صنوفه، ولا تستطيع أن تسد رمقها؟ آهٍ وآهٍ من هذا الزمن وبُنياته! فإذا كان الأطباء يشكون الداء فمن سيصف الدواء؟ سبحان الله! هم يعرفون الدواء ويحملونه، بل ويصرفونه، لكن الكثير منهم لا يستطيع تناوله.
لست أتحدث عن الصفوة ممن أعجزه الكسل، أو أصابه الخوف والهلع، أو أغرقه الطمع والجشع، بل عمن يسعى وينفع، ويُعطي ويرفع، ينفع الناس بكلماته ويرفع هممهم بعظاته، فأشغلوه وأشغلته همته وحب الخير للناس، أتحدث عن الصفوة ودُلاَّل الخير، والنجوم التي يهتدي بها الناس؛ حيث لا يكاد بال أحدهم يهدأ، أو يستجم، وإن استجم الجسد فالفكر والعقل كالرحى لا يستقر.
فهؤلاء فرحهم برمضان كفرح من قال: (اللهم أنت عبدي وأنا ربك) أخطأ من شدة الفرح؛ فقد وجدوا ضالتهم برمضان حيث لذة العبادة، ولحظات التدبر والترتيل للقرآن، وروحانية الصيام والقيام، وروعة الخلوة والاعتكاف، و .. و .. و، لكن هيهات فهم دُلاَّل للخير ومحركو القلوب، وماذا يفعل الواحد منهم وقلبه يعتلج ويحترق في حب الخير وتوجيه الناس، ويعلم أن رمضان فرصة؛ فهو شهر التوبة والمحاسبة، وشهر إقبال القلوب وصقلها .. لكنه أيضًا يعلم أن نفسه كغيرها من النفوس بل أشد حاجة للتوبة، والمحاسبة، والتزود بالوقود، فإن فاتت هذه المحطة فقد لا يجد غيرها بسهولة، فهو في صحراء مترامية الأطراف شديدة الغليان والذوبان.
إنها دوامة يصعب على كل أحد - وإن كان من الصفوة - أن يضبط توازنه في إعصار كهذا، خاصة عندما يشتكي القلب تفرقه وشعثه، وبُعده وقسوته؛ فكلنا يروح ويغدو في أعمال وأشغال، تطول معها الأحلام والآمال.
فتنبه أخي، وقف، واحذر! فالنفس تحتاج لوقفات وخلوات، لزيادة رصيد الإيمان وسكب العبرات، خاصة في زمن الفتن والشهوات، الذي ننسى فيه كثيراً حاجة النفس والذات لصفاء القلب، وبقدر ما في القلب من النور سيكون قوة إشعاعه؛ لأن تفاضل الأعمال بتفاضل ما في القلوب من حقيقة الإيمان ولذته، ولذا قال أبو بكر المزني: "ما فاق أبو بكر رضي الله عنه أصحاب رسول الله بصوم ولا صلاة، ولكن بشيء كان في قلبه" [جامع العلوم والحكم (1/225)].
ومن تأمل في هذه المرحلة حال الصفوة - وهم ليسوا كغيرهم - وجد ضعفاً وفتوراً وكسلاً في جوانب العبادة والسلوك، ليس إهمالاً بل انشغالاً.
وأعلم أن الكثير منهم يشكو ويتألم ويتحسر لمثل هذا، لكنها الشواغل الدعوية والدخول مع الناس وللناس، ونسيان النفس وحاجاتها؛ فإن كان؛ فلا يجب أن يكون في رمضان.
إنه صراع المشاعر في نفوس الصفوة الأخيار عند إقبال رمضان، ولذا كان صلى الله عليه وسلم يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره به من الشهور، ويؤثر عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله أنه كان يترك حِلَق التدريس في رمضان، ويتفرغ للعبادة وقراءة القرآن، هكذا هم الصفوة.
فتعالوا يا نجوم الزمان! لانتهاز الفرص، واستثمار هذا الموسم؛ لتقوية العلاقة بالله، وتصفية القلب مما علق عليه من الرَّيْن؛ فرمضان جُنة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقربين، يعيد للقلب والجوارح صحتها التي سلبتها أيدي الشواغل والصوارف حتى وإن كانت خيراً؛ فالعاقل يعلم يقيناً أن أول ما عليه النجاة بنفسه، وأنه إن لم يأخذ فلن يعطي، وبحسب كمية الوقود يكون طول المسير وأعلم أن الأمر صعب، وأن التسديد والمقاربة أصعب، لكني أهمس في أذنك همسة محب: إن لم تستطع أن تملأ خزان الوقود أو أن تخفف من تلك الشواغل المباركة كل رمضان، فلا أقل من استثمار عَشره الأخير، وخاصة بالاعتكاف، فلا بد من خلوة للعاقل يخلو فيها بنفسه للذكر والفكر والمحاسبة لتزكية النفس.
يقول عمر رضي الله عنه: "خذوا حظكم من العزلة" [رواه وكيع في الزهد، و ابن المبارك أيضًا في الزهد وغيرهما].
وقال مسروق: "إن المرء لَحقيق أن يكون له مجالس يخلو فيها، فيذكر فيها ذنوبه، فيستغفر منها" [رواه أحمد في الزهد، و ابن أبي شيبة في المصنف وغيرهما].
فالخلوة بين الفينة والفينة مع النفس ضرورة جدّاً لكي يتفرغ القلب وليس لها مثيل في سُنَّة الاعتكاف، وقد اعتكف خير الصفوة نبي الله صلى الله عليه وسلم رغم كثرة شغله، واعتكف أصحابه معه وبعده؛ فهم يعلمون أن في القلب شعثاً لا يلمُّهُ إلا الإقبال على الله، وجمع كلِّيته عليه تعالى بحيث يصير ذكره سبحانه وحبه، والإقبال عليه زادَه بل وحلاوتَه.
فتنبه أخي لهذه المعاني! واستعن بالله ولا تعجز، واحذر يا دليل الخير التسويف، ومداخل إبليس! فهو حاذق في مداخله على الصفوة. والله المستعان.
أبو حاتم عبد الرحمن الطوخي
ليس تقوى الله بالصيام والقيام والتخليط بينهما..
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيرًا فهو خير إلى خير".
وذكر معروف الكرخي عن بكر بن خنيس رحمهما الله قال: "كيف يكون متقيًا من لا يدري ما يتقي".
ثم قال معروف الكرخي: "إذا كنت لا تحسن تتقي أكلت الربا، وإذا كنت لا تحسن تتقي لقيتك امرأة ولم تغض بصرك، وإذا كنت لا تحسن تتقي وضعت سيفك على عاتقك".
قلت:
فإن كنت لا تدرى ما التقوى فاحذر عقاب الله أن يأتيك لأجترائك على حدوده، واحذر التخليط في عملك وأنت صائم من فعل الخنا وقو ل الفحش، ومشاهدة المنكر، فالفرائض لا يعدل بها شيء، واجتناب المحرمات هو الخير الذي من رزقه فهو خيرًا إلى خيرًا.
الفرق بين أنفس الصالحين وأنفسنا:
قال عبد الله بن المبارك: "إن الصالحين كانت أنفسهم تواتيهم على الخير عفوًا، وإن أنفسنا لا تواتينا إلا كرهًا".
قلت: رحم الله ابن المبارك الذي جمع خصال الخير، وقال فيه سفيان بن عيينة: "إني لأشتهي من عمري كله أن أكون سنة واحدة مثل عبد الله بن المبارك، ما أقدر أن أكون ولا ثلاثة أيام"، ومع ذلك يحدث عن نفسه الطاهرة النقية التي تفعل الخير جبلية ويكرهها على فعل الخير..
فكيف نفعل بأنفسنا التي أسرفت وأذنبت وعصت وطغت فاللهم عفوًا وغفرانًا..
اللهم أعانا على طاعتك، وارزقنا حلاوة مناجاتك، ولاتحرمنا الخير الذي عندك بمعاصينا.
سلسلة العلامتين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد..
أخي الكريم .. أختي الكريمة
إن موسم الطاعات عند المسلمين تتوالى على مدار العام رحمةً من الله بعباده وتحبباً إليهم ، ومواسم أهل المعصية والفسق والظلام تتوالى عليهم من الله إمهالاً وإبغالاً بهم في وحل المعصية والذنب ، وكلٌّ حريص على استغلال موسمهِ خير استغلال ..
فإما شاهد لكم أو عليكم
* قال ابن الجوزي رحمه الله : شهر رمضان ليس مثله في سائر الشهور، ولا فضلت به أمة غير هذه الأمة في سائر الدهور ، الذنب فيه مغفور والسعي فيه مشكور ، والمؤمن فيه محبور والشيطان مبعد مثبور ، والوزر والإثم فيه مهجور وقلب المؤمن بذكر الله معمور ، وقد أناخ بفنائكم هو عن قليل راحل عنكم ، شاهد لكم أو عليكم ، مؤذن بشقاوة أو سعادة أو نقصان أو زيادة وهو ضعيف مسؤول من عند رب لا يحول ولا يزول يخبر عن المحروم منكم والمقبول فالله الله أكرموا نهاره بتحقيق الصيام واقطعوا ليله بطول البكاء والقيام ، فلعلكم أن تفوزوا بدار الخلد والسلام مع النظر إلى وجه ذي الجلال والإكرام ومرافقة النبي صلى الله عليه وسلم. أهـ
فينبغي للمسلم أن لا يفرط في مواسم الطاعات وأن يكون من السابقين إليها ومن المتنافسين فيها.. قال تعالى { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ } المطففين 26
فاحرص أخي الكريم..أختي الكريمة
على استقبال رمضان بالتنافس فيه من خلال الأعمال والأمور التالية :
* بعقد العزم الصادق بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى والهمة العالية على تعمير رمضان بالأعمال الصالحة فمن صَدَقَ الله صدقه وأعانه على الطاعة ويسر له سبل الخير .. قال تعالى { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى }طه 82
* باستحضار أن رمضان ما هو إلا أيام معدودات سرعان ما ينقضي ولعله يكون آخر رمضان تدركه ، فاستزد فيه من الخير .. قال صلى الله عليه وسلم : « واجعل الحياة زيادة لي في كل خير» رواه مسلم.
* باغتنام هذه الفرصة لتزكية نفسك وتطهيرها وتعويدها على الطاعة وتذكر { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } سورة الرعد 11
* باستشعار رقابة الله جل وعلا والتفكير في معاني أسمائه الحسنى {البصير - الشهيد - المحيط - الرقيب - السميع} في صيامك وقيامك وحفظ لسانك وسمعك وبصرك وجميع جوارحك لما يحب الله ويرضى قال تعالى { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } ق 18
* بإكثارك من ذكر الله عز وجل .. قال صلى الله عليه وسلم « لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله » رواه أحمد، وتلاوة كتابه الكريم بتدبر وخشوع وأنه سيكون لك شفيعا يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم : « اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه » رواه مسلم
قال ابن عباس: لأن أقرأ سورة وأرتلها وأتدبرها أحب إلي من أن اقرأ القرآن كله . أهـ
وكان الإمام مالك أذا دخل رمضان نفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف
* بتحري الدعاء في الأوقات الفاضلة :
1- عند الإفطار .. قال صلى الله عليه وسلم « ثلاث لاترد دعوتهم : الصائم حتى يفطر..» رواه الترمذي وابن ماجه
2- بين الأذان والإقامة .. قال صلى الله عليه وسلم « لايرد الدعاء بين الأذان والإقامة» رواه الترمذي
3- الثلث الأخير من الليل .. قال صلى الله عليه وسلم « ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأعفر له» رواه البخاري ومسلم
* بنفقتك على أهلك صدقات تدخر لك.. قال صلى الله عليه وسلم : « الثلث والثلث كثير إن صدقتك من مالك صدقة وإن نفقتك على عيالك صدقة وإن ما تأكل امرأتك من مالك صدقة وإنك أن تدع أهلك بخير خير من أن تدعهم يتكففون الناس» رواه مسلم
* باجتهادك في العشر الأواخر من رمضان ففيها الخير العظيم ( ليلة القدر) بقيامها إيمانا واحتسابا مغفرة لما تقدم من ذنوبك ، وحرصك على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم وتأسيا به في سنة الاعتكاف والمحافظة عليها قال صلى الله عليه وسلم « من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه » رواه النسائي عن أبي هريرة
* بالمسارعة في تصحيح مسيرك إلى الله تعالى وتحمل الصعاب والمشاق والصبر على ذلك ومن ثم تصحيح سلوكك وخلقك مع الناس ( أهلك وأرحامك وأصحابك وجيرانك وغيرهم ) وسلامة صدرك نحوهم .. قال صلى الله عليه وسلم « أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا» رواه الترمذي
* ويل لمن لم يغفر له.. قال صلى الله عليه وسلم : « أتاني جبريل فقال يامحمد من أدرك شهر رمضان فمات ولم يغفر له فأدخل النار فأبعده الله قل أمين فقلت أمين» رواه الطبراني عن جابر بن سمرة
* تذكر أن الغاية من حياتك هي عبادتك لله عز وجل ، فاجتهادك في رمضان جزء من اجتهادك في حياتك كلها فَتحفظ بذلك وقتك وأيام عمرك وتنطلق نحو التغيير والإصلاح والمسابقة والمسارعة لكل مايحبه الله ويرضاه قال صلى الله عليه وسلم « اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل مماتك وشبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك» رواه الحاكم
* كن معهم قال تعالى {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } آل عمران 133
سعود بن سعد السبيعي
بسم الله الرحمن الرحيم
تدور عجلة الزمن بسرعة مذهلة ترتجف منها القلوب الحية ، ذلك أن المسلم يكاد يطيش عقله عندما يقف مع نفسه محاسباً: ماذا قدّم فيما انقضى من أيام عمره ولياليه ؟؟ ويزداد خوفاً وفرقاً عندما يستحضر ما رواه الترمذي وابن ماجة وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك ).فيا الله ما أقصر الأعمار .... !!! تبلغ الستين أو السبعين أو الثمانين أو المئة ، ثم تنتهي من الدنيا وتنتقل إلى الآخرة ، وهذا إن لم تتخطفك المنون في سن الشباب أو الكهولة ....!!!!
لكن عزاء المسلمين أن لهم رباً لطيفاً رحيما ، عوضهم بقصر أعمارهم ما يدركون به أعمال المعمرين مئات السنين ، وذلك بمضاعفة الأجور والحسنات بحسب شرف الأزمنة والأمكنة ومواسم الطاعات .ومن ذلك ما أنعم الله به على عباده بفضيلة شهر الصيام ففيه مضاعفة للحسنات، وتكفير للسيئات، وإقالة للعثرات ؛ فلذلك والذي قبله أحببت التذكير مع قدومه بهذه الوقفات :
الوقفة الأولى (وقفة محاسبة) :
يجب على كل مسلم أن يأخذ العبرة من سرعة تصرم الأيام والليالي فيقف مع نفسه محاسباً، حساباً يدفعه إلى العمل الصالح وهجر الذنوب والمعاصي فلو يرجع بذاكرته ويستعرض ما مضى من عمره ، و يتأمل عامه الذي انصرم .بأيامه ولياليه وثوراته ومآسيه ، انصرم وكل لحظة منه تباعدنا عن الدنيا وتقربنا من الآخرة . قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: \"ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل واحدة منها بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل\"أخرجه البخاري.
ولله در القائل:
نسير إلى الآجال في كل لحظة وأعمارنا تطوى وهـن مراحـل
ترحل من الدنيا بزاد من التقى فعـمـرك أيـــام وهـــن قـلائــل
ومــا هــذه الأيــام إلا مـراحـل يحث بها حاد إلى الموت قاصد
وأعجب شيء لـو تأملـت أنهـا منازل تطـوى والمسافـر قاعـد
فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني كمافي حديث شداد بن أوس عند الترمذي وغيره ، وقد أمرنا الله بمحاسبة أنفسنا فقال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ))
قال ابن كثير رحمه الله : ( أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وانظروا ماذا ادخر تم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم ) . فمحاسبة النفس هي ديدن العلماء العاملين والعبّاد الصالحين فهذا الحسن البصري يقول: ( يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يوم ذهب بعضك )
فلله كم يوم من أعمارنا أمضيناه ، ولله كم من صديق فقدناه، وكم من قريب بأيدينا دفناه ، وكم عزيز علينا في اللحد أضجعناه ، كانوا يتشوقون لإدراك هذا الشهر الكريم ؛ ليظفروا بالصيام والقيام ويتعرضوا لنفحات الكريم المنان ، فحضرت آجالهم وقطع الموت حبال آمالهم ، فحسبهم أنهم على نياتهم يؤجرون كما في الصحيحين من خبر الصادق المصدوق : (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ..)
الوقفة الثانية: (التوبة التوبة)
المسلم ليس معصوماً عن الخطأ ، فهو عرضة للوقوع في الذنوب والآثام وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وبين أنه من طبع البشر وبين علاجه فقال : ((كلُّ بني آدَمَ خطّاء، وخيرُ الخطّائين التوّابون)) كما في حديث أنسٍ رضي الله عنه الذي أخرجه أحمد والترمذي وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((والّذي نفسِي بيَدِه، لو لم تذنِبوا لذَهَب الله بكم، ولجاءَ بقومٍ يذنِبون فيستغفِرون اللهَ فيغفِر لهم)) أخرجه مسلم ، وشهر رمضان هو شهر مغفرة الذنوب وشهر القبول ومضاعفة الحسنات وشهر العتق من النار هو الشهر الذي (تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفد فيه الشياطين ) كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة ، ،هو الشهر الذي( ينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغيَ الشرّ أقصِر، ولله عتقاء من النّار، وذلك كل ليلة) كما في السنن وعند أحمد من حديث أبي هريرة أيضا
فحري بالمؤمن الصادق الذي مد الله في عمره ، حتى أدرك هذا الشهر أن يغتنمه بتوبة صادقة وانطلاقة جادة بعزيمة أكيدة، فيجدد العهد مع الله ،بأن يلتزم بطاعته، وأن يأتمر بأوامره وينتهي عن مناهيه ، ويستقيم على دينه حتى يلقاه، فإن العبرة بالخواتيم .
الوقفة الثالثة : (رمضان فرصة لتطهير القلوب وتصفية النفوس وتزكيتها والسمو بها إلى المعالي )
إن الناظر بعين البصيرة إلى حال الناس اليوم ليرى واقعاً مؤسفاً وحالاً سيئة ...يرى إقبالاً على الدنيا الفانية وتنافساً مخيفاً في جمع حطامها، حتى إنك لترى الرجل تعرفه وعهدك به ذا حياء ولطف وخلق جم.... فما أن يقبل فيها ويدبر إلا ويصبح ذئباً ضارياً ،همه الظفر بالمال ، وعدوه من شاركه في مهنة ، أو نافسه في بيعه ، فسبحان الله وكأن أولئك خلقوا للدنيا أو سيعمرون فيها ... وصدق القائل :
ومـا هـي إلا جيفـة مستحيلـة عليها كلاب همهـن اجتذابهـا
فإن تجتنبها كنت سلماً لأهلها وإن تجتذبها نازعتـك كلابهـا
وكذلك ترى أمراً آخر لا يقل عن سابقه قبحاً : وهو تقاتل الناس على الرياسة وحب الظهور والشهرة وهذا كله مما يوغر الصدور ويمرض القلوب ، فيتولد الحقد الدفين ، والبغضاء والحسد المشين .
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: ( ما من أحدٍ أحب الرياسة إلا حسد وبغى وتتبع عيوب الناس، وكره أن يذكر أحد بخير ). وصدق رحمه الله فقد رأينا هذا واقعاً مشاهداً .وقد نهانا النبي عما يوغر الصدور ويبعث على الفرقة والشحناء ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً. وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ ) وعندما سُئل النبي أي الناس أفضل؟ قال: { كل مخموم القلب صدوق اللسان } قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: { هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد } [رواه ابن ماجه والطبراني من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص ] فهذا هو رمضان موسم الصفاء والإخاء و الألفة والمحبة كيف لا ؟ وأنت تسمع الضجيج بالتأمين على الدعاء ، وتشاهد النشيج بالبكاء فهل يحصل مع هذا تباغض وجفاء ؟؟ فنسأل الله أن يطهر القلوب ويستر العيوب .
الوقفة الرابعة : (ذكرياتنا الخالدة في رمضان )
عندما نذكر تأريخنا في رمضان فإننا نذكر تأريخاً مشرفاً وأمجاداً تليدة ، نذكر نصراً وفخراً ، عزة وشموخاً نذكر بطولات حققها الأخيار .
فنفخر بغزوة بدر الكبرى وفتح مكة ، ونعتز بفتح عمورية ونخوة المعتصم ، ونذكر فتح الأندلس ونتشرف بذكر انتصارات صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين فبعد موقعة حطين الشهيرة وتحرير بيت المقدس من قبضتهم، وأثناء تحقيق هذا الانتصار الباهر دخل شهر رمضان الكريم فأشار رجال صلاح الدين عليه أن يستريح خلال هذا الشهر الكريم نظير ما لاقاه من جهد ومشقة، لكنه رفض ذلك وقال \"إن العمر قصير والأجل غير مأمون والسماح للمغتصبين بالبقاء في الأرض الإسلامية يوماً واحداً مع القدرة على استخلاص الأرض منهم، عمل منكر لا أستطيع حمل مسئوليته أمام الله وأمام الناس\"
فهذا شئ من ذكرياتنا في رمضان يهتز لها القلب بهجة وسروراً وترتفع الهام عزة وشموخاً ، ولكن يعصف بذلك كله النظر إلى واقع الأمة اليوم : فهي تعيش مصائب شتى، ونكبات لا تحصى، فالنصيرية تتراقص على جثث أهل السنة في سوريا وتدفنهم وهم أحياء ، وفلسطين ترزح تحت الاحتلال اليهودي ، والحوثي يعبث في اليمن ، في تحالف صفوي يهودي شيوعي صليبي ضد السنة وأهلها!!!
والأمة تعيش في ذلةٌ وهوان، وضعفٌ وخذلان، فلتعلم علماً يقينياً أنه لا نجاة لها مما هي فيه إلا برجعة صادقة إلى الله ، وبالتزام حقيقي بمنهج رسوله ، فذلك هو أساس النصر والنجاح والتمكين ، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
الطريق الى مكة , مساجد عامرة , صيام وصحة , فتاوى الصيام , الخيمة الرمضانية , نغمات رمضانية للجوال
الطريق الى مكة , مساجد عامرة , صيام وصحة , فتاوى الصيام , الخيمة الرمضانية , نغمات رمضانية للجوال
الطريق الى مكة , مساجد عامرة , صيام وصحة , فتاوى الصيام , الخيمة الرمضانية , نغمات رمضانية للجوال
الطريق الى مكة , مساجد عامرة , صيام وصحة , فتاوى الصيام , الخيمة الرمضانية , نغمات رمضانية للجوال
نفحات رمضانية
رمضان والصفوة
1438-6-26إبراهيم بن عبد الله الدويش
كلما أقبل شهر رمضان أقبلت الخواطر في محاسبة النفس ومراجعتها، والرغبة والأماني في التزود الإيماني وشحن القلب وتزكية النفس وتحليتها، وبالأخص في جانب تقوية العلاقة بالله، وليس هذا بمستغرب؛ فالكل يشهد ومع التصحر الإيماني الذي أصاب ويصيب النفوس بسبب المتغيرات والمستجدات على كل الأصعدة، أصبحت النفس العاقلة تشعر بل وتتألم لجوعتها الإيمانية في وقت مجاعة يكاد يصيب الكثير إن لم يكن الجميع، لكنها لا تدري كيف تكسر حدة هذه الجوعة ولو بجرعة يسيرة رغم أن الزاد بين يديها.
عجيب .. ! نفس تحمل الزاد بكل صنوفه، ولا تستطيع أن تسد رمقها؟ آهٍ وآهٍ من هذا الزمن وبُنياته! فإذا كان الأطباء يشكون الداء فمن سيصف الدواء؟ سبحان الله! هم يعرفون الدواء ويحملونه، بل ويصرفونه، لكن الكثير منهم لا يستطيع تناوله.
لست أتحدث عن الصفوة ممن أعجزه الكسل، أو أصابه الخوف والهلع، أو أغرقه الطمع والجشع، بل عمن يسعى وينفع، ويُعطي ويرفع، ينفع الناس بكلماته ويرفع هممهم بعظاته، فأشغلوه وأشغلته همته وحب الخير للناس، أتحدث عن الصفوة ودُلاَّل الخير، والنجوم التي يهتدي بها الناس؛ حيث لا يكاد بال أحدهم يهدأ، أو يستجم، وإن استجم الجسد فالفكر والعقل كالرحى لا يستقر.
فهؤلاء فرحهم برمضان كفرح من قال: (اللهم أنت عبدي وأنا ربك) أخطأ من شدة الفرح؛ فقد وجدوا ضالتهم برمضان حيث لذة العبادة، ولحظات التدبر والترتيل للقرآن، وروحانية الصيام والقيام، وروعة الخلوة والاعتكاف، و .. و .. و، لكن هيهات فهم دُلاَّل للخير ومحركو القلوب، وماذا يفعل الواحد منهم وقلبه يعتلج ويحترق في حب الخير وتوجيه الناس، ويعلم أن رمضان فرصة؛ فهو شهر التوبة والمحاسبة، وشهر إقبال القلوب وصقلها .. لكنه أيضًا يعلم أن نفسه كغيرها من النفوس بل أشد حاجة للتوبة، والمحاسبة، والتزود بالوقود، فإن فاتت هذه المحطة فقد لا يجد غيرها بسهولة، فهو في صحراء مترامية الأطراف شديدة الغليان والذوبان.
إنها دوامة يصعب على كل أحد - وإن كان من الصفوة - أن يضبط توازنه في إعصار كهذا، خاصة عندما يشتكي القلب تفرقه وشعثه، وبُعده وقسوته؛ فكلنا يروح ويغدو في أعمال وأشغال، تطول معها الأحلام والآمال.
فتنبه أخي، وقف، واحذر! فالنفس تحتاج لوقفات وخلوات، لزيادة رصيد الإيمان وسكب العبرات، خاصة في زمن الفتن والشهوات، الذي ننسى فيه كثيراً حاجة النفس والذات لصفاء القلب، وبقدر ما في القلب من النور سيكون قوة إشعاعه؛ لأن تفاضل الأعمال بتفاضل ما في القلوب من حقيقة الإيمان ولذته، ولذا قال أبو بكر المزني: "ما فاق أبو بكر رضي الله عنه أصحاب رسول الله بصوم ولا صلاة، ولكن بشيء كان في قلبه" [جامع العلوم والحكم (1/225)].
ومن تأمل في هذه المرحلة حال الصفوة - وهم ليسوا كغيرهم - وجد ضعفاً وفتوراً وكسلاً في جوانب العبادة والسلوك، ليس إهمالاً بل انشغالاً.
وأعلم أن الكثير منهم يشكو ويتألم ويتحسر لمثل هذا، لكنها الشواغل الدعوية والدخول مع الناس وللناس، ونسيان النفس وحاجاتها؛ فإن كان؛ فلا يجب أن يكون في رمضان.
إنه صراع المشاعر في نفوس الصفوة الأخيار عند إقبال رمضان، ولذا كان صلى الله عليه وسلم يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره به من الشهور، ويؤثر عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله أنه كان يترك حِلَق التدريس في رمضان، ويتفرغ للعبادة وقراءة القرآن، هكذا هم الصفوة.
فتعالوا يا نجوم الزمان! لانتهاز الفرص، واستثمار هذا الموسم؛ لتقوية العلاقة بالله، وتصفية القلب مما علق عليه من الرَّيْن؛ فرمضان جُنة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقربين، يعيد للقلب والجوارح صحتها التي سلبتها أيدي الشواغل والصوارف حتى وإن كانت خيراً؛ فالعاقل يعلم يقيناً أن أول ما عليه النجاة بنفسه، وأنه إن لم يأخذ فلن يعطي، وبحسب كمية الوقود يكون طول المسير وأعلم أن الأمر صعب، وأن التسديد والمقاربة أصعب، لكني أهمس في أذنك همسة محب: إن لم تستطع أن تملأ خزان الوقود أو أن تخفف من تلك الشواغل المباركة كل رمضان، فلا أقل من استثمار عَشره الأخير، وخاصة بالاعتكاف، فلا بد من خلوة للعاقل يخلو فيها بنفسه للذكر والفكر والمحاسبة لتزكية النفس.
يقول عمر رضي الله عنه: "خذوا حظكم من العزلة" [رواه وكيع في الزهد، و ابن المبارك أيضًا في الزهد وغيرهما].
وقال مسروق: "إن المرء لَحقيق أن يكون له مجالس يخلو فيها، فيذكر فيها ذنوبه، فيستغفر منها" [رواه أحمد في الزهد، و ابن أبي شيبة في المصنف وغيرهما].
فالخلوة بين الفينة والفينة مع النفس ضرورة جدّاً لكي يتفرغ القلب وليس لها مثيل في سُنَّة الاعتكاف، وقد اعتكف خير الصفوة نبي الله صلى الله عليه وسلم رغم كثرة شغله، واعتكف أصحابه معه وبعده؛ فهم يعلمون أن في القلب شعثاً لا يلمُّهُ إلا الإقبال على الله، وجمع كلِّيته عليه تعالى بحيث يصير ذكره سبحانه وحبه، والإقبال عليه زادَه بل وحلاوتَه.
فتنبه أخي لهذه المعاني! واستعن بالله ولا تعجز، واحذر يا دليل الخير التسويف، ومداخل إبليس! فهو حاذق في مداخله على الصفوة. والله المستعان.
حقق التقوى في رمضان
1438-6-26أبو حاتم عبد الرحمن الطوخي
ليس تقوى الله بالصيام والقيام والتخليط بينهما..
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيرًا فهو خير إلى خير".
وذكر معروف الكرخي عن بكر بن خنيس رحمهما الله قال: "كيف يكون متقيًا من لا يدري ما يتقي".
ثم قال معروف الكرخي: "إذا كنت لا تحسن تتقي أكلت الربا، وإذا كنت لا تحسن تتقي لقيتك امرأة ولم تغض بصرك، وإذا كنت لا تحسن تتقي وضعت سيفك على عاتقك".
قلت:
فإن كنت لا تدرى ما التقوى فاحذر عقاب الله أن يأتيك لأجترائك على حدوده، واحذر التخليط في عملك وأنت صائم من فعل الخنا وقو ل الفحش، ومشاهدة المنكر، فالفرائض لا يعدل بها شيء، واجتناب المحرمات هو الخير الذي من رزقه فهو خيرًا إلى خيرًا.
الفرق بين أنفس الصالحين وأنفسنا:
قال عبد الله بن المبارك: "إن الصالحين كانت أنفسهم تواتيهم على الخير عفوًا، وإن أنفسنا لا تواتينا إلا كرهًا".
قلت: رحم الله ابن المبارك الذي جمع خصال الخير، وقال فيه سفيان بن عيينة: "إني لأشتهي من عمري كله أن أكون سنة واحدة مثل عبد الله بن المبارك، ما أقدر أن أكون ولا ثلاثة أيام"، ومع ذلك يحدث عن نفسه الطاهرة النقية التي تفعل الخير جبلية ويكرهها على فعل الخير..
فكيف نفعل بأنفسنا التي أسرفت وأذنبت وعصت وطغت فاللهم عفوًا وغفرانًا..
اللهم أعانا على طاعتك، وارزقنا حلاوة مناجاتك، ولاتحرمنا الخير الذي عندك بمعاصينا.
رمضان شاهد لك او عليك
1438-6-26سلسلة العلامتين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد..
أخي الكريم .. أختي الكريمة
إن موسم الطاعات عند المسلمين تتوالى على مدار العام رحمةً من الله بعباده وتحبباً إليهم ، ومواسم أهل المعصية والفسق والظلام تتوالى عليهم من الله إمهالاً وإبغالاً بهم في وحل المعصية والذنب ، وكلٌّ حريص على استغلال موسمهِ خير استغلال ..
فإما شاهد لكم أو عليكم
* قال ابن الجوزي رحمه الله : شهر رمضان ليس مثله في سائر الشهور، ولا فضلت به أمة غير هذه الأمة في سائر الدهور ، الذنب فيه مغفور والسعي فيه مشكور ، والمؤمن فيه محبور والشيطان مبعد مثبور ، والوزر والإثم فيه مهجور وقلب المؤمن بذكر الله معمور ، وقد أناخ بفنائكم هو عن قليل راحل عنكم ، شاهد لكم أو عليكم ، مؤذن بشقاوة أو سعادة أو نقصان أو زيادة وهو ضعيف مسؤول من عند رب لا يحول ولا يزول يخبر عن المحروم منكم والمقبول فالله الله أكرموا نهاره بتحقيق الصيام واقطعوا ليله بطول البكاء والقيام ، فلعلكم أن تفوزوا بدار الخلد والسلام مع النظر إلى وجه ذي الجلال والإكرام ومرافقة النبي صلى الله عليه وسلم. أهـ
فينبغي للمسلم أن لا يفرط في مواسم الطاعات وأن يكون من السابقين إليها ومن المتنافسين فيها.. قال تعالى { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ } المطففين 26
فاحرص أخي الكريم..أختي الكريمة
على استقبال رمضان بالتنافس فيه من خلال الأعمال والأمور التالية :
* بعقد العزم الصادق بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى والهمة العالية على تعمير رمضان بالأعمال الصالحة فمن صَدَقَ الله صدقه وأعانه على الطاعة ويسر له سبل الخير .. قال تعالى { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى }طه 82
* باستحضار أن رمضان ما هو إلا أيام معدودات سرعان ما ينقضي ولعله يكون آخر رمضان تدركه ، فاستزد فيه من الخير .. قال صلى الله عليه وسلم : « واجعل الحياة زيادة لي في كل خير» رواه مسلم.
* باغتنام هذه الفرصة لتزكية نفسك وتطهيرها وتعويدها على الطاعة وتذكر { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } سورة الرعد 11
* باستشعار رقابة الله جل وعلا والتفكير في معاني أسمائه الحسنى {البصير - الشهيد - المحيط - الرقيب - السميع} في صيامك وقيامك وحفظ لسانك وسمعك وبصرك وجميع جوارحك لما يحب الله ويرضى قال تعالى { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } ق 18
* بإكثارك من ذكر الله عز وجل .. قال صلى الله عليه وسلم « لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله » رواه أحمد، وتلاوة كتابه الكريم بتدبر وخشوع وأنه سيكون لك شفيعا يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم : « اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه » رواه مسلم
قال ابن عباس: لأن أقرأ سورة وأرتلها وأتدبرها أحب إلي من أن اقرأ القرآن كله . أهـ
وكان الإمام مالك أذا دخل رمضان نفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف
* بتحري الدعاء في الأوقات الفاضلة :
1- عند الإفطار .. قال صلى الله عليه وسلم « ثلاث لاترد دعوتهم : الصائم حتى يفطر..» رواه الترمذي وابن ماجه
2- بين الأذان والإقامة .. قال صلى الله عليه وسلم « لايرد الدعاء بين الأذان والإقامة» رواه الترمذي
3- الثلث الأخير من الليل .. قال صلى الله عليه وسلم « ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأعفر له» رواه البخاري ومسلم
* بنفقتك على أهلك صدقات تدخر لك.. قال صلى الله عليه وسلم : « الثلث والثلث كثير إن صدقتك من مالك صدقة وإن نفقتك على عيالك صدقة وإن ما تأكل امرأتك من مالك صدقة وإنك أن تدع أهلك بخير خير من أن تدعهم يتكففون الناس» رواه مسلم
* باجتهادك في العشر الأواخر من رمضان ففيها الخير العظيم ( ليلة القدر) بقيامها إيمانا واحتسابا مغفرة لما تقدم من ذنوبك ، وحرصك على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم وتأسيا به في سنة الاعتكاف والمحافظة عليها قال صلى الله عليه وسلم « من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه » رواه النسائي عن أبي هريرة
* بالمسارعة في تصحيح مسيرك إلى الله تعالى وتحمل الصعاب والمشاق والصبر على ذلك ومن ثم تصحيح سلوكك وخلقك مع الناس ( أهلك وأرحامك وأصحابك وجيرانك وغيرهم ) وسلامة صدرك نحوهم .. قال صلى الله عليه وسلم « أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا» رواه الترمذي
* ويل لمن لم يغفر له.. قال صلى الله عليه وسلم : « أتاني جبريل فقال يامحمد من أدرك شهر رمضان فمات ولم يغفر له فأدخل النار فأبعده الله قل أمين فقلت أمين» رواه الطبراني عن جابر بن سمرة
* تذكر أن الغاية من حياتك هي عبادتك لله عز وجل ، فاجتهادك في رمضان جزء من اجتهادك في حياتك كلها فَتحفظ بذلك وقتك وأيام عمرك وتنطلق نحو التغيير والإصلاح والمسابقة والمسارعة لكل مايحبه الله ويرضاه قال صلى الله عليه وسلم « اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل مماتك وشبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك» رواه الحاكم
* كن معهم قال تعالى {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } آل عمران 133
وقفات مع قدوم شهر العطايا والهبات
1438-6-26سعود بن سعد السبيعي
بسم الله الرحمن الرحيم
تدور عجلة الزمن بسرعة مذهلة ترتجف منها القلوب الحية ، ذلك أن المسلم يكاد يطيش عقله عندما يقف مع نفسه محاسباً: ماذا قدّم فيما انقضى من أيام عمره ولياليه ؟؟ ويزداد خوفاً وفرقاً عندما يستحضر ما رواه الترمذي وابن ماجة وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك ).فيا الله ما أقصر الأعمار .... !!! تبلغ الستين أو السبعين أو الثمانين أو المئة ، ثم تنتهي من الدنيا وتنتقل إلى الآخرة ، وهذا إن لم تتخطفك المنون في سن الشباب أو الكهولة ....!!!!
لكن عزاء المسلمين أن لهم رباً لطيفاً رحيما ، عوضهم بقصر أعمارهم ما يدركون به أعمال المعمرين مئات السنين ، وذلك بمضاعفة الأجور والحسنات بحسب شرف الأزمنة والأمكنة ومواسم الطاعات .ومن ذلك ما أنعم الله به على عباده بفضيلة شهر الصيام ففيه مضاعفة للحسنات، وتكفير للسيئات، وإقالة للعثرات ؛ فلذلك والذي قبله أحببت التذكير مع قدومه بهذه الوقفات :
الوقفة الأولى (وقفة محاسبة) :
يجب على كل مسلم أن يأخذ العبرة من سرعة تصرم الأيام والليالي فيقف مع نفسه محاسباً، حساباً يدفعه إلى العمل الصالح وهجر الذنوب والمعاصي فلو يرجع بذاكرته ويستعرض ما مضى من عمره ، و يتأمل عامه الذي انصرم .بأيامه ولياليه وثوراته ومآسيه ، انصرم وكل لحظة منه تباعدنا عن الدنيا وتقربنا من الآخرة . قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: \"ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل واحدة منها بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل\"أخرجه البخاري.
ولله در القائل:
نسير إلى الآجال في كل لحظة وأعمارنا تطوى وهـن مراحـل
ترحل من الدنيا بزاد من التقى فعـمـرك أيـــام وهـــن قـلائــل
ومــا هــذه الأيــام إلا مـراحـل يحث بها حاد إلى الموت قاصد
وأعجب شيء لـو تأملـت أنهـا منازل تطـوى والمسافـر قاعـد
فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني كمافي حديث شداد بن أوس عند الترمذي وغيره ، وقد أمرنا الله بمحاسبة أنفسنا فقال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ))
قال ابن كثير رحمه الله : ( أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وانظروا ماذا ادخر تم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم ) . فمحاسبة النفس هي ديدن العلماء العاملين والعبّاد الصالحين فهذا الحسن البصري يقول: ( يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يوم ذهب بعضك )
فلله كم يوم من أعمارنا أمضيناه ، ولله كم من صديق فقدناه، وكم من قريب بأيدينا دفناه ، وكم عزيز علينا في اللحد أضجعناه ، كانوا يتشوقون لإدراك هذا الشهر الكريم ؛ ليظفروا بالصيام والقيام ويتعرضوا لنفحات الكريم المنان ، فحضرت آجالهم وقطع الموت حبال آمالهم ، فحسبهم أنهم على نياتهم يؤجرون كما في الصحيحين من خبر الصادق المصدوق : (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ..)
الوقفة الثانية: (التوبة التوبة)
المسلم ليس معصوماً عن الخطأ ، فهو عرضة للوقوع في الذنوب والآثام وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وبين أنه من طبع البشر وبين علاجه فقال : ((كلُّ بني آدَمَ خطّاء، وخيرُ الخطّائين التوّابون)) كما في حديث أنسٍ رضي الله عنه الذي أخرجه أحمد والترمذي وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((والّذي نفسِي بيَدِه، لو لم تذنِبوا لذَهَب الله بكم، ولجاءَ بقومٍ يذنِبون فيستغفِرون اللهَ فيغفِر لهم)) أخرجه مسلم ، وشهر رمضان هو شهر مغفرة الذنوب وشهر القبول ومضاعفة الحسنات وشهر العتق من النار هو الشهر الذي (تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفد فيه الشياطين ) كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة ، ،هو الشهر الذي( ينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغيَ الشرّ أقصِر، ولله عتقاء من النّار، وذلك كل ليلة) كما في السنن وعند أحمد من حديث أبي هريرة أيضا
فحري بالمؤمن الصادق الذي مد الله في عمره ، حتى أدرك هذا الشهر أن يغتنمه بتوبة صادقة وانطلاقة جادة بعزيمة أكيدة، فيجدد العهد مع الله ،بأن يلتزم بطاعته، وأن يأتمر بأوامره وينتهي عن مناهيه ، ويستقيم على دينه حتى يلقاه، فإن العبرة بالخواتيم .
الوقفة الثالثة : (رمضان فرصة لتطهير القلوب وتصفية النفوس وتزكيتها والسمو بها إلى المعالي )
إن الناظر بعين البصيرة إلى حال الناس اليوم ليرى واقعاً مؤسفاً وحالاً سيئة ...يرى إقبالاً على الدنيا الفانية وتنافساً مخيفاً في جمع حطامها، حتى إنك لترى الرجل تعرفه وعهدك به ذا حياء ولطف وخلق جم.... فما أن يقبل فيها ويدبر إلا ويصبح ذئباً ضارياً ،همه الظفر بالمال ، وعدوه من شاركه في مهنة ، أو نافسه في بيعه ، فسبحان الله وكأن أولئك خلقوا للدنيا أو سيعمرون فيها ... وصدق القائل :
ومـا هـي إلا جيفـة مستحيلـة عليها كلاب همهـن اجتذابهـا
فإن تجتنبها كنت سلماً لأهلها وإن تجتذبها نازعتـك كلابهـا
وكذلك ترى أمراً آخر لا يقل عن سابقه قبحاً : وهو تقاتل الناس على الرياسة وحب الظهور والشهرة وهذا كله مما يوغر الصدور ويمرض القلوب ، فيتولد الحقد الدفين ، والبغضاء والحسد المشين .
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: ( ما من أحدٍ أحب الرياسة إلا حسد وبغى وتتبع عيوب الناس، وكره أن يذكر أحد بخير ). وصدق رحمه الله فقد رأينا هذا واقعاً مشاهداً .وقد نهانا النبي عما يوغر الصدور ويبعث على الفرقة والشحناء ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً. وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ ) وعندما سُئل النبي أي الناس أفضل؟ قال: { كل مخموم القلب صدوق اللسان } قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: { هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد } [رواه ابن ماجه والطبراني من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص ] فهذا هو رمضان موسم الصفاء والإخاء و الألفة والمحبة كيف لا ؟ وأنت تسمع الضجيج بالتأمين على الدعاء ، وتشاهد النشيج بالبكاء فهل يحصل مع هذا تباغض وجفاء ؟؟ فنسأل الله أن يطهر القلوب ويستر العيوب .
الوقفة الرابعة : (ذكرياتنا الخالدة في رمضان )
عندما نذكر تأريخنا في رمضان فإننا نذكر تأريخاً مشرفاً وأمجاداً تليدة ، نذكر نصراً وفخراً ، عزة وشموخاً نذكر بطولات حققها الأخيار .
فنفخر بغزوة بدر الكبرى وفتح مكة ، ونعتز بفتح عمورية ونخوة المعتصم ، ونذكر فتح الأندلس ونتشرف بذكر انتصارات صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين فبعد موقعة حطين الشهيرة وتحرير بيت المقدس من قبضتهم، وأثناء تحقيق هذا الانتصار الباهر دخل شهر رمضان الكريم فأشار رجال صلاح الدين عليه أن يستريح خلال هذا الشهر الكريم نظير ما لاقاه من جهد ومشقة، لكنه رفض ذلك وقال \"إن العمر قصير والأجل غير مأمون والسماح للمغتصبين بالبقاء في الأرض الإسلامية يوماً واحداً مع القدرة على استخلاص الأرض منهم، عمل منكر لا أستطيع حمل مسئوليته أمام الله وأمام الناس\"
فهذا شئ من ذكرياتنا في رمضان يهتز لها القلب بهجة وسروراً وترتفع الهام عزة وشموخاً ، ولكن يعصف بذلك كله النظر إلى واقع الأمة اليوم : فهي تعيش مصائب شتى، ونكبات لا تحصى، فالنصيرية تتراقص على جثث أهل السنة في سوريا وتدفنهم وهم أحياء ، وفلسطين ترزح تحت الاحتلال اليهودي ، والحوثي يعبث في اليمن ، في تحالف صفوي يهودي شيوعي صليبي ضد السنة وأهلها!!!
والأمة تعيش في ذلةٌ وهوان، وضعفٌ وخذلان، فلتعلم علماً يقينياً أنه لا نجاة لها مما هي فيه إلا برجعة صادقة إلى الله ، وبالتزام حقيقي بمنهج رسوله ، فذلك هو أساس النصر والنجاح والتمكين ، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.