إذاعة المقاومة الفلسطينية ( ١٩٦٨ –١٩٨٢) ودورها في إيضاح القضية العادلة للشعب الفلسطيني وحلها
إن الكتابة عن إذاعة المقاومة الفلسطينية أمر مثمر وصعب بقدر واحد, أنه مثمر لأنه موضوع لم تتم دراسته إلى الحد الكافي بعد ويمثل مادة شيقة وغنية للبحث فيها من مختلف الجوانب , وهي ضرورية كونها تجربة تاريخية بالإضافة إلى أنها ملحة من حيث تحليل هذه التجربة ومفيدة بالاستنتاجات والاستخلاصات التي تؤدي إليها. كما أن هذه الكتابة مثمرة بحكم أن الإذاعة عبارة عن ظاهرة متميزة في منظومة وسائل الإعلام الجماهيري الفلسطينية المسخرة نفسها في خدمة نضال شعبها في سبيل بقائه وحقه في وطنه وفي الحياة الحرة على أرضه والدفاع عن حقوقه الإنسانية وتطوره الديمقراطي . ومن الناحية الثانية يصعب على الباحث استيعاب ودراسة هذه المسألة وذلك بسبب شح الوثائق . فالإذاعة الفلسطينية كثيراً ما توجد في كل مكان ولا توجد في أي مكان. أنها قائمة في الظروف السرية وتغير قواعد أجهزتها للبث في نفس سياق العمل.
وينبثق هذا كله من الواقع أن أكثر من 60% من الفلسطينيين مشردون من أرضهم وكثيراً ما ينبغي تغيير خطوط المجابهة وظروف النضال. كما أن بعض الصعوبات الموضوعية في سير الأعداد ودراسة الموضوع قد نتجت عن الفترة العصيبة في نضالنا بعد معركة لبنان 1982, أي بالضبط لما أقبلت على دراستي عملياً بشكل مباشر.
وما شجعني لاختيار موضوع الأطروحة كانت دراستي المتخصصة في مجال الصحافة الإذاعية بكلية الصحافة. ولي رغبة في تجسيد الأعداد الذي حصلت عليه في الكلية, في هذه المحاولة للعرض المنظم لمرحلة هامة من تاريخ الإذاعة الفلسطينية وتقديم المساعدة على ملء بعض الفراغات بخصوص نشاطها في إطار نظام الإعلام الجماهيري في فلسطين.
ومما ساعدني في ظل الصعوبات المذكورة التي كانت تظهر موضوعياً في سياق عملي على هذه الدراسة كانت انطباعاتي المباشرة عن البرامج الإذاعية, والإعداد النظري الذي حصلت عليه في الكلية, ودراسة مختلف المصادر والمواد التي تم الاحتفاظ بها أو العثور عليها في مختلف أماكن شتات المثقفين الفلسطينيين, ونصوص بعض الأغاني والأناشيد المعروفة التي بحثت عنها, وتحليل الصحافة السرية والعلنية التي استخدمت كأساس لبعض البرامج الإذاعية, بالإضافة إلى المقابلات التي أجريناها لهذا الغرض خصوصاً بعض القادة والصحافيين من محطاتنا الإذاعية, وبطبيعة الحال فقد تمت الاستفادة القصوى من بعض المصادر المتواضعة جداً من حيث الحجم والمضمون, والتي وجدناها في مختلف المنشورات والوثائق المحفوظة في مراكزنا الإعلامية.
لا شك أن الإيضاح التام والمتعمق لظاهرة الإذاعة الفلسطينية مستحيل ألا في معرض الأحداث والظروف التاريخية التي نشأت وتطورت في ظلها. فقد تجسد هذا المبدأ في بنية الأطروحة ’ حيث أن محتواها يتضمن مقدمة وأربعة فصول وخاتمة موجزة.
ويعود مركز الصدارة في المقدمة إلى مسألة بلورة وتبرير أهداف الأطروحة وأسلوب تحقيق البحث. فالهدف الأساسي لهذا العمل هو:
توضيح الطابع المتميز لإذاعة المقاومة الفلسطينية ومكانتها ودورها في المرحلة الراهنة, وتحليل الممهدات التي أدت إلى إنشائها, ومراحل تطورها واستقرارها.
إلقاء الضوء على مرحلة هامة من مراحل تاريخا (1968 –1982) والتي ما تزال خارج اهتمام الباحثين.
دراسة وتحليل الخبرة المهنية في مجال البنية والفنون والأشكال والتحقيق للبرامج الإذاعية من منطلق فعالية تأثيرها على المستمعين وإسهمها في إنجاز أهداف المقاومة الفلسطينية .
دراسة وتصنيف المراحل الرئيسية في تاريخ الإذاعة في فلسطين ونظام وسائل الإعلام الجماهير الفلسطينية. لهذا فإن الفصل الأول مكرس لفلسطين من المنظور التاريخي وخاصة نشوء ودور ما تسمى بالقضية الفلسطينية. والفصل عبارة عن عرض موجز للتقلبات المتلاحقة في التاريخ الفلسطيني.
للقضية الفلسطينية المعاصرة جذورها في السياسة التي اتبعتها عصبة الأمم, سالفة هيئة الأمم المتحدة, خلال فترة توليها المسؤولية عن إدارة فلسطين. فقد صدر تقرير لجنة دولية تشكلت بموافقة عصبة الأمم عام 1930, وتضمن تحليلاً يمكن تعريفة بالاقتراب الأقصى من الموضوعية فيما يخص تاريخ فلسطين القديمة.
أما الواقعة التي تنعكس في كل تعليق على القضية الفلسطينية, فهي نكبة الشتات الجغرافي وأسباب النهب الاجتماعي والثقافي. تتصف المواقف العربية بعد كارثة 1948 عامة بالمقاومة المستمرة للاحتلال الإسرائيلي. وكانت هذه أيضاً مواقف الشعب الفلسطيني من الكارثة التي طرأت عليه ي العام نفسه. ولم تتجسد نتائج حربي 1948 و 1967 في فقدان الأرض فحسب, بل كانت لها أبعاد قومية واجتماعية كذلك.
وفي مطلع الخمسينات في ظل نهوض حركة التحرير الوطني للشعوب العربية ظهرت حركة القوميين العرب التي أسس فروعها في معظم الأقطار العربية, ثم التحق عدد من أعضائها في نضال حركة التحرير الوطني الفلسطينية بشكل فعال عدة سنوات بعد ذلك, حيث أسسوا ثلاث من أكبر الفصائل الفلسطينية التي ما زالت تنشط حتى الآن, أو وهي : الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين, والجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة.
وقد بدأت المقاومة الفلسطينية تكتسب طابعاً منظماً منذ أواسط الستينات, ومن الناحية الثانية ابتدأت في نفس الفترة عملية الاعتراف الرسمي بالحركة الفلسطينية, وذلك عام 1963, لما اعترفت جامعة الدول العربية بمبادرة من جمال عبد الناصر بوجود الفلسطينيين "شعبا ذا تقرير مصيره وجزءا لا يتجزأ عن الأمة العربية" . وقد تكلفت جميع الدول الأعضاء في الجامعة بتقديم الدعم الشامل إلى الفلسطينيين في النضال من أجل استعادة حقوقهم الوطنية المنهوبة.
وفي كانون الثاني/ يناير 1964 أقرت القمة العربية في القاهرة إقامة منظمة التحرير الفلسطينية كممثل رسمي للشعب الفلسطيني وذات العضوية الكاملة في الجامعة العربية, كما أن القرار نص على تمويل المنظمة وإقامة جيش التحرير الفلسطيني في إطارها.
وقد انعقد المؤتمر الفلسطيني الأول في آذار 1964, والذي تحول إلى الدورة الأولى للمجلس الوطني الفلسطيني ( برمان المهجر) . وقام المؤتمر بانتخاب اللجنة التنفيذية لـ م. ت. ف.
وبعد المؤتمر بشهر نشر النظام الداخلي للمنظمة التي ترأسها أحمد الشقيري. وقامت قوات العاصفة, وهي التشكيلية العسكرية لفصيلة "فتح" بأول عملية عسكرية في الأراضي المحتلة في منظمة بحيرة طبرية في عشية رأس سنة 1965, وتعتبر هذه بداية المقاومة الفلسطينية المعاصرة. وقد أسس مجموعة من فلسطيني الأراضي المحتلة حركة تحرير فلسطين (فتح) عام 1965 في غزة, وكانت (فتح ) فصيلا عسكرياً سرياً في البداية, على غرار جبهة التحرير الوطنية الجزائرية التي استعارت منها عدداً من أساليب وأشكال نضالها الفدائي. ثم أن الوحدات القتالية الفلسطينية المتصفة بضعف التنظيم والتفتت وسوء التسلح, قد تحولت تدريجياً إلى قوة قيادية في حركة المقاومة الفلسطينية.
وأثر حرب حزيران 1976 احتلت إسرائيل عموم أراضي فلسطين العربية الواقعة تحت الانتداب البريطاني سابقاً. كما أن الحرب قد أسفرت عن الموجة الكبيرة الثانية من المهاجرين الفلسطينيين الذين ساروا في دروب التشريد, وقد تحول مليون ونصف مليون مهاجر إلى اللاجئين , الذين عرفوا بـ"اللاجئين الجدد" للتمييز بينهم وبين " اللاجئين القدامى " من الحرب الأولى بين العرب وإسرائيل عام 1948.
وتم إيقاف حرب حزيران بتدخل مجلس الأمن الدولي, الذي دعا إسرائيل لتسهيل عودة اللاجئين والالتزام بمعاهدة (جنيف) الرابعة من عام 1949. ونص قرار 242 لمجلس الأمن الدولي الصادر بتاريخ 22/11/1967 على عد شرعية استلام الأراضي عن طريق الحرب.
وقد ضعف نفوذ القيادة التقليدية لـ م. ت. ف. وأحمد الشقيري بعد العدوان الإسرائيلي عام 1967 فوقف ياسر عرفات على رأس المنظمة.
لم تؤد هزيمة البلدان العربية إلى حرف الشعب الفلسطيني عن ونواياه, بل بالعكس تماماً, فقد أعطت دافعاً جديداً لحركة التحرير الوطني, التي فرضت نفسها بحزم كونها عاملاً سياسياً وعسكرياً مستقلاً على ساحة الشرف الأوسط. وأصبحت القوات المسلحة التابعة لـ( فتح) تمثل القوى الكبرى للمقاومة الفلسطينية. وعملت الفصائل الفلسطينية على تنشيط فعالياتها السياسية وسط جماهير الشعب من أجل رفع وعيها القومي واستعدادها القتالي. وفي سياق نمو المقاومة ظهر توجه الفصائل الفلسطينية المختلفة نحو التحالف , إلا أن عقبة هامة كانت تعرقل تحالفها , وهي تكمن في البنية الاجتماعية والبرامج السياسية المتباينة للفصائل المختلفة, وصيغها المتمايزة لحل القضية الفلسطينية والنزاع في الشرق الأوسط.
وقر أقر الميثاق الوطني الفلسطيني سنة 1968, والذي حدد الحقوق التي يناضل الشعب الفلسطيني في سبيلها , ألا وهي : تقرير المصير والاستقلال الوطني والسيادة على فلسطين والعودة واستعادة الممتلكات في فلسطين , هذا بالإضافة إلى حق استخدام أساليب الكفاح المسلح من أجل إحراز هذه الأهداف.
وجاءت خطوة هامة أخرى نحو تعزيز الحركة الفلسطينية وتوسيع قاعدتها الاجتماعية, متجسدة في القرار الذي تم اتخاذه يوم 12 يناير/ كانون الثاني 1973 ونص على تأسيس الجبهة الوطنية الفلسطينية في الأراضي المحتلة.
وقد أثبتت الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة المندلعة في أكتوبر/ تشرين الأول 1973, أثبتت إثباتاً قاطعاً بأنه لا مجال لمواصلة الوضع القائم في الشرق الأوسط على ما هو عليه, بل بالعكس , الصراع في الشرق الوسط يمثل إلى حد كبير نتيجة للملاحقات التي يتعرض لها الفلسطينيين كشعب من اللاجئين في هذه المنطقة. وهكذا تبلورت الفكرة عن الأهمية المحورية التي تعود إلى حل القضية الفلسطينية في إطار التسوية الشاملة للنزاع في الشرق الأوسط.
وقد نالت القضية الفلسطينية الاعتراف الدولي عن طريق قرار3070 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 30 من نوفمبر / تشرين الثاني 1973, والذي نص على أن التسوية الكاملة لحقوق الفلسطينيين "عبارة عن عنصر غير قابل للتصرف من عناصر إقرار السلام العادل والثابت في الشرق الوسط", وورد أن حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف هي حقه في العودة وتقرير المصير والاستقلال الوطني والسيادة. وأكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد سنة 1975 أكثر من مرة في مختلف قراراته على أن القضية الفلسطينية هي جوهر قضية الشرق الأوسط, قاصدة بذلك أنه من المستحيل حل هذه القضية بالطرق السلمية دون الحل العادل لقضية الشعب الفلسطيني.
كان النصف الثاني من السبعينات وعقد الثمانينات كله فترة المحن القاسية للشعب الفلسطيني ومنظمته السياسية وقواته المسلحة. فقد اندلعت الحرب الأهلية في لبنان والتي سرعان ما تم جر المقاومة الفلسطينية فيها. وظلت القوى اليمينية والفصائل المتصفة بالفاشية تلحق الضربات القاسية إلى مخيمات اللاجئين , فقد بلغت هذه الهجمات ذروتها أثناء حصار تل الزعتر, الذي طال عدة شهور وانتهى عند الإبادة الجماعية لسكان المخيم. لكن القوات المسلحة الفلسطينية ساعدت إلى حد كبير على سيادة الاستقرار في خطوط النار ومنع الهزيمة التامة للقوى الوطنية التقدمية في لبنان. كما ظل الجنوب اللبناني وسهل البقاع قاعدتي القوات الفلسطينية اللبنانية العسكرية الموحدة.
وفي الوقت نفسه تصاعدت الحملات السياسية والدولة لـ م. ت. ف. والتي ظلت تحتفظ بالمستوى العالي لسمعة القضية الفلسطينية على الصعيدين الأوروبي والعالمي. وكانت م. ت. ف . قد حظيت باعتراف بها كأمر واقع من عدد من الدول يتجاوز عدد الدول التي تقيم العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل . كما أن صوت المقاومة بدأ يرتفع من جميع المحافل الدولية الكبيرة. وظلت إسرائيل تتابع كل ذلك بقلق متزايد, إذ أنها اقتنعت بعجزها عن قهر المقاتلين الفلسطينيين حتى عن طريق اغتيالات قادة المقاومة ودبلوماسييهم, وكانت المراكز السياسية وهيئات الأركان العسكرية الإسرائيلية قد بدأت بتخطيط عملية كبيرة من أجل القضاء على الوجود الفلسطيني في لبنان, وقد تم توجيه الضربة في أوائل حزيران 1982, وكانت هذه عملية عسكرية واسعة النطاق اشتملت على الجنوب اللبناني وصولاً إلى بيروت, حيث تم أكبر الاصطدامات العسكرية بين الفلسطينيين وإسرائيل . وكانت المرحلة الأولى في بداية الحرب كأنما تتنبأ بانتصار إسرائيلي تام. إلا أن محاولات الإسرائيليين لفتح بيروت بشكل الحرب الخاطفة قد واجهت مقاومة عنيفة ومنظمة تنظيماً ممتازاً, أسفرت عن حل وسطي عسكري سياسي, هو انسحاب القوة القتالية الفلسطينية من لبنان. فقد تقاسمت م. ت. ف و إسرائيل العواقب, حيث أن إسرائيل كانت مضطرة على الاعتراف بعجزها مرة أخرى عن دحر الفلسطينيين عسكرياً . أما م. ت. ف فكان عليها إدراك الواقع الخشن أنها يجب أن تخسر القاعدة اللبنانية لنشاطها.
ورغم كل ذلك فإن إسرائيل ما زالت تحتل الضفة الغربية وقطاع غزة رافضة أي مناقشة لفكرة إقامة دولة فلسطينية في هذه الأراضي , وضاربة بعرض الحائط إجماع المجتمع الدولي.
أما عدد الشعب الفلسطيني فيبلغ حوالي 5 مليون نسمة حالياً, حيث يعيش حوالي 700 ألف فلسطيني في إسرائيل و 1.2مليون في الأراضي المحتلة أي الضفة الغربية , أما البقية ففي شتات, وما زال جزء كبير منهم يعيش في مخيمات اللاجئين إلى يومنا هذا , بالإضافة إلى عدد من المشردين إلى الخارج, فما زال معظم المشردين يأملون بالعودة إلى دولتهم الخاصة.
يضم الفصل الثاني نظرة تحليلية لتاريخ الصحافة الفلسطينية, إذا أن إقامة ونشاط الإذاعة الثورية الفلسطينية لا يمكن فصلها عن التطور العام لوسائل الإعلام الجماهيري التي سبقتها فقد اعتمدت الإذاعة دائماً على خبرة كوادر هذه الوسائل الإعلامية. ولذلك من الضروري تحديد المراحل الأساسية في نشوء هذه الوسائل وتطورها في ضوء ظروف الحياة السياسية داخل البلاد وخارجها, فبدون عزل وتحليل كهذا لن ندرك الأسس التي أقيمت عليها الدعاية والإعلام الإذاعيان الثوريان الفلسطينيان لاحقاً وحتى يومنا هذا .
وتنبثق أهمية هذه العلاقة من أن الإذاعة التي نشأت في فترة متأخرة, لم تعتمد على خبرة الصحافة ولم تستمد كوادرها من صفوف الصحافيين في الجرائد فسحب, بل وتمتعت في سياق تطورها ونشاطها بدعم الصحافة وأنظمتها الإعلامية.
وقد مرت الصحافة العربية في فلسطين بأربع مراحل تاريخية في نشوئها وتطورها, ابتدأت المرحلة الأولى منها بظهور الصحف باللغة العربية في القدس عام 1876, في عصر الحكم العثماني, وانتهت هذه المرحلة بإيقاف إصدار هذه الصحف في بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914, كانت الصحف الأولى باللغة العربية رسمية. فقد عملت الحكومة العثمانية على إصدار صحيفتين رسميتين, هما "القدس الشريف" باللغتين العربية والتركية وصحيفة الغزال باللغة العربية فقط, وكان الشيخ علي الريماوي يترأس تحرير الصحيفتين العربي. ولم ينتظم صدور أعدادهما . لقد تأخر نشوء الصحافة الوطنية الفلسطينية حتى أوائل القرن العشرين بسبب سياسة التمثيل التي انتهجتها الحكومة العثمانية.
تعتبر سنة 1908 نقطة الانطلاق للصحافة الفلسطينية, حيث صدر الدستور العثماني الذي تضمن مادة تسمح بإصدار الصحف باللغة العربية, بالإضافة إلى بعض الحريات الأخرى.
وقد بلغ عدد الصحف الصادرة حتى بداية الحرب العالمية الأولى 36 صحيفة سياسية وأدبية وفكاهية.
أما المرحلة الثانية: في تطور الصحافة الفلسطينية فامتدت من 1919 إلى 1948 وشهدت مودتها إلى الوجود في ظل الانتداب البريطاني. فقد طرأ على الصحافة في هذه الفترة نهوض سريع رغم الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية المزعزعة في البلاد. ومما ساعد على ذلك تطبيق اللغة العربية كونها إحدى اللغات الرسمية الثلاث في مدارس فلسطين. وكانت 241 جريدة ومجلة تصدر في تلك الفترة في فلسطين, منها 41 صحيفة باللغة العربية" ألا أن أصحابها كانوا أجانب, بينما كانت 5 صحف تصدر بلغت أجنبية وكان أصحابها عرب. وتنوعت الصحف بين السياسية والاقتصادية والأدبية والدينية بالإضافة إلى الصحف ذات المحتويات المختلطة , وهذه ظاهرة تمتاز بها فلسطين عن باقي البلدان العربية المجاورة. وقد شهدت الصحافة السياسية النمو الأكبر.
أما المرحلة الثالثة: في تطور الصحافة الفلسطينية, فقد اشتملت الفترة ما بين 1949 و 1967 .
و المرحلة الرابعة: بعد حرب 1967 وهي مرحلة ما بعد النكبة وقيام الكيان الصهيوني .
وهي فترة صحافة المقاومة. فقد تغيرت الصحافة نوعياً واكتسبت وظيفة جديدة خاصة بها, ألا و هي التأثير على وعي الناس وتعبئتهم للنضال ورفع المعنويات وتعميم خبرة المقاومة, فالصحافة بذلك أشعلت نيران نضال الشعب كله في سبيل التحرير الوطني والعودة إلى الوطن وإقامة فلسطين المستقلة والديمقراطية. فقد أدت الصحافة الفلسطينية دورها هذا بشكل ناجح رغم كل الآراء الانتقادية القائمة, حيث أن الصحف الرئيسية نشرات فرعية تابعة لها , وتطورها بصورة واسعة ومخططة الصحافة التي تصدر يومياً وأسبوعياً وكل أسبوعين, بالإضافة إلى المجلات الشهرية والمجلات التي تصدر في فترات أطول, أمثال " فلسطيننا" و"نداء الحياة" , و" العاصفة" , و" المحرر" , و" أخبار فلسطينية" , بالإضافة إلى مجموعة متكاملة من النشرات الإخبارية المطبوعة ألخ. وفي خضم هذا النشاط الضخم قد نشأ وتدرب عشرات من الصحافيين والكتاب الموهوبين , حتى أن البعض منهم أحرزوا شهرة على صعيد دولي.