الرئيسية
وضعت قبلة على وجنتي والديها مودعة إياهم لتذهب إلى مدرستها، صعدت إلى الأتوبيس الخاص بالمدرسة وهي توزع ابتساماتها على زملائها، بين ضحك وتحية وراحة بال، تنظر من نافذة الأتوبيس لترى الدنيا هادئة لا يشوب هدوءها شيء، فالعاصفة لم تأت بعد.
صعد هو الآخر إلى نفس الأتوبيس، ولكنه ملثم بالسواد يحمل في يديه مسدسًا صغيرًا، يعلم هدفه جيدًا، تلك الفتاة البسيطة، التي على الدوام ما تعكر صفو حركة "طالبان"، الناشطة السياسية الصغيرة "ملالا يوسف"، كانت هدفه المنشود، فأطلق رصاصته عليها دون تردد.
فتمر الرصاصة تجاه رأسها وتصيبها إصابة بالغة ولكنها تنجو من الموت، بعد أن تكفلت دولة الإمارات العربية المتحدة بعلاج "ملالا"، قامت طائرة إماراتية طبية بإجلاء الفتاة الباكستانية إلى لندن لتلقي العلاج في إحدى المستشفيات التخصصية داخل بريطانيا.
عام 2009 كان بداية تغير مجرى حياتها رأسًا على عقب، لتحمل في نهاية المطاف لقب أصغر حاصلة على جائزة نوبل للسلام، وهي لم تكمل عامها الـ17.
ترجع بدايات "ملالا يوسف" إلى موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، حيث تزعمت المقاومة الإلكترونية، فاشتهرت بتدويناتها المناهضة لحركة طالبان، التي تسعى في باكستان فسادًا، من خلال مدونة "البي بي سي" عام 2009 تحت اسم مستعار "غول ماكاي".
لتندد عبر ذلك المنبر بأفعال طالبان وانتهاكها حقوق المرأة، وحرمانها من التعليم، فهي الفتاة الباكستانية الوحيدة، التي دعت إلى حق مثيلتها في التعليم، لتخرج عن المألوف والمتعارف عليه في دولة باكستان.
عرفها العالم ووصل صوتها من خلال خطاب ألقته داخل أروقة الولايات المتحدة الأمريكية، وهي لم تكمل عامها الـ16، فصعدت ذلك المنبر بثوبها الوردي المعتاد، لتندد بأعمال طالبان وتنادي بحق الفتاة الباكستانية، وتؤكد أن التهديدات الإرهابية لن تثنيها عن موقفها بقولها: "لقد ظنوا أن الرصاص سيؤدي إلى إسكاتنا، لكنهم مخطئون"، وعملت على نشر كتاب يحمل سيرتها الذاتية واسمها.
لم تكن جائزة نوبل هي الأولى التي تحصل عليها "ملالا يوسف"، حيث حصدت العديد من الجوائز العالمية، منها جائزة "آنا بوليتكوفسكايا"، التي تسلمها منظمة "رو ان وور" لمكافأة النساء اللواتي يدافعن عن حقوق الضحايا في مناطق النزاعات، وقامت بتكريم "ملالا" في الرابع من أكتوبر 2013.
كما حصلت على جائزة منظمة العفو الدولية وجائزة السلام الدولية للأطفال في سبتمبر من العام الماضي، لتحصل في النهاية على جائزة نوبل للسلام البالغة قيمتها "1.1 مليون دولار"، ومناصفة مع الناشط الهندي في حقوق الأطفال "كايلاش ساتوارثي"، البالغ من العمر 60 عامًا.
استطاعت "يوسف" أن تخطف جائزة نوبل تحت مرأى ومسمع 278 مرشحًا، منهم الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، وبابا الفاتيكان و47 منظمة، وهو الرقم الذي يعتبر قياسيًا.
يشار إلى أن جائزة نوبل للسلام للعام 2013 كانت من نصيب منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، على جهودها في الملف الخاص بالأزمة السورية.
الإثنين مايو 27, 2024 10:25 pm من طرف