صوتك بالغنا محمد منير... 63 سنة عُمْر و 36 عام لمشوار فن وعلي صوتك بالغنا

في فترة السبعينيات من القرن الماضي فقد الوسط الفني قامتين هائلتين من قمم الغناء المصري والذي التف حوله الملايين من مصر والعالم
العربي.
كانت الوفاة الأولى لكوكب الشرق أم كلثوم في 3 فبراير عام 1975، وكانت الوفاة الثانية للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ في 30
مارس عام 1977.
ولم يكن يخطر ببال أحد أن يأتي شخص يتربع على عرش الغناء المصري بعدهما، كون أم كلثوم وعبد الحليم سيطرا على مشاعر ووجدان
الشعب،
وكذلك كون الاقتراب من منطقتهما مصيره الفشل وبسرعة، لأن الذي سيظهر إما سينهار أمام تاريخهما وشعبيتهما وإما أن يلجأ للتقليد كون
أنهما لهما أسلوبهما المتميز والمتفرد،
فأم كلثوم هرم مصر الغنائي وعبد الحليم حافظ مؤرخ عاطفي يعبر عن الحالة الإنسانية بكل جوانبها الوطنية والرومانسية.
ولم يكن يدري أحد أن يأتي صوت بعدهما يكسب حب الناس ليكون الناس وراءه شعبا
ولكن محمد منير كسر هذه القاعدة وبجدارة .
اسمه محمد منير أبو زيد جبريل متولي من مواليد قرية منشية النوبة بأسوان في 10 أكتوبر عام 1951
تلقى تعليمه المبكر وقضى فترة الصبا في أسوان قبل أن يهاجر مع أسرته بعد غرق قرى النوبة تحت مياه بحيرة ناصر التي خلفها السد العالي
كان أول من استمع لمنير هي الكاتبة نعم الباز
حيث استمعت له وهي في أسوان ثم بعد ذلك عرفته على بليغ حمدي
تخرج منير في قسم الفوتوغرافيا والسينما والتليفزيون من كلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان
وأثناء أو بعد دراسته استمع إليه زكي مراد فأوصى عبد الرحيم منصوربالاستماع إليه
وكبرت الدائرة لتشمل أحمد منيب الذي لم يكن أحد قد سمع به، فأخذ في تدريب منير على أداء ألحانه وألحان غيره النوبية، ثم بدأ في
الاستعانة بكلمات معارفهم من الشعراء عبد الرحيم منصور وفؤاد حداد.
جاء عبد الرحيم منصور بمنير ووقتها كان منير على وشك التخرج من كلية الفنون التطبيقية وضمه لمجدي نجيب وكان معهم الفنان بحر أبو
جريشة وباقي عظماء الفن وغنى أحمد منيب الليلة يا سمرا بكلمات فؤاد حداد والحان منيب وتوزيع ماجد عرابي 
وكبرت الدائرة لتشمل أحمد منيب الذي لم يكن أحد قد سمع به، فأخذ في تدريب منير على أداء ألحانه وألحان غيره النوبية، ثم بدأ في


كانت بداية محمد منير السينمائية مع المخرج يوسف شاهين في فيلم حدوتة مصرية، وكان من اكتشفه سينمائيا هو الفنان نور الشريف، كان
ألبوم شبابيك لمنير وهو إصدار سنة 1981 قد نجح نجاحا كبيرا وحقق مبيعات هائلة،
شريط كاسيت أغنية لمنير فعجبه الصوت، فمشى نور الشريف “ كشك “ وقتها كان النجم نور الشريف بناحية ميدان رمسيس فسمع من
ألبوم شبابيك. “ بوستر “ ناحية مصدر الصوت فرأى
المطرب اللي أنت عايزه يغنى أغنية حدوتة مصرية أنا لقيته “انبهر بوجه محمد منير فتوجه إلى شاهين وقال :
فشاهين سأل شكله ايه ؟ فقال اصبر وأنا هاجيبه، وصل نور الشريف لعبد الرحيم منصور، وعلاقة نور الشريف بعبد الرحيم منصور ترجع لسنة
1977 لأن تتر مسلسل مارد الجبل كتبه عبد الرحيم منصور.
توصل إلى منير ثم ذهب به إلى شاهين وانبهر يوسف شاهين عندما رآه وتم إنتاج فيلم حدوتة مصرية سنة 1982.
وكان سبب من أسباب نجاح فيلم حدوتة مصرية هي أغنية الفيلم نفسها، لتنطلق مسيرة محمد منير الفنية والغنائية والتي لو سردنها لن نقول
جديدا ولن نبلغ قامة منير.
في ذكرى ميلاد محمد منير يأتي ثنائيته مع يوسف شاهين وقد تنبأ الاثنين برحيل الإسلاميين عن الحكم بـ 16 عشر عاما في فيلم المصير
سنة 1997 . “ فيلم المصير “ في رائعته السينمائية
الفيلم وبغض النظر عن سلبياته التاريخية الكارثية وأخطاءه الفادحة غير أنه وضع اليد على الجرح مصحوباً بسرد أسباب الداء ومعطياً الأمل
في الدواء
هي مغزى الفيلم “ الأفكار لها أجنحة.. ماحدش يقدر يمنعها توصل للناس “ مقولة الفيلم الشهيرة
وضع يوسف شاهين طريقة تعامل كبار الإسلاميين وشبابهم أيضاً في فهم الدين وخلطه بالسياسة ولخص المسألة قائلاً على لسان نور الشريف
في الفيلم
شباب يحسبون الدين جهلا , وشيب يحسبون الجهل دينا
وعن تعريف الإسلاميين ومتاجرتهم بالدين لخصها أيضاً في جملة صغيرة قائلاً
دول تجار دين بيرقصوا على كل الحِـبال ، امبارح يتكلموا باسم الفتح العربي والنهاردة باسم الدين ، وبكرة على حسب اللي يوصلهم “
“ لمصلحتهم ولو على جثة أي حد
وتصل روعة يوسف شاهين في الحوار الذي كان في آخر نصف ساعة من الفيلم بين الشاب المتطرف المُغرر به وبين صاحب الفكر الذي
يُهدد فكره بالحرق
ابن رشد : انت مش عيل .. انت بقيت راجل و مسئول عن اختياراتك .. ما تجيش و انت عندك 20 سنة تقولي أصل أمى ماتت وانا صغير “
و ابويا حب اخويا اكتر منى فاتعقدت و كرهت الكون باللى فيه و من حقى اعتبرهم شياطين و كفرة .. سهل .. سهل اوى ان الواحد يبرر
الكسل و الغيرة و الحقد و الكراهية اللى مخبيهم جوه قلبه و يقول الغلط ع التانيين .
عايز تحس ان مقامك عالى ؟ اعمل شيء بنفع الناس و التقدير ح يجيلك لغاية عندك .. لكن الكراهية اللى انت عمال تتمرغ فيها دى ..



مش كفر ؟؟ دى ابعد شىء عن كلام ربنا
الشاب : حبيت اوصل كلمة ربنا للناس
غبي مش مدرك قد ايه و انت جاهل و !ده ايه التعالي ده ؟ !انت ؟؟ انت توصل كلام ربنا ؟ .. !!! انا باوصل كلام الجن يابني و : ابن رشد
انت فاضى من جوه لدرجة انك بتكرر اى كلام ..
تحفظلى بيتين شعر تبقى شاعر .. تحفظلى آيتين تبقى عالم
تعرف ايه عن الطب ؟ عن حركة الكون ؟ عن الرياضيات ؟ عن الكيميا ؟ عن الفلسفة ؟ تعرف ايه عن الحب ؟ عن الحق ؟ عن العدل ؟
مادام بتدعى انك بتوصل كلام ربنا .. جاوبنى .. حد يفهمنى .. انا باكتب ليه و لمين
“ .. مادام اللى باكتبه ما بيوصلش لحد
ثم تُحرق كتب بن رشد ، غير أن الجميع يظن أن الكُتب حُرقت بما فيهم بن رشد نفسه ، وتكون المفاجأة أن الكتب لم تُحرق إذاً فالعبرة
أنك كلما زاد الخنق للأفكار كلما اشتد عودها وقويت
وقالها شاهين ببساطة وعفوية في فيلم المصير
“ الأفكار لها أجنحة.. ماحدش يقدر يمنعها توصل للناس “
وسيظل المصير في اليد ومن أجل هذا فعلّي صوتك بالغناء فمازال الغناء ممكناً
! ولا انهزام ولا انكسار ولا خوف ولا حلم نابت في الخلا وأرقص غصب عني أرقص
 المصير
المتأمل للفيلم تأملا جيدا يرى أن شاهين قد قدم صورة صحيحة لواقع عاشته مصر في التسعينات ووارد حدوثه بعد ذلك
فمروان كاتب الأغاني الذي طعن في رقبته من قبل متطرف كان فيه إسقاطاً على حادث الاعتداء على الكاتب الكبير نجيب محفوظ عام
1995 الذي طعن في رقبته من قبل شاب اتهمه بالكفر بسبب رواية أولاد حارتنا مع أنه لم يقرأ الرواية إنما سمع عنها فقط .
والرسالة التي أوصلها شاهين أنه بالرغم من قتل مروان فان أشهر أغانيه ، ما تزال موجودة وهنا الفكر حتى لو قُتل صاحبه فسيظل الفكر كما
هو بل وسيزداد قوة


وهذا مع حدث بالفعل ورقص الشعب في 3 يوليو فرحاً بسقوط نظام الإسلاميين الذين فعلوا ما حدث بالفيلم وأبشع ، ويخرج الشعب عليهم
!! يونيو ويسقطوا الحكم ويرقصوا غصب عنهم يرقصوا 30 في
محمد منير في ذكرى ميلاده الـ 59 هو الوجه الحقيقي المعبر عن الملامح المصرية فى الوجه
محمد منير ترى فيه ضحكة الصبايا وترى فيه ضحكة الفلاح الذي حصد وكسب ، والفلاح الذي خسر لكنه راضى
منير ترى فيه صلابة الآثار الفرعونية وجمال الآثار المسيحية وجلال الآثار الإسلامية ، منير ترى فيه معنى النوبة فى الجنوب ومعنى الحارة
الشعبية فى القاهرة ومعنى رائحة إسكندرية وطعم بيوت مصر كلهم
” الكينج “ ولذا فاستحق منير أن يُلقب بـ