فضل السواك والترغيب فيه ، ومن ذلك ما رواه الشيخان ؛ البخاري ومسلم في الصحيحين ، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة وهذا يدل على تأكد السواك وشرعيته ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم رغب فيه وحرض عليه ، وإنما أراد أمر الوجوب ، يعني : لأمرتهم أمر إيجاب ، وإلا فأمر الاستحباب ، ثبت عنه عليه الصلاة والسلام ما يدل على استحبابه وشرعيته ، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : السواك مطهرة للفم مرضاة للرب أخرجه النسائي وغيره بإسناد صحيح ، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء ومن ذلك ما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان عليه الصلاة والسلام يبدأ بالسواك إذا دخل منزله وكان يستعمل السواك كثيرًا – عليه الصلاة والسلام – وكان إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك رواه الشيخان من حديث أبي حذيفة رضي الله عنه ، والأحاديث في هذا كثيرة ، تدل
على شرعية السواك واستحبابه .
ويتأكد عند الصلاة قبل أن يكبر الإمام ، يستاك قبل أن يكبر ، السنة أنه يستاك عند الصلاة قبل أن يكبر ، فإذا كبر الإمام بادر وكبر بعده ، كذلك عند المضمضة ، عند الوضوء في أول الوضوء ، وهكذا عند دخول المنزل ، وهكذا إذا تغير الفم والأسنان ، يستحب أن يستاك حتى يزيل الرائحة السيئة من الفم ، وحتى يحصل بذلك تنظيف الأسنان ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : السواك مطهرة للفم مرضاة للرب وهذا يعم الصائم وغير الصائم ، في آخر النهار وفي أوله ، وفي الليل والنهار ، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكره في آخر النهار للصائم ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك
قالوا : السواك قد يزيل هذا الخلوف أو يخففه .
والصواب أنه لا يكره للصائم في آخر النهار ، بل يستحب دائما ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قال : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء وعند كل صلاة وهذا يعم الصائم وغيره ، ويعم صلاة الظهر والعصر في حق الصائم وغيره ؛ ولأن الخلوف لا يزول بل يبقى ؛ لأن الخلوف شيء يتصاعد من الجوف في
حق الصائم ، فالسواك لا يزيله ، بل بعد رفع السواك يحصل تصاعد هذا الخلوف الذي هو مفضل عند الله سبحانه وتعالى ، ثم خبر الخلوف خاص بمعنى يقتضي ترغيب الصائم في الصيام وبيان فضل الصيام ، وأنه له عند الله منزلة عظيمة ، ولا ينافي مسألة السواك ، فالمشروع لكل مؤمن أن يعتني بالسواك كما شرعه الله جل وعلا على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام ، وأن يحرص عليه إحياء للسنة ، وتعظيما لها ، وترغيبا فيها حتى يتأسى به غيره ، وهكذا بقية السنن ، مثل الوتر فإنه متأكد ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر ، يستحب للمؤمن أن يوتر في السفر والحضر ، وأقله ركعة ، وليس له حد ، لكن أقله ركعة ، وإن أوتر بثلاث أو بخمس أو بأكثر كان أجره أعظم ، والأفضل أن يوتر بوتر النبي صلى الله عليه وسلم ؛ إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ، وإن أوتر بأقل أو بأكثر فلا حرج في ذلك ، وهكذا صلاة الضحى سنة مؤكدة ، وأقلها ركعتان ، وإن صلى أكثر فلا بأس ، وهكذا سنة الظهر سنة المغرب ، سنة العشاء ، سنة الفجر ، وهكذا بقية السنن ، سنة الظهر أربع قبلها واثنتان بعدها ، يعني : تسليمتان قبلها وركعتان بعدها ، سنة المغرب ركعتان ، سنة العشاء ركعتان بعدها ، سنة الفجر ركعتان قبلها ، ويستحب قبل العصر أربع ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : رحم الله من صلى أربعًا قبل العصر يصليها
بتسليمتين ، ويستحب أن يصلي أمام كل صلاة ركعتين ؛ قبل المغرب ، قبل العشاء ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : بين كل أذانين صلاة ، بين كل أذانين صلاة ، ثم قال في الثالثة : لمن شاء هكذا عيادة المريض ، وتشميت العاطس إذا حمد الله ، البدء بالسلام وإفشاء السلام ، نصيحة المسلمين ، واتباع الجنائز ، والصلاة على الجنائز ، كل هذه سنن عظيمة ينبغي للمؤمن العناية بها ، وهكذا صدقة التطوع ولو بشق تمرة ، الدعوة إلى الخير والتشجيع عليه ، حفظ اللسان عن فضول الكلام التي لا فائدة فيها ، إلى غير هذا مما ينبغي للمؤمن أن يعتني به .
وقد تقدم التنبيه على أن السنة أن يستاك قبل أن يكبر الإمام ، حتى إذا كبر الإمام بادر بالتكبير ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : إذا كبروا فكبروا فيستحب للمؤمن أن يستاك قبل تكبير الإمام ، إذا قام للصلاة يستاك وإذا كبر إمامة كبر ، وهكذا يوم الجمعة ؛ لا يستاك وقت الخطبة ، بل ينصت ويقبل على الخطبة ولا يستاك ، ولا يعبث ، حتى السواك لا يستعمله ولا يرد السلام ، ولا يشمت العاطس والإمام يخطب ، بل يقبل على
الخطبة ويستمع لها وينصت لها ، ويحفظ السواك حتى تأتي الحاجة إليه عند إقامة الصلاة عندما ينتهي من الخطبة .
وهكذا لا يعبث بثيابه أو بلحيته أو بغير ذلك ، بل يقبل على خطبة الإمام ، ويستمع لها وينصت ، ويكون قلبه حاضرا حتى يستفيد .
(الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 35) |
(الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 36) |
(الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 37) |
(الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 38) |