لعل أبرز شخصية في رمضان هي شخصية المسحراتي، ذلك الرجل الذي يجوب شوارع الحي وحاراته وأزقته يحمل فانوسه ويدق طبلته دقات خاصة غير متبعة في دقات الموسيقى، ثم هو مع ذلك ينشد أناشيد دينية فيها ابتهالات إلى الله تعالى وفيها مدائح نبوية في أسلوب شعبي رقيق اختاره اختياراً خاصاً يتلاءم مع شخصيته الشعبية، وهو بهذا كله يدعو الناس إلى الاستيقاظ من النوم ليتناولوا طعام "السحور" على أن المشاهد في مصر أن لكل بلد طابعاً خاصاً لهذا المسحراتي.
ففي بعض البلدان المصرية والقرى يقوم بسحور الناس فرقة من موسيقى القرية أو البلد، وهي الفرقة المعروفة بالمزمار البلدي ومعها طبولها، وتجوب الطرقات ببيارق مرفوعة وهم يصيحون بين الفترة والأخرى بالنداء على السحور، وفي بلاد أخرى تجوب فرقة الطبول البلدية بدون مزمار، وفي بعض البلاد الصغيرة يكتفي مسحراتي الحي بدق أبواب البيوت مع مناداة صاحب المنزل باسمه.
فلكل بلد إذن طابعه الخاص في دعاء الناس إلى السحور وهذا الاختلاف هو نتيجة طبيعية لاختلاف كل بلد عن الآخر في التقاليد والعادات، نلمسها في اختلافهم في الملابس وفي اختلافهم في كثير من العادات والتقاليد حتى في اللغة نفسها. هذا الاختلاف جاء نتيجة لعدة أسباب منها: اختلاف قبائل العرب التي وفدت على مصر بعد الفتح العربي واستقرارهم في بلاد مختلفة فكانت لكل قبيلة تقاليد وعادات تختلف عن تقاليد وعادات القبيلة الأخرى، وكان لكل قبيلة لهجة عربية تختلف عن لهجة القبيلة الأخرى، ثم الاختلاف في تقبل الثقافات التي شاهدتها مصر والحضارات التي ورثتها البلاد.
كل هذه عوامل أدت إلى اختلاف البيئات، وكان المسحراتي في مصر من مظاهر هذا الاختلاف بالرغم من أن المسحراتي هذا ظهر لأول مرة في مصر مع جيش الفتح العربي، ثم نراه في الفسطاط عندما اختط العرب مدينتهم التي اتخذوها عاصمة للبلاد وكان المسحراتي يطوف بخطط المدينة لإيقاظ الناس، فاستمر ذلك تقليداً من التقاليد العربية الإسلامية حتى اليوم. كل هذه عوامل أدت إلى اختلاف البيئات، وكان المسحراتي في مصر من مظاهر هذا الاختلاف بالرغم من أن المسحراتي هذا ظهر لأول مرة في مصر مع جيش الفتح العربي، ثم نراه في الفسطاط عندما اختط العرب مدينتهم التي اتخذوها عاصمة للبلاد وكان المسحراتي يطوف بخطط المدينة لإيقاظ الناس، فاستمر ذلك تقليداً من التقاليد الإسلامية حتى اليوم