توفي صباح امس السبت الفنان السوري عبد الرحمن آل رشي في منزله في ركن الدين بدمشق عن عمر ناهز 83 عاماً، وذلك بعد أن استسلم للأزمة التنفسية التي لاحقته الأشهر الماضية ودخل على إثرها عدة مرات إلى المستشفى.
دمشق: رحل الفنان السوري القدير عبد الرحمن آل رشي صباح الأمس، حيث وافته المنية في منزله عن عمر ناهز 83 عاماً، وكان آل رشي يعاني من مشكلة بالجهاز التنفسي دخل الى المستشفى بسببها عدة مرات.
واشتهر الفنان السوري في مسلسلات البيئة الشامية، وكانت آخر مشاركاته الفنية في الدراما السورية ضمن المسلسل البيئي الشامي (قمر شام) خلال الموسم الماضي، وكان يستعد لخوض تجربة الزعيم في مسلسل (الغربال) للموسم الحالي.
ويعد الفنان الراحل من عمالقة الفنانين السوريين، وهو ممثل سوري من أصل كردي ولد في دمشق عام 1934، بدأ مسيرته الفنية عام 1957، وقدم الكثير من الأعمال الهامة في السينما والتلفزيون، وهو عضو مؤسس في نقابة الفنانين السوريين، لتنعي كل من وزارة الإعلام السورية ونقابة الفنانين وفاة الفنان آل رشي.
وقدّم الراحل أكثر من ثمانين عملاً بين السينما والتلفزيون، وكان من أهمها في السينما (المخدوعون، كفر قاسم، المطلوب رجل واحد، فيلم العار، السيد التقدمي)، ومن أهم أعماله التلفزيونية (الحوت، مذكرات حرامي، راس غليص، نهاية رجل شجاع ، العبابيد، تاج من شوك، زمان الوصل،، ملوك الطوائف، أوبريت الضمير العربي، الظاهر بيبرس، الطير، وجواهر)، كما برع في أدواره في أعمال البيئة الشامية ومنها (أهل الراية، بيت جدي، الخوالي، باب الحارة في الجزأين الأول والثاني وغيرها)، بالإضافة إلى الكثير من الأعمال الدرامية السورية والتمثيليات وأفلام التلفزيون منذ الستينيات حتى اليوم.
ويقول الفنان السوري في مذكراته أنه أحب دخول مجال الفن في فترة الخمسينيات "أيام كانت ليالينا بلا كهرباء"، فأتاه التهديد من الأهل بالتبرؤ منه حيث المسموح هو تجويد القرآن فقط، "كنت أخاف من والدي كثيراً فتحولت عن الفكرة ولم أدخل مجال التمثيل إلا بعد وفاته وكان ذلك من خلال النادي الشرقي عام 1955".
وتدرج الفنان عبر النادي الشرقي من المسرح إلى الإذاعة والتلفزيون والسينما، لتماثل تجاربه قضايا كل الناس بتناقضاتها، وعاش تجارب حياتية مختلفة، ويعتبر أن التمثيل مكنه أن يعيش الحياة بألوانها المختلفة وعوالم كثيرة كشفت له عن دواخل إنسانية متنوعة بفقرها وغناها، إذ جسدت كافة الشخصيات عدا شخصية الإنسان الثعلبي الطباع والجبان كونه لم يستطع تجسيدها لعدم انسجامه معها.
وتميز الفنان آل رشي بعشقه للغة العربية الفصحى وإجادته التحدث بها في الأعمال الدرامية والمسرحية والإذاعية بشكل متميز، فهي منحته الثقافة والأسلوب والأداء المتقن، كما يذكر في أحد حواراته.
آل رشي والغناء
ينتمي الفنان والممثل السوري عبد الرحمن آل رشي الذي يعد من أهم عمالقة الفن السوري والعربي إلى جيل الفنانين المخضرمين والرواد الذين واكبوا انطلاقة الدراما التلفزيونية منذ بداياتها في الستينيات، وفي بداية حلمه كان يعشق آل رشي الغناء ويميل إلى الموسيقى، وغنى الفنان آل رشي عدة أغانٍ تنتمي إلى ما تعرف بالأغاني الوطنية، وتظل أغنيته (أنا سوري آه يا نيالي) في ذاكرة كل السوريين، وعن تجربته الغنائية يقول آل رشي في تصريحات صحفية: "جميل أن يكون الوطن مسكوناً في ذاكرتك وعواطفك حتى في سن متقدمة، اليوم وقد تجاوزت الثمانين ما زال المخرجون والمنتجون للأغاني الوطنية يدعونني للعمل معهم في مشاريع وطنية كهذه"، وكان يتحضر للدخول في ديو آخر الشهر المقبل يجمعه مع مجموعة من نجوم الطرب منهم نانسي زعبلاوي وجان خليل وآخرون.
آل رشي والسياسة
"أكره التحزب والأحزاب وكل ما يحدد أحاسيسي الإنسانية بالآخرين ومهما كانت وخلف ملامحي القاسية طبيعة فيها الكثير من الحنان والعطف وحياتي كلها ضحك وتفاؤل"، وكان الفنان الراحل يؤكد دوماً الارتباط الوثيق ما بين الثقافة ومضمون أعماله وآلية أدائه، في ثلاثية راسخة في تعامله مع فن التمثيل.
وحول رأيه في الاحتجاجات في سوريا ضد الأسد، أكد آل راشي: "نحن فنانون ومهنتنا ليست السياسة، فالسياسة لها أهلها، أما نحن الفنانين إن أردنا التعدي على مهنة غيرنا، فسنكون مثل "الصبي الأجير"، وفضل عدم التعليق على الأحداث، لتبقى أوراقه سليمة ونظيفة لا يمسها أحد، وبعد أن اعتقلت السلطات السورية ابن الفنان الممثل محمد آل رشي على خلفية "فيديو" لمحمد، وهو يهتف: "عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد"، و"واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد"، وهو ما قابلته الجماهير بعاصفة من التصفيق ورددت خلفه الهتافات، نفى الفنان عبد الرحمن ما رددته مواقع وتقارير صحفية عن تبرؤه من ابنه الممثل محمد آل رشي، على خلفية مشاركة ابنه بالمظاهرات ضد النظام السوري، وهتافه بسقوط الرئيس بشار الأسد، معتبراً أن "شائعة التبرؤ من ابنه القصد منها تحريضي بحت".