صبي مفتي الناتو.. ومخطط حرق مصر!

قد نتفهم سلوك بعض جماهير الرياضة حين تعمد إلى الحرق والتكسير بعد خسارة مباراة لغياب وعي المشاغبين بقيم الروح الرياضية، وانتفاء التزامهم بها، وقد نعيد الظاهرة إلى حماسة الشباب، وقد يكون مرد ذلك تدني المستوى التعليمي والثقافي لذاك الصنف من الأنصار، وقد نتفهم أن يشعر احدهم بالمرارة والغضب من هزيمة سياسية،وسقوط أحلامه وأوهامه، ولكن يظل من غير المسموح لمثل هذا الرهط ، أن تأخذه الحميّة والعصبيّة إلى ارتكاب المنكر والمحظور، وان تتحول مواقفه إلى هستيريا، وان تختلط عليه السبل، ويعتقد أن اللجوء إلى حرق بلد بأسره هو من صميم العمل السياسي والممارسة الديمقراطية..!
 
والأخطر من كل هذا أن يتحول برنامج الموتورين سياسيا إلى دعوة صريحة وعلنية للقتل، فذلك يتجاوز الجنون إلى الحمق، لأننا نعتبر أن الحمق في المجال السياسي أعلى درجة من الجنون، لان صاحبه يأتي أفعاله عن وعي واختيار، وهو في كامل مداركه العقلية، وكما يقول أهل القانون مع سابقيه الترصد والإضمار.
 
أما أن تصدر مثل هذه المواقف عن من يدعي انه صحفي زمانه، ومفكر لم يأت بأفكاره الأوائل، وانه أكثر أهل المهنة ذكاء ومعرفة وثقافة، ويملك قدرة ووقاحة التطاول على أساتذة في المجال ممن يفقونه خبرة وحضورا من أمثال حسنين هيكل وغيره، فان المسالة تتخذ أبعادا درامية تثير الضحك بقدر ما تثيره من بكاء، ومن الحزن ما يثير الشفقة على هذا القلم المأجور، ومدى القاع الذي تردى فيه، والحضيض الذي بات يُقيم فيه، جراء العمى الإيديولوجي الذي تشرّبه من شيخ الكذابين ومفتي الناتو الذي يُعتبر صاحبنا من صبيته الأوفياء.
 
فما معنى أن يشير صبي مفتي الناتو وغراب الإخوان وبوقهم، أن نهاية السيسي ستكون دموية وعبرة تاريخية ؟
وماذا يعني حين يهدد بان تخطيط الله (وهو يعني تخطيط الإخوان وجماعته بما أنهم نصبوا أنفسهم زورا وبهتانا خليفته في الأرض وصادروا واحتكروا النطق باسمه) فهو الذي سوف نشهده ونعيشه في الأيام القادمة ؟
إن هذا هو إعلان حرب من الإخوان صدر عشية الجمعة الدامية التي عاشتها مصر، وموقف معلن بأنهم سيعتمدون سياسة الأرض المحروقة لمنع الانتخابات الرئاسية، بل تدمير مصر وما عليها انتقاما لهزيمة صنعوها بأيديهم.
 
لقد كنا ننتظر ردة فعل الإخوان بعد أن حزم المشير عبد الفتّاح السيسي أمره بالاستقالة من منصبه العسكري والاستجابة لمناشدة الملايين من أبناء شعبه بالترشّح للرئاسة، الّتي يبدو فوزه بانتخاباتها أمرا محسوما تتوقّعه جميع الدوائر، الداخلية والدولية على السواء، ولكن لم نكن نتصور أن يصل الحقد هذه الدرجة من الغباء، ومثل هذا القرار القاضي بمواجهة إرادة شعب بأسره، والوقوف ضد إرادة استعادة مصر لذاتها وقوتها ودورها، وما إقدام الجماعة على إعلان الحرب ضد وطنها على لسان صبيها في البداية، ثم من خلال بيانها الذي جاء مضمونه نسخة طبق الأصل لما حبّره صبي مفتي الناتو، إلا دليل قاطع على تبني الإخوان للإرهاب وسيلة لاستعادة سلطة أضاعوها برداءتهم وعجزهم على إدارة دولة بحجم مصر. 
 
إن الجماعة وهي تختار الانتحار الجماعي سبيلا، تؤكد أنها لم تدرك أن ظاهرة السيسي تحولت عند القطاع العريض من الشعب المصري بل والعربي، إلى ضرورة وطنية وقومية وليست مجرد اختيار، يمكن لإرهابهم وفحيحهم التأثير فيه حتى لو احرقوا مصر واعتمدوا الإرهاب منهجا، ولم يستوعبوا ان المصريين يريدون ديمقراطية ناجحة وليس النموذج الفاشل الذي كرسوه فترة حكمهم المشؤومة، وإنهم يطمحون إلى بناء دولة ترسخ وحدة مجتمعهم وتستعيد مكانة المحروسة الإقليمية والعالمية بعقلانية وواقعية ومن خلال مشروع وطني يبني ولا يهدم يجمع ولا يفرق، وأنهم يرفضون أن يتحول مركز ثقل العروبة إلى دولة حاضنة لحركات الإرهاب والتطرف، وإلى مصدر إزعاج وإرباك على مستوى الوطن العربي، وساحة ترهيب وترويع للخيرين من أشقائها.
 
أخيرا ، إن ما حبره قلم مفتي الناتو وبوق الإخوان بالوكالة، وما عاشته مصر يوم الجمعة، وما هو منتظر في قادم الأيام، يؤكد بجلاء أن مشروع الإخوان المجرمين ليس إصلاح الأمة والأوطان كما يزعمون، وإنما هو مشروع تدمير منظم للأقطار العربية وضرب وحدتها الوطنية وجوهر هويتها الحضارية، وتقسيما لشعبها وهدما لدولتها ومؤسساتها، تدميرا شاملا يؤدي إلى الفوضى بما يسمح للغرباء بسط خلافتهم على ارض العرب، حتى وان رصعت تاج الخليفة نجمة داوود..!
 
انتهى الدرس أيها الإخوان.. وسقطت ورقة التوت..!