حمد المزروعي.. كاتب من الإمارات ,, شعبولا... والعريفي
بوجود دعاة من أمثال
العريفي تسببوا قاصدين في هلاك الناس، تستطيع إسرائيل أن تتنحى جانبا
وترتاح وأن لا تخشى أغنية جديدة لشعبولا يقول فيها 'أنا بأكره إسرائيل'.
بقلم: حمد المزروعي
ظاهرة الداعية محمد العريفي تذكرنا بظاهرة المكوجي شعبان عبدالرحيم
(شعبولا). من خلفية هامشية، تسلق الاثنان سلم الشهرة عبر استخدام موضوعات
تطرب السذج من الناس لتقديمها من خلال الفضائيات في زمن يسود فيه الإحباط.
شعبولا كان بسيطا ولم يستخدم الدين بالطبع. ارتدى ملابس ملونة وغنى "بأكره
إسرائيل" في عز الغضب العربي من سياسات القمع الإسرائيلية للفلسطينيين. ضحك
الناس للأغنية وصار شعبولا مشهورا.
العريفي كان أكثر خبثا (للأمانة لم يكن شعبولا خبيثا بالأصل للمقارنة).
كانت لديه خطة استثمارية بعيدة المدى. الأغاني ليست صنعة الداعية، فكان
توظيف الدين هو البديل.
مثل أي تاجر يتريث في تقديم بضاعته الأصلية، بدأ العريفي بالموضوعات
السهلة. قدم مناظراته مع الشيعة، فاستقطب الاهتمام وتحلق من حوله المريدون.
وما أن انتبهت الفضائيات له، حتى سارع إلى توسيع فرشة البائع على رصيف "ما
يطلبه المشاهدون" ودخل سوق الافتاء الفضائي.
قدم العريفي البرامج كنجم تلفزيوني تتسابق القنوات لضمه إلى فريق مقدمي
برامجها. ومن خلال الفتاوي الميسرة، تمكن من زيادة رقعة المشاهدة لبرامجه.
بعد فترة قصيرة، لم تعد الفضائيات ترضي غروره، فتوجه إلى المساجد ليتحول من
داعية للإفتاء التلفزيوني الميسر إلى واعظ يعتلي المنابر "لينصح" الناس
بالفتنة والتعرض للحكومات وليصبح مدافعا عن "الثورات".
وعظه في المساجد كان أبعد ما يكون عن الدين. فعلى الرغم من تقديم نفسه
كمتبحر في الفقه، إلا أنه طالما هرب إلى السياسة ليخفي ضعفه في شؤون الدين.
من الضروري الإشارة هنا أن داعيتنا العتيد لم يتردد عن سرقة مقاطع كاملة من
كلمات وقصائد وخطب لآخرين. فاته أن في زمن الانترنت ومحركات البحث لا يمكن
"اللطش" من دون رصد.
كل هذا كان تمهيدا للكشف عن الوجه الحقيقي للعريفي. لم تكن عبادة الله
والإخلاص للدين هما الهدف، بل تمكين الأخوان من الوصول للحكم في مصر وتونس.
الإسلام السياسي وليس الإسلام الحق، كان ما في قلب داعيتنا.
صعود الأخوان كان هو الهدف. لهذا لا يستطيع العريفي أن يرى حال مصر اليوم
في عهد مرسي بعد أن كان راصدا دءوبا لحالها في عهد مبارك. من قتل في عهد
الرئيس الأخواني مجرد نتائج عرضية لعملية التغيير الكبرى التي غيرت وجه
مصر. هؤلاء قتلى من نوع "مختلف" عن أولئك الذين قتلوا في فوضى اسقاط مبارك.
وقف يؤجج نار الفتنة في سوريا حتى ابتلعت البلاد بأكملها ثم عاد ليصيح:
انقذوا سوريا! يظن، آثما، أن دعواته هذه ستعفيه من دماء ستبقى برقبته
وأمثاله إلى يوم الدين.
لا يخجل من حث العراقيين على التحارب ليوهمنا بأنه مع هذا الطرف أو ذاك
وكأننا لا نعلم بحلف الشيطان بين "شيعة" إيران و"سنة" الأخوان.
بوجود دعاة من أمثال العريفي تسببوا قاصدين في هلاك الناس، تستطيع إسرائيل
أن تتنحى جانبا وترتاح وأن لا تخشى أغنية جديدة لشعبولا يقول فيها "أنا
بأكره إسرائيل".
حمد المزروعي
كاتب من الإمارات
ميدل ايست أونلاين
بوجود دعاة من أمثال
العريفي تسببوا قاصدين في هلاك الناس، تستطيع إسرائيل أن تتنحى جانبا
وترتاح وأن لا تخشى أغنية جديدة لشعبولا يقول فيها 'أنا بأكره إسرائيل'.
بقلم: حمد المزروعي
ظاهرة الداعية محمد العريفي تذكرنا بظاهرة المكوجي شعبان عبدالرحيم
(شعبولا). من خلفية هامشية، تسلق الاثنان سلم الشهرة عبر استخدام موضوعات
تطرب السذج من الناس لتقديمها من خلال الفضائيات في زمن يسود فيه الإحباط.
شعبولا كان بسيطا ولم يستخدم الدين بالطبع. ارتدى ملابس ملونة وغنى "بأكره
إسرائيل" في عز الغضب العربي من سياسات القمع الإسرائيلية للفلسطينيين. ضحك
الناس للأغنية وصار شعبولا مشهورا.
العريفي كان أكثر خبثا (للأمانة لم يكن شعبولا خبيثا بالأصل للمقارنة).
كانت لديه خطة استثمارية بعيدة المدى. الأغاني ليست صنعة الداعية، فكان
توظيف الدين هو البديل.
مثل أي تاجر يتريث في تقديم بضاعته الأصلية، بدأ العريفي بالموضوعات
السهلة. قدم مناظراته مع الشيعة، فاستقطب الاهتمام وتحلق من حوله المريدون.
وما أن انتبهت الفضائيات له، حتى سارع إلى توسيع فرشة البائع على رصيف "ما
يطلبه المشاهدون" ودخل سوق الافتاء الفضائي.
قدم العريفي البرامج كنجم تلفزيوني تتسابق القنوات لضمه إلى فريق مقدمي
برامجها. ومن خلال الفتاوي الميسرة، تمكن من زيادة رقعة المشاهدة لبرامجه.
بعد فترة قصيرة، لم تعد الفضائيات ترضي غروره، فتوجه إلى المساجد ليتحول من
داعية للإفتاء التلفزيوني الميسر إلى واعظ يعتلي المنابر "لينصح" الناس
بالفتنة والتعرض للحكومات وليصبح مدافعا عن "الثورات".
وعظه في المساجد كان أبعد ما يكون عن الدين. فعلى الرغم من تقديم نفسه
كمتبحر في الفقه، إلا أنه طالما هرب إلى السياسة ليخفي ضعفه في شؤون الدين.
من الضروري الإشارة هنا أن داعيتنا العتيد لم يتردد عن سرقة مقاطع كاملة من
كلمات وقصائد وخطب لآخرين. فاته أن في زمن الانترنت ومحركات البحث لا يمكن
"اللطش" من دون رصد.
كل هذا كان تمهيدا للكشف عن الوجه الحقيقي للعريفي. لم تكن عبادة الله
والإخلاص للدين هما الهدف، بل تمكين الأخوان من الوصول للحكم في مصر وتونس.
الإسلام السياسي وليس الإسلام الحق، كان ما في قلب داعيتنا.
صعود الأخوان كان هو الهدف. لهذا لا يستطيع العريفي أن يرى حال مصر اليوم
في عهد مرسي بعد أن كان راصدا دءوبا لحالها في عهد مبارك. من قتل في عهد
الرئيس الأخواني مجرد نتائج عرضية لعملية التغيير الكبرى التي غيرت وجه
مصر. هؤلاء قتلى من نوع "مختلف" عن أولئك الذين قتلوا في فوضى اسقاط مبارك.
وقف يؤجج نار الفتنة في سوريا حتى ابتلعت البلاد بأكملها ثم عاد ليصيح:
انقذوا سوريا! يظن، آثما، أن دعواته هذه ستعفيه من دماء ستبقى برقبته
وأمثاله إلى يوم الدين.
لا يخجل من حث العراقيين على التحارب ليوهمنا بأنه مع هذا الطرف أو ذاك
وكأننا لا نعلم بحلف الشيطان بين "شيعة" إيران و"سنة" الأخوان.
بوجود دعاة من أمثال العريفي تسببوا قاصدين في هلاك الناس، تستطيع إسرائيل
أن تتنحى جانبا وترتاح وأن لا تخشى أغنية جديدة لشعبولا يقول فيها "أنا
بأكره إسرائيل".
حمد المزروعي
كاتب من الإمارات
ميدل ايست أونلاين