ما لم يُعلَن في زيارة مرسي للسودان: التضييق على معارضي البشير بمصر

هل ذهب د.محمد مرسى إلى الخرطوم ليرمم العلاقات المصرية
السودانية؟ أم ذهب بضغوط قطرية ونفذ ما كلف به؟ السودان عبر من قبل عن
خيبة أمله بعد تولى د. محمد مرسى الرئاسة وإعراضه عن الجنوب طوال أكثر من
تسعة أشهر، كان أولها صدمة السودان أن لا يكون أول وجهة لمرسى فى
زياراته الخارجية التى كانت للمملكة السعودية، ثم لم يكن الثانى ولا
الثالث ولا ولا، وبدا أن النظام الجديد لا يكترث للعلاقات مع السودان
المطلوب رئيسه من المحكمة الجنائية الدولية.
وعندما حضر البشير
اجتماع جامعة الدول العربية فى القاهرة فى سبتمبر الماضى لم يكن مرسى فى
استقباله بالمطار، مما أكد للسودانيين أن الثورة لم تحل الجفاء إلى سمن
وعسل.
لكن فجأة تحرك الإخوان للتقارب مع النظام السودانى وأرسل
حزبهم بوفد يرأسه رئيس الحزب د.سعد الكتاتنى ليمهد لزيارة تاريخية كما
يصفونها لمرسى إلى الخرطوم باعتباره زعيم الأمة وكبيرها، الذى يملك مفاتيح
حلول مشكلات السودان السياسية، فماذا قدم د.مرسى للسودان ولإصلاح
العلاقات المصرية السودانية؟ البشير أعلن موافقته على تخصيص آلاف الأفدنة
شمال الخرطوم لمصر لإنشاء مدينة صناعية مفتوحة للتكامل الاقتصادى. وفى
المقابل تحدث عن حدود على الخرائط الورقية أما الأراضى فملك لمواطنى
البلدين، ولم يتضح مغزى الاتفاق الذى تعنيه كلماته. البيانات الرسمية عن
زيارة د.مرسى للسودان تحدثت عن اجتماعه بعدد من القيادات السياسية الحاكمة
والمعارضة، منهم السيد على عثمان محمد طه النائب الأول للرئيس السودانى،
حول متابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الرئيسين، والعمل بشكل فورى على
إزالة معوقات الاستثمار والتجارة بين البلدين، والدكتور نافع على نافع
نائب رئيس حزب المؤتمر الوطنى لشؤون الحزب، والسيد الزبير محمد الحسن
الأمين العام للحركة الإسلامية، بالإضافة إلى السيد موسى محمد أحمد مساعد
الرئيس السودانى وزعيم مؤتمر البجا (إقليم شرق السودان)، والدكتور حسن
الترابى رئيس حزب المؤتمر الشعبى، واللواء فضل الله بورمة ناصر نائب رئيس
حزب الأمة القومى، والدكتور الصادق المهدى رئيس فصيل منشق عن حزب الأمة
القومى.
والواضح أن د.مرسى حاول لعب دور الزعيم للتقريب بين
الفصائل المختلفة فى السودان لكنه فشل وفقا لما أعلنه كل هؤلاء السياسيين،
بعضهم رفض فكرة التعامل مع أى مبادرة مصرية بهذا الشأن والبعض تحدث عن
«لا مبادرة» وأن ما طرح لا يعدو أفكارا عامة! الواضح أيضا أن د.مرسى عاد
من قافلة التجارة مع الخرطوم بعد أن أصاب بيعا وشراء، فعاد وفقا للمعلن
رسميا باتفاق مبدئى على إقامة مشروعات مُشتركة، خصوصا فى مجالات الزراعة
والثروة الحيوانية، واتفاق على افتتاح الطريق الشرقى البرى الجاهز خلال
أيام، والطريق الغربى فى الفترة المقبلة، فضلا عن إنشاء منطقة صناعية
مشتركة. أما غير المعلن من اتفاقات ووعود فيتعلق بطلبات السودان استرداد
أكثر من مئة سيارة ضبطها حرس الحدود داخل الحدود المصرية فى عمليات ما
زالت متواصلة لاختراق الأراضى المصرية والتنقيب عن الذهب.
كما طالب
السودان بوقف السماح للمعارضة فى دارفور بالعمل من القاهرة وتسليم بعض
المطلوبين منهم للنظام السودانى، وهو ما لم ينفه السودان على لسان مساعد
البشير نافع على نافع بل تحفظ عليه، قائلا: إنهم غير منزعجين من وجود
حركات مسلحة فى مصر، وأن الخرطوم تعلم التحولات فى الساحة المصرية، وأن
المجموعات المسلحة تدعمها مجموعات من بقايا النظام السابق، وأن العلاقة
أعمق من وجود الحركات المتمردة.
أما ملف المياه فقد سقط تماما من كل
بيانات الرئاسة ومن تصريحات المسؤولين السودانيين بعد أن اتضح عدم حماس
الخرطوم لمعارضة السد الإثيوبى بالنظر إلى ما سيجنيه السودان من حصة
إمدادات للطاقة الكهربائية من السد.