محمد الباز يكتب : فليذهب مرسى.. ولتبقى مصر

محمد الباز يكتب : فليذهب مرسى.. ولتبقى مصر


كانت الأيام ملتهبة كأيامنا هذه، الساكن فى قصر الرئاسة لا يعير الشعب
الثائر اهتماما، يعتقد أن أجهزة أمنه وحزبه يمكن أن يمنعوه أو يحصنوه أو
يمدوا فى عمره، كما يفعلها الآن ساكن قصر الاتحادية، يعتقد أن أهله وعشيرته
وجماعته يمكن أن يحولوا بينه وبين أن يزيحه الشعب تماما من على عرشه.



كان الشعب يقول كلمته، والرئيس متحصن بصمته، ولما تحدث قال أنا أو الفوضى،
وساعتها لم نتردد هنا فى الفجر، كان العنوان الذى وضعناه على صدر الصفحة
الأولى هو ليذهب مبارك ولتبقى مصر، الآن ليس أمامنا إلا أن نقولها بوضوح
شديد، ليذهب محمد مرسى ومعه جماعته ولتبقى مصر وشعبها.



مرسى لم يختلف فى أى شىء عن مبارك، متحدثه الرسمى بجمود ملامحه زف لنا
البشرى بأن البديل عن الإعلان الدستورى الفوضى وامتداد الفترة الانتقالية،
أحد وزراء مرسى بعجرفة شديدة قال إن من يرفض الإعلان الدستورى ليس عليه أن
يطالب بإعادة محاكمة مبارك مرة أخرى.



نفس الجلد السميك.. نفس التعبيرات الخائبة.. نفس المبررات الفاسدة.. يلجأ
إليها الفاسدون والطغاة فى كل مرة يجدون أنفسهم فى مواجهة ليسوا على قدرها،
ولذلك لابد أن يرحل محمد مرسى، فالأمر الآن ليس إسقاط إعلان دستورى، ولكن
إسقاط من وقف وراء هذا الإعلان بأفكاره وخططه ورغباته الشريرة جميعها. لا
يجب أن يطمئن محمد مرسى من اليوم، لو استطاع أن يلمها هذه المرة، فسيعجز فى
المرة القادمة، وإن كنت أرى – وأتمنى أيضا – ألا يستمر وأن يسلبه الشعب
كرسيه بعد أن أفقده ميدان التحرير شرعيته، فهذا الرجل لا يليق بمصر ولا
بشعبها ولا بتاريخها ولا بثورتها التى يدعى مرسى أنه ممثلها وكان مرشحها،
رغم أنه لا يمت لها بصلة، وصورته وهو جالس مع عمر سليمان أثناء الثورة كى
يتواصل فى حوار مع نظام مبارك سعيا لتحقيق أى مكاسب تؤكد ذلك وتدعمه.



يتحجج محمد مرسى بأن معه الشرعية، وكأنه يتعامى عن أن الشعب الذى منحه هذه
الشرعية خرج يهتف بسقوطه، استخدم نفس التعبيرات التى استخدمها فى حق مبارك
أثناء ثورة يناير، الفارق أن مبارك كان قد ظل ثلاثين عاما، أما مرسى فلم
يبق على كرسيه إلا خمسة شهور فقط أثبت فيها فشله بكل الأشكال، ولذلك فعليه
أن يرحل، أن يترك كرسيه، يمكن أن يتم ذلك بكرامة، بأن يتاح للمصريين أن
يختاروا رئيسا جديدا بعد الدستور، لا أن يستخدم مرسى نفوذه وسلطته ليجعل
المؤتمرين بأمره فى التأسيسية يضعون مادة تتيح له أن يستكمل فترته.. الشعب
قال كلمته، فهو لا يريد.. وإما تنتظرهم حتى يهتفوا لك: ارحل يعنى امشى..
اطمئن فقد قالوها.. فلا خير فيك إن لم تسمعها.